• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراق والأمام المهدي (عليه السلام) .
                          • الكاتب : احمد البوعيون .

العراق والأمام المهدي (عليه السلام)

قد تكون قضية الامام المهدي من الأشياء الغيبية التي لم تُشبع ببحث يناسب حجم الفكرة والغاية منها ، وقد تكون قضية الخوض في الغيبيات من الامور الصعبة نسبيا على الباحث والمتفكر رغم غزارة الأحاديث والروايات الواردة عن حركة الامام عليه السلام . 

ولكن بشكل بسيط وبعيد عن التعقيدات والفلسفات وإدخال القضية في متاهات عرفا نية وغيبية لا أساس لها، يمكن للمتابع أن يفهم جزء مهم من حركة الامام وبعض أعماله في المستقبل، والمساحة الجغرافية التي يمكن أن يتحرك بها الامام ،والضوابط القانونية التي يمكن لشخص الامام أن يتخذها ويسير عليها ومدى أحقية الامام من الناحية القانونية الخاصة ببلده في التحرك وإعلان عملية التغيير العالمي، وكذلك من ناحية القانون الدولي وتحركه باتجاه بعض الدول لحل مجموعة من القضايا (كقضية فلسطين) مثلاً او غيرها من التعقيدات .
 
وهذه الامور يمكن أن نفهمها فهما واقعيا بعيد عن حالة التخريف والتشعب في تفسير الروايات ومط الموضوع إلى زوائد وذيول وجناحات من الفهم الذي لا يوصلنا إلى نتيجة مقنعة واقعية لشخص يعيش بيننا من دم ولحم يطأ فرشنا ويحضر أفراحنا وأحزاننا .
(كيف بكم أذا نزل عيسى ابن مريم وإمامكم بينكم) الحديث
 
وهذه الامور تحل كلها من خلال إمكانية تطبيق القوانين الوضعية على شخص الأمام من الناحية القانونية، مع عدم معرفة انه الإمام بعينة كأن يكون شخص حاصل على جنسية معينة لبلد ما او قد يكون من الأشخاص ألمزدوجي الجنسية وقد تكون جنسيته لدولة قوية سياسيا أو عسكريا أو اقتصاديا او يكون حاصل على جواز سفر دبلوماسي كونه شخص ذو شأن سياسي أو مبعوث خاص فوق العادة يسهل عليه عملية الدخول والخروج والسفر للقيام بوساطة معينة او قد يكون شخص وصل إلى منصب سياسي بالطرق العادية كالانتخابات البرلمانية او الرئاسية فيكون بهذه الحالة من نفس الوسط  وليس غريبا عنه عند تحركه أو إعلان حركته ونهضته .
(يكون لي ما يكون لرسول الله) الحديث
 
فقد كان رسول الله يسمى الصادق الامين في الجاهلية وكان ذو شأن عظيم عند العرب وكان كثير من الناس يودعون عنده أماناتهم، وكان يحل كثير من مشاكلهم التي يختلفون عليها كمشكلة وضع الحجر الأسود في مكة عندما اختلفوا على من يضعه في مكانة وغيرها من الأمور الأخرى وهي تحتاج إلى شرح وتفاصيل أكثر.
 
وهذه الأمور كلها تتعلق بشخص الإمام وهي تحتاج إلى تفاصيل أكثر حسب طبيعة وقانون كل دولة من منح الجنسية والجواز وإمكانية تكليف أشخاص أو تقليد أشخاص مناصب كمبعوثين خاصين مخولين وفوق العادة .
 
أما المساحة الجغرافية التي يتحرك بها الإمام ابتدءاً من ظهوره حتى قيام دولته فهي واضحة ابتدءاً من اليمن إلى مكة والعراق وفلسطين والاستقرار أخيراً في الكوفة مقر عاصمته، وهذه الدلالات هي دلالات روائية تاريخية لم تدخل في تفاصيل معينة نتيجة لعدم اكتمال رموزها وشوا خصها في زمن الرواية أي أنها مرموزات مستقبلية لأحداث استشرافيه ولم تدخل في أسباب حدوثها ولماذا هذه الأماكن دون غيرها ، كأسباب ظهور الأمام باليمن ولماذا الذهاب إلى فلسطين ولماذا يختار العراق والكوفة مقرا لعاصمته وغيرها.
 
وهذه الحركة بشكل عام هي حركة كثير من الأنبياء وهذه المنطقة هي منطقة هبوط اغلب الديانات وكذلك هي موطن الديانات الرئيسية الثلاث (اليهودية والمسيحية والنصرانية) وقد تفاوتت هجرة الأنبياء فيها أصحاب الدعوات السابقة بين هذه المناطق ، كهجرة إبراهيم الخليل من ذي قار إلى بابل إلى فلسطين إلى الجزيرة العربية وهجرة موسى علية السلام وهجرة الرسول من مكة إلى المدينة وأخيراً هجرة الخلافة الإسلامية من المدينة إلى الكوفة في عهد الأمام علي عليه السلام .
 
أن ما يهمنا من مجمل الأحداث ألمرافقه لحركة الامام بعد ظهوره وإعلان حركته هو مدى استفادة الشعوب التي يمر بها الامام او التي يدعوها إلى العودة إلى رشدها رغم أنها صاحبة دين كالشعوب الإسلامية وهي شعوب المنطقة العربية كالجزيرة العربية واليمن والعراق وفلسطين ومدى أمكانية الاستفادة والإصغاء إلى صوت الامام وأتباع تعليماته وتوجيهاته (يأتي بدين جديد وقران جديد) الحديث .
 
