• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : أخبار وتقارير .
              • القسم الفرعي : أخبار وتقارير .
                    • الموضوع : العتبة العباسية المقدسة تستعد لإنتاج عملها المسرحي الأول ضمن مهرجان المسرح الحسيني العالمي .
                          • الكاتب : سرمد سالم .

العتبة العباسية المقدسة تستعد لإنتاج عملها المسرحي الأول ضمن مهرجان المسرح الحسيني العالمي

 المسرح الحسيني ينهلُ من واقعة الطف روافد إبداع تثري نتاجاته المنوعة
 
تواصل العتبة العباسية المقدسة استعداداتها الكبيرة، لتروي ملحمة حسينية، عبر مسرح تفاعلي ذي أفق فكري رحب، تلجُ فيه إلى عوالم الفن بأغواره المتشعبة، لتوظف عناصره وطاقاته في خدمة قضيتها المباركة، وإبراز معالمها الخفية للمجتمعات الإنسانية، بأسلوب حداثي مميز، وباشتغالات فكرية وعقائدية واخلاقية... وقد أخذ قسمُ الشؤون الفكرية والثقافية التابع للعتبة المقدسة على عاتقه هذا العمل، وسعى لذلك منذ أربع سنوات، أسس خلالها (مهرجان المسرح الحسيني)، وما نتج عنه من إقامة مسابقة للنصّ المسرحي، فكانت من بذورها الجلية مسرحية(على ظلال الطف)، والتي توّجت لتكون أولَ نتاج مسرحي للعتبة المقدسة، ضمن المسرح الحسيني العالمي... فبعد عدة اجتماعات للجنة التحضيرية، تمخض عنها اختيار العمل، وتعيين أساسياته، ومن ثم مرحلة استقطاب الكوادر الفنية العاملة بهذا المجال، لتبدأ التدريبات (البروفات) على خشبة المسرح.
وضمن متابعاتنا الدورية لكل المشاريع الفكرية والعمرانية والخدمية، سعينا للتعرف على هذا المشروع المبارك، وعلى التحضيرات الواسعة للجان التحضيرية، فكان لنا عِدة لقاءات بهذا الصدد، ابتدأت بالسيد عقيل عبد الحسين الياسري، عضو اللجنة التحضيرية الدائمة لمهرجان المسرح الحسيني، والجهة المشرفة على العمل، وقد تحدث عن بداية هذا العمل قائلاً:
 بعد أن شرعَ قسمُ الشؤون الفكرية والثقافية التابع للعتبة العباسية المقدسة بإقامة مهرجان عالمي للمسرح الحسيني، يسعى لترسيخه كمسرح قائم بذاته فنياً، عبر مؤتمر أكاديمي يعدُّ الأولَ من نوعه. وقد خرج هذا المؤتمر بعدد من المقررات والتوصيات التي أقرّتها اللجنة التحضيرية للمهرجان، ومن ضمنها إقامة مسابقة للنصِّ المسرحي، يختص بقضية واقعة الطف المباركة، وعرض الجوهر الولائي للانتماء المؤمن، وإنتاج عمل مسرحي مميز يتم اختياره من النصوص الفائزة.
وفعلاً، انطلقت مسابقة النصوص المسرحية في النسخة الثانية من هذا المهرجان، ووصل عدد النصوص في العام الأول إلى (37) نصاً مسرحياً، فاز منها تسع مسرحيات توافقت مع شروط وأهداف المسابقة. وفي السنة الثانية - العام الماضي – استقبلنا (42) نصاً مسرحياً. وقد شهدت المسابقة مشاركة بعض النصوص العربية؛ وفعلاً، كان من بين النصوص الفائزة نصّ لكاتبة سورية، وتم اختيار هذا النص من قبل بعض الأكاديميين والمختصين، واللجان الإنتاجية والإخراجية، ليُقدم كعرض مسرحي أول يُعرض ضمن فعاليات مهرجان المسرح الحسيني لهذا العام، والذي شهدَ استقبال (57) نصاً، لكن طموحنا تقديم أكثر من عمل يتناسب مع الإمكانيات الفنية المطلوبة، وإن شاء الله سوف تُمثل جميع الأعمال الفائزة.
