• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الفنان الراحل قاسم مطرود في سطور .
                          • الكاتب : علاء الخطيب .

الفنان الراحل قاسم مطرود في سطور

 كل الشكر والتقدير للفنان المبدع الشاعر الكبير زهير الدجيلي الذي حال وصل النعي بين يديه وقد أرسلته له في الساعة الرابعة صباحاًً حتى اعد هذا الملف عن الراحل قاسم مطرود  / علاء الخطيب

 
                                                                                                الفقيد الراحل الكاتب والمخرج المسرحي قاسم مطرود
ودعت الأسرة الفنية والمسرحية العراقية في الداخل وفي المنافي واحدا من مبدعيها وهو لم يكمل عامه الخمسين قضى منها عقدين من الزمن في مسيرة ابداع متميزة لكن المرض والموت لم يمهله لكي يكمل تلك المسيرة الرائعة لكاتب ومخرج مسرحي تقدم الصفوف بمهارة اوجدت له مكانة بين ابرز المسرحيين العراقيين والعرب . وغالبا مايقتنص الموت مبدعي العراق . وتكتمل ماساى رحيلهم حين يكوموا قد غادروا وطنهم تحت ظروف القمع والأرهاب والأهمال والغربة
 فاليوم  الجمعة 7-9-2012  وفي الساعة الثالثة والنصف صباحاً رحل  عنا الفنان المسرحي المبدع قاسم مطرود عن عمر ناهز الخمسين عاماً بعد رحلة شاقة ومضنية مع المرض ومعاناة كبيرة قضاها بعيداً عن وطنه راقداً في مستشفيات منفاه في لندن .وكانت وفاته مدعاة حزن واسف شديد على رحيل فنان بعد من أبرز فناني العراق  في العقدين الأخيرين . تغمد الله روح الفقيد الصديق ابو أنمار بواسع رحمته واسكنه فسيح جنانه  وقد نعته وسائل العلام والمواقع العراقية واصدقاؤه ومحبية .
** والجيران وهي تتقدم لسرة الفقيد ورفاقه واصدقائه في رحلة العمر الفنية المسرحية بخالص التعازي . وتعرض هذا الملف .. ملف الوداع عن سيرة الفنان الراحل :
 
السيرة الذاتية الفنية  للكاتب والمخرج المسرحي قاسم مطرود :
 
ـ ولد الفنان قاسم مطرود عام   1961    في   بغداد
 
ـ وبعد هجرته من العراق حاز على الجنسية الهولندية اضافة لجنسيته العراقية الأصلية
 
- التحق ( بأكاديمية الفنون الجميلة ) عام 1994 جامعة بغداد وتخرج منها عام 1998 في اختصاص الفنون المسرحية قسم الإخراج المسرحي
 
- عام 1979 دخل معهد الفنون الجميلة / بغداد قسم الفنون المسرحية فرع الإخراج
 
- دخل في أكاديمية هلفرسم ( Media academie / Hilversum ) وحصل على دبلوم في مجال تقديم البرامج التلفزيونية ( Bureauredactie Televisie ) و دبلوم في مجال الإعداد وإخراج البرامج التلفزيونية ( Bureauredactie Televisie )
 
- أكمل الدورة الخاصة في كبفيّة كتابة السيناريو في radaracademie
 
-عام 1995 منح شهادة تقديرية لمشاركته في مهرجان المسرح الجامعي الأول المقام في كلية الفنون الجميلة  وشهادة تقديرية لمشاركته في مهرجان منتدى المسرح الحادي عشر كناقد للكثير من الأعمال المسرحية
 
- عام 1996 منح شهادة تقديرية لمشاركته في مهرجان المسرح العراقي الثالث بالكثير من المقالات النقدية
 
- عام 1997 منح شهادة تقديرية لمشاركته في مهرجان المسرح العراقي الرابع
 
ـ وفي  1998منح شهادة تقديرية لمشاركته في مهرجان المونودراما الثاني المقام من 29-3 ولغاية 28 – 5
-عام  2006 منح شهادة تقديرية من قبل وزارة الثقافة والتراث في سلطنة عمان على جهوده المسرحية في إثراء مهرجان المسرح العماني الثاني. كما منح شهادة تقديرية من قبل فرقة مزون في سلطنة عمان التي قدمت نصا من نصوصه والموسوم ( رثاء الفجر ) والذي فاز بافضل سينوغرافيا.
 - عام 2007 وعام 2008 و 209 على التوالي منح شهادات تقديرية من قبل المهرجان الوطني للمسرح المحترف الدورة العربية لإثرائه الملتقى العلمي.
 
