• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الشهيد الصدر في ذكراه العطرة .
                          • الكاتب : صالح الطائي .

الشهيد الصدر في ذكراه العطرة

 هنالك أربعة أصناف من الناس: 

صنف ميت في حياته وميت في مماته
وصنف حي في حياته ميت في مماته
وصنف ميت في حياته حي في مماته
وصنف حي في حياته وحي في مماته، والموت عند الصنف الرابع يأتي امتدادا للحياة ومكملا لها من خلال عملية تجديد دائمة، وهؤلاء هم شهداء الله الأحياء الخالدون، وقد كان المولى المقدس منهم، بل كان سيدهم في عصرنا لأنه كان سيد القيم والمثل والخلق والأخلاق.
وفي هذا السياق قال ابن عساكر: عن جُعيد بن همدان أن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام، قال له: يا جعيد بن همدان إن الناس أربعة: 
فمنهم من له خلاق وليس له خلق. 
ومنهم من له خلق وليس له خلاق.
ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق، فذاك أشر الناس.
ومنهم من له خلق وخلاق فذاك أفضل الناس.
إنّ المثل العليا والقيم السامية التي جسّدها الشهيد الصدر في حياته بخلقه وخلاقه جعلت السائرين على نهجه والمرتبطين به يحيون ذكراه، وينشرون مآثره، باعتبارها خير أُسوة يتأسّى بها الناس بعد استشهاده.
فإحياء الذكريات التي تمثّل منعطفاً بارزاً، وتحوّلاً نوعياً في حياة الأُمم، أمر طبيعي لأنّه نابع من ذات الإنسان وعقله الواعي المفكر، ومتّصل بفطرته التي فطره الله عليها مؤمنا بالربوبية دون تعليم.
إنّ الأيّام لا تخلد ولا تتصف بالتميّز والتفرد إلا لوقوع الحوادث العظيمة فيها. وأيّ حادثة في عصرنا الراهن أعظم من استشهاد هذا العلم الخالد الذي تحدى الظلم والطغيان ليقوم بتصحيح مناهج الشريعة لكي تتواءم مع العصر المتحرك دون أن تتهم بالرجعية والتخلف، ودون أن تنجرف بقوة الأهواء ونوازع الشر التي تريد تغيير وجه العالم وقيمه لتصب في صالح مشروع التخريب الكبير؟
 
وهنا أقول لمن يعترض على إحياء هذه المناسبة العظيمة والفاجعة الأليمة: إننا حينما نحيي مناسباتنا العظيمة إنما نعتقد بأنّ في إحيائها الأجر والثواب، وأنّها من مصاديق تعظيم شعائر الله، فعقيدتنا  تؤكّد على إقامة مراسم العزاء على الميّت، وذلك بالحضور في تشييع جنازته، وإقامة مجالس يقرأ فيها القرآن، ويهدى ثواب القراءة إلى الميّت، وكذلك الذهاب إلى القبر وقراءة القرآن عنده، وإهداء القراءة إلى صاحب القبر، وعمل الأعمال الصالحات، وإهداؤها إلى روح الميّت.ولذا انتهز هذه المناسبة لأذكر الشباب المؤمن من أبناء الشهيد الصدر بضرورة قراءة القرآن ولاسيما سورة الفاتحة وإهدائها إلى روح شهيدنا الطاهرة في كل فرصة فيحصلون على الأجر والثواب ويعظمون شعائر الله
 
إن من أفضل الأعمال المجتمعية وأرقاها هي تلك التي يتسع مداها ليضم أكبر عدد من الناس، ولذلك تباينت المجتمعات والعقائد والأديان في مناهجها لتوفير فرص زمنية أو مكانية للأعمال الجماعية التي تُخرج الأمة من رتابة الحياة إلى حركية العيش، أو لتوفر لها السعادة الإيمانية التي تلهب مشاعرها وتحيي موات الروح وتنشط منابع الإيمان فتستعيد العقيدة عافيتها في نفس المؤمن والمجتمع.
 
