• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : (( ويريدونا نفوز على اليابان )) .
                          • الكاتب : د . مسلم بديري .

(( ويريدونا نفوز على اليابان ))

قالت أمي في الصباح ممتعضة ً- بعدما اعادت محاولة ايقاظي , ثلاث مرات كانت غير مجدية – " و يريدونا نفوز عاليابان " وربما أجرت مقارنة لحظية وسريعة في ذهنها بيني وبين شخص ياباني , وتوصلت الى عدم جدوى تلك المبارا
ة التي خاضها المنتخب وانتهت بخسارته أمام المنتخب الياباني ,
قلت لابن أخي بعد أن رمى غلاف الشكولاتة التي أكلها على الأرض " ويريدونا نفوز عاليابان " وأجريت مقارنة فورية بينه وبين طفل ياباني في نفس عمره , وبعد أن نهضت لأكوي ملابسي انقطعت الكهرباء ولم تعد فقلت في نفسي " ويريدونا نفوز عاليابان " خرجت وفي الطريق رأيتُ " شخصا " يتبول في الشارع وأمام النظارة فقال سائق التاكسي " ويريدونا نفوز عاليابان " واستغل من ذلك الموقف بابا يلج منه معي في حديث عن كرة القدم , لكني تهربت مستعملا الحيلة حين أخبرته بأن اليابانيون اكتشفوا مؤخراً بأن الحديث في الصباح يسبب سرطان اللثة !!
وقابلت صديقي فعاتبني على تأخري عن موعده مشيرا الى أن سلوكي كان له دوراً في خسارتنا أمام اليابان , لأن اليابانيين , يحترمون الوقت ولا يخلفون وعدا , وفي المحكمة حيث كان ينبغي عليه توقيع ورقة بسيطة من قبل القاضي , رفض الحاجب أن يدخل الورقة الى القاضي لأن الوقت حينها كان قد تجاوز العاشرة صباحاً بربع الساعة , والعرف عندهم أن القاضي لا يعمل بعد الساعة العاشرة صباحا – حفاظا على نزاهة العمل – لئلا يرهق القاضي فيختل الميزان وقبل أن أقول اللازمة " ويريدونا نفوز عاليابان " تذمر صديقي فهدده الحاجب – بكل لطف – بأن التجاوز على شخص القاضي يودي به الى الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام وهنا اكتفيت بابتسامة وخرجنا ,
وتبيّن لي أن أحد المسؤولين اليابانيين شكر منتخب بلاده لانهم وبالفوز منحوا الشعب ثقةً وقوة ُ , كل ما تقدم يقودنا الى أمر هام وربما معروف لدى الجميع , هو ان كرة القدم تجاوزت كونها لعبة , واللعبة تجاوزت فلسفتها السعي وراء وضع الكرة في المرمى , فالفوز في نظر اليابانيين يمنح الشعب ثقة في نفسه ويزيد من قوته , اذن هو رسالة ملغزة متخمة المحتوى , والفوز يعتمد لا على اللاعبين لحظة المباراة فقط – مثلما كان عدم استيقاظي وتأخري وووو أحد أهم اسباب الخسارة , اذن ففلسفة النجاح والفوز تحتاج الى تنشئة مختلفة , تنشئة الانسان وليس اللاعب , ثقافة بلد وشعب , والصراع هنا – في نظر العامة أولا – وان اختلف التعبير وطرقه , هو صراع حضارة و ارادة , صراع تكنولوجيا وتخلف , صراع مستقبل وماضي , صراع بين الصورة والصورة التي يرسمها الفوز في عيون اللاعبين وشعبهم , ولكن هل فعلا " يريدونا نفوز عاليابان " ورئيس اتحاد كرة القدم العراقي يبلغ وزنه 150 كغم ؟ ربما من الغباء ما سيجعل أحدهم يقول وما علاقة وزن رئيس الاتحاد بالخسارة ؟ الموضوع أعمق , بالتأثير غير المباشر والبعيد المدى , ولا أعرف لماذا يدرك شعبنا – بالفطرة – اشياءا يخسرها بالتعلم والتطلع !! فأمي وسائق التاكسي وغيرهم أدركوا عمق الموضوع وبعده الذكي بعيدا – لحظتها – عن العواطف



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=21881
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29