-وفي عام  2008 منح شهادة تقديرية من قبل دائرة الثقافة والاعلام بالشارقة، تقديرا لجهوده المبذولة والعطاء الموصول في الدورة الثامنة عشر لايام الشارقة المسرحية  
*المسرحيات التي ألفها :
 كان غزير الأنتاج المسرحي مستخدما وعيه وقدراته الأبداعية في كتابة المسرحيات التالية :
 
- طقوس وحشية ـ- للروح نوافذ أخرى ـ رثاء الفجر ـ  الجرافات لا تعرف الحزن ـ نشرب إذن
 
ـجسدي مدن وخرائط ـ  دمي محطات وظل ـ  معكم انتصفت أزمنتي ـأحلام موضع منهار
 
ـ أوهام الغابة ـ  مجرد نفايات ـ عزف على حراك الجمر ـ  ليس عشاءنا الأخير ـ  رماح الفجيعة
ـ مواطن ـ حوار المصاطب ـ  موتى بلا تأريخ ـ  سيادتكم ـ  حاويات بلا وطن ـ  صدى الصمت ـ 
 
  مساكن الخريف  ـ خريف الوحشة ـ  مراسيم الازمنة  ـ هروب قرص الشمس ـ تراتيل العيون
 
**الكتب المطبوعة له :
 
- للروح نوافذ أخرى ـ رثاء الفجر ـ  الجرافات لا تعرف الحزن ومسرحيات أخرى ـ طقوس وحشية ـ  سيمفونية الجسد والموت ـ
 
** كتب تحت الطبع :
 
- دمي محطات وظل - أحزان جثة  - المسرح العراقي عطاء دائم  - مجرد نفايات ومسرحيات أخرى - صدى الصمت - وطن سقفه السماء
 
- قاسم مطرود في مرايا النقد المسرحي (كتاب حول تجربتي المسرحية)
 
- قاسم مطرود الحب الحرب المنفى (كتاب حول تجربتي المسرحية)
 
- دلالات الموت والحرب في نصوص قاسم مطرود (كتاب حول تجربتي المسرحية)
 
- ليس عشاءنا الأخير
 
** المسرحيات التي أخرجها :
 
- 1979 صرخة في وجه ألذات - 1980 "الاستثناء والقاعدة" لبرتولد برخت - 1986 مهرجان الدمى في سوق هرج
 
** نصوصه المسرحية التي قدمت على المسرح :
 
قدمت اغلب أعماله على المسارح العربية والأوربية والتي علم بها المؤلف أو لم يعلم بها ومنها مثلا كرواتيا أو سوريا والكثير من البلدان الأخرى وادناه بعضا منها.
 
- قدمت مسرحية "للروح نوافذ أخرى" على مسرح الرشيد / العراق .
 
كما قدمت مسرحية الحاوية على منتدى المسرح / العراق ـ
 
وقدمت  مسرحية الحاوية في مصر وفي في السويد وفي النرويجو في هولندا
 
- وقدمت ثانية مسرحية "للروح نوافذ أخرى" ونالت جائزة أفضل ممثلة في الأردن / عمان
 
- كما  قدمت مسرحيتة "الجرافات لا تعرف الحزن" على متحف روتردام العالمي و في الكويت
 
و في تونس و في ليبيا و في العراق  و في سلطنة عمان وفي الأردن وسوريا
 
ـ اما مسرحيته  " نشرب إذن " فقد عرصت في الكويت
 
- عرضت  مسرحيته “ مجرد نفايات " في سلطنة عمان و في العراق على مسرح الموصل وفي  بغداد , وفي  كركوك باللغة الكردية
 
- كما عرضت  مسرحية “ رثاء الفجر " في سلطنة عمان  و في الأردن ضمن مهرجان عمان المسرحي و في القاهرة ضمن مهرجان المسرح التجريبي و في تونس ضمن مهرجان قرطاج المسرحي
 
- كما عرضت مسرحية " نشرب إذا " في لاهاي في هولندا باللغة الهولندية
 
- وعرضت  مسرحية ( حاويات بلا وطن )في السويد ستوكهولم ومدينة يفلا
 
**  الجوائز التي حصل عليها :
 
-عام  1997  نال جائزة أفضل نص مونودراما عن مسرحية الحاوية
 
- 1996 كرم من قبل المركز العراقي للمسرح على جهوده المبذولة وإسهاماته في دفع الحركة المسرحية في العراق
 
- 2006 بالتفاته فريدة من نوعها كرمت دائرة السينما والمسرح المبدعين من الشباب والرواد وكان قاسم مطرود ضمن المكرمين وهو الوحيد الذي كرم بالنسبة للمغتربين
 
