• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ثلاثة وسبعين اسما في معركة ألطف الخالدة .
                          • الكاتب : صادق الموسوي .

ثلاثة وسبعين اسما في معركة ألطف الخالدة

أصبحت عناوين أسطورية طرزت وجه التاريخ الإنساني.
ان انتصار الدم على السيف لا يقتصر على النصر العسكري ، بل يتعداه إلى إيقاظ الأمة وإحياء القيم وتمجيد الاسم والذكر 
كان سيّد الشهداء يستهدف إنقاذ الدين من الضياع، وفضح اهل الباطل. وقد تحقق
له هذا الهدف. إذن فهو قد انتصر حتّى وإن كان الثمن استشهاده هو وأنصاره وسبي أهل
بيته.
 
 وبعد عاشوراء ظلّت
الأهداف الحسينية حيّة ووجدت أتباعاً وأنصاراً لها. وتركت الواقعة تأثيرها في
الأجيال والقرون اللاحقة، وصارت سبباً لنشأة الكثير من الحركات والنهضات الأخرى.
 
 وهذا يعدّ بذاته نصراً
ساحقا. 
 
وقد ورد هذا المعنى في جواب الإمام السجّاد عليه السلام على
السؤال الذي عرضه على حضرته إبراهيم بن طلحة حيث سأله: من الذي غلب؟ فقال له
الإمام عليه السلام: إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم تعرف من الغالب 
 
 
 
وهي إشارة إلى بقاء دين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ظل النهضة
الحسينية. 
 
فإن الإنسان الذي يتّبع الحقّ ويضحي في سبيل الله ودينه فهو
منتصر على الدوام وينال إحدى الحسنيين. وكل من يتنكب عن مناصرة الحقّ فهو ليس
بمنتصر ولا غانم حتّى وإن خرج سالماً. وقد صرح سيّد الشهداء بهذا
في كتابه إلى بني هاشم والّذي جاء فيه: "من لحق بنا استشهد ومن تخلّف عنّا لم
يبلغ الفتح 
 
 
 
النصر العسكري يزول عادة بنصر عسكري آخر. لكن الانتصار المبدئي ولا سيما إذا
اقترن بالتضحية العظمى والمظلومية، يبقى حياً في الضمير الإنساني، ويجد على الدوام
أنصاراً ومؤيدين له على مر الأجيال. وهذا الفهم، وهذه الرؤية بالنسبة للفتح تجعل
الإنسان المجاهد والمكافح أكثر أملاً واندفاعا
 
 
 
و يبقى 
 
انتصار الدم على السيف يتجدد
 
المفكر الهندي المهاتما غاندي يقول
 
تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر
 
 
 
ليس بقليل بحق سيد الشهداء (ع) ان يقول عنه المفكر الهندي
المهاتما
 
غاندي(تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر) فقد اكد فلم
وثائقي عن إحياء ذكرى واقعة الطف في الهند ،ان الحسين قد تحول الى تراث إنساني
يعيش ذكراه المسلم وغيره من أتباع الديانات الاخرى،بل يتسابقون على الانغماس الروحي
في هذا الفيض الرباني
 
من الحب الحسيني،وليس غريبا على المفكر
 
المسيحي جورج جرداق ان يستشرف روح الفداء لدى أنصار الحسين يوم
الطف إذ
 
يقارنهم بأصحاب يزيد الذين كانوا يطلبون المال مقابل الانصياع
لأوامره ،في
 
الوقت الذي فضل فيه الأنصار ان يقتلوا ويحرقوا ويفعل فيهم ذلك
الف مرة على
 
ان يتركوا إمامهم ،فكيف وهي قتلة واحدة حيث الرحيل معا الى الجنة
في قدم
 
صدق عند مليك مقتدر،هي ميتة واحدة وتسابق الى ناصية الخلود
،حيث توحدت
 
الأرواح والأجناس فلا فرق بين جون مولا ابي ذر الغفاري وبين
خيرة أصحاب
 
الرسول(ص) والتابعين الذين امتزج عطر ودماء شهادتهم مع دم نسل
سيد البشر
 
،قال
له الإمام في لحظة عطف أبوي حين أراد إعفاءه من القتل (أنت حل من
 
عهدنا يا جون ،إنما تبعتنا طلبا للعافية وأنت في اذن منا) فوقع
على قدميه
 
يقبلهما ويقول (أنا في الرخاء الحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم
،سيدي ان ريحي
 
