• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : زين العابدين لم يكن أخر المخلوعين والهاربين .
                          • الكاتب : حمزة علي البدري .

زين العابدين لم يكن أخر المخلوعين والهاربين

إن الغليان السياسي والهيجان الشعبي في تونس ظاهرة قد تكون فريدة ومتوقعة , وإنذار حاسم وصارم وناقم ضد الحكام المتحكمين بمصير الشعب والذين يستغلون صبره وصمته وسكوته , وان غبائهم المفجع أنساهم بان جمرا متوهجا تحت الرماد الذي يتطاير بمجرد نفخة شعبية , فالحكام المستبدون ينسون أنفسهم وهم غرقى الملذات وينسون الشعب عندما ينغمسون ويتنعمون بلذائذ السلطة والجاه والرواتب التي لا يحلمون بها وبالامتيازات الهائلة التي لا يستحقونها وينامون على وسائد الأحلام السرمدية والآمال الذهبية متجاهلين يقظة ومراقبة ورصد ومتابعة الشعب الذي قد يعتصم ويتمسك بالصبر والاصطبارولكن إلى حين .
فإرادة الشعب من إرادة الله الذي يمهل ولا يهمل وان الشعب إذا انتفض رفض ونفض الحكام الجبابرة المستبدين , وانه إذا غضب هرب ويهرب كل طاغية متفرعن كما حدث للشاه المقبور والنميري المدحور .. و.. و.. و.. وأخيرا قد تم هروب ( زين العابدين بن علي ) الذي حكم وتحكم بقوة ظالمة وبقسوة جائرة لمدة ( 23 ) عاما ختمت بهروبه الذليل غير مأسوف عليه , وفي الليلة التي فر بها انتهت أسطورة حكمه , وأصبحت صوره وتماثيله ودكتاتوريته الحمقاء تحت نعال الشعب الثائر .. ومن عجائب نهاية الطغاة , أن الذي فجر انتفاضة الشعب التونسي هو انتحار الشاب المتذمر المدعو ( محمد بو عزيزي ) الذي يبيع الخضر والفاكهة في عربة متهالكة وكان يقاسي المرارة والعذابات من شظف العيش ومن البطالة القاتلة التي تفترس الكثير من الشباب العربي المنهوك والمحطم لا سيما وانه يحمل شهادة كان يتصور أنها تنقذه ويحتل وظيفة من وظائف الدولة التي أضحت نهبا مستباحا للأقارب والأصدقاء ولسماسرة النظام .. وان البطالة والعطالة والغلاء الفاحش وانعدام الحرية والسلبيات المتراكمة هي التي أدت إلى الانفجار الشعبي الهائل والجارف في تونس , فذا الانجاز التاريخي العظيم , قد استقطب انتباه وانشداد العالم كله لسرعته وفعاليته , فالشعب الأعزل قد صنع هذا الحدث الصاخب وهذا التغيير المفاجيء والمذهل , إذ أن الانتفاضة الشعبية والاحتجاجات الجماهيرية العارمة قد تمت خلال أسابيع ضئيلة ومعدودة , إذ أنعتق الشعب عن بكرة أبيه وبدون أسلحة حيث انطلق وسلاحه الإيمان بالله وبعدالة قضيته , وتوحيد صفوفه وكلمته , وترديد هتافاته المدوية والتي أضحت اقوي وأعلى من دوي الصواريخ والقنابل , فحقق المعجزة المنتظرة .
إن ما حدث في تونس الخضراء هو إشعار وإنذار لكل الملوك والرؤساء والأمراء بان نهايتهم ستكون أسوء وأخس وأنجس من نهاية زميلهم ( شين الخائبين والهاربين ) وليس زين العابدين هذا الاسم ذو المعاني السامية والذي لم ينطبق على فرعون تونس المدحور . وكان المتوقع إن تكون نهايته وعقوبته الحتمية كنهاية نوري سعيد وعبد الإله وصدام وشاوسيسكو... فالنهاية الحتمية لكل طاغية هي واحدة من اثنين اما الهروب المذل اوان (يجر جر الكلب في الطرقات جبار عنيد ) .
فليتعظ كل مخمور بالسلطة التي لا ولم ولن تدوم أبدا ومطلقا , ولكن الشعب باق وأعمار الطغاة وان طالت فهي قصيرة , والويل كل الويل لكل ظالم ومتجبر يستخف ويستهين بالشعب الذي قد يصبر على ضيم ولكنه لا بد أن ينفجر وإذا انفجر دمر فصبر الشعب في يوم ما يتحول إلى زلزال يمحق ويسحق عروشا وينسف حكاما .. وان زلزال تونس سيجج الغضب العربي العارم الذي سيطيح بأنظمة ورؤوس مرشحة للإطاحة والسقوط .
إن كل مواطن عربي أصيل يتمنى بصدق وإخلاص أن ينجح التغيير الشعبي في تونس ويترسخ بشموخ ويحقق للشعب التونسي العريق الوحدة الوطنية والتنمية والأعمار والاستقرار ,  ويستأصل أورام البطالة والرشوة والمحسوبية والمنسوبية والدكتاتورية المقيتة .. إن انتصار الشعب التونسي هو انتصار لكل الشعوب المضطهدة والتي تتطلع إلى مستقبل متألق ترفف في أفاقه رايات الحرية والديمقراطية والازدهار فالشعب كما زغرد ابن تونس البار المرحوم الشاعر المبدع ( الشابي ): 
إذا الشعب يوما أراد الحياة 
                    فلا بد أن يستجيب القدر 
 ولا بد لليل أن ينجلي 
                        ولابد للقيد أن ينكسر 
ومن يتهيب صعود الجبال 
                   يعش ابد الدهر بين الحفر 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=2782
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 01 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28