• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ظاهرة زياد بن ابيه تاريخيا مهنية ام نفاق؟ .
                          • الكاتب : د . ميثم مرتضى الكناني .

ظاهرة زياد بن ابيه تاريخيا مهنية ام نفاق؟

ذات مرة كنت في حديث يخص التلون وقابلية البعض (ولاادري مامقدار هذا البعض)  من مجموع  مجتمعنا العربي و قابليتهم  في تحويل الولاء وتوجيهه تبعا لبوصلة المصلحة والمنفعة بصرف النظر عن عدالة او نزاهة او صدقية الطرف الذي ينحازون اليه في كل مرة وكانما قدحت في ذهن احد اصدقائي الذي جر الحديث لزاوية اسرية تعمق فيها في سرد تجربة عاشها ضمن محيطه العشائري حيث قال  لدينا (والكلام لصديقي) فرع من عشيرتنا يملكون قابلية عجيبة على تغيير الولاء وفق بارومتر المصلحة وهذا ليس حدثا عارضا بل انها مسيرة تلقفها الاحفاد عن الاباء واباء الاباء واستطرد يقول بانه واثناء الغزو البريطاني للعراق وبمجرد تاسيس قوات (الليفي) وهي ميليشيات محلية عراقية تاتمر بامر سلطات  الاحتلال البريطاني تعنى بجمع الضرائب من السكان المحليين بمجرد تاسيسها قام بنو عمومتي الاوائل بالانخراط بهذه القوات وبعد ذلك وبعد تاسيس المملكة العراقية  جهاز الشرطة العراقي انخرط هؤلاء بجهاز الشرطة للمملكة الفتية ومارسواوشاركوا  من خلال الشرطة السرية الوان التعذيب ضد الناشطين الشيوعيين انذاك حتى قيام ثورة تموز عام 1958 وبعد الثورة و حال بروز الشيوعيين كقوة شعبية ذات قاعدة جماهيرية التحقوا بالحزب الشيوعي ظاهريا وبمجرد تغير موازين القوى واعتلاء  القوميين  السلطة تحولوا ايضا الى قوميين حتى عام 1968 عام وصول البعث الى سدة الحكم في العراق فانهم حولوا وجهة ولائهم هذه المرة نحو حزب البعث العربي الاشتراكي ليصبحوا بقدرة قادر  بعثيين بل ومن غلاة البعثيين ويتذكر صديقي (والذي يحمل الفكر اليساري) بانه وقبل مغادرته للعراق في منتصف التسعينات بانه انتقد السلطة في حفل عائلي ضم الى جانبه بعضامن ابناء عمومته من الفرع المذكور فما كان من احدهم الذي كان يحمل درجة حزبية عالية في حزب البعث الا ان وبخه وهدده بان هذا اخر انذار له وبخلافه فانه سيبلغ السلطات عن تجاوزاته على الحزب في أي مناسبة لاحقة ومرت الايام وجاء يوم التاسع من نيسان من عام 2003 وسقوط نظام صدام على يد الاحتلال الاميركي ,يقول صديقي لم اترقب شيئا لحظةئذ الا مصير بل ميول ابن عمي البعثي الاصيل الذي هددني وكان من جملة من تسببوا برحيلي مكرها  من العراق ولشدةما كانت المفاجئة  بالنسبة لي عندما عدت للبلد ايام الحاكم الاميركي بريمر  وعلمت بان ابن عمي الغيور على مبادئ البعث  يعمل بصفة (منسق) مع القوات الاميركية ويتقاضى اجره بالدولار الاخضر  انتهى كلام صديقي , والذي نقلته حرفيا بدون زيادة او نقصان ولابد هنا من التمييز بين ازدواج او تعدد الشخصية (او فصام الشخصية ) وهي حالة مرضية يتصرف خلالها المريض على نحوين متناقضين الى حد التعارض مع غياب شبه تام للذاكرة الشخصية عن كل مايربطه  ب الشخصية الاخرى ,وهي حالة مرضية تستلزم عرض المريض  على طبيب نفسي هذه الحالة تختلف  اختلافا بينا عن الشخصية الانتهازية المتقلبة الميول والتي تتجه نحو أي قرار من شانه تعزيز مكاسبها وتعظيم منافعها بصرف النظر عن القيم والمثل ,وتاريخنا القديم والحاضر يعج بشخصيات تنقلت بين المعسكرات المتناقضة حسب المصلحة , وعلى راس هؤلاء تبرز شخصية زياد