- نال الطالب المغربي فوزي السعيدي من جامعة المولى إسماعيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس بحث دبلوم الدراسات العليا المعمقة في مسرح قاسم مطرود وإسهاماته في كتابة النص المسرحي
 
- تناول العديد من طلبة الدراسات العليا في أكاديمية الفنون الجميلة في العراق تجربة قاسم مطرود المسرحية وخاصة في التأليف المسرحي
 
- 2009 كرم بدرع الإبداع العربي من قبل ملتقى الرواد والمبدعين العرب
 
- 2010 كرم بدرع الإبداع العراقي
 
2010 كرم بساعة الجواهري ضمن الاحتفاء الذي أقامه اتحاد أدباء وكتاب العراق
 
2010 كرم بعدد من المخطوطات ضمن الاحتفاء الذي أقامته أكاديمية الفنون الجميلة
 
- 2010 كرم بدرع الإبداع المسرحي ضمن مهرجان المسرح العربي في القاهرة
 
** عمل في المجالات التالية :  
 
- عميد كلية الفنون المسرحية في الجامعة الحرة في هولندا
 
- عمل في التلفزيون كفاحص أفلام
 
- بدأ العمل في الصحافة منذ عام 1982 إذ نشر في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية
 
- كتب في جريدة العراق كل يوم أربعاء متناولا فيها أهم الأحداث المسرحية بدا من عام 1983 حتى 1987
 
- اشرف على صفحة المسرح في جريدة الجمهورية اعتبارا من عام 1994 ولغاية 1998
 
التراجم
 
- ترجمت مسرحياته  للروح نوافذ أخرى ونوافذ الفجر والجرافات  ونشرب اذأً  إلى اللغة الهولندية
 
- ترجمت مسرحياته : عزف على حراك الجمروصدى الصمت  إلى اللغة الفرنسية
 
- ترجمت مسرحياته : للروح نوافذ أخرى ودمي محطات وظل  إلى اللغة العبرية
 
- ترجمت مسرحياته : موتى بلا تاريخ ونشرب أذأً  إلى الإنكليزية
 
- ترجمت مسرحية نشرب إذا إلى اللغة إلى السويدة
 
** عمل في المجالات الصحفية  التالية:
 
- عضو هيئة تحرير مجلة أحداق ـ عضو هيئة  تحرير مجلة علوم الالكترونية - عضو هيئة تحرير مجلة أسفار في العراق ـ- رئيس تحرير أول مجلة عربية الكترونية تعنى بالفنون المسرحية (مسرحيون )
 
**  عضو اتحاد أدباء العراق ـ- عضو اتحاد أدباء العرب - عضو اتحاد المسرحيين العراقيين
 
- عضو ومن مؤسسي رابطة نقاد المسرح - عضو منظمة On File - عضو ومن مؤسسي البرلمان الثقافي العراقي في هولندا - رئيس ومؤسس مؤسسة مسرحيون في بريطانيا
** المهرجانات المسرحية التي دعي اليها :
دعي  لحضور مهرجان قرطاج لأكثر من مرة ـ و مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي كمبدع للعديد من المرات ـ ودعي لحضور مهرجان المسرح العربي مستلما درع المهرجان ـ ودعي لحضور مهرجان المسرح العماني الثاني ,وكثير من المهرجانات العربية والأوربية الأخرى الخاصة في المسرح والميدان الثقافي .
 
** وضمن هذا الملف تعيد ( الجيران ) نص اللقاء الصحفي الذي اجراه الشاعر والكاتب العراقي  عبد الرزاق الربيعي مع الفقيد الراحل  ونشر في موقع النور تحت عنوان :(حوار مع الكاتب المسرحي والمخرج قاسم مطرود) وأعادة نشر هذا القاء تلقسي اضواء على سيرة هذا المبدع الراحل ووعيه الفني والمسرحي .. وفي مايلي نص اللقاء :
 
 الكاتب المسرحي والمخرج قاسم مطرود:
 
*أعمل جاهدا على تحويل الكلمة في النص إلى صورة تستفز البصيرة
 
*أنا مع حرية المسرح وليس هنالك تابوات أو شيء مقدس فيه
 
حاوره : عبدالرزاق الربيعي
 
 عندما غادر العراق عام 1998حمل الكاتب والمخرج قاسم مطرود مع ما حمله معه من اوراق وآلام وخيبات مشروعه المسرحي الذي بدأه بوقت مبكر وفي هولندا كان اول شيء عمله هو البحث عن مسرح يحتوي أحلامه الكبيرة ومشاريعه الكثيرة وخلال سنوات قليلة دون اسمه واحدا من المسرحين العراقيين الذين واصلوا مشاريعهم في المنفى لتاسيس مسرح عراقي في المنفى ولقاسم مطرود تواجده في الساحة المسرحية العربية حيث شارك في العديد من المهرجانات المسرحية
 
