شهد الاعلام في العراق الكثير من التناقضات خلال مرحلة ما بين شمولية نظام الحكم وحرية النظام البرلماني وهو عمل يكاد يكون في كلا الحالين محفوفا بالمخاطر الجمة والكثيرة التي ترهق كاهل من يعملون في هذا المجال الذي يمكن تسميته بمهنة الموت فهو اما ان يقع تحت وطأة الحاكم المستبد او ان يقع رهين تهديدات العصابات المسلحة وغيرهم من المجرمين الذين يناوئون عملية سياسية ديمقراطية في محاولة منهم لإفشالها وهو امر صعب في مقاسات العمل الاعلامي لأنك تواجه سرابا عبارة عن وجود بشري يمكن تسميته بشبح الموت في أي لحظة ممكنة .
كلنا يعلم تماما ان التجربة السياسية الحديثة في عراق اليوم لا بد ان تدخل فيها الكثير من التفسيرات والاجتهادات التي تخضع في الغالب لمزاجيات مختلفة تماما بين الجهات الاعلامية وكل المرتبطين فيها وفقا للمتغيرات والطموحات الذاتية التي ترافق العمل السياسي وهذا ما جعل عملية النقد لاذعة في كثير من الاحيان لكل من يعمل وفقا لمصداقيته ومهنيته في مجال العمل الاعلامي وهذا ما حصل بالفعل مع الاعلامي والكاتب اليساري الدكتور عبد الخالق حسين كونه تعامل بمهنية عالية جدا مع الظروف التي تحيط بالعراق سواء التحديات التي يمر بها على مستوى الداخل او على مستوى الخارج وما تمر به المنطقة بعد اشتعال ما يسمى بالربيع العربي وآخرها في سوريا التي تعتبر نارا مشتعلة بالقرب من حدودنا الجغرافية كونها تسبب خطرا محدقا بالنسيج الاجتماعي العراقي بفعل التدخل الاقليمي في تلك المشكلة من اجل ايصال نيران الازمة الى العراق.
لقد تعرض الاخ الكاتب الدكتور عبد الخالق الى هجمة شرسة غير طبيعية من النقد اللاذع والتهجم من قبل عدد غير قليل من البعثيين الذين لم يعجبهم المنهج الوطني الذي يتبعه في مقالاته ومقابلاته التلفزيونية من خلال حرصه على العراق الجديد والحفاظ على النظام الديمقراطي في البلد على الرغم من تحفظه وانتقاده للاخطاء التي ترافق عمل السياسيين نقدا بنّاءا يمثل الحرص والخوف على بلده العراق في حين ان الاغلبية التي تتصدر الحكم اليوم هي من الذين ينتمون الى الاحزاب الاسلامية وهي تختلف عن توجهاته اليسارية التي آمن بها ان تكون قدرا للعراق ولذلك هناك بعض النقد وجهه اليه قسم من اليساريين الذين اعتبروا ذلك خروجا عن المبادئ اليسارية ومنهجية تختلف عن منهجيتهم ،،،
أنا في الحقيقة لم أعتد أن اكتب للحديث عن شخص معين إلا ما ندر ولكن معرفتي الشخصية بالدكتور عبد الخالق ومتابعتي لكتاباته الجمة اجد فيها الاخلاص للوطن دفعني للكتابة دفاعا عنه لأنني أجد في فيه روح الوطن والمواطنة الحقيقية والاخلاص والحرص على كل ما يدعم بناء عراقنا الحبيب ، ألمس عنده كل الحرص والخوف على الديمقراطية الناهضة في العراق وبناء العراق الجديد ، أجد في داخله الموقف الوطني الشريف تجاه التدخلات الخارجية وخصوصا من قبل دول الجوار والاقليمية ايضا فهو لم يجامل هذه الدولة او تلك ولا هذا الامير او ذاك الملك ولا رئيسا او مسؤولا آخر بل حتى المسؤولين في العراق لم يجاملهم على حساب النظام الديمقراطي وحقوق الفرد والوطن ، فتجده يهاجم بشدة وبشكل موضوعي من يتآمرون على العراق ويسبحون في اجندات بعض الدول العربية واعتبروا انفسهم جنودا طائعين لخدمة عودة الوجوه الكالحة من لملوم البعث المتناثر في بعض العواصم العربية.
إن نقد الاخطاء التي يقوم بها بعض السياسيين في العراق من الامور الواجبة التي تقع على عاتق الاعلام المهني وتوجيهه بالشكل الصحيح وليس التأجيج والتشكيك والتحامل الذي تمارسه بعض وسائل الاعلام سواء العراقية منها او العربية وقد لاحظنا ذلك بقوة من خلال الاعلام العربي وهو يباشر الطعن بالعملية السياسية بشكل واضح منذ تغيير الوضع في العراق بعد العام 2003 والى اليوم وقام بخلط الاوراق واضفاء الشبهات وقلب الحقائق .
لذلك عندما يقول الكاتب عبد الخالق انه من الواجب على المثقف التصدي للأكاذيب وحماية الرأي العام من التضليل والكذب والخداع فهو يشخص الحالة التي يمر بها العراق فوقف مدافعا عن الحقيقة بكل تجلياتها ثم يتطرق في نفس حديثة الى جريدة الطيف العراقية بالقول انه يدافع عن رئيس الوزراء العراقي لأن (محاربة أعداء العراق للمالكي تجعلني أقف معه وعلينا ألا نتخلى عنه كما تخلينا عن عبد الكريم قاسم) وبالفعل أنا أتفق معه على ذلك لان الكثير من الدول باتت اليوم تحاول بكل الوسائل والطرق زعزعة الوضع في العراق وتهميشه في الاوساط الدولية فكان موقفهم مخزيا تجاه رئيس الوزراء والدفاع عنه هنا لا يعني ان المسألة شخصية وانما هو رمز يمثل دولة وشعب .
ربما يختلف البعض معي عندما اتحدث بتلك الايجابية عن كاتب سياسي له تاريخ طويل وهو يعيش اوجاع الامة وهذا الامر طبيعي عندما نتعامل بالرأي والرأي الآخر فالمهنية هي الصفة التي تطغى على عمل الدكتور عبد الخالق حسين ومهنة الاعلام ورسالته بحد ذاتها تجد طريقها الى المتلقي من خلال قلمه وفكره المعتدل المتوازن.
|