ومن هذه الشعوب والمناطق التي يمر بها الامام، العراق ، حيث مقر عاصمته في مدينة الكوفة وحسب ظاهر الروايات العديدة أن شعوب هذه المنطقة ستكون على عكس ما تدعي، أي أنها ستكون ضد إعلان حركة الامام وضد إصلاحاته ،أما بسبب خلافها الطائفي بشكل عام او لتخلفها الفكري والأعداد الحقيقي لمثل هكذا تغيير وتكون جبهة المسلمين ضد حركة الامام أقوى من جبهة غير المسلمين ضد الامام .
 
فهو يقنع بلاد الروم عندما يعبرون أصحابة البحر المتوسط فقط بكتابة البسملة على أقدامهم ، وتبقى المعارك والجدالات يدور رحاها في هذه المنطقة بين مكة والعراق والقادمين من منابع الفرات والقادمين من الشرق كالسفياني والخراساني ، وغيرها من الحركات ، ومن ظاهر الروايات أن المنطقة العربية ستجابه الامام كما جابهت قريش دعوة الرسول وحاربته 23 سنة بقيادة أبو سفيان بحيث استفاد الأجانب من نعمة الإسلام أكثر مما استفاد العرب ، بل أن ما وصل أليه المسلمون من مراتب عليا في الدين الإسلامي اغلبهم من جنسيات أجنبية ومن خارج مكة بالذات ، وهذا الأمر يبدوا انه سيعود من جديد مع جيش الامام الذي يغلب عليه كونه جيش متعدد الجنسيات كما تصرح الروايات ولا يمكن إسقاط قيام عاصمته في الكوفة على أن الشعب العراقي سيناصر الامام فضلا عن احتمال كونه سيكون معاديا له ، والجحود الذي سيواجهه الامام من قبل باقي مسلمي المنطقة العربية فالإيمان به لا يكون على شكل شعوب بكاملها كالشعب العراقي او السعودي او اليماني او الإيراني بل أفراد وجماعات صغيرة متفرقة هنا وهناك من العالم تتجمع تحت رايته لأسباب وظروف معينة كموسم الحج مثلا.
 
ونحن بهذه الحالة لسنا بحاجة إلى استثناءات من ممارسة كل ما يحلو لنا من عمليات غش وخداع وتحريف وبطر ديني وخمول في العمل الإسلامي كوننا مسلمين من أتباع الرسول الكريم او من سكان عاصمته المستقبلية  (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن امن بالله ) الآية .
ولا يمكن أن نتصور أننا قد نكون بأمان من عقابه وعدالته وجديته تجاه الانحراف الذي نمارسه ونحن ندعي أننا من أنصار الامام بل قد تقتلنا الحسرة على خيرات الامام التي نراها بأم أعيننا ولا نستطيع أن نتمتع بها كوننا نحب الصالحين ولسنا منهم ونكره الطالحين ونحن منهم .
 
لان مجموع الروايات تحتاج إلى قراءة واعية بعيدة عن حالة العنصرية والمناطقية وخاصة بعد موجة التغييرات التي حدثت خلال السنوات العشرة الأخيرة من تغيير للأنظمة وبروز تيارات جديدة واصطفافات جديدة قد بان اغلبها بشكل واضح .
 
فهم جديد ننتقل من عكس الروايات على أشخاص إلى مجاميع ودول وأيدلوجيات وفتح أفق أوسع لفهم كيفية تحرك الامام ومدى تقبل الأخر الذي بنى أفكاره على جبل من الروايات الصحيحة والخاطئة عن دينامكية الإسلام الحنيف وكيفية تفسير الآيات القرآنية تفسير حقيقي يبين حقيقة الأعجاز ألقراني والغاية الحقيقية للآيات القرآنية .
(يخرج من العلم خمسة وعشرين حرفا ) الحديث .
 
وهذا الأمر قد يكون مزعجا عندما يصل إلى حالة النقد اللاذع لكن الحقيقة تحتاج إلى الصراحة لحل المشكلة او الوقوف عليها فهل نحن أنصار الامام كما ندعي وسط هذه الحالة الرهيبة من النفاق الديني والسياسي والاجتماعي وما الذي استفد ناه من ما موجود عندنا من نعمة الإسلام في المجال السياسي او الاقتصادي او العلمي ، فهذه أوربا وأمريكا وغيرها منذ زمن بعيد استفادت من القران أكثر منا من الناحية العلمية من خلال أنشاء مراكز بحثية تفسر القران تفسيرا علميا بمساعدة خبراء عرب في اللغة وغيرها من العلوم ورغم أن العمل بجانب واحد إلا أن تلك الأمم استطاعت أن تحصل على بعض ثمار دينها ودين غيرها وهي بالمستقبل قد تجني ثمار أتعاب غيرها من الشعوب التي جاهدت سنوات طويلة لأجل قضية جرت حولها نقاشات وحروب ودماء في سبيل أثباتها والتعريف بها ، ويبقى السؤال هنا ما الذي أعددناه نحن كعراق (شعب ، دولة ، مرجعية ، طوائف ، مثقفين ، فنانين ، رياضيين) لحركة الامام في المستقبل هل نبعثرها كما بعثرنا الشيوعية والرأسمالية والإسلامية والديمقراطية التي عاشت بها شعوب وبنيت عليها دول استمرت مئات السنين؟.
هذا هو السؤال الذي يتحدانا فهل نحن قادرون على استثمار الحدث والتفاعل معه بايجابية أم تبقى حالة الصبيانية والمراهقة والمعارضة لأجل المعارضة فقط هي الصفة الملازمة لنا ؟
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=20104
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 07 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19