• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الكتاب- القرآن – التَنـزيل - الذكر -الفرقان ____ الجزء الثاني .
                          • الكاتب : محمد صالح الهنشير .

الكتاب- القرآن – التَنـزيل - الذكر -الفرقان ____ الجزء الثاني

الفــرقــان:
اعلم أن كلام الله فارق بين الحق و الباطل و أن كتابه ميزان كل عصر و قرآنه بيَن لكل سامع في اختلاف الحق الذي ينطق به عن باقي ما تسمعه أذن أو نطق به ناطق و أنَ ذكره قد عم كل شيء جميل و طيب, به ترتقي الأنفس و تتطهر السرائر, قد جعل في هذا الدّستور الخالق ميزانا لكل شيء و إماما لكل عصر, فهو الأدرى بشؤون خلقه جعل فيه الأمان في مرتكزاته و الخير في متغيراته, ففرق فيه بين الخير و الشر و الجائز و الغير جائز لا يُـعرف إلا من خلال الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف و من خلال الأئمة أجداده عليهم السلام فلا بد للحق من ترجمان و للميزان من وازن, فقد جعل كتابه فرقانا حتى لا يكون للخلق حجة, و حتى ييسر عليهم شقاءهم و يرفعهم إلى السعادة الأبدية و قد ذكر الله الفرقان في سبع مواضع من الكتاب للتدليل على أنها تعود إلى الفاتحة, فالبسملة تعميم للغاية القصوى من الخلق و التشريع و افتتاح له بسم الله لإدراك غاية الرّحمة
و “الحمد لله” إشارة إلى تمام هذا التشريع لذلك تقدمه الشكر
و” ربّ العالمين” فهذا التشريع يراعي في تفريقه بين الحق و الباطل, الجمع بين عالم الغيب و الشهادة فهو الموازن بين الحياة الدنيا و الآخرة لأن الرّب هو المالك لهما و خالقهما فلا تشريع دنيوي يمَسَ عقيدة الغيب و لا تشريع يدفع بالخلق إلى اعتزال الدنيا.
أما ” الرّحمان الرّحيم” فهي الغاية العامة في التشريع و إقامة الفرقان في رحمة الخلق عامة و أما الرحمة الخاصة التي أعطاها الله الأئمة عليهم السلام فقد جعلهم تحت ظل صفة الرّحيم بما أعطاهم من علم يقودون به الكون و الحياة, و الحمد لله على ذلك.
أما ” مالك يوم الدين” فهو تذكير بأن أساس الشرع إن لم يجد إيمانا مطلقا بالجزاء الإلهي المنتظر في إقامة الفرقان الكامل و الموازين التامة صار مثله مثل أي قانون يكتب على الورق و يتخذ من الشّعار و الكلام سبيلا دون أن يفعل في الخلق فعله و هي آية موجهة لأولي الأمر القائمين حتى يعلموا أن الملك الأكبر هو من يملك يوم الدّين فليتقي الله في خلقه لأنه إن لم يحاسبه أحد فالله يجعل له يوما يكون فيه ذليلا و الله يحكم فيه بحكمه.
أما الذين امتثلوا “إياك نعبد” فإنهم لا يرتقون بفرقان الله و عدل تشريعه إلا إذا صاروا إلى مرتبة العبادة فمتى عبدوا الله على حق انتفى خوفهم و كثر أمنهم و ميَزوا بين الحق و الباطل ” و الذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها و أنابوا إلى الله ” 17الزمر .
و الاستعانة بشرع الله واجبة ” و إياك نستعين” فمتى تحققت هذه المعاني مع الهدي ” اهدنا الصراط المستقيم ” و المقصود به سنَة الأولين من الأنبياء مترابطة ب” صراط الذين أنعمت عليهم ” أي صراط الإمام حسب عصره قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليَة ” لأنها أكبر نعمة يمنها الله على عبد بأن يضع فيه الرسالة فيكون نبيا أو رسولا أو يجعل فيه أمانة الرّسالة و عصر النبوة بأن يجعله إماما و قائما , و لا بد لهذا الشرع أن تكون له ذاتية و شخصية فلا يشبه لا هذا الفريق و لا ذاك
” غير المغضوب عليهم ولا الضّالين” أردنا بهذه المقدمة أن نعلم سر ارتباط الفاتحة بمعنى الفرقان , أما ما صدر في كتاب الله عن تخصيص الفرقان في المعنى بأنه شرع الله ففي قول العزيز ” …هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان …” 185 البقرة ، فالكتاب هدي + فرقان = تشريع و توجيه و التشريع مقرب لله , و إقامته وجه كبير من أوجه العبادة و خير و نور يجمع بين الدنيا و الآخرة ” و لقد آتينا موسى و هارون الفرقان و ضياء و ذكرا للمتقين ” 48الأنبياء،
لم يترك الله زمنا دون زمن إلا و جعل منزلة للفرقان الذي به يعرف الحقّ من الباطل عبر الزّمان و هو ليس مختصا بقوم دون قوم , إنّ البشرية جمعاء في حاجة إلى أن تفرّق بين الحق و الباطل و تجعل التوازن بين عيش الدنيا و طلب الآخرة و في ذلك بركة عظيمة و نماء ” تبارك الذي نزَل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا “1 الفرقان أو الميزان
إن الفرقان موجود في كل عصر لكن لا يعرفه إلا العارفون , و يعرفه كثير من الجاحدين و ينكرونه و يجادلون لأنهم دخلوا في حزب الشيطان للذة قصيرة و شهوة ضئيلة ” و إذ آتينا موسى الكتاب و الفرقان لعلكم تهتدون ” 53 البقرة
قد يقرأ بعضهم كتاب الله و يقول إن الله ذكر الفرقان ثمانية و ليس سبعا و يذكر قول الله ” … و ما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان…”41 الأنفال
فاعلم أن السّبعة مواضع تشترك في معنى التشريع, و هذا الموضع استعمل فيه اللّفظ للتدليل على معنى بعيد هو استبيان الصفوف من خلال معركة وهو توظيف للفظ لنيل معنى مغاير كما هو الشأن في كلمة ” تفسير” التي لم ترد في معنى الالتقاء العقلي بالكتاب و لكنها جاءت في معنى طمأنة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم بأنه ما يأتيه من حكايا عن الأقوام السابقين إلا و جعل الله له في ذلك تبيانا وإخراج الأحداث الغامضة و المبهمة و المزعومة في عصره من مخلفات تحريف التوراة و الإنجيل و الصحف و الزبور إلى البيان الواضح و يسمى ذلك
تفسيرا “و لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا ” 33 الفرقان , وهو مختصا بالله لا علاقة له بالتأويل
نفع الله بهذا العلم كلّ صادق قريب أو بعيد و جعله الله فاتحة لاجتهاد المجتهدين علي هدي من نور المعصومين
 

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : ib077 ، في 2014/12/05 .

شكرا




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=22496
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19