وحصل على شهادات تقديرية منها مهرجان المسرح الجامعي الأول المقام في كلية الفنون الجميلة ومهرجان منتدى المسرح الحادي عشر كناقد للكثير من الأعمال المسرحية, وقد شارك أيضا في اغلب المهرجانات التي تقام عن المسرح العراقي بالكثير من المقالات النقدية. كما حصل على شهادة تقديرية لمشاركته في مهرجان المونودرما الثاني وكرم من قبل المركز العراقي للمسرح على جهوده المبذولة
 
وإسهاماته في دفع الحركة المسرحية في العراق..وله باع في الكتابة المسرحية حيث الف العديد من المسرحيات منها : مسرحية “طقوس وحشية”و مسرحية “للروح نوافذ أخرى” و “رثاء الفجر” و “نشرب اذا” و”الجرافات لاتعرف الحزن “ التي صدرت في كتاب مؤخرا وقد ترجمت العديد من أعماله إلى اللغة الهولندية.. كما تمكن وهو في هولندا من أن يصدر صحيفة إلكترونية باسم مسرحيون تعنى بالفنون المسرحية.. ويعتبر من مؤسسي رابطة نقاد المسرح والبرلمان الثقافي العراقي في هولندا.
 
صقل موهبته بالدراسة الاكاديمية فبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة قسم الفنون المسرحية دخل أكاديمية الفنون الجميلة وتخرج عام 1998 في قسم الإخراج المسرحي ولم يكتف بهذا ففي هولندا درس في أكاديمية هلفرسم وحصل على شهادة الدبلوم في مجال إعداد وتقديم وإخراج البرامج التلفزيونية وعمل في هيئات تحرير في عدد من المجلات التي تصدر في هولندا حدثنا عن مراحل التكوين المؤثرات الأولى
 
قائلا :البداية عشق وأحلام, منذ الصغر استفزني الخطاب أمام الآخرين, وكنت انظر بإعجاب إلى من يخرجون في ساحة المدرسة الابتدائية ويقدمون التحية للعلم ويلقون النشيد, كنت أشيد بهذه الشجاعة, وهكذا تعمقت نظرتي بعد معرفتي المبكرة بالعديد من طليعة مدينتي التي كنت اسكن " مدينة الثورة " ذات الأطياف المختلفة والمستويات المتفاوتة حيث عرفت وأنا لم أكمل الابتدائية بعد أناسا كان لهم الباع الطويل مع الكلمة والمعنى, والذي شدهم إلى ذلك الطفل هو قدرته على التحاور معهم بانطلاق دون خوف ومعرفة إلا انه يجادل, في وقت كانت التجمعات تبحث
 
عن شخوص تضمها إليها.
 
وبعد حين ارتبطت بفرقة مسرح الرفض التي كان أعضاؤها هم من طليعة أبناء مدينة الثورة كالقاص حميد المختار والفنان عباس جاور ونصيف جاسم وآخرين, ثم كونا فرقة أخرى أسميناها " مسرح المدينة " التي جمعت الشباب الساعين إلى التحديث ككريم كاظم ومنصور حسن ومزهر جاسم وأسماء أخرى ويقينا سبق وتزامن مع هذه الفرقة والتي قبلها تنشيط المعرفة والاحتكاك بكل ما هو جديد, ومن حسن حظي بدأت انفتح على العالم وأستقرئ ما يدور حولي في فترة كان العراق يزخر بالصراعات الفكرية والدينية والحزبية, أي منتصف السبعينيات, ففي يوم تكون جلساتي مع لفيف يتحدث عن الدين الإسلامي بوصفه الحل الأنجع لهذه الخليقة بصحبة أشرطة المسجل وبصوت الوائلي أو غيره, وكانت هذه الجلسات بمثابة اجتماعات دينية سرية, وفي اليوم الآخر اجلس مع مجموعة من الحزب الشيوعي,
 
وجل ما نناقشه هو مفهوم الماركسية التي لم افهم منها شيئا حينها وماذا يعني الحزب الشيوعي وكيف سينصف الفقراء مع تبادل الكتب التي كانت تصدر آنذاك عن دار التقدم والتي تغريك بالإطلاع عليها لروعة طباعتها وكانوا يعتقدون إن الحزب الشيوعي هو النموذج الأمثل لحل كل معضلات الكون.وهكذا الأمر مع التيارات والأفكار الأخرى والمجالس الرياضية التي هي الأخرى تتصارع فيما بينها والرابح أنا, لأني كنت شغوفا واعتبر كل هذه الصراعات هي اكتشافات في سني المبكرة, حيث أخذت من جميع هذه الروافد ما كان ينمي شخصيتي ويطورها, وقد استفدت من هذه المتناقضات والصراعات باتخاذ القرار القريب من الصحة بعد أن تسلطت الأضواء على الخطابات والشعارات التي كان يموت من اجلها اعز الأصدقاء إلا أنها تبقى شعارات لا أكثر والخسارة الوحيدة هي تلك الأرواح التي أكلتها الأزمنة دون مبرر.
 
