• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حب الوطن .
                          • الكاتب : فاضل عبود التميمي .

حب الوطن

  " حب الوطن من الايمان " والايمان لا يكتمل الا بحب الوطن .. لأن الحب الصادق إلى الأوطان، هو الذي يدفع الإنسان إلى الإيمان ؛ أن وطنه يستحق أن يكون في مقدمة ركب الشعوب والأوطان..

    فالوطن ليست أرضاً بلا روح، بل هو الروح الممزوجة بحب الأرض والبشر، ومن يكره أبناء وطنه مهما كان سبب الكره، فهو في حقيقة الأمر لا يحب وطنه، بل يحب نفسه وأناه، ويبحث عن وطن بمقاسه هو فقط.. بينما الأوطان هي القلب الكبير لكل أبنائها.. وإن من ينتمي إلى هذا الوطن ينبغي أن يحترم ويحب وفق مقتضيات الوطن والمواطنة..‏

    فالعلاقة بين الوطن والمواطن علاقة عميقة، فحب الوطن يقتضي بالضرورة حب المواطن، والمواطن لن يتصف بهذه الصفة دون وطن يجمع جميع المواطنين.. وإن الكثير من المشكلات القائمة في العديد من البلدان هو من جراء الفصل وعملية التفكيك بين الوطن والمواطن.. فتجد الإنسان الذي يمارس عملية التفكيك يصدح بحب الوطن ويتغنى به ويدبج القصائد والمقالات في الوله والعشق لهذا الوطن.. ولكنه ولاعتبارات عديدة لسنا في صدد بيانها، لا يصون حرمة شريكه في الوطن، أو لا يعطيه الأولوية في فرص العمل والتشغيل.. فالعشق إلى الوطن لم يتحول إلى إستراتيجية ومشروع عمل لديه.. فالوطن بالنسبة إليه هو عملية الأخذ، لأن العطاء إلى الوطن وحمايته، يعني على المستوى الفعلي هو العطاء إلى المواطن وحماية مصالحه المختلفة.. فالذي يحترم وطنه ينبغي له أن يحترم أبناء وطنه.. وإن عملية التفكيك والفصل في عملية الاحترام، هي بوابة المشاكل والأزمات على أكثر من صعيد ومستوى..‏

    وعليه فإن حب الوطن والالتزام بقضاياه ومصالحه العليا، ليس مجالا للمزايدة بين مكونات الوطن، بل هو مجال للمنافسة والقيام بخطوات ملموسة في حماية الوطن والمواطنين بعيداً عن النزعات النرجسية والشوفينية..‏

    فالأوطان لا تحمى بالمزايدات الجوفاء، بل بالعمل والإنتاج والتنمية والبناء العلمي والاقتصادي.. فكل خطوة ومبادرة في هذا السبيل هي حماية للوطن ومصالحه.. فمن يحب وطنه ويعمل على حمايته من الأخطار، لا يعطل معاملات المواطنين في الدوائر الحكومية، من يحب وطنه ويعمل على حمايته، يمارس عمله على أكمل وجه دون تسيب أثناء الدوام الرسمي.. ومن يحب وطنه لا يفضل الأجنبي على ابن وطنه.. ومن يحب وطنه لا يتعدى على الممتلكات العامة.. ومن يحب وطنه لا يهرب أمواله إلى الخارج، بل يعمل على استثمارها في داخل وطنه..‏

    لأن علاقة  الإنسان بوطنه هي علاقة صميمية، .. فنحن مهما كانت الصعوبات لن نضحي بوطننا من أجل مصالح الآخرين، لأنه ببساطة شديدة هو الوطن الذي لا نعرف بديلاً عنه..‏

