• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تناسخ تجربة المعارضة في السلطة .
                          • الكاتب : جواد البولاني .

تناسخ تجربة المعارضة في السلطة

  لا توجد مقارنة بين المعارضة والسلطة وهناك بكل المقاييس والحسابات هوة شاسعة بين الاثنين،وليس بجديد ان يصل المعارضون الى سدة الحكم لكن لم يحدث هذا من قبيل الصدفة بل في اغلب الاحيان بالثورات اوانقلاب عسكري او بالانتخابات في عصر الديمقراطية، لكن المقارنة تحصل عندما ينتقل المعارض الى تولي السلطة بنفس عقلية المعارضة،هذة العقلية السياسية التي بقيت على حالها بدون تغيير لتصبح سبب كل ما حصل من اخفاق خلال سنوات اعقبت تغيير النظام في العراق الجديد من الدكتاتورية الى الديمقراطية،والتي لم تتلخص بانهاء نظام الحزب الواحد ،بل كان اكبر التحديات بناء دولة المؤسسات التي تعاني من قصور سياسي في الاداء السياسي، سببه انغلاق العقلية السياسية على فترة معينة لم تتعدها الى المرحلة التي تليها،

الاتهام ليس موجها الى قائمة او حزب بعينه من اطراف المعارضة التي ربحت المعركة مع النظام السابق وان لم تتدخل بها عام 2003 عبر معادلة التدخل الاجنبي واحتلال العراق،لكن الغريب ان امراض المعارضة لم تشفى منها ،وما يؤخذ عليها غياب كامل للمشتركات ولا وجود لعبارة التقارب او حتى التفاهم بين احزاب المعارضة التي انتقلت بكامل صفوفها الى ممارسة السلطة او كواليسها،بل لعل القاسم المشترك بينها ان اجنداتها الحزبية مختلفة اذا لم تكن متقاطعة،هذة العلاقة لم تكن ولم ترقى الى مستوى الثنائية في التعامل بل الازدواجية،وتناسى القائمون على الامور ان تراكم التجارب السابقة هي من يحكم العلاقة بالتنافر او التقارب بين السلطة والمعارضة،وهما مقعدان يمكن للطرفين تبادل الادوار فيهما لسبب او لاخر بغض النظر عن كونه داخلي او بتاثير او تدخل دولي،وما يؤخذ على الكثيرين من ساستنا اليوم انهم يبقون عيونهم واذانهم  مفتوحة على المواقف والتصريحات، لكن عقولهم مغلقة على افكار وتجارب الماضي دون محاولة لفهم تغير المراحل والمواقع مثلما تغير النظام السابق الذي قسم النخب السياسية الى اتباع ومعارضين وبقيت هذة الخارطة حتى بعد رحيله بسنوات وزمن لم يفلح في تقريب الاضداد الا بالمجاملات فقط،

المعارضة العراقية السابقة  حينما انتقلت الى كرسي السلطة اهملت ملايين العراقيين المنسيين الذي عانوا الامرين حينما رزحوا تحت حكم النظام الاستبدادي السابق ل 35 عاما ،وكانوا ينتظرون الحرية لكنهم صدموا حينما انتخبوا احزاب معارضة كانوا يعقدون امالا عريضة عليها،واثبتت الايام بالتجربة ان المعارضة التي كانت معارضة  لم يكن لديها برنامج لبناء الدولة او لتغيير نظام الدولة عندما تسلمت زمام الامور،ولم تنصف هولاء الذين دفعوا ثمنا غاليا للمغامرات والحروب العبثية،بل ضل الموضوع حكرا على الارتجال والتجربة في ادارة الامور طيلة تسع سنوات خلت،

اكثر العراقيين مازالوا خارج الاهتمام بل ان اكثرهم  لم يتذوقوا طعم التغيير كنتيجة طبيعية للاداء غير الموفق وتعارض الروى والتشنجات والانفعالات التي تصدر من هذا الفريق السياسي  او ذاك وضل العراقيون منسيين بدون تنمية سياسية كانت او اقتصادية،والتساؤل الذي بقى مفتوحا هل الفشل في انضاج الاداء السياسي بسبب الاخفاق ابان فترة المعارضة ام بسبب غياب التجربة والحنكة السياسية في مرحلة ممارسة السلطة؟.

 وفي بلد متعدد الاثنيات والاعراق مثل العراق يمكن ان يتغير الزمان ويصبح كل شيء ممكنا وقابلا للتغير لكنه ليس تغييرا في الوجوة والمناصب والعناوين بل تغيير المضمون والفكرمع الحفاظ على الهوية الوطنية،وهذا يعني ان مرحلة ممارسة السلطة او صناعة القرار لا تعني خلع رداء المعارضة والقدوم من المنفى الى بغداد،بل تحتاج الى ادراك لعمق وحجم وثقل المسؤولية التي تفرض على السياسي اسلاميا او ليبراليا او يساريا ان لا يتقن فن الخطابة فقط، بل عليه ان يسعى لفهم الاخر وهذا يتطلب ابقاء عقليته متفتحة لقبول هذا الاخر،ربما يمكن حينها حرق المساحات بين المسؤول ومن يعارضون مشروع التغيير في العراق، الذي يمتلك كثيرا من الخيرات لكنه يفتقر الى عقلية قيادة تستوعب الاخرين وتحتويهم،




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=23269
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 10 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19