بغداد بعقدها الجديد تستقبل حكومتها \"النفطية\" القادمة مثلما استقبلت في امسها القريب في مثل هذة الايام همرات الفاتح بالورد . وبغداد كل يوم في شأن . وسماء بغداد لاتدوم لاحد فارضية قصورها الفارهة شهدت دفن كل اصناف حكومات تلاشت مثل الملح .وتسابقت في شوارعها كل ماركات الدبابات التي اجتاحت قصورها في ظلام الليل حتى حلت في اخرها الهمر تعيد بسمة لوجهها الذي لم يبتسم بعد لترسم لها فرشات الفاتح لوحة ديمقراطية جلس على ضفتيها اليمين . فكانت ديمقراطية يمينين يتربص احدهم بالاخر عبر موازنات لاتستند على قوانين محددة مجردة من الفعل . وديمقراطية بغداد التي تشدق الكل بها هي ديمقراطية مشوهة عرجاء صماء بكماء ولولا همر هذا الفاتح لاستحالت الى دكتاتوريات دينية بشعة تفوق بشاعة صورتها كل دكتاتوريات الماضي القريب العسكرية . فدواخل هذة الديمقراطية تمتلى باجندة مليشيات مخفية لاحزاب لاتؤمن بصميم هذة الديمقراطية و تستعد للانطلاق حين تتهدم اركان هذة الديمقراطية لتعيد عالم السجن والموت من جديد . لان هذة الديمقراطية لم تنبع من صميم العمل ومن لب الطبقات التي صنعتها حين تضاربت المصالح ووصل الامر بها حد التطاحن على مسك مقود السلطة فكانت الديمقراطية حلها الامثل بدل زوال يلف الكل. فهي في ارض الفقية اسم بلا محتوى اشبة بالمركب الكيمياوي البسيط الذي يتحلل بسرعة الى محتوياتة تحت تغيير المعادلة حين تتغير الظروف لنعود من جديد الى حكم الصحابة والاولياء والمليشيات المدججة بالسلاح من الشمال الى الجنوب في عالم لم يعرف معنى العمل المنتج بعد في اقتصاد بدائي ريعي يعتمد في كل ايراداتة على بيع النفط الخام . ولان السلطات التي تمتلك عوائد أموال النفط والثروات الضخمة تكون دائما غير عابئة بشعبها لانها غير محتاجة الى نشاط الجماهير الاقتصادي الفعال في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات بل تهمل ناتج العمل ومردودة لانها بدل ذلك تستبدلة بالاستيراد الجاهزمن السلع والخدمات بكفالة أموال النفط وتلك الثروات . لذلك كان الشغل الشاغل و العمل الاساسي لتلك السلطات النفطية هو تدعيم سلطانها بخلق الجيوش والاجهزة الامنية والقمعية والانفاق على تسليحها لمواجهة نقمة الشعب وغضبه وأشغاله بالقضايا الجانبية غير الجوهرية بدل بناء الطبقات المنتجة وانشاء المصانع ومكننة الدولة . . وعلى هذا المنوال لم تصنع الطبقات في تراب ميسوبوتاميا ولم يتناقض عقل هذة الارض بجدل منتج يتقدم في صيرورتة الى الامام فكانت طبقاتة المنتجة تتبدل الى طوائف وملل ومذاهب يعوزها العمل تتخاصم على الماضي البعيد وجدت فيها السلطات المستبدة تدعيما لمركزها واداة طيعة لبقائها الابدي. قد يكون هذا الكلام نقضا على اؤلئك الذين ذهبوا بعيدا في تصورات عالم الخيال ووصل الامر بالبعض الى تسمية هذا الانقلاب الديمقراطي الذي اخل الموازنات بثورة عقل على مفاهيمة .لان هذا العقل ببساطة لم يمتلك بعد مفاهيمة الخاصة ولم تترسخ فية المفاهيم فهو لازال في طفولتة البدائية يستقبل المفاهيم بلا فحص وبدون اخضاع الى محاكمة الواقع المتغير في عالم مجتمع لازال يعيش عالم ماقبل الديكارتية . فليست الطبقات العراقية الناخبة سوى شتات بسيط من الموظفين الموزعين في وزارات غير منتجة استهلاكية في طابعها تعيش على مردودات النفط بثلاثة ملايين موظف يتوزع نصفها في وزارات السلطة بين الدفاع والداخلية وطبقة سكولائية وسطى من المعلمين وصغار الموظفين ونصف مليون طالب جامعي من الذين لم يبدا لديهم بعد بوادر التفكير المنطقي . ويتبقى من التسعة عشر مليون ناخب اكثر من عشرة ملايين من العجزة والعجائز الاميين من الذين لايفرقون بين ناقة السياسة وجملها . ولايتعدى مدى حيز معرفتهم سوى تمييز فصول السنة واسماء شيوخ الجوامع ولم تكن عقلية الناخب العراقي في مثل تفكير الناخب البريطاني اوالفرنسي الذي يعرف مقدما اهداف اليمين وبرامج اليسار وماهو اختلاف برنامج \"ساركوزي\" عن برنامج \" رويال\" بل ان مصادر معرفة هذا الناخب العراقي سماعية فهو ينتخب من يسمعة في نشرة الاخبار يرفع لة راتب المعيشة ويعين لة الاولاد العاطلين فقط في واقع فقر مدقع لم تغيرة حكومة الدين الذي انهزم في اخر امرة حين وجد نفسة عالة على سياسة عولمة اليوم . وعلى شكل عقلية الناخب كانت عقلية المرشح المكون لعقلية الحكومة التي لن تختلف عن عقلية سابقتها حين تستلم مقاليد الحكم لتبدا بكيل التهم والشتائم وانواع المسميات لسابقتها وتحملها كل اخطاء الماضي المشين بدل العمل المنتج البناء وصنع الطبقات . لذلك كانت ضرورة الهمر مسالة حياة او موت في بلد الفقية من اجل اعادة التوازن لهذة الطوائف والمذاهب المتناحرة على من يملك بئر النفط والنقد وان نسى طارق عزيز الخطوة الثانية للهمر التي تتجسد باعادة الانتعاش لهذا الاقتصاد المنهار بمشروع اشبة بمشروع \"مارشال \" يكون النواة الحقيقة لصنع طبقات منتجة عراقية ترسخ قيم الديمقراطية اشبة بقيم ومبادى من اجل ان نرى الاشياء ونعرفها كما هي في حقيقتها لنتغنى بعد ذلك بليل بغداد وقمرها الجميل وديمقراطيتها الرائعة التي لم تتكون بعد ... جاسم محمد كاظم