بن ابيه وهو احد الولاة الذين استعملهم الامام علي بن ابي طالب (ع) اثناء فترة حكمه بصفة وال على البصرة وفارس لما يتمتع به  زياد بن ابيه من امكانيات وكفاءة ادارية ولكنه سرعان ماانتقل الى مناصرة معاوية بل واكبر من ذلك فان معاوية اصدر مرسوما يلحق زيادا بنسب ابيه ابي سفيان ولقد شهدت فترة حكمه واليا للعراق حملات من التصفية والتضييق لانصار علي (ع) لم يشهدها احد قبل ذلك من اعمال قتل وتعذيب وتشريد ومصادرة ممتلكات ولطالما استغل صفته السابقة في اثناء خدمته في فترة حكم علي(ع) لتحري اثر انصار علي وقمعهم بابشع الصور ولربما سائل يسال عن (راس النفاق)عبدالله بن ابي بن سلول وهو احد وجهاء يثرب الذين كانوا يمنون النفس بالتتويج على مملكة يثرب قبل ان يهاجر النبي (ص) ويعلن قيام دولته التي اجهظت هذا المشروع ماجعل ابن سلول يعلن اسلامه مكرها فيما ابقى صلاته السرية مع كل القوى المناهظة للاسلام وعلى راسها مشركي قريش توثبا للحظة الانقضاض على دولة الرسول(ص) ونزلت سورة كاملة في القران بحق هؤلاء ليس شخصيا بل بمعنى التوصيف والتقبيح لظاهرة النفاق عبر العصور , نعم ان ظاهرة النفاق يفهم منها اعلان شئ وابطان شئ اخر حسب المنفعة التي تستلزم الاعلان او الاخفاء وغالبا بل ودائما تكون المنفعة الاكبر في الاخفاء فيما يبقى الولاء الحقيقي للوضع السابق  وهذا مايفسره سلوك ابن سلول او وجهاء الكوفة الذين ارسلوا الرسل للحسين (ع) يطالبونه بالمجئ ومن ثم كانوا قادة الجيش الذي حاصره وقتله ,اما شخصية زياد بن ابيه فهي تشي بشئ اخر من خدمة السلطة وغالبا ماتكون مفردة الولاء وليست موزعة على ولائين ظاهري تكتيكي وداخلي حقيقي والذي نجده في حالة النفاق المحض انه ولاء للحاكم القوي الذي يمسك بالسلطة ايا كانت هويته ونهجه  دون أي التفات للعدالة او أي تاثر بالميول العاطفية, المصلحة والمصلحة فقط انه لون من الطاعة للسلطة يبرره اصحابه بانه التزام بالمهنية والحرفية  والانضباط وهو موقف طالما  لمسناه في  قادة الجيوش النظامية الذين ينفذون اوامر الابادة الجماعية التي تناقض العرف اثناء المعارك دونما وازع اخلاقي وعندما يقدمون للمحاكمة يتحججون بذريعة الالتزام العسكري واطاعة الاوامر وهو ماشاهدناه اثناء محاكمة الجنرالات النازيين في نورمبيرغ او محاكمة قادة الجيش العراقي المتورطين في جرائم الانفال , ونفس التبرير سمعناه من الطيار الاميركي( بول تيبيتس ) الذي اسقط القنبلة الذرية على هوروشيما وتسبب بقتل مئات الالاف من الابرياء والمدنيين العزل والذي مات ولم يشعر باي وخزة ضمير على فعله باعتبار انه قام بما كان مفروض به فعله دفاعا عن امته  ان العقيدة العسكرية تعني الطاعة للاوامر وفق مايحقق النصر على العدو مع تحديد للهدف من الدفاع وهو صون الامة من الخطر الخارجي المحدق بها مع حفظ الامة من كل شر على ان تكون هذه العقيدة وفق اخلاق الفرسان وهو عدم استهداف الضعفاء او قمعهم والترفع عن كل مايخل باخلاق الفرسان وهذا ماتنص عليه  مناهج كل الاكاديميات العسكرية في العالم , نتمنى من الباحثين في مجالات علم النفس وعلم الاجتماع دراسة مفهوم الطاعة المهنية وفق معايير اخلاقية لاتتناقض مع حقوق الانسان




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=24218
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 11 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28