لنتن وحسبي للئيم ولوني فاسود فتنفس علي بالجنة،ليطيب ريحي
ويشرف نسبي
 
،ويبيض
لوني ،لا والله لن أترككم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم اهل
 
البيت)وكان الوفاء وكان التوحد الروحي بين الإمامة والولاء حيث
كان لجون
 
ما أراد من الفوز بالشهادة ،حيث هرع له الحسين(ع) وكأن ركنا
منه قد انهدام
 
ليعانق جسده المقطع داعيا له (اللهم بيض لونه ،وطيب ريحه
واحشره مع محمد
 
وال محمد وعرف بينه وبين محمد وال محمد). ويتكرر الموقف كثير
مع الشيوخ
 
والشباب،هاهما الغفاريان يخرجان قائلين(السلام عليك ياابى عبد
الله جئنا
 
لنقتل بين يديك،وندافع عنك) فقال (مرحبا بكما )واستدناهما
فدنوا منه وهما
 
يبكيان فقال لهما (ما الذي يبكيكما يبني أخي،فوالله اني لأرجو
ان تكونا
 
بعد ساعة قريري عين)قالا (جعلنا الله فداك ما على أنفسنا نبكي
وإنما نبكي
 
عليك،نراك وقد احيط بك ولا نقدر ان ننفعك) وكذا الحال مع واضح
التركي مولى
 
الحرث المذحجي الذي استغاث بالحسين لحظة مصرعه فهب له الامام
(ع)كما هب
 
لابنه علي الأكبر او للقاسم ،وانكب عليه وهو يعانقه،فقال
مفاخرا(من مثلي
 
وابن رسول الله واضع خده فوق خدي)وفاضت روحه الطاهرة..ومشى
الحسين الى
 
اسلم مولاه واحتضنه وهو يجود بنفسه مفاخرا حتى النفس الأخير..
 
اكثر من سبعين اسما صارت عناوين أسطورية تطرز وجه التاريخ
الإنساني ،وكلها
 
تبارت بنفحات بطولية فاقت حد الإعجاز الإنساني ،حتى وصل الحال
بعابس اذ
 
كان يصيح بلا.. بلا ان حب الحسين أجنني..
 
فاذا كان غاندي قد تعلم من مظلومة الحسين كيف يحقق النصر على
اكبر
 
إمبراطورية في العالم ،فحق لنا ان نستثمر هذه المظلومية في
بناء الأسس
 
التي استشهد من اجلها سيد الشهداء وهي الأمر بالمعروف والنهي
عن
 
المنكر،عبر مصداق واحد هو الجهاد المستمر ضد الاستبداد
،واستثمار قيم
 
الشهادة والإيثار التي نشرتها ثورة الحسين (ع)،دروس ودروس تقف
أمامنا
 
شاخصة ،فأتباع ابي سفيان مازالوا يستهدفون نسل رسول الله
(ص)ومازالوا
 
ينظرون لكل شيعي على انه خارج من حلبة ألطف ،وما زال الطواغيت
في الأرض
 
يرتعبون من اسم الحسين ومرقده وزواره ومراثيه ،وكأن لطمنا
صدورنا لطم لأنوفهم …
 
 
 
وماذا يعني لنا إقامة مواكب العزاء وهي تراثنا ومدرستنا
الأبدية التي تخرج
 
منها شعراءنا وفلاسفتنا وعلماءنا ؟ ،علمتنا كيف نحب بعضنا ساعة
يستعر
 
الخوف ،وكيف نمتلئ توثبا وثورة حين تهز لحظة يأس مناكبنا ،فنجد
ان أعناقنا
 
ليست غالية أمام سكاكين الشمر وأشباهه ،وإننا لسنا كمن دعا
مسلما بن عقيل
 
وخذله ،فسيوفنا مع الحسين وقلوبنا تهيم في حب الحسين ،ونحن
أدرى برموزنا
 
ومراجعنا وقادتنا ،ومازال الحسين يتمثل بكل إنسان يأمر
بالمعروف وينهى عن
 
المنكر ،وبكل إنسان يحترم إنسانيته ومبادئه وقيمه الروحية التي
تقربه من
 
الله سبحانه
صادق الموسوي
 
 
      



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=2814
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 01 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28