أخاكَ , أخاكَ فإن من لا أخ له , كساعٍ الى الهيجاء بغير سلاح
أستهيلت مقالي بهذا البيت الشعري الجميل الذي دائما ماأردده في نفسي دون وعي مني , ربما أنه يشعرني , بالأمان , حيث ان معناه , يجعل المرء قويا ً, نعم فالنفس الانسانية , كثيراً , ما تنخدع باقوال الشعراء الجميلة في معانيها والبعيدة عن الواقع كما هو حال الامثال التي نرددها دوماً , رغم علمنا انها باتت حالة بالية وقديمة , ولن اذهب بعيدا عما قيل في صدد العلاقات الاخوية حيث قال العرب قديما ً في امثالهم المتداولة,ان اي انسان حين يشعر بألم ما,دون شعور منه تخرج من بين شفاهه كلمة(آخ) وتلك الكلمة ترجمت على انها تعني الاخ , الذي تربطك معه رابطة الدم والقرابة التي هي من الدرجة الاولى , كون ان الانتماء يكون من ناحية الام والاب او من ناحية الام فقط او الاب فقط ،
في صباح هذا اليوم الروتيني صببت جُل غضبي وثورتي على تلك الاقوال التي بات من الضروري ان نركنها في رفوف مظلمة , لقد كَذِبَ , من فسر تلك الكلمة بهذا المعنى العميق , فلو كانت حقاً تعني هكذا لكان الاخوان جميعهم شعروا باخوانهم حين يتألمون او يحزنون او يثورون ,و لكن وألف أسفٍ فان أواصر الاخوة باتت مسألة عابرة , فصار الأخ لايتعدى كونه اسم يحمل نفس اسم الوالدين او احدهما , ربما سيأتي وقت , لتنسى ذاكرتك من هم اخوانك , واية حروف تحمل اسمائهم ، أسمع أحدكم يهمس بصوت خافت ليهجوَ كلماتي تلك , لانه يرى هذا الامر , غير منطقي , نعم هكذا نحن معشر البشر , نبقى نتمسك بالكلام فقط , وبلا تطبيق لأدنى معاني العلاقات الانسانية , والا مامعنى ان لديك اخ ومحسوب عليك لكنه لايعرف عنك جزء الجزء من حياتك وتفاصيلها المعقدة منها والبسيطة , مامعنى تلك العلاقات ان لم تتخللها المشاركة في الافراح , والاحزان ؟ كم هو امر قاسٍ حين يكون لديك اخوة يحسبون عليك , ولكنهم لايشعرون بك لايفكرون بك ان كنت في وضع مرتاح او منزعج او او ، نحن نعلم ان الراحة والفرح في اغلب الاحيان يشعر بها الانسان حين يصل الى كفايته المادية ويعيش حياة الاستقرار المادي , ولكن هل لنا ننسى بان المساعدة هي ليس بالايدي فقط بل بالضحك والدموع نفرح لبعضنا ونحزن على بعضنا ,ننصهر مع بعضنا نشد من أزرنا من خلال الكلمات التي كثيرا ماتكون دواءا وبلسما لجراحات عميقة ، كل يوم نكتشف رعب الحياة حين يصل الامر بنا ان نفقد حتى مجرد سماع كلمة طيبة ما .
هناك من سيبرر كل ماقلته , فما أكثر التبريرات في هذا الزمن الغريب!!
سيكون التبرير ان الظروف العصيبة غالبا ماتكون هي العائق لهذا التواصل حيث انهم منهمكون في البحث عن لقمة العيش المرة , نعم لاشك ان مامر بنا كمجتمع يشيب له الولدان ، لكن ألم يكن فينا من يستطع ان يخلق ولو فسحة قليلة من هذا اللهاث , ان لم نكن نستطع فماهو فرقنا نحن البشر عن باقي المخلوقات , حين ميزنا الله وجعلنا في احسن تقويم وفضلنا عن سائر ها , أليس السبب هو اننا نمتلك الحس البشري المرهف , في حين ان باقي الحيوانات تكاد تقضي ليلها تتصارع من اجل ان تظفر بما تسد به احشائها ,
اظن أني لو قمت بعملية المقارنة تلك لخرجت بنتيجة مفادها أن الحيوانات أرقى منا حيث أن كل صنف منها سيآزر صنفه لدرء العدو القادم من الأصناف الأخرى من الحيوانات , أما نحن فلا, يجمعنا, صنفنا كبشر حيث جميعنا ننهش بعضنا بعضاَ كي ننال ونحصل على المزيد المزيد..
|