إن إحيائنا لمناسبة ذكرى استشهاد الصدر المقدس يجب أن يتحول من نمطية ما تعود الناس عليه في مناسباتهم إلى موعد سنوي لتجديد العهد مع الرب الرحيم أولا؛ بوجوب طاعته والالتزام بأوامره واجتناب معاصيه. وتجديد العهد مع الإمام الغائب المنتظر (عج) ثانيا؛ بأننا رغم المحن والإحن والتآمر والدسيسة سوف نبقى جنوده المنتظرين  قدومه الشريف وإننا على العهد باقون في أخلاقنا .. في قيمنا .. في طرائق تعاملنا مع الناس .. في نظرتنا إلى الحياة وإلى المستقبل. وتجديد العهد مع روح المولى المقدس ثالثا؛ بأننا لن نغفو ثانية بعد أن صحونا على يديه ورفعت الغشاوة عن عيوننا وأبصرنا شمس الحقيقة التي كانت مغيبة عنا
 
إن إحياء المناسبات الدينية ومنها مناسبة استشهاد الإمام الصدر قدس سره تعتبر محطة للتزود النفسي والروحي، وهي دعوة للحياة .. للإيمان .. للثورة .. للحرية للثبات على المبدأ.. للتصدي للمتجبرين وقتال المحتلين. ولذا يجب على الشباب المؤمن الناهض أن ينهلوا من عبق هذه الذكرى ما يعينهم على تقويم سلوكهم وتنمية مداركهم وتقوية إيمانهم وشد عزيمتهم لكي يصبحوا زينا له لا شينا عليه، فالشهيد الصدر حينما ألمح أكثر من مرة بأنه سيعيد حساباته إذا لم تخترق إطلاقة الغدر رأسه الشريف كان على يقين أن السلوك القويم والمدارك العالية والإيمان الثابت والعيون المفتوحة هي سبل السعادة الأبدية، وهي التي تستقطب الناس وتقربهم.
 
بهذه القيم والمبادئ نجح الشهيد الصدر  في استقطاب الشارع العراقي بملايينه الغاضبة ونظمهم في مشروع الإصلاح والتغيير الكبير الذي عصف بمرتكزات السلطة الغاشمة وأجهض أطروحاتها الفكرية والسياسية. 
وبهذه القيم التي زرعها فينا الشهيد الصدر ممكن أن نهزم المحتلين والطغاة والمتكبرين والطائفيين والتكفيريين حتى ولو أصبحنا جميعنا مشاريع للشهادة الدائمة فاستشهاد الإمام الصدر كشف النقاب عن وجه السلطة البشع وعرى شعاراتهم وحملاتهم الإيمانية الكاذبة، فتحول من إنسان مغدور ختلا إلى مؤسسة ربانية عظيمة وجامعة إيمانية كبيرة خرجت ملايين المناضلين المؤمنين المنتظرين، الذين أصبحوا عنوانا للتضحية الحسينية والتحدي الكبير تحت شعار (كلا.. كلا يا شيطان.. كلا .. كلا للظالم)
وعلى جميع المسلمين ولاسيما أتباع أهل البيت الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة تحت شعار (التقليد لواحد والولاء للجميع) فمن الإجحاف أن نوقف ولاءنا على من نقلد من العلماء الأعلام ولا نهتم بالآخرين.
 
هنيئا للسيد المولى المقدس لأنه حقق أمنيته الكبرى وصحت حساباته وتحققت نبوءته وفاز بالشهادة ونال رضا الله سبحانه وتعالى وذلك هو الفوز العظيم، ولكننا أيها الأحبة فقدناه مع حاجتنا العظيمة له، وافتقدناه في أحلك الظروف التاريخية، كنا نتمناه بيننا ليصرخ بوجه أمريكا التي أرادت إذلالنا (كلا .. كلا أمريكا.. كلا .. كلا إسرائيل).  ونحن على يقين أن روحه الطاهرة تنظر إلينا من عليين وترقب حركاتنا وسكناتنا فلنظهر جميعنا أمامه بالمظهر الذي يحبه فينا وينتظره منا؛ ولنكن جميعا ثوارا وبناة غد أفضل للإنسان وحماة للدين الذي ارتضاه الله لنا ومثالا للشرف وعزة النفس والإباء ؛ ولنكن صدريين بأخلاقنا بقيمنا بسلوكنا بعزة أنفسنا بجهادنا برضا الله والناس عنا.
سلام على شهيد العصر .. سلام على الروح الطاهرة .. سلام على محيي الجمعة
سلام على من فتح العيون واستنهض الهمم وأحيى مواتنا في ذكرى استشهاده الرابعة عشر.
  
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=22533
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16