الغرض من إنتاج هذا العمل المسرحي؟
لا يخفى على الجميع أن العتبات المقدسة رائدة في مجالات عديدة، ومن ضمن هذه المجالات الأعمال المسرحية، إذ لم تغفل عن هذا الفن والنشاط الإنساني، فأثره لا يقلّ شأناً عن باقي الفعاليات والشعائر الأُخَر. وقد سبق لها أن تبنت إصدار عدد من المسرحيات لكتاب عراقيين، وتقديم عمل مسرحي يكون قناة توصيلية مهمة لنشر فكر النهضة الحسينية، ويجسد مضامينها الفكرية بصورة تواصلية تجذب ذائقة المشاهد، ولإعطاء الصورة الجلية عن العتبة المقدسة بأنها ليست منطوية على الأدوات التقليدية فقط، بل إنها تتحسس بالفن، وتشجع الفنانين بما يخدم نشر فكر أهل البيت (ع). ويقيناً، أن مثل هذا العمل سيخدم القضية الحسينية، وأيّ جهد إنساني إن كان عملاً فنياً أو ثقافياً يخدم القضية الحسينية، ويشيع فكر وثقافة النهضة الحسينية، تتصدى له العتبة وبدون أي تردد وتطرق بابه، لتكون أول الرائدين فيه.
هل سيكون العمل بادرة لتأسيس رابطة حسينية خاصة بالعتبة المقدسة؟
نأمل ذلك، وإن شاء الله بعد إنجاز هذه المسرحية سنرى التقييم العام للعمل، وإمكانية الأداء الفني، ومدى تفاعلهم معه، واستجابتهم للتعليمات التي تصدرها العتبة المقدسة، والتزامهم بالمواظبة... فإذا توفرت هذه المعطيات سنعمل على ذلك بعد أخذ الأمر من الأمانة العامة للعتبة المقدسة، بتشكيل رابطة مسرحية باسم العتبة العباسية المقدسة، لا على سبيل التعيين، بل يمكن التعاقد معهم على أداء أعمال أُخَر، وممكن أن يمتدَّ هذا التعاقد على مدى سنوات لوجود العديد من الأعمال.
هل ستبادر العتبة المقدسة لإقامة أعمال أُخَر، تسهم في تنشيط حركة المسرح الحسيني على نطاق المحافظات والعالم العربي؟
من ضمن الأفكار الموجودة، وبعد أن يُعرضَ هذا العمل على صعيد محافظة كربلاء المقدسة في مهرجان المسرح الحسيني الرابع، يتم إن شاء الله عرضه على قاعات المسارح في محافظات القطر كافة، إضافة إلى سعينا لترجمة بعض المسرحيات إلى اللغات العالمية، وإن شاء الله تعالى إذا توفرت فرصة عرض هذا العمل في مهرجانات عربية وعالمية،  فلن نتأخر، وسنبذل قصارى جهدنا للمشاركة في مثل هذه المهرجانات؛ لإبراز الصورة الناصعة والحية لفكر أهل البيت (ع)، من خلال تقديم بعض العروض المسرحية التي تحكي سيرتهم، والمظلومية التي وقعت عليهم، وبالأخص قضية الثورة الحسينية. فإن شاء الله نحن ساعون في المجال إذا توفرت الفرصة والإمكانيات الفنية، وسنقوم بالعرض في مسارح عربية وعالمية، بعد حصولنا على مباركة وموافقة الأمانة العامة للعتبة المقدسة.
