• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : السباحة عكس الواقع السياسي .
                          • الكاتب : جمعة عبد الله .

السباحة عكس الواقع السياسي

 

من المفارقات في المشهد السياسي وما يدور في دوامته من تصادم وتنافس وصراع بين اطراف العملية السياسية , الذين رضخوا ووافقوا بان تكون الطائفية والمحاصصة السياسية
هي الاطار المناسب والجامع والملائم بينهم . وارتضوا الى شروطها وبنودها السياسية , وموقفها تجاه القضايا الحساسة ومجابهة الاحداث الطارئة ولهذا تشكلت حكومة الشراكة الوطنية
وتعهدوا بالحفاظ على مقوماتها واطارها السياسي وعدم التفريط بها اواخلال في بنودها ومواقفها بشكل عام . لكننا نراهم يمارسون دور المعارض الناسف لها , ويتبرئون من افعالها ومنتقدين
بشدة توجهاتها السياسية وتعاملها السيء مع الواقع السياسي بفشلها في ادارة شوؤن البلاد بالمستوى المطلوب . وهم يتناسون او يتجاهلون بانهم شركاء واعضاء في هذه الحكومة ويتحملون
مسؤولية الفشل والعجز الناتج في الاداء الحكومي , ان هذا التنافر والتناقض بين اعضاء الطاقم الحكومي بسبب عدم الانسجام والتماسك والتواصل وفقدان جماعية العمل المطلوب بسبب هشاشة
التشكيل الحكومي المتناقض في الاداء والمسؤولية والحرص والتخبط في الاختبار والتجريب . ان الشراكة الوطنية التي انتجتها الطائفية والمحاصصة السياسية مسؤولة بشكل كامل عن الاخفاق
والتقصير والفشل ولا يمكن تبريره بالابتعاد عن تحمل المسؤولية , وتحمل العجز الواضح في اسلوب التعاطي مع الازمات الحادة واهمال تطلعات الشعب في المعالجة السليمة مع الواقع المرير
ان اسلوب تعاملهم مع المؤسسات والوزارات التي تحملوا مسؤوليتها , راحوا يتعاملون بها كأنها اقطاعية او ملكية تابعة لهم ولا يحق للاخرين منافستهم ولهم حق التصرف الكامل دون الرجوع الى
الدستور او الى مقتضيات المصلحة الوطنية والمهام  في تلبية الحاجات الضرورية التي تساهم في خدمة تطلعات الشعب , بل تحولت وزراتهم الى مرتع خصب للفساد المالي والاداري وتركت
الواقع المرير والحالة المأساوية في معالجة الازمات . ان اداء الحكومي فشل في تلبية متطلبات المرحلة وظهرت بشكل سيء للغاية في انعدام الخدمات المطلوبة مثل خدمات البلدية والصحة
والخدمات التعليمية وتوفير الكهرباء وتوفير الماء الصالح للشرب ومد مجاري الصرف الصحي وتنظيف البرك والمستنقعات وتبليط الشوارع وانشاء الحدائق والملاعب الترفيهية وجمع القمامة
والازبال والنفايات من الاماكن العامة وتوفير النفط والغاز وتوفير الدواء المناسب وليس المغشوش ومعالجة ازمة البطالة وتوفير مفردات البطاقة التموينية وتحسين نوعيتها والحد من ظاهرة
التسيب الاداري وظاهرة الرشوة ومعالجة ازمة السكن وازمة العجزة والمتسولين والايتام , هذه المهام الاساسية والعمل المطلوب من اعضاء الحكومة ومسؤوليتهم تجاه الشعب في تحمل اعباء
المرحلة , وان يدركوا ان دورهم المطلوب ليس التهميش والتراشق الاعلامي بتبادل الاتهامات , بل دورهم المطلوب انجاح عمل حكومتهم والارتقى بها الى مستوى الاحداث بالعمل الجاد
والمخلص والصادق والشعور بالمسؤولية . وليس التطلع بفرح وابتهاج حين يخفق احدهم او يفشل او يتقاعس بعضهم, لان مسؤولية الفشل والاخفاق والتقاعس تطال الجميع الذين اتفقوا على حكومة الشراكة الوطنية التي انتجتها الطائفية والمحاصصة السياسية , واذا قرر اي طرف
سياسي ان ينزه نفسه عن الاخفاق والفشل في الاداء الحكومي عليه ان يخرج من الطاقم الحكومي ويقف في صف المعارضة , حتى يكون له
صدى ايجابي في الشارع العراقي ويساهم في التخلص من الطائفية والمحاصصة السياسية التي جلبت البلاء والخراب والفساد السياسي
والمالي . ان المرحلة الراهنة تتطلب اصلاح عيوب العملية السياسية التي تتنازعها المصالح والمنافع الفئوية والحزبية . وحتى رئيس الحكومة
مقيد بشروط واتفاقيات لا يمكن التخلي عنها ولا يملك حرية الحركة , رغم انه المسؤول الاول ويتحمل كامل المسؤولية , لان المحاصصة
السياسية تنقصها برنامج سياسي واصلاحي وتناقض المواقف والرؤية السياسية ووقوع اطراف العملية السياسية في دائرة الغنائم , وصار كل
طرف سياسي جل تفكيره ان يحافظ على المكتسبات السياسية ولا يمكن التفريط بها مهما كلف الثمن , وهذا ما يفسر اتفاقهم بالكامل على قانون
تعديل انتخاب مجالس المحافظات بالصيغية الحالية المنافية للدستور وقرار المحكمة الاتحادية العليا وكذلك موافقتهم بالاجماع على قرار
تشكيل مجلس المفوضية للانتخابات بشكله الطائفي وفي تقسيم الحصص فيما بينهم وابعاد الاخرين , وهذا ما يفسر فشل واخفاق
الوزرات ومجالس المحافظات في تقديم الخدمات والارتقى الى مستوى الطموح بالتخلي عن الواقع المزري والمتخلف . لقد اثبتت التجربة
العراقية وبالدليل القاطع بان لا يمكن ان نشم رائحة الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني في ظل الطائفية والمحاصصة السياسية , ولا يمكن
لاي حكومة مهما كانت كفاءة وخبرة ومقدرة رئيس مجلس الوزراء ان تكون حكومته ناجحة وتسير بشكل سليم إلا اذا تخلت الاطراف
السياسية عن نهج وتفكير الطائفية . وان هذه حقيقة دامغة افرزتها تجربة الاعوام المنصرمة . واذا ارادت فعلا الاطراف السياسي الخروج
من عنق الازمة الخانقة والانتقال الى دولة القانون عليها ان تمزق الطائفية والسير الى الهوية العراقية الاصيلة



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=21472
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28