 * الكتابة المسرحية هل هي منعطف في تجربتك أم أنها مكملة لعملك كمخرج ؟
 
حقا إنني درست الإخراج في معهد وأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد, ومارست النقد المسرحي منذ عام 1983 منذ كنت طالبا في فرع الإخراج إلا أني عرفت أن في داخلي مؤلف ولم أعلن عن وجوده إلا في عام 1997 بعد أن كانت لي العديد من التجارب في كتابة النص المسرحي منذ عام 1979, ولكني خشيت على ذلك المؤلف مخافة أن يظهر مهلهلا, لذا أحببت أن أقدمه بصورة حسنة أو الصورة التي يستحق, طالما خلفه ناقد ومخرج,
 
يمكنك القول إن الإخراج ساعدني كثيرا في التأليف وهذا ما أقوله دائما, كاتب النص المسرحي هو غير كاتب النص الأدبي وبين هذا وذاك فرق كبير, وقد لا يرضى على هذا الرأي الكثير من كتاب المسرح ولكنها الحقيقة, وأنا ابن المسرح أحدى ساقي إخراج والساق الأخرى نقد مسرحي, لذا خرج المؤلف دون خوف.
 
 * ألا ترى إن المخرجين بانصرافهم إلى إخراج نصوصهم حرموا الكثير من النصوص التي كتبها أدباء من خارج الساحة المسرحية تركن على الرف مما فاقم من أزمة النص المسرحي ؟
 
أنا مع حرية المسرح وليس هنالك تابوات أو شيء مقدس فيه, وعلينا إتباعه بل ننتظر من يكسر تلك القوانين ونشد على يديه, وليس مشكلا إلغاء أي عنصر من العناصر الأساسية شريطة أن يكون العرض ناجحا.وإذا أراد المخرج أن يقدم عرضا مسرحيا دون الاعتماد على نص المؤلف, فله كل الحق وبهذا يعلن هو الآخر عن مؤلف ومخرج في الوقت نفسه وبهذا نكون قد كسبنا مؤلفا جديدا يضاف إلى المسرح.وإذا كانت هناك نصوص كما ورد في سؤالك كتبها أدباء من خارج الساحة المسرحية ومصيرها الرفوف, فليس العيب هنا بالمخرج بل بالنص الأدبي الذي اختار الرف مكانه الأخير.النص المسرحي, يجب أن يستفز القارئ المخرج الممثل العاملين في صنع العرض وفي نهاية الأمر ذلك المتلقي الذي يحدق بعينه المركبة وان لم يحتوي النص على تلك الخاصية فليحجز مكانه بين الرفوف كمادة أرشيفية. وليس كل ما يكتب للمسرح نصا مسرحيا, هناك الكثير من الإنشاء غير جدير بالقراء وبالتالي غير جدير بالإنتاج المسرحي والإنشاء هنا ليس في سرد المفردات فحسب بل هو السياحة في عوالم ودهاليز لا يتمتع بها إلا كاتبها.في الفترة التي كتب فيها هنريك ابسن جل أعماله والتي كانت تقدم على خشبات المسارح وهكذا كانت أعمال سترند برغ التي قدمت أكثر من مرة في العام الواحد, كانت هنالك نصوص تسمى نصوص فكرية كمسرحيات جورج برناردشو وتلستوي لأنها احتوت على الكثير من الأفكار والقليل من الفن أو لنقل الحرفة المسرحية متناسين إن المسرح هو فرجة أولا ولعبة ومتعة وشكل وإبهار ومن خلال هذا وذاك قل قولتك.خلاصة القول إن النص الجيد يصرخ معلنا عن وجوده حتى ولو كان في خزانة تحت الأرض.
 
