قال الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي، وكأنه يصف ما حدث اليوم:
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل ان ينجلــــــــي ولا بد للقيد ان ينكســـر
وأخيرا ...نال الشعب التونسي ما أراد...رحل زين العابدين بن علي الذي تربع على صدر الشعب التونسي 23 عاما بدأت عام 1987 بعد ان تآمر على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بانقلاب صامت، وبتأييد القوميين. ومن ثم قام باعتقال قيادات القوميين والزج بهم في السجون. وبعد عامين قام باعتقال القيادات الاسلامية وزجها في السجون. ثم اتى الدور على العلمانيين ولحقم نفس المصير خلال التسعينات من القرن العشرين. وخلال حكمه قام بغييرات متتالية على الدستور لتؤهله للترشيح والفوز بالرئاسة عدة مرات.
بدأت الشرارة عندما قام أحد الشبان الخريجين العاطلين عن العمل-محمد بو عزيزة- بحرق نفسه اثر مصادرة عربته ومصدر رزقه. وقد ادى ذلك لسلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات وحرق السيارات والمصارف والمحال التجارية. وسقط خلال ذلك شبان آخرون.
أمر بن علي بضرب المتظاهرين بقوة، لكن ذلك لم يفت من عضد المتظاهرين الذين أصروا على مواصلة التظاهر. ثم انه قام باقالة بعض وزرائه والوعد باجراء تغييرات وتحسين الوضع الاقتصادي وتعديل اسعار بعض المواد. ولكن دون طائل. ثم انه القى خطابا معتذرا فيه عما جرى، ووضع اللوم على وزرائه، مدعيا أنه كان مضللا بشكل كبير.
لكن الشعب اصر على اقالته، هاتفا(اعتصام...اعتصام حتى يسقط النظام)و(خبز وما...بن علي لا). وبعد اقالة الحكومة، فوجئ الجميع برحيل بن علي، وقام رئيس وزرائه بالقيام بمهامه الرئاسية.
رفضت فرنسا استقباله، لكن الاخ العربي الاكبر-السعودية-وافق على استقباله.
ولنا على ذلك بعض التعليق:
1. تحقق رحيل نمر الورق خلال اقل من شهر، بدءأ من يوم 17 من كانون الاول 2010 وانتهاء بيوم 14 كانون الثاني 2011. وهو ما يسمى ربع الساعة الاخير في حياة الطغاة، من امثال نيكولاي تشاوشيسكو دكتاتور رومانيا وصدام حسين وغيرهما.
2. لم تكن ردة الفعل العالمية سريعة لما كان يحدث في تونس، على عكس ردة الفعل السريعة بخصوص احداث ايران، مثلا.
3. لم تكن تونس على اللائحة، لحصول تغيير او اضطراب. فهناك اليمن ومصر والاردن ولبنان وموريتانيا وقبلهم السودان، ثم الجزائر، كلها كانت على اللائحة. وفي ذلك عبرة كبيرة!!!!
4. كان الشعب التونسي وحيدا في تحقيق ما جرى، اذ لم يكن الظرف مشجعا، كما ان بعض الدول مثل فرنسا، كانت في بداية الازمة تقف ضد المتظاهرين، وبالتأكيد لصالح النظام. وهذا يذكرنا بقول الاديب الامريكي همنكواي(لا تقل انك اصطدت سمكة الا اذا اصطدتها وحدك). نعم، لقد حرر الشعب التونسي نفسه بنفسه. فعسى الله ان يبارك ثورتهم ويجنبها الانزلاق في مهاوي الردى! فالمؤامرة لا زالت على اشدها، خاصة من الاخوة وابناء العمومة، الذين لا يفكرون الا بما يعود به عليهم الحدث.
5. كان للنشاط الاعلامي على مواقع الانترنت، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، كبير الاثر في هذه الثورة، ربما لم يسبق لثورة أخرى ان استفادت بهذا المقدار من قبل. |