أما الأستاذ (علي حسين الخباز) عضو اللجنة التحضيرية الدائمة لمهرجان المسرح الحسيني العالمي، فقد وضح لنا الخُطوات التي اجتازتها العتبة من مرحلة  التأسيس إلى هذا اليوم؟
قضية تقديم العتبة العباسية المقدسة لمهرجان مسرحي حسيني جاء عبر مخاض مؤتمر تأسيسي للمسرح الحسيني، وثلاث مسابقات مسرحية لكتابة النص المسرحي، أوجدت (136) نصاً مسرحياً، وبحوثاً اختصاصية متنوعة في هذا الشأن. وهذا السعي يعدُّ من أهم القضايا التأثيرية التي تساهم في بلورة الهوية  المؤمنة، وتسعى إلى ترسيخ الأصالة المنسجمة مع الواقع النهضوي لواقعة الطف الحسيني، بما امتلكته من رؤى تضحوية مؤثرة، مستثمرة الفسحة التنظيرية لثراء التجربة فنياً. وقد توضحت الآن تلك الخطوات بالجهد العملي الخلاق، من خلال ترشيح نصّ من تلك النصوص الفائزة، تم اختياره من قبل لجنة الانتاج المختصة، وتعيين الشخوص الفاعلة لإدارة ماكنة الانتاج لعرض مسرحي واعٍ، يمثل رؤية العتبة العباسية المقدسة في استثمار أدوات الفنون المسرحية، لنشر المنظومة الفكرية الحقة.
ما أهمية هذا العمل بالنسبة للعتبة العباسية المقدسة؟
تتوضح أهمية هذا العمل المسرحي؛ لكونه تجربة غنية ورافداً ثقافياً مهماً لنشر فكر أهل البيت (ع)، ليضاف إلى مشاريع العتبة المقدسة، مشروع تفاعلي يمتلك شرعية التواصل مع العالم، باعتبار هذا المشروع مشروعاً بكراً، بالرّغم من أن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كان قد قدم مسرحية (الوهج) وعرضت على قاعة الكفيل احتفاءً بالمولد النبوي الشريف عام (2008م)، لكن هذا العمل حسب اعتقادي قادر على أن يضيف إلى المسرح الوطني والإنساني قيمة إيمانية تقويمية محفزة، لتقديم مسرح ملتزم.
 ولهذا تم تخصيص كادر لإنتاج العمل من ضمن لجانها التحضيرية، وتعيين كادر آخر لإخراج العمل، يضمّ مجموعة من مسرحيي كربلاء، ومُخرجاً متمرساً، وحملت العتبة المقدسة على عاتقها انجاز (الديكور، الأزياء، الإكسسوارات)، الخاصة بالمسرحية، حرصاً على إخراجه بالصورة المتميزة، وسنعلن عن العمل بنطاق إعلامي واسع، يستقطب الجمهور المشاهد، وطموحنا أن نوفق بعون من الله تعالى.
وبعد أن توضحت الفكرة وبداياتها، والغاية منها، أطلينا هذه المرة على مكان التدريبات، وكان لنا عِدة وقفات مع اللجان التحضيرية، والمشرفين على أساسيات العمل المسرحي (على ظلال الطف)، وكان أولها الأستاذ أحمد صادق حسن مدير الانتاج، وعضو اللجنة التحضيرية الدائمة لمهرجان المسرح الحسيني، والذي تحدث لنا عن بداية التحضيرات للعمل المسرحي؟
في البدء، إن لكل عمل مقدمات تفضي إلى نتائج ستكون بعون الله كبيرة على المستويين الفني والعملي؛ فنحن لم نلاحظ ومنذ مدة كبيرة جداً ولادة أي عمل مسرحي حسيني حقيقي، يحاول الوصول إلى فك بعض طلاسم هذه النهضة المباركة؛ لذا كان لابد من وجود جهة تقوم بهذه المهمة العظيمة، في محاولة منها لتحريك الشارع الثقافي، وبالأخص المسرحي منه، وتفعيل هذا الجانب المهم.
