إن الجماهير التي استودعت ثقتها وأصواتها المقدسة كانت تنتظر من البرلمانيين والمسؤولين العطاء الإنساني الثر والولاء لكل المسحوقين والفقراء والمضطهدين والبؤساء والمحرومين والمساكين والمعوزين واليتامى والأرامل والثكالى وأولاد الشهداء وأبناء السبيل والموظفين والعمال والكسبة وأصحاب الجنابر والمتقاعدين الذين لن يحصدوا من الحكومات سوى الوعود والشعارات الفارغة والادعاءات المدغدغة للمشاعر.
وعليه كانت النتيجة الحتمية هي سقوط أكثر الذين انتخبناهم في بئر العدم لأنهم لن يقدموا للآخرين ما يستحق الذكر , فالويل والثبور والضياع لكل عضو برلمان ومسؤول تاجر بأسماء الناس وأغرقهم بأماني وآمال عصفت بها الريح .
أقول :- أن هذه الأيام العصيبة التي تشهد اختلافات وخلافات ونزاعات موجعة تقف الجماهير العراقية وقفة غارقة بتأمل وترقب وتساؤلات مشروعة .
أولا : ماذا يجني المواطن من هذه الاختلافات والتصريحات الرنانة ..؟
ثانيا : هل فكر البرلماني بان يأتي لنا بأشياء جديدة ترضي ضمائر المتوجسين ..؟ ثالثا :ماذا سيقدم المسؤول من عطاءات وانجازات ومكاسب ترضي طموح المتعطشين إلى حياة حرة كريمة .. ؟ .
فيا أيها المختلفون المتنازعون : ثقوا بأنكم في امتحان عسير وفي الامتحان يكرم المرء أو يهان , وإنكم لتعلمون قبل غيركم بان الجماهير تحترم وتقدس المسؤول والبرلماني الذي يعطي ويبذل قصارى جهوده من اجل المتعبين والمنهوكين والفقراء الذين افترشوا بساط العوز والحرمان والتحفوا أغطية المواعيد التي انهال بها عليهم بعض الفاشلون في عملهم .
فطوبى وهنيئا لمن يأخذ العبرة من أولئك الذين أثبتت الأيام والواقع بأنهم كانوا لا يفكرون إلا في مليء جيوبهم وتحقيق مصالحهم ومصالح الذين ينضون تحت لوائهم من الأقارب ومن الذين يجيدون قرع الطبول في مسيرتهم ويحملون المباخر في مواكبهم .
أيها المتنازعون : نحن وانتم نسير في طريق طويل وطويل وتتساقط فيه كل الهياكل المنخورة والمحشوة بالنفعية والذاتية والمحسوبية والمنسوبية فالويل كل الويل لمن يخدع الناس ويغرر بهم وستكشفه الأيام على حقيقته , والحقيقة تستبان لكل ذي عينين مبصرتين وفاحصتين ولكل ضمير حي ينبض بحب الشعب والذود عن مصالحه وتحقيق مآربه , فالشعب يريد حقوقه المشروعة كاملة ومن دون تميز , ويطالب ويحاسب ويكشف الزيف والبهتان ويعانق الحقيقة والصدق والعدالة والحب والإخلاص والصراحة والمكاشفة .
أيها المختلفون : إذا أردتم أن تأخذوا مكانا مناسبا في قلوب الجماهير فاجعلوا وجدانكم معياركم وتمسكوا بالحق والصراحة والتضحية والإيثار من اجل المواطن العراقي الصابر , الصادق , القنوع , المصابر, المحتسب , الكادح , المضحي الذي ضاق الويلات والنكبات وقاسى الأمرين من الدمار والتدمير والخلاف والاختلاف والنزاع والإرهاب والترهيب .
فأن الأوان لركل الخلافات والنزعات والمنغصات , وحل وقت الأنشداد إلى خافق الجماهير والى تلبية مطاليبها المشروعة , فقد استفاق الشعب وعرف بواقعية الغث من السمين وميز بجدارة بين خادم الشعب وناهب الشعب وان حساب التاريخ سيكون أمضى واشد إيلاما .
أنا على يقين وثقة كبيرة بان بعضكم سوف لن يستفيد من سلبيات ومنغصات الماضي , ومن المستحيل يشمر عن ساعده من اجل حرية البلد واستقلاله ومن اجل البناء والتنمية والعطاء لهذا الشعب الجريح الذي كان يعلق أمالا كبيرة عليكم , ولكن أمله خاب عندما وجد أكثركم يبحث في بواطن قواميس اللغة عن مفردات أكثر عدوانية ومؤذية ليطلقها ويفجرها في وسائل الإعلام على زميلة في المهنة والعمل وعلى شريكه في العملية السياسية . وان هذه المعارك الإعلامية أو التصريحات الرنانة الفتنة تعد من اخطر المؤشرات التي تدل على تفكك وتمزق وحدة المكونات والائتلافات , وان هذا التفكك وهذه المعارك لن تعود ولن تؤثر إلا على وحدة الشعب ومصير الوطن . والطامة الكبرى والكارثة العظمى لحد الآن لن نرى في الأفق بادرة خير توحد بين المختلفين والمتنازعين وتنقذ الشعب من هاوية منتظرة لا تبقي ولا تذر . فقليلا قليلا من العودة إلى الوعي , والى مصلحة الشعب والوطن والمبادئ . وإننا بانتظار كل ما هو نافع ومفيد للجماهير المقهورة . والمستقبل كشاف وكل ما هو آت قريب .
* مدير مركز الإعلام الحر
majed _alkabi@yahoo.com |