• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تظاهرة في طويريج .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

تظاهرة في طويريج

في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم خرج الشيوعيون المتحمسون في تظاهرة جابت شوارع مدينة طويريج وسط العراق على شاطئ الفرات ،وقد زرتها في العام 2010 ،وأعجبتني لوجود بعض الترتيبات الخدمية التي جرت فيها، لكنها مدينة تقع في مكان ملائم ليمنحها بعض الأهمية بين المدن الأخرى ، ثم إنها لقربها من كربلاء فقد إختصت بميزة مرور أعداد هائلة من الزوار في طريقهم لأداء مراسيم عاشوراء وأربعينية الحسين كل عام ،وعرفت بما إعتاد الناس على تسميتها ( ركضة طويريج ) .
بالتأكيد فأنا لم أهتم كثيرا لأسال المثقف اليساري الذي روى لي الحكاية تلك عن سبب خروج الشيوعيين في تظاهرة،وربما كان السبب في ذلك ليقيني بتعدد الأسباب وتوفرها الدائم التي تدفع الناس للخروج بمظاهر إحتجاج على هذا الحاكم أو ذاك أو هذا النظام وسواه ،كنت فقط أناقش ضيفي الشاعر المعتق بظاهرة الفشل الذي يعاني منها العراقيون بسبب سلوكيات كنا ننقدها في عهود مضت ،ثم نمارسها في العهود التي تلي دون مبالاة، ودون شعور بأن ماأدى لزوال حكام نمارسه نحن أيضا ،ونتجاهل آثاره كما تجاهلها من سبقونا في الحكم والسلطة .
يقول محدثي الشاعر ،إن هتافات المتظاهرين كان أبرزها الهتاف ( ماكو زعيم إلا كريم ، كواويد بعثية) ومعروف مالمعنى المراد من إطلاق وصف كواويد ( قواويد ) على فئة سياسية في ذلك الوقت وفي أي وقت، ويضيف إنه كان شاعرا في أول الشباب ويقطن طويريج وينتسب لها مولدا وحبا وتاريخا ،وقد مضى الى أحد مسؤولي الحزب الشيوعي هناك ،وعبر له عن إمتعاضه من إطلاق هذا الوصف،وليس لأن الموصوف يرقى على ذلك ،ولكن لأن الشيوعيين لايليق بهم أن يتلفظوا بألفاظ تعف عنها الألسن .
تتغير الأزمنة والحكام والشعوب، وتبقى الذكريات، وصنائع الناس موروثا في الكتب، أو بناءا، أو أثرا ،ومن ذلك سلوكيات الحكام والموظفين الحكوميين ،ويقول محدثي ،إن رجلا من أهالي طويريج كان يعذبني في مكتب الأمن ،وكنت أقول له،لماذا تعذبني، ألا تكتفي بتعذيب الضابط لي، والدنيا زائلة؟ولم يكن يعبأ بحديثي ،وقد مضت السنين ،ومضى رجل الأمن والضابط وحكام كثر ،وبقيت أنا وغيري نروي الحكايا التي تفضح سلوك هولاء،وهو سلوك لانريد له أن يتكرر .كان يؤلمه إنه توجه الى دائرة في بغداد ،وكان شباك صغير يطل من ورائه موظف يتلقى إستفسارات المراجعين وينظر في معاملاتهم ،وكان الشباك في مكان منخفض يضطر المراجع للإنحناء ويبدو كأنه يركع للموظف الذي يتعامل معه بمزاج برتقالي .
من روائع هذا الشاعر الكبير قوله في قصيدة نظمها من سنوات وتناقلتها الألسن في العراق ،وبلاد العرب، وهي رائعة للغاية يقول فيها :
كل البيوت على القتلى نوائحها
إلا العراق عليه نوح قتلاه
ويقول :
وللضعيف إنكسار كبته خطر
إذا تولى رقاب الناس وإمتلكا
وللزحام على الكرسي تجربة
بأن (ألف إبن آوى) دونه نسكا
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=25621
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 12 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28