 فالمعروف عن المسرح أن له القدرة على تحريك المشاعر الإنسانية، والتأثير بشكل مباشر على أحاسيس الناس، والحمد لله كان التوفيق أولاً من صاحب المرقد (ع)، وثانياً جهود الاخوة العاملين في العتبة العباسية المقدسة، لما يقدمونه من دعم متواصل في سبيل أن يرى هذا العمل النور، لنبدأ أولاً بوضع خطة إنتاجية تحتوي على كافة التفاصيل الخاصة بالعرض، وبعدها الاتفاق مع الأستاذ المبدع علي الشيباني الذي له باع طويل في مثل هذه الأعمال، من أجل إخراج هذا العمل، وتحضير بعض الأساسيات للبروفات المبدئية، من حجز القاعة الخاصة بالنشاط المدرسي، وذلك بالتعاون الكبير مع الإخوة في مديرية تربية كربلاء، وبالأخص العاملين في مديرية النشاط المدرسي من تهيئة المكان لتأدية التمارين، وكذلك الجهود الواضحة من الاخوة في الشعبة العلمية التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية، وحرصهم وتفانيهم لتهيئة كل السبل التي تعمل على إراحة الكوادر التمثيلية داخل القاعة، بالإضافة إلى تهيئة الديكور بالتعاون مع الاخوة العاملين في ورش قسم الصيانة الهندسية في العتبة العباسية المقدسة، والذين يبذلون جهداً جباراً من أجل توفير كافة المستلزمات. كما وتم الاستعانة بالإخوة في شعبة الكهرباء من أجل توفير الإنارة اللازمة، والاتفاق مع شعبة الخياطة في قسم الهدايا والنذور على بعض التفاصيل الخاصة بالعمل، لذا يمكن أن نشبه العمل بخلية النحل، فالكل يعمل ضمن اختصاصه.
الأشواط التي قطعها الانتاج في هذا العمل، وما الذي تم تهيئته؟
قطعنا والحمد لله أشواطاً كبيرة، ونحن الآن بصدد استلام الديكور الخاص بالعرض، وكذلك شراء الإنارة اللازمة لذلك. وقد تم حجز القاعة الخاصة بالعرض الرئيسي وهي - قاعة قصر الثقافة والفنون فرع كربلاء - وقد أبدو الإخوة فيها تعاوناً كبيراً معنا، بالإضافة إلى استكمال المشاهد الرئيسية داخل العرض، كما تم تسليم الدفعة الأولى من المبالغ النقدية الخاصة بأجور الممثلين والكادر.
متى سنرى عرض (البروفات الجنرال) على خشبة المسرح؟
إن شاء الله العمل يجري على قدم وساق من أجل الوصول إلى استكمال العرض. وأعتقد أننا سنرى (البروفات الجنرال) في منتصف الشهر الثالث، أي قبل العرض بخمسة عشر يوماً أو أقل، حيث سيتم عرضها على قاعة القصر الثقافي بحضور مجموعة من الإخوة المختصين بالشأن المسرحي، بالإضافة إلى المشرفين على هذا العمل.
ما هي الطريقة التي تم من خلالها التعاقد مع الاخوة الممثلين؟
هي طريقة قد تكون جديدة بالأساس اعتمدت في عملية اختبار الممثلين قبل تحديد الأدوار، من خلال توزيع النص المطبوع على كافة الاخوة الممثلين، وبعد ذلك تم اختبار قدراتهم عن طريق الورشة الفنية التي يقيّمها الأستاذ المخرج علي الشيباني الذي كان وراء هذه الفكرة.
متى سنرى العرض الرئيسي؟
لقد تم الاتفاق مع الاخوة في اللجنة التحضيرية والأستاذ المخرج على أن يكون يوم العرض الرئيسي هو يوم 30/3/2013م على قاعة قصر الثقافة والفنون في كربلاء، أي ثاني أيام المهرجان، وسيكون بعدها العرض مفتوحاً لجميع أبناء المحافظة من الراغبين برؤية العرض.
وفي لقاء آخر مع مخرج مسرحية(على ظلال الطف) الأستاذ علي الشيباني، والذي تحدث لنا بداية عن طبيعة هذا العمل بالنسبة له:
باشرت بهذا العمل بعد تكليفي من قبل العتبة العباسية المقدسة لإقامة هذا النشاط في يوم المسرح العالمي؛ وما جعلني أنتمي لهذا المنهج الذي تقيمه العتبة المقدسة لأمرين الأول: إنه صادر من عتبة مقدسة تسعى لتوطيد المعرفة والجمال والسلم والمحبة، عبر أنشطة المسرح، ومن ثم بما يتعلق بحقول المسرح التي هي الجانب النظري والبحوث، وكذلك ما يقدم من نصوص.