    فالإنسان مهما كانت مشاكله وصعوباته الأسرية والاجتماعية، فإنه لن يضحي بأمه، وعلاقة الإنسان بأمه، لا تحتاج إلى مزايدة أو ادعاءات من هنا أو هناك.. كذلك هي علاقة الإنسان بوطنه هي قائمة على الحب وهذا الحب موجود في داخل قلب الإنسان وروحه، هذا على المستوى العاطفي والقلبي، والإنسان حينما يطالب بتحسين أوضاعه أو تطوير أحواله، فإنه لا يطالب بأشياء مناقضة إلى حبه إلى وطنه أو مواطنيته.. بل على العكس من ذلك تماما، إذ إن الإنسان الذي لا يعرف لوطنه بديلاً، هو الذي يسعى دائما إلى التطور والتقدم، لأنه يحلم ويأمل أن يكون وطنه هو أفضل الأوطان، وأن يكون شعبه هو أفضل الشعوب..‏

    وفي سياق المحافظة على مقتضيات الشراكة الوطنية أود التأكيد على النقاط التالية:‏

    ليس من الشراكة الوطنية في شيء، أن يسمح الإنسان لنفسه في التعدي على حقوق وعقائد المواطنين الذين يشتركون معه في الوطن والمصير..‏

    فمن حق أي مواطن أن يقبل أو يرفض قناعات وأفكار المواطن الآخر، ولكن ليس من حقه أن يتعدى عليها.. فلا تنسجم فكرة التعدي على أفكار ومقدسات المواطنين، مع مقتضيات المواطنة والشراكة الوطنية.. والأوطان لا تحمى ببث الكراهية والعداوة بين المواطنين، مهما كانت قناعتك تجاه أفكار هذا الطرف أو ذاك..‏

    إن تعدد الآراء والقناعات عند المواطنين لا يحكم إلا في ظل سيادة القانون.. فهو الذي يضبط النزاعات والتباينات، وهو الذي يحول دون تحول التباينات إلى معاول هدم للنسيج الوطني والاجتماعي..‏

    لهذا فإننا جميعا ينبغي أن نكون تحت سقف القانون، وننضبط بضوابطه، بعيداً عن النزعات الذاتية.. وهذا بطبيعة الحال يقتضي العمل على سن قوانين واضحة لكل المجالات والحقول، حتى يتسنى للجميع حماية حقوقه المادية والمعنوية بالقانون..‏

    إننا جميعاً ومن مختلف مواقعنا الأيديولوجية والفكرية ومناطقنا الجغرافية، نعيش في سفينة وطنية واحدة.. وهذه السفينة تتطلب منا التعاون والتضامن وإصلاح علاقاتنا البينية على أسس المواطنة المتساوية والاحترام المتبادل.. هذا هو خيارنا لحماية سفينة الوطن من كل المخاطر والتحديات.. وسيبقى هذا الوطن من أقصاه إلى أقصاه، هو معقد آمالنا، وفضاء جهدنا العلمي والتنموي والثقافي..‏

    والوطني الحق هو الذي لا يعادي أبناء وطنه، أو يكرههم لاعتبارات مذهبية أو حزبية... إلخ، بل يعمل على حمايتهم وصيانة حقوقهم بعيدا عن كل المؤامرات والفتن..‏

    وخلاصة القول في هذا السياق: إن حب الوطن ليس لقلقة لسان، وإنما هو التزام بأولوية الوطن على كل الصعد والمستويات.. ومن يعتبر الوطن ومصالحه أولويته، سيعمل من أجل القبض على كل أسباب وعوامل تقدمه في كل المجالات والجوانب.. لهذا فإن علاقة الإنسان بوطنه، ليست خاضعة لمزايدات، وخاصة من أولئك الذين يعيشون خارج الوطن ويسطرون معلقات ومجلدات عن الوطن وأحواله وفي ذات الوقت يتآمرون عليه ويسعون لخرابه  ومن يحب وطنه عليه أن يعتبر أن جسده وروحه، مجبولان بحب وعشق الوطن.. يعيشون أحواله بالسراء والضراء  ومن الخطأ الذي يرتكبه أولئك  هو حينما يدفعون الأمور باتجاه مربع الاتهام، وكأنهم مانحو الشهادات الوطنية أو القابضون على مفتاح الوطن.. ونقول لهم .. نحن وإياكم زائلون لامحال ولكن الوطن باق




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=23794
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 11 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28