• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تقطيع أوصال شاعر عراقي .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

تقطيع أوصال شاعر عراقي

 مثل كل الناس الذين يهتمون بالثقافة والأدب والإبداع وعذابات الوطن حزنت حين سمعت من صديقي الأديب محمد نوار نبأ رحيل الشاعر العراقي محمد علي الخفاجي ،وهو واحد من جيل العمالقة في الشعر العراقي ،عاش محن بلاده وعرفها وعركته الأيام العصيبة التي جارت عليه وعلى مجايليه من الشعراء والكتاب والنخب المجتمعية ،عدا عن البسطاء من الناس في ظل أنظمة عرفت كل شئ ومارسته ،لكنها أهملت وتجاهلت وجهلت فعل إحترام الإبداع وممارسته ودعم المبدعين الذين يبدعون في المعاناة ويبدعون في الموت ،وقبل ذلك يبدعون في رسم وتشكيل لوحات الألم الممض الذي يتجرعونه غصبا .
رفض الخفاجي الإنتماء لحزب البعث ،فجرى تغيير صفته الوظيفية من معلم الى موظف في دائرة ،ثم ترك العمل مكرها ليتحول الى متقاعد براتب لايلبي حاجة طفل ،فكيف بمبدع وإنسان!وفقد زوجته في أحداث 1991 ،وظل يصارع العوز والتحجيم والكبت والمنع حتى العام 2003 حين أتيحت له فرصة العودة الى وظيفته الأولى ،وكانت الفاجعة أنه بعد سنوات من الخدمة تعرض الى التنكيل من قبل (لجنة تحقق) مشكلة من قبل الحكومة خاصة بالموظفين العائدين بحسب قانون الفصل السياسي الذي يتيح عودة المتضررين من النظام السابق الى وظائفهم التي تركوها غصبا ، وقررت اللجنة أن عليه إعادة كافة الأموال التي تقاضاها كراتب شهري قبل قرار تلك اللجنة ،وطرد من الوظيفة ولم يوافقوا على إرجاع راتبه التقاعدي في حين كان يتوجب أن يشمل بقانون تكريم وتبجيل المبدعين !
لاأرغب بالخوض في إبداع ونتاج هذا الشاعر الرائع والكبير ،لكني وكالعادة أكتفي بالتعبير عن ألمي لمايعانيه مبدعون كثر مروا على هذه الديار العراقية ،وكابدوا الحرمان والجوع والمرض ،وليس من أيام السياب، وليس ختاما بالجواهري ومظفر النواب، وسواهم من فنانين وشعراء وصحفيين وكتاب وأطباء وسياسيين كبار مخلصين لوطنهم وعلماء دين كان نصيبهم القتل والتهميش على يد السلطات الحاكمة،وحتى السلطات التي تأتي على ركام الدكتاتوريات فإنها تنشغل بمشاكل لاحصر لها ولاتعرف الإنشغال بالمبدعين الذين يموتون بصمت ويرحلون بصمت.
أتذكر في هذا السياق رحيل الشاعر الكبير كاظم إسماعيل الكاطع الذي ظل يتنقل من مشفى لمشفى ،ومن مرض الى مرض، ومن عناء وبلاء الى آخر سواه ،ولم يعبأ به أحد ،ولم تأبه له مؤسسات الدولة،ولاغرابة ففي بلد الشعراء والنخيل والنفط والألم والنفاق والدجل والعهر السياسي أن تجد إتحاد الأدباء في وسط العاصمة بغداد كأنه مستوصف طبي في قرية نائية من قرى الجنوب المهمل والمقصي عن دائرة الإهتمام.
يقول الشاعر محمد علي الخفاجي في مقطع جميل من واحدة من قصائده الموغلة في الألم ،
والنخيلْ.............
يتخفف من عبئه كل عامْ
فليس جديراً به
أن تظل على متنِه سعفةٌ يابسةْ
مثلما يفعل العسكريون
ذو الرتب البائسةْ
نعم هو ذاك ياخفاجي، وأظن الحياة صارت سعفة يابسة نفضتها عن روحك وجسدك الناحل المعذب. فهنيئا لك الخلاص من هذه الدنيا الفانية السيئة.
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=25673
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 12 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28