قبل سنوات زار رئيس الوزراء وزارة الكهرباء وأعلن في حينها إن ذاك الصيف سيكون نهاية أزمة التيار الكهربائي ،ونقل عن الوزير في حينها كريم وحيد قوله انه لا يتحمل مسؤولية هذا التصريح .
ربما لكل منهما أسبابه ،غير إن أيا منهما لم يعمل على وضع نهاية تخدم المواطن لمعضلة الكهرباء ،وبقى الحال على ما هو عليه تقريباً ،ساعات قطع طويلة ،وشح في التيار الكهربائي، وتحمل المواطن أعباء ثقيلة لسياسات أثبتت فشلها بالملموس .
المهم إن هذه الأيام الاحتقان يزداد ،لاسيما في المحافظات الجنوبية والبصرة تحديداً التي خرجت فيها تظاهرات جدية تنذر وتحذر بانها يمكن تتطور إلى ما لا تحمد عقباه .
المواطن على بينة من ان عشرات المليارات التي صرفت تكفي لانتاج 25 الف ميغا واط ،غير إن الإنتاج الحالي لم يتجاوز 9 الاف ميغا واط حسب الأرقام الرسمية التي يشكك فيها الناس ،لان الكهرباء بهذا الرقم الإنتاجي تشكل ضعف ما كان ينتج قبل اعوام والحال لم يتحسن كثيراً ومازال قطاع واسع من العراقيين يعيش في ظلام دامس وثلاجاتهم أصبحت صندوقا للخزن وليس للتبريد .
التصريحات الحكومية تسهم في زيادة الاحتقان وفقدان الثقة بالحكومة ،فمنذ بداية العام خلقت ضجة كبيرة على التعاقدات مع الشركات الاجنبية ،ووضعت جداول لدخول محطات كهربائية للاستخدام والإنتاج وكلها تشير إلى تصاعد في ساعات التجهيز إلا ان هذه الأرقام والوعود لم تخفف من الأزمة بشكل ملموس وهي أزمة ليست مسؤولية وزارة الكهرباء لوحدها ،وانما الحكومة كلها مسؤولة عنها .
لا يهم المواطن التبريرات ولا يحفل بالمصاعب ،هو يريد بعد ثماني سنوات على التغيير ورفع الحصار تيارا كهربائيا مستمرا، للأسف وصل الحال به إلى اليأس من أن يلمس تحقيق ذلك في القريب العاجل .
والأمر من ذلك ان البعض يطرح الآن خصخصة قطاع الكهرباء وفتحه الى الاستثمار ،وهو طريق نحو المجهول ،وليس هناك مصلحة بذلك ، وهو ترحيل للازمة ومحاولة التملص من التخبط وغياب إستراتيجية الحل ،وربما الهدف بيع المحطات برخص التراب لبعض المستثمرين والنافذين في البلد .
قطاع الكهرباء يتطلب استثمارات كبيرة ليكون مستوى الإنتاج المحلي كافيا لإشباع حاجات الناس اليه ، والقطاع الخاص العراقي غير قادر على الاستثمار فيه ، وليس المقصود منه مولدات عبارة عن مكائن سيارات مهما صغرت او كبرت ،وبالتالي خط ذهبي لا يقوى اغلبية المواطنين على الاشتراك فيه وتأمين أجوره من رواتبهم الشحيحة .
ان قطاعا بهذه الأهمية والضخامة والاساسية في الاقتصاد الوطني والحياة اليومية لا يمكن خصخصته في الظروف الراهنة والتفريط به .ولغاية الآن لا يوجد قطاع ليس فيه ارباح كبيرة لم يفلح في قطاع الدولة ، ويفلح القطاع الخاص به وينهض به لوجه الله تعالى . |