ما مميزات هذا العمل الذي اختير للتمثل؟
يتميز هذا العمل بوصفه يملك جانباً حداثياً ينفتح على أفق وتراتبات فنية كثيرة، أولها وأهمها أنه ينتمي إلى الواقع بظلاله اليومي، فالعمل هو ابن الواقع، ولكنه ينهل من الطف بوصفها ملحمة خالدة، تأخذ منها الأجيال ما تريد، لتؤسس بذلك حياة إنسانية عمادها العطاء والخير، وفكرة الحرية التي يسعى إليها كل إنسان.
ولذا وجدت في هذا النصّ ملامح مسرحية تتسق على أقل تقدير مع المزاج والناموس العام لفكرة الطف الخالدة؛ ولكني في ذات الوقت كنت أحاول وأسعى لأن أقرأ النص قراءة أخرى، تتسق مع ما أفكر به من تقنيات وخيالات مسرحية.
طريقة العمل لتقديم هذا العرض؟
اعتمدت أشياء كثيرة افترضتها أولاً وسعيت إلى تنفيذها، وهو أن يكون هنالك ورشة مسرحية، وإن هذه الورشة تبدأ بعملها بالقراءات، ومن ثم التمارين، وبعدها خلق حالة جديدة؛ لأنني لست بصدد اخراج العمل بمعزل عن إقامة الورشة بكل مكوناتها، ولقد تعاملت مع الممثل على أنه مبتدئ وليس ممثلاً محترفاً جاء إلى المسرح، لذا حاولت أن أقيم معه علاقة تتعلق بتمارين الجسد والصوت بحفريات فكرية في موضوعة الطف التي ستلقي بظلالها على كل هذا المجهود... وبالتالي، فأنا أشعر أن وجود هذه الورشة هو مكان لتوطيد وخلق جيل جديد من أصحاب العطاء في الأداء التمثيلي وفي الإخراج والديكور وما سواه من عناصر المسرح المختلفة.
هنالك طريقة جديدة في تعاملك مع الكوادر التمثيلية على خشبة المسرح فما هي؟
كما هو معلوم أن المعاهد والكليات تخرّج لنا دفعات من طلبة مختصين في حقول المسرح، ينصرف الشاب بعد تخرجه إلى مجالات عمل أُخَر، وأنا سعيت أن آتي بهؤلاء الخريجين الجدد من المعاهد والكليات الفنية، وأمزج معهم عناصر أُخَر مُحبّة للمسرح... وبالتالي، فأنني لم أستخدم ولم أقدم أبداً ممثلاً محترفاً، فعملية الاحتراف وعملية تكوين الأداء وصلاحيته من خلال الورشة التي نقيمها في المسرح أثناء التمارين، ثم يأتي العمل لتوطيد أعمال الورشة.
أهمية هذا العمل على نطاق المسرح؟
إن لكل شعوب الكون ملاحم وأساطير وحكايات تأخذ منها للمسرح، وبالتالي، ولكي نؤصّل لمسرح عراقي، علينا أن نتجه لعلامات مضيئة في تاريخنا، وأنا أعتقد أن واقعة الطف علامة مضيئة ومهمة في تأريخ العرب والمسلمين بشكل عام، والعراقيين على وجه الخصوص، فيمكن أن ينفتح هذا المبدأ أو المنجز لأن نخلق منه كل عناصر الإبداع في مجالات المسرح والتشكيل والفكر والموسيقى وفي كل المجالات الأُخَر؛ فالطف حياة كاملة نبدع بها، لذا كان سعيي من خلال هذه المنظومة الفكرية والعملية التي أنجزها لنا الطف المبارك، أن نؤسس لمسرح ستأتي عليه التسميات لاحقاً.
