• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من أي زمان أبتدأ الطف .
                          • الكاتب : محمد محمود الكاظمي .

من أي زمان أبتدأ الطف

 تاريخ الطف ليس صنع المؤرخين، ولا هو نظريه من النظريات، حقيقة التاريخ عند أهل الوجد هو ما لن نراه مرتين، البعض يرى أن نستجوب الماضي من خلال فهمنا، ونحن نبحث في التاريخ كي نستنطقه لمعرفة العمق المدون. 
عند عودة العائلة الحسينية للمدينة سال إبراهيم بن طلحة بشماته يا علي بن الحسين من غلب؟ قال له عليه السلام إذا أردت أن تعلم من غلب ودخل وقت الصلاة فأذن ثم قم. 
 المهم في قراءة التاريخ أن نفهم الدلالات، لا بد منه لندرك مغزاها الإمام السجاد عليه السلام يرد الشامت ليعرفه أن الفاجعة الكبيرة في الطف هي سبب في الحفاظ على الصلاة، هي عمود الدين وأطهر شعائره كي يكشف عن شدة الخطر الذي يتعرض له الدين لو لم يقف في وجهه الإمام الحسين عليه السلام بنهضته المباركة التي ختمت بالفاجعة. 
 أن يأتي مؤرخ ليفسر لنا التاريخ برأي مهندم على قياسات ما يؤمن به هو فقط تلك مصيبة، أن يحصر التاريخ في ورقة. 
 كيف تقرأ فاجعة الحسين عليه السلام من صفحة خلودها، ملحمتها من فواجعها المضيئة، من انتشارها رغم عمليات الخنق عبر التاريخ والقضاء عليها وتحجيمها والتخفيف من غلوائها ومن تفاعل الناس، الواقعة غير الواقعة حين يسردها خطيب متأثر بتاريخ آل أمية وإعلامهم هي غير حقيقة ما يرويه محب الحسين عليه السلام، والمنصف له، للآن هناك من يحاول تبرئة يزيد، تلك معضلة، هكذا تخلدت نهضة الحسين عليه السلام لأنه قال بدمه الكثير من التضحيات الصارخة التي تهز عالم الجور، وبعض المؤرخين فسروا الواقعة على أهوائهم 
كربلاء هي ليست البداية كي يبتدأ التنظير منها، السؤال الذي يهرب الطغاة منه، متى بدأت الواقعة، توزعت آراء المنصفين كل يرى الواقع حسب إيمانه بها، هذا الباب يرى أن ليس من الصحيح البحث في تقييم بعض خصوصيات النهضة، توقيت خروج الحسين عليه السلام من مكة قبل الحج، حمل العائلة الكريمة، اختيار الطرق دون غيره من المناطق التي يشيع فيها الولاء لأهل البيت عليهم السلام، وغير ذلك. 
 كتب سماحة السيد محمد سعيد قدس أن النهضة الحسينية كانت بعهدة من الله سبحانه وتعالى، لا بد أن تكون تفاصيلها وخصوصياتها ذات الأثر فيها بعهد منه عز وجل، لمصالح هو أعلم بها وربما بينها النبي صلى الله عليه وسلم ووصلت للإمام الحسين عليه سلام الله، ولا سيما بعد البناء على عصمة الإمام صلوات الله عليه، المؤرخون الذين يمثلون الجمهور لا يؤمنون بالعصمة، والعصمة تحتاج إلى معرفة وإيمان وليس وثائق تعد تحت عروش السلاطين، هم ينظرون إلى وثائقهم ونحن ننظر إلى جراحنا. 
 قضية مدبلجة من تأليف عمر بن سعد نشرتها أحلامه وأمانيه بأن الحسين عليه السلام، ندم ويريد أن يذهب ليزيد أو يريد منا أن نخلي سبيله ليعود، أكاذيب وهم لم يصدقوها في حينها، شمر بن الجوشن نكرها، كيف تصبح وثيقة تاريخية عند بعض السلاطين يحبكون الروايات ثم يروفون حولها النتائج، علينا أن نكافح لنثبت للعالم أن العصمة حق وحقيقه لا بد أن ينظر إليها بما لها من مقام إلهي، فريق آخر من المنصفين يرى. 
إن عظمة الحسين تتجلى بروح التضحية وقوة العزيمة والتصميم الذي يحمله بين جنبيه، قائد لم يتشبث بأمل السلامة، ومنعه دينه من التراجع والاستسلام فثبت حتى النهاية، العصمة الحسينية دخلت في مشروع طويل الأمد، يعلم مسبقا بأنه ينتهي بمثل هذه التضحيات الجسام والفجائع الفادحة، الحرب لم تبدأ من كربلاء بل بدأت منذ امتنع الحسين عليه السلام عن بيعة يزيد، وتحرك ركبه من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة صمما على المضي بمشروعه وتحقيق هدفه عالما أن ذلك المشروع ينتهي بقتله، وقتل أهل بيته نجوم الأرض من آل عبد المطلب، فقد اختار الحسين عليه السلام من أهل بيته وأنصاره من منهم على خطاه لا يتراجعون بعد القناعة، كان يبحث فيهم عن الإيمان فآمنوا بمشروعه كما آمن عليه السلام، بل ثبتوا معه سلام الله عليه ولم يتركوه حتى بعد أن أذن لهم بالانصراف، وجعلهم في حل من بيعته، التأكيد على الإصرار على مواساته بأنفسهم والقتال دونه والتضحية في سبيله، وعلى الشعور بالفوز والسعادة، الحسين عليه السلام ليس ورقة في تاريخ يقرا بل هو معنى إلهي يبلغ ويفهم لا يمكن لباحث أو مؤرخ أن يفكر نيابة عن الحسين عليه السلام كما فعلها عمر بن سعد. الحسين أكبر من عقولهم اللاهثة خلف المناصب وظلال العروش، معرفة الحسين عليه السلام تحتاج إلى حمد. 
نحن نقف عند حقيقة واحدة أن الإمامة حق الهي ولا شرعية لخلافة غير أهل البيت عليهم السلام، من هنا بدأ الطف الحسيني  
 لا شرعيه لكل خليفه تقمصها من غيرهم وليس الشيعة وحدهم من استنكر خلافة معاوية ليزيد
لعدم مناسبة واقع يزيد وسلوكه المشين بالخلافة، وأكد للناس قسوة معاوية في الحكم الذي تسلط بالقوة والقهر والخداع، إذا كان بعض متأخري الجمهور يحاول الدفاع عن بيعة يزيد وإضفاء الشرعية بعد أن شاعت هذه الأمور في الخلفاء وألفها الناس إلا أن أهل المكانة من المسلمين في الصدر الأول حتى عامة الناس رفضوا حكم يزيد وأقروا الخروج عليه ومن أشار على الحسين بترك الخروج كان خوفا عليه وليس إنكارا لنهضته المباركة




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=201075
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 03 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 17