* هل تقر بوجود هذه ألازمة ؟
 
 اجل هناك أزمة نص مسرحي وإجابتي مرتبطة بالسؤال السابق, نحن لدينا الكثير من النصوص التي كتبت للمسرح ولكنها ليست نصوص مسرحية, يجب أن تكون أدوات كاتب النص المسرحي خالصة وعميقة ولا يملكها غيره ناهيك عن قدرته على الفهم التام لنوع الكتابة وتمكنه من صياغات اللغة التي يكتب بها وهذا كله واحد من مئة مما يجب توفره في الكاتب المسرحي, كنت اعتقد إن مهمة المؤلف الموسيقى اشق وأصعب من الكاتب المسرحي والحقيقة غير ذلك إذ إن مهمة الكاتب المسرحي أعسر
 
بكثير لما لها من شروط وامكانات عليها أن تكون ضمن سياق شخصية المؤلف وليس عناصرا يستخدمها عند الكتابة ويتنازل عنها في حياتيه اليومية.إن ما يجب توفره في الكاتب المسرحي قد لا أستطيع معرفته أو الحديث عنه إلا انه شيء يشبه السحر.
 
* نصوصك مركبة تحتوي على مشاهد بصرية فكأنك تخرج على الورق, كيف تفسر هذا ؟
 
 سأقسم سؤالك إلى قسمين وأجيبك على القسم الأول حيث وجود المشاهد البصرية واحتواء نصوصي على بنية مركبة, فإن كانت نصوصي بهذا الشكل فان هذا من دواعي سروري واعمل جاهدا على تحويل الكلمة في النص إلى صورة والصورة هنا ليس في معناها المجرد, بل ذلك الهيكل الذي يستفز البصيرة ويدعو المتلقي إلى جدل يفضي إلى شيء أو لا شيء, وان كانت مركبة كما أسلفت, فهذه لعبتي وأنا سعيد بها لان النص مثل المرأة إن لم تكن لها أسرار فإنها تفقد نصف جمالها.
 
أما الشطر الآخر الذي يتعلق بإخراجي لنصوصي على الورق فهو يحمل أمرين الأول يسعدني كوني ارسم الشخصيات واجعلها تتحرك على الورق مما يدفع المخرج والقارئ إلى مشاهدتها واعتبارها كائنات حية تخاطبه حيث يكون, والأمر الثاني هو تدخل وتحجيم قدرة المخرج على التفكير وتفجير مخيلته, وأتمنى أن لا تكون نصوصي قيدا على مخيلة وإبداع المخرج بل أحاول أن أبث الكثير من
 
المفاتيح التي تمكنه من فك رموزها بعد أن يصل إلى الدهليز الذي يؤدي إلى ذلك الكائن المشترك بيني وبينه وبالتالي نوصله إلى المتلقي عبر الممثل والعناصر الأخرى.
 
* أنت دكتاتوري عندما تكتب أي تحد من حرية مخرجي نصوصك بكثرة الملاحظات والمشكلة أن النصوص تنهار ينائيا لو تجاهل المخرجون هذه الملاحظات, هل تكتب النصوص برؤية مخرج ؟
 
 أنا لست دكتاتورا وإنما اكتب ما اشعر به ضروري في هذه اللحظة وهذا المكان, إن الملاحظات التي أدرجها هي من لحمة النص وهي تساعد وتدل المخرج وصانعي العرض من سينوغرافيا وانتهاء بالمنفذين وإذا كان حذفها يسقط النص بنائيا فهذا حسن أيضا لان النص ليس حورا فحسب وسؤال وجواب انه حياة, تخيل انه مطلوب منك كتابك مجريات يوم لشخصيتين أو ثلاثة, كم سيتطلب منك الإيضاح لسيرهم وتدوين أقوالهم فكيف للنص المسرحي الذي يكون في الغالب مشحون ومكثف في
 
إيصال ما يجب إيصاله, إن الملاحظات وأنا اسميها " سيناريو العرض " هي روح النص والدفق الذي يعضد عند المخرج أو القاري وبالتالي يجسد على الخشبة مشهدا يصل الى المتلقي مبنيا بناء فنيا ففي نص " للروح نوافذ أخرى " اخذ المخرج جملة " ديدان تزحف على الأرض " وحولها إلى مشهد أخاذ حيث وصلت الديدان إلى القاعة وبالتالي اقتحمت الجمهور, الملاحظات يستفيد منها من له القدرة على تفعيلها وتحويل الكلمة إلى صورة فنية معبرة لها روح ونفس.ولأنني ابن العرض المسرحي حيث عملت مخرجا وممثلا وناقدا ومؤلفا مسرحيا لذا اعرف شيئا عن دقات ذلك القلب, متى ينبض ومتى يستريح وأنني لم اكتب نصا مسرحيا واحدا ولم يقدم على خشبة المسرح بل هناك بعض النصوص قدمت أكثر من عشر مرات وفي العديد من البلدان العربية وفي هولندا.على النص أن يكون مستفزا ومحركا للساكن والمستقر.
 