انفرد هذا العمل بكونه يحمل العديد من الخصائص، فهل ستؤهله هذه الخصائص لكي يكون عملاً حسيني الهوية والملامح؟
المسرح منجز إنساني، وهو أرض بكر يمكن لأي شخص أن يحفر ويزرع فيها، ففي هذا العمل كنت من الذين يسعَون لابتكار قالب أو صيغة مسرحية معينة، ربما قد استخدمها أو استثمر جزءاً منها الذين سبقونا في هذا العمل، فأنا لا أزعم أن هنالك ما يميزه سوى أنني جعلته قالباً مسرحياً، تدخل فيه عملية الطف بوصفها ظلالاً؛ لصعوبة احتواء الواقعة في عمل مسرحي واحد، فالطف منجز كوني قائم ومتجدد، ولذا أخذت منه ظلالاً بوضعه في قالب مسرحي يمكن لكل فكرة أو لكل انعطافة من انعطافات التأريخ أن تدرج ضمن هذا القالب، لمناقشته وإدراكه وتوظيفه جمالياً ومن ثم عرضه... ولذا أدعو أن يكون هذا العمل متسقاً مع المنجزات الأُخَر التي أنجزها المسرح الحسيني على أقل تقدير.
باعتقادك، ما الذي تسعى إليه العتبة المقدسة في هذا العمل؟
الذي تسعى إليه هو خلق جيل من الشباب يعرف حرفيات وعناصر المسرح، ومن ثم علاقة ذلك مع الخطاب الحسيني، وما هي بشائره وطليعته، وكل ضمن اختصاصه، فهنالك مجموعة من الناس تعمل في موكب خدمي، وآخرون يشاركون في عزاء، أو يسيرون على الأقدام، وبقية الشعائر الحسينية... فنحن المشتغلون في حقل المسرح سنقيم شعيرة حسينية ضمن ما يُسمى بوعي فني خالص، نريد من خلالها أن نؤسس لقضية اسمها (مسرح حسيني) سينهل من الطف بوصفه مكاناً للإبداع والتواصل مع الإنسانية، وتوطيد فكرة الحرية، وكل مناهج الحياة، عبر ما يكنزه الطف من مسلمات نهائية.
بما أن العمل يأخذُ ظلالاً من واقعة الطف، فما مقومات الممثل الذي سيدخل ضمن هذا العمل وكيفية اختياره؟
إن أقدس عنصر على المسرح هو الممثل، لذلك أسعى دائماً لتحفيز الممثل وأجعله بغاية الدقة والروعة، وأعمل من خلال الورش على صقل الموهبة الموجودة لديه. ولم أضع محددات في عملية الاختيار، ولم أنسب العمل لشخص ما، فليس هنالك ممثل محدد لدور ما، وكنت ولازلت أسعى أن لا (أنمِّط) أحداً، فالكل وعددهم (30) ممثلاً، يمكن أن يتغيّروا أو يتبدلوا أثناء العروض، فمن يمثل هذه الشخصية اليوم سيمثلها غداً، وبالتالي ستجد بأن الكل قادرون على إنجاز هذا العمل، باختلاف أعمارهم وأصواتهم وأشكالهم، وهذا هو نتاج الورشة.
ما هي المعوقات التي تواجهكم في العمل؟
 لا توجد معوقات تُذكر، إلا في الجهد الخاص، فأنا أخشى على نفسي أن لا تكون لي الطاقة البدنية لتحمل عمل الورشة التي تحتاج إلى طاقة بدنية عالية ومستمرة، فأحياناً أخشى من وعكة صحية أو إجهاد يؤدي إلى انخفاض منسوبي مع الممثل، وهذا ما يزعجني تماماً؛ لأن الموجودين الآن يستقبلون جيداً كلّ ما يُطرح، وعطاؤهم متبادل معي؛ وهنالك معوق آخر في المكان، وهو أننا نتمرن في قاعة، وسنعرض في قاعة أخرى، مما يؤدي إلى بذل جهد إضافي، وإعادة صياغة الحركة والتشكيل والمساحات... لذا أتمنى أن ننتقل إلى نفس القاعة التي سيكون العرض فيها، ولم يتوانَ الصديق احمد صادق في أن يوفر لنا المكان اللائق لإجراء التمارين المسرحية، والمواصلة الحثيثة والدقيقة في امساك ملف الانتاج بكل تفاصيله، وبأداء مميز يُشكر عليه.
