• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الجزائر من خلال جنازة رئيسها .
                          • الكاتب : معمر حبار .

الجزائر من خلال جنازة رئيسها

 تُعرفُ الأمم من خلال الجنائز التي تُقامُ لأبنائها، وتُعرف مكانة من حُملَ على الأكتاف من خلال مراسيم الدفن التي أقيمت له.
 وسيكتب التاريخ، أن الجزائر أقامت في ظرف 06 أشهر جنازتين رئاسيتين، الأولى للرئيس السابق أحمد بن بلة في أفريل 2012، رحمة الله عليه، والثانية اليوم في أكتوبر 2012 للرئيس السابق، الشاذلي بن جديد، رحمة الله عليه.
 وقد قال قائل: إن مثل هذا يحدث لدى ملوك وسلاطين العرب !، فكانت الإجابة بالرفض القاطع، لأن مايحدث هناك جنائز عائلات ولا علاقة لها بجنائز الدول، فالأخ يدفن أخاه، والأب يدفن ابنه، وكذا الصهر والقريب.
 وما ميّز الجنازة الرئاسية التي أقيمت للشاذلي بن جديد، أن وزير خارجية المغرب الشقيق حضر التشييع من بدايته لنهايته، وهذا موقف يُحسب للدبلوماسية المغربية، ولم ينسحب الوفد المغربي كما فعل سابقا مع جنازة أحمد بن بلة، رغم وجود نفس السبب.
 والسلطة الفلسطينية أخطأت، حينما لم يحضر محمود عباس شخصيا وأرسل من ينوب عنه، رغم كلّ ماقدّمه الشاذلي بن جديد للقضية الفلسطينية، ويكفي أن الجزائر لم تتدخل لصالح طرف فلسطيني ضد الآخر، ولم تستغل هذا ضد ذاك، ويعتبر هذا التصرف من الأخوة في فلسطين، نكرانا لأرض شهدت ميلاد دولة فلسطين.
 وللمرة الثانية على التوالي، تغيب ليبيا الجديدة عن حضور تشييع جنازة الشاذلي بن جديد، كما غابت من قبل عن جنازة أحمد بن بلة.
 وللمرة الثانية على التوالي، تقام الجنازة الرئاسية دون حضور أيّ مبعوث فرنسي رسمي، فوجب التأكيد على ماقيل في الجنازة الأولى، ياليت فرنسا لاترسل أحدا في حياة أو ممات.
وللمرة الثانية على التوالي، يلقى الرئيسين السابقين ربهم وهم على أرض الوطن، معزّزين مكرّمين بين الطبيب والأهل والولد، لهم الحرمة أحياءً وأمواتاً، بينما دول أخرى تعاقب رئيسها بحفرة في ظلمات الرمال، وأخرى تتعهد أن لاتقيم له مراسيم الدفن وهو على سرير المرض، وآخرون أقسموا أن لايكون لرؤسائهم قبرا في موطنهم الأصلي.
شيّع جنازته الرياضي الذي تألق في عهده، وبكاه عالم الدين الذي أمر ونهى دون قيد، والمفكر الذي انفجرت قريحته، والصحافي الذي تعددت وسائله، والشاب الذي رفعت عنه القيود، وأهل الكتب والمجلات الذين قدمت لهم مايرغبون فيه بالمجان، والإنسان العادي الذي افتقد الأمن والأمان بغيابه، والوفرة وانخفاض الأسعار بفقدانه.
رحمة الله عليك ياصاحب القامة والمشية، وأسكنك الفردوس الأعلى، ونسأل الله لك أن تدخل الآخرة سالما، كما خرجت من دنياك سالما.  
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=22990
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 10 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19