 * كيف ترى واقع المسرح العربي ؟
 
 المسرح العربي لا ينفصل عن مجريات الواقع العربي المتخم بالأحداث والانقلابات الفكرية والسياسية المؤدلجة منها وصاحبة الشعارات الفارغة التي تملا الأسماع.
 
إذا تحدثنا عن مسرحنا العربي سيضطرنا الحديث عن الأمان والإنتاج وفلسفة الدولة وفهمها للفن كرافد أساسي في حياة المجتمع.
 
يوم يكون لنا واقعا مستقرا ولا اعني بالاستقرار الرفاهية وان كانت مهمة للغاية للتفكير بما هو إبداعي وخلاق, الاستقرار هنا في تركيبة الشخصية العربية وعلى اقل تقدير تكون ملامحها شبه واضحة وتعرف على اقل تقدير مكانها من لعبة العصر الذي تتغير فيه الأمكنة كل ساعة, نتيجة لسرعة الحدث المرتبطة بعجلة التطور أو التنامي أو التغير.إن مسرحنا يصارع خارج الحلبة, وهو مدرك وواعي لدوره التاريخي وقد يلعبه في بلد ما أفضل بكثير من البلد الآخر بل قد لا يكون في بعض البلدان العربية اسما للحلبة أو خارجا عنها, ما زالت هناك بعض البلدان تعتبر المسرح بدعة أو عيب أو حرام, وهناك بلدان لها تقاليد مسرحية وأعراف راسخة في الحياة اليومية والنشاط الثقافي الحضاري كمصر وتونس والعراق وسوريا ولبنان والمغربوفلسطين التي ترزح تحت العذاب, في هذه البلدان يمكننا الحديث عن وجود مسرح مع التباين الكبير في الطروحات والتوجهات في الفهم الحق لذلك النشاط المسرحي الإنساني
 
 * ما فهمك للتجريبية في المسرح؟ والمختبر المسرحي ؟
 
التجريب في المسرح هو ذلك النبض الذي يديم سر بقاءه, وهو الوقود المحرك لعربته والذي يجعلها تواكب التطور بعد اقتحام السينما للمسرح, والآن الهجمة الأوسع عالم الملتيميديا ولا ينقذه شيئا سوى التجريب المستمر.والتجريب لم يغب عن المسرح أبدا منذ النشوء عند ثسبس الاكاري وآريون الكورنثي حتى كتابة نص الضارعات عام 490 ق م على يد المجرب الكبير اسخيلوس ومن ثم تلاه المجرب الأكبر الذي لم يأت العصر بمثله هو سوفوكليس ويوربيدس وتطول القائمة إذا توقفنا عند مرحة النشوء فقط.في كل عصر وزمان يكون التجريب حاضرا ومؤثرا, والا لتوقف المسرح ورمي مع الكثير من الفنون التي أصبحت تراثا, فقد جاء شكسبير وجرب هو الآخر في المنطقة التي حدّث فيها وهكذا فعل مولير وصولا إلى المسرح الحديث وهذا ليس مكانا لذكر الأسماء واهم الالتماعات التجريبية في منجزاتهم, لأنه يحتاج مني بحثا طولا ولكني أقول: إن التجريب هو تحريك الساكن واستفزاز المستقر والتحرش بالمقدس وهذا هو دأب المسرح وما يجب أن يكون عليه كي يحافظ على ديمومته.أما موضوع المختبر المسرحي فهو نادر ولا يحدث دائما ونسمع عن مختبر هنا أو هناك بغية استحداث أو تطوير أداة الممثل أو تحسين آليته أو البحث والتقصي في معالجة إشكالية فلسفية عبر مجموعة العمل لإنجاز مشروع عرض مسرحي شبه متكامل عبر عملية التنامي والاكتشاف المختبرية.
* ماذا عن المنفى؟ وهل ترى أن المسرحيين العراقيين نجحوا في تأسيس مسرح عراقي في المنفى
 إذا كان المسرح العراقي والعربي غير واضح المعالم وهو ينمو في تربته, فكيف هي حال مسرح المنفى الذي يكافح على أكثر من جبهة, في حقيقة الأمر ليس هنالك ما يسمى بمسرح المنفى بل يمكننا الوقوف عند بعض الأسماء وبعض من تجاربها, وتبقى هذه التجارب فردية مرهونة بقدرة ذلك المبدع على العطاء والصبر والتواصل والخلق وتجاوز الصعاب.إن المسرح في المنفى قائم على المهارات الفردية الغير مدعومة من المؤسسات ويمكننا تلمس الكثير من المشاريع الإبداعية التي لا تعتمد على جهود الآخرين واعني الكتابة للمسرح نقدا وتأليفا.
 
