ها هي سنتان تمر من عمر الثورة العظيمة في بحرين الكفاح والصمود والجهاد، وها هم فتيتها يتسابقون على صراع الانفس، وها هم كهولها، يمدّون شبابهم بالدعم والنصر والدعاء، وها هي نساؤهم تسطّر لنا اروع معاني النصرة والمُساندة، وها هي قوافل الشهداء، تُسلّم احداها الراية للاخرى، وها هم معتقلوها، يقضون الايام والليالي تحت سطوة الجلاد وزنازينه بكل معاني الصبر، وها هم قادتها، في ميادين النضال والكفاح، وفي ميادين السياسة، وفي ميادين التعبئة، يكتبون للتاريخ اروع معاني الشعور بالمسؤولية تجاه قضيتهم العادلة.

ثورة اعطت من عمرها سنتين، وها هي تدخل في عامها الثالث، والوضع من سيء الى اسوا، فالحاكم الظالم الجائر، لا يرى الا كرسيه وحكمه، وان كان ذلك على حساب شعبه، والدول التي زمّرت وطبّـلت للثورات في بلدان الربيع العربي، ما ان وصلت الامور الى البحرين، حتى اغلقت ابصارها عن رؤية الحقيقة، وصمَّت اذانها عن سماع صراخ الايتام والثكالى، وكمّمت انوفها عن استنشاق روائح هذه الثورة المباركة، وكأنَّ ثورتهم خارج مدار قلب الفصول الاربعة.

والمنظمات العربية والدولية، كانت اكثر عجزا، وتخاذلا من الدول العربية، فالجامعة العربية، استقبلت وعلى استحياء، وفدا من المعارضة البحرينية، وقد نالت على اثر ذلك من الدول الراعية للحاكم الجائر في البحرين، ما لا يعجب العجب، كي لا تكرر الفعلة مرة اخرى.
اما منظمة المؤتمر الاسلامي، فهي كالحجارة، بل اكثر صما، فلم نسمع لها حسيسا ولا نجوى، ولا ندري سبب ذلك، هل بسبب ظروف المكان الذي تتواجد فيه؟، ام لتغيرات الزمان؟، ام غير ذلك نجهله، الله اعلم بما كان وما كان.
اما المنظمة الدولية الاولى، الامانة العامة للامم المتحدة، فهي اثبتت للعالم اجمع، انها مُسيّسَة ومغلوب على امرها، وهي رهينة الديمقراطية والحرية الشكلية الامريكية.
وفي قبال ذلك، وهو الاخطر والأَمَـرّ، ان هناك صمتا من نوع اخر، صمت في داخل البيت الاسلامي الشعبي، وايضا هناك صمت في داخل المؤسسات الدينية على مختلف مستوياتها وعناوينها، وصمت من حكومات، هي نظيرة في الانتماء العقائدي للشعب البحريني.
فاذا كان صمت المُتزلّفين لامريكا، خوفا وطمعا ورهبانية منها، فما سبب صمت الاخرين من غيرهم؟، دون استثناء في التحديد، عربي كان ام اعجمي، مسلم كان ام وجودي، سني كان ام شيعي.
اين انتم من امة تُقطَّع اشلائها، بسكاكين الحقد والبغضاء والضغينة؟، امة يُقدّم الحاكم مُرتزقة اتى بهم من المشارق والمغارب، لُقطاء، لُعناء، على حساب ابناء جلدته واهل ترابه؟، ليُمكّنهم من ذبح اهله وشعبه بدم بارد، بتشفّي تعصبّي أعمى.
ماذا سنقول غدا، لله ان سالنا عن سبب صمتنا؟، وماذا سنخبر التاريخ ان قال: لِما اهملتم المظلومين ولم تنصروهم ولو بكلمة؟.
ماذا ستكتب مناهجنا الدراسية في المستقبل عما يجري من حيف وظلم نحن قد اشتركنا به، بسكوتنا وتنصلنا؟، وكيف سيتقبّـل ذلك ابناؤنا؟.
هل سنظل مشتركين في الذبح؟، ام اننا سنتلاحق انفسنا، كما تلاحق التوّابون انفسهم من ذي قبل؟.
قولوا اي شيء، ولا تسكتوا، اتريدون ان تكونوا شياطين الارض؟، الم تعلموا ان الساكت عن الحق شيطان اخرس؟.
عجبا، ان كنا نعرف ذلك، فلماذا لا ننطق؟، ولماذا لا ننصر اخوتنا الذين ينتظرون من الجميع كل اشكال الدعم؟.
لا اريد ان اكون شاهد زور يوما ما على ما يجري، لان الله من فوقي يرى ومن تحتي، فلذا اقول للجميع، من دون استثناء، وتحديدا اولئك الذين هم الى الان لم ينصروا الثورة البحرينية المظلومة:
ايها الخانعون الخاضعون الصامتون، كفاكم خذلانا لاهلكم واخوتكم، فانهضوا من سباتكم، وقولوا قولتكم، وتحملوا تبعات نصرتكم، وان كلفت تلك حياتكم، فضربة السيف، احلى من زلال الشهدِ، فطوبى لمن نالها منا ومنكم.

يوم السبت الموافق للخامس من شهر ربيع الثاني للعام 1434