قبل مدة كتبت مقالاً عن ضرورة تعويض المعتقلين الذين تثبت براءتهم ومحاسبة المسؤولين الذين تسببوا بهذا الضرر بهم .
اليوم أعود للموضوع مرة ثانية لمناسبة تبرئة عضو مجلس محافظة ديالى نجم الحربي الذي اتهم ب28 قضية تتعلق بالإرهاب ، وبعد ثلاث سنوات من الاعتقال اتضحت براءته.
طبعاً ليس هو الوحيد الذي تبين أن الاتهامات التي وجهت اليه زائفة ،بل هناك عدد كبير من هؤلاء ما زال معتقلا ، ويؤمل أن يعالج أوضاعهم قانون العفو المزمع تشريعه قريباً.
دائماً نردد القول الشهير “يا ما في الحبس مظاليم “ ، ولكن من يعوض هؤلاء عن الظلم الذي ألحقته بهم الشكوى الكيدية وذات الإغراض غير المنزهة والأخطاء المهنية . يستغل القانون بعض النافذين ويلفقون تهماً ما انزل الله بها من سلطان ويفبركون أدلة وبراهين لاحقاً يتبين بطلانها ، بعد أن يكون المظلوم قد لقي عقاباً لا يستحقه ، ربما يصل إلى سنوات من الاعتقال في ظروف لا إنسانية .
هذه الحالات ان كثرت او قلت تتحمل مسؤوليتها الحكومة ، فلو كانت الأجهزة الأمنية المعنية دقيقة وجدية في عملها ،واتبعت القوانين لما وقع الظلم على احد ،او اخذ بجريرة فعل لم يرتكبه، وبالتالي فهي مسؤولة عن محاسبة الذين أهملوا في واجباتهم عن قصد او سهو ، لكي لا يتكرر فعلهم ،وهذا حق لكل مواطن يتعرض او يوضع في موقف مثل هذا .كما إن المواطن البريء الذي يقع ضحية وشاية كاذبة له حق التعويض من الحكومة على الضرر الذي ألحقته به جراء ذلك ، وهو مبدأ تعمل به دول مختلفة للتخفيف من الضرر وتحمل مسؤولية أعمالها .
هناك حاجة إلى تشريع قانون صريح وواضح لضمان حقوق هؤلاء الضحايا وهو في نفس الوقت يحد من الشكاوى الكيدية والملفقة ومن تجاوزات بعض الأجهزة الأمنية والتحقيقية ،بل حتى قسم من القضاء الذي لا يبت سريعاً بالدعاوى أو يتجاهل الأدلة ، ويحكم من دون روية ويسهم في الأذى .
إن هذا القانون إذا ما شرع ،فهو في صلب حقوق الإنسان وتحصين للقضاء وردع للذين يلفقون مثل هذه القضايا .
في الحالة الملموسة أعلاه من يتحمل المسؤولية لثلاث سنوات سجن، ومن هو المسؤول عن تشويه السمعة والاتهام بالإرهاب ،ومن يرجع ما خسره المواطن مادياً ومعنوياًُ؟
لا أجد غير الدولة من يتحمل كل ذلك ، فأجهزتها استقبلت الشكوى وألقت القبض، ومحققيها هم من حقق ، وقضاؤها هو الذي اخذ كل هذا الوقت ليقول كلمته لابد من محاسبة كل من اخطأ ، لكي لا يهضم حق ويستخف بكرامة مواطن وتهون حريته وتنتهك . |