هل هنالك تعاون بين المخرج والمنتج؟
ما يتعلق بالإنتاج فأنا أقولها بأمانة: إن العتبة العباسية المقدسة قد خصصت شخصاً مثالياً هو الأستاذ أحمد صادق الذي يؤدي واجبه وبكل تفان، وأينما أوجهه أجده سباقاً يذلل جميع الطلبات والصعاب. وقد عمل على توفير دعم معنوي في قاعة التدريبات، مما أدى لخلق حالة من الألفة والمحبة لدى كادر العمل، وهي من العوامل الإنتاجية الجديدة والمفرحة.
كيف تم اختيارك لإخراج هذا العمل المسرحي؟
قدم لي الاخوة في العتبة العباسية المقدسة وبالذات القائمين على الجانب الفكري والثقافي النصوص الفائزة في مسابقة النصوص المسرحية التي تقام ضمن مهرجان المسرح الحسيني، وبدون الإشعار عن اسم المخرج الذي سيتبنى العمل، وعدم ذكر اسم المؤلف والترتيب الذي حصل عليه النصّ المسرحي الفائز، فقرأت النصوص بإمعان ودراية، فوجدت أن هذا النصّ الذي نحن الآن بصدد العمل به يتفق مع المزاج والتفكير والناموس والحداثة، فأشرت إليهم بأنني أجد هذا النص قريباً إلى روح المخرجين، فأشاروا عليَّ ثانية قائلين: ما رأيك بأن تتبنى العمل إخراجياً، والحقيقة صُدمت لأنني أعمل في مجالات كثيرة ومختلفة، لكن، كرامة ومحبة واعتزازاً بالكفيل العباس (ع) وبالإخوة القائمين، قبلت العرض، وتبنيت إخراج هذا العمل.
أما الأستاذ عبد الرزاق عبد الكريم عضو اللجنة التحضيرية لمهرجان المسرح الحسيني العالمي، ومسؤول الإدارة المسرحية للعمل المسرحي (على ظلال الطف)، فقد تحدث لنا عن تأريخ انطلاق التدريبات للعمل المسرحي، وما تم خلال الفترة الماضية؟
انطلقت البروفات الأولية بتأريخ (15/1/2013م)، وهي مستمرة، وتتقدم بشكل لافت لما وفرته إدارة العمل المتمثلة بالعتبة العباسية المقدسة من خدمات عن طريق المخرج، وإدارة الإنتاج، وإدارة المسرح، وخدمات أُخَر وفِّرت للممثلين والعاملين، مما أدى إلى أن تأخذ التدريبات الأولية (القراءات) وقتاً قصيراً، في حين أنها تستغرق قرابة عشرة أيام، إلا أننا استطعنا والحمد لله تعالى اختصار الوقت، حيث تم اجتياز هذه المرحلة خلال يوم واحد لتبتدئ التدريبات على خشبة المسرح في اليوم الثاني، وقد قطعنا في هذه الفترة القصيرة مراحل كبيرة، بالرّغم من الظروف التي يعاني منها الممثلون، وما ملقى على كاهلهم من أعمال خاصة بالحياة اليومية.
هل بدأت التشكيلات المسرحية بالظهور على خشية المسرح؟  
نعم بدأت التشكيلات تظهر على خشبة المسرح، ولكن بشكل بدائي وأصبحت هنالك صورة تعادل ما يقارب (35-40%) من صورة التشكيلات النهائية، إلى أن العملية الإخراجية اختلفت عن الخطوط التي ترسم؛ لأن هنالك ومن خلال العمل تبرز صور جديدة، أو تُضاف حوارات أو شخصيات أُخَر، حتى يكون النصّ متكاملاً، مع ملاحظة ومراعاة بعض المواقف التاريخية الحقيقية، وحتى لا يكون هنالك تعارض مع ما هو موجود تاريخياً، وكذلك في ما يخصّ القضية العقائدية.