فقد استطاع المنفيّ استغلال الحرية التي لم يألفها من قبل وغياب الرقيب بشكل كامل إلا من الضمير لإنتاج نصا إبداعيا مفتوح الأفق في عالم النقد المسرحي والتأليف الذي نعاني من النقص في هذا الجانب, وهذا غاية في الأهمية, وإذا تم العزم على تقديم ذلك النص الذي بني على أحلام واطر لم تتوفر لنا يوم كنا في أوطاننا نواجه صعوبات أخرى ومن نوع آخر, من حيث الإنتاج والموافقات ونوع اللغة التي سيقدم بها وأين ومتى. بمعنى آخر إن مسرح المنفى ليس كما نتمناه
 
* أنت تشرف على أهم موقع مسرحي عربي على شبكة الانترنيت, كيف بدأت هذه التجربة؟ وما أفاقها ؟ وماذا أضافت لك؟
 
كان حلما صغيرا وبدا يكبر, مما اضطرني مضاعفة جهودي لتجسيد ذلك الحلم وتحويله إلى واقع ثقافي مسرحي يعلن عن وجوده.البداية من العراق وبالتحديد قبل أكثر من عشرين عاما, إذ شغلني موضوع النص المسرحي والحديث عن أزمة النص وغيابه في ثقافتنا المسرحية, وكنت اعرف إن في حوزة مبدعينا الكثير من الإبداعات المسرحية إلا أن ثقافة النشر الو رقية كانت تحد من إيصال هذا المنجز لتعسف الرقابة وللمحسوبية والعلاقات التي فرضت نفسها على الواقع الثقافي ولأمور إنتاجية أيضا مما حال من ظهور ما ينجزه المبدع والاكتفاء بإبقائه مركونا في المجرات الخاصة.وبعد وصولي إلى أوربا وبالتحديد إلى هولندا ودخولي عالم الانترنيت الذي أحببت, شرعت بإنشاء موقع " مسرحيون" الذي فتح مساحته الواسعة أمام إبداع جميع المسرحيين العرب لقول قولتهم دون رقابة إلا من جودة النص أو المقال فنيا وله الحق في الكتابة عن أي شيء وبالطريقة التي يجدها هي الأمثل.وبعد فترة وجيزة تحول الموقع المجلة إلى مؤسسة مسرحية تحتل مكانتها بعد أن عمقت الصلة عبر " أسرة مسرحيون "الذين عملوا من جميع بلدان العالم, وكما جاء في سؤالك " هو أهم موقع مسرحي عربي " وأنا أقول: هو من المواقع المهمة واترك للمعنيين في هذا الشأن الرأي الأخير بمؤسسة مسرحيون ودورها في الحياة المسرحية.
 
أما أفاق المجلة التي تسعى منذ التأسيس وما زالت إلى إيجاد مؤسسات غير حكومية داعمه لها لكي تصدر سلسلة من الكتب المسرحية وبامكاننا رفد المكتبة المسرحية بالعديد من النصوص المسرحية وبإصدار سلسلة شبيهة بسلسلة المسرح العالمي التي صدرت من مصر والكويت وسيكون ينبوع النصوص العربية جاريا دون توقف, كما لدى " مسرحيون " مكتبة تضم العديد من الكتب والدراسات التي لم تر النور من قبل والتي كانت نائمة في مجرات مبدعيها وكانت إطلالتها الأولى من بوابة مسرحيون.
 
أما إضافة الموقع إلي شخصيا, فانا انفق على هذا المشروع من جيبي الخاص ومن وقتي الذي استقطعه من أسرتي ومن مشروعي المسرحي الذاتي لكي أحافظ على رونقه وفرادته.ولا أنكر انه جعلني بالحدث المسرحي, بعد أن كنت ابحث عن الجديد في هذا المضمار, والآن يأتيني وبشكل يومي عبر بريدي الخاص لاطلع عليه أولا واضعه في الموقع ثانيا تعميما للفائدة, ولهذا فمعرفتي بالمشهد المسرحي العربي وما ينجز في المنفى معرفة مستمرة ومتفاعلة مع تعميق الصلة بالمبدعين والاقتراب منهم أكثر من قبل وهذا مكسب كبير لنا جميعا
 
** حاوره عبدالرزاق الربيعي
 
** الجيران : وأخيرا نقول ودعا ..  نأمل ان يفي هذا الملف المتواضع حق الفقيد الراحل المبدع المسرحي العراقي قاسم مطرود .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=21630
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29