هل هنالك التزام بموعد إجراء التدريبات من قبل الممثلين؟
نعم، الالتزام موجود، ولكن ليس بصورة تامة، فمن المعلوم وعند بدايات كل عمل يكون التأخير طبيعياً لوجود التزامات سابقة، ولكن مع مرور الوقت سيدخل حب العمل في داخل الممثل، مما يؤدي إلى ترك الأعمال الخارجية والالتزام الكامل بالتدريبات.
ماذا يمثل هذا العرض المسرحي لمدينة لكربلاء المقدسة؟
انتاج عمل مسرحي يمثل العتبة العباسية المقدسة، ويُدار بواسطة مخرج متمكن وفرقة فتية جميعها من كربلاء، قادرة على استيعاب عوالم النص الفائز (الطريق الى كربلاء) للكاتبة السورية (بارعة مهدي علي)، ويقدم ضمن فعاليات المهرجان المسرحي الذي ستقيمه العتبة نهاية آذار، تزامناً مع يوم المسرح العالمي، وبعنوان جديد (على ظلال الطف)، ومنها سينفذ العرض في الداخل والخارج العراقي بعون الله تعالى، ويعني أن هناك تمثيلاً واسع النطاق لكربلاء مسرحياً، يعيد أمجاد هذه المدينة التي تميز تاريخها الفني بما يوائم رفعتها.
أما لقاؤنا الأخير، فكان مع الكاتبة المسرحية الأستاذة بارعة مهدي من دولة سوريا صاحبة العمل الذي اختير للإنتاج، والتي تحدثت لنا عن الرؤيا التي حاولت إيصالها من خلال هذا النصّ:
 تكمن صعوبة كتابة النص المسرحي الحسيني في محمولاته التاريخية التي لابد من وقوف الكاتب عندها، والبحث في انعكاسات الواقعة الملهمة على الواقع المعاش، بما تمتلك من أثر وتأثير... فلذلك أردت أن أرى واقعة الطف بعيون هذا الزمن.
شعوركِ وقد اختير العمل للإنتاج المسرحي؟
ربما كانت المفاجأة الحقيقية عند فوزي بالنصّ أكبر بكثير من لحظة إبلاغي بنتيجة إختياره للتمثيل؛ أشعر بأني كتبت نصاً (ممسرحاً) أكثر مما كتبته مقروءاً، أي قدمته برؤية المشاهد أكثر من رؤية القراءة، وهذا ما جعل الخطوة قريبة للتجسيد.
أين تكمن فرحة الكاتب المسرحي؛ هل في انتاج العمل أم في صداه التدويني عند القراءة؟
الفرحة تسعُ الكاتب حين يجد صدى ما يكتب مجسداً للناس، وأنا فرحة جداً؛ لأني فزت بزيارة سيدي ومولاي الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (ع)، وحضرت المهرجان المسرحي الثالث مع ابنتي، واطلب من الله وبشفاعة مولاي العباس (ع) أن يعيدها عليَّ بزيارة موفقة؛ لكي أرى العرض المسرحي مجسداً أمامي، وأسمع نتيجة عملي الثاني الذي شاركت به في مسابقة هذا العام. 
برأيك ما الذي ميَّز هذا النص عن غيره؟
ما ميزه أنه كُتب بطريقة عالمية تستثمر المسرح الملحمي، وما أنجزه رائده العالمي (برتولد برخت وجونلويجي براندلوو) بنظرية (المسرح داخل المسرح) والتي اعتمدها عدد من كتاب المسرح السوري، أذكر منهم سعد الله ونوس في إحدى مسرحياته، وكذلك الكاتب السوري فرحان بلبل، ومجموعة من الكتاب الآخرين, وأساسها حركة حرة للتاريخ لولوج الواقع عبر الممثل والجمهور؛  يحاول النصّ أن يفجر الصراعات الانسانية بطريقة فنية، تمزجُ بين الماضي والحاضر؛ وكذلك تقديم نص مكثف وقليل الحوارات، وأتمنى فعلاً لهذا النص أن يرتقي إلى تمثيله أمام كربلاء بما يليق وقدسية المدينة.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=27957
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 02 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18