النص الفائز بالمركز الثالث(الشعر الحر) بمسابقة مركز النور للإبداع، بدورتها الخامسة
1
قَلَقٌ
يُخيطُ مِنَ اسْتِغَاثَاتِ الْحَيَارَى،
وَالسُكَارَى
قَرْيَةً سَمْراءَ،
يَحْمِلُني إِلَيْهَا
فَقْرُ أَحْلَامِ الْعَذَارَى
بَيْنَ أَكْوَاخٍ تُزَخْرِفُها
طُقوسُ الْلَا انْتِمَاءْ
2
وَتُطَرِّزُ الْآهَاتُ أَجْنِحَةً
مِنَ الْحُزْنِ الْمُبَاحِ بِكُلِّ مَوّالٍ،
أَفِرُّ بِهِ لِعنْوَانٍ أُدَنْدِنُهُ خُشوعاً
حينَ تَسْجُدُ دَمْعَتي صَمْتاً
عَلَى شَفَةِ الدُّعَاءْ
3
نَذْري يَطوفُ وَلَا يَطوفُ،
وَحَاجَتي خَيْلٌ مِنَ الْأمْوَاجِ،
أَتْبَعُهَا، وَتَتْبَعُني
وَحُجَّةُ حَسْرَتي
ذِكْرى سُؤالٍ لَمْ أُجِبْ شَهَواتِهِ
لَمَّا اسْتَبَاح بِنَارِهِ بُشْرى اللَّقَاءْ
4
أَصْحو
عَلَى هَمْسِ الْحَصَى
الْمَضْفورِ بِالْوَرَقِ الْمَلَوَّنِ،
وَهْوَ يَحْمِلُ لي
شَذَى قُبُلَاتِ ميلَادِ الصَّبَاحِ،
فَأُبْصِرُ الْحَسْنَاءَ، وَالْخَضْرَاءَ
في شَمْسٍ، يُغَازِلُ ضَوْءَها مَوّالُ مَاءْ
5
مَازَالَ طَيْفُكِ في دَمي،
مَازَالَ"لَا مَوْلَايَ" يُمْسِكُ مِعْصَمي،
مَازِلْتِ تَخْتَبِئينَ مِنِّي
مَرَّةً بِتَميمةِ الْـ"بِاللهِ يَا هَذَا عَلَيْكَ"،
وَمَرَّةً أُخْرى بِأَحْلَامي،
وَتَسْتَتِرينَ مَرَّاتٍ،
وَمَرَّاتٍ بِسُلْطَانِ الْحَيَاءْ
6
مُذْ كَانَ مَاءُ الْهَوْرِ عُرْساً
يَعْبُرُ الْقَصَبَ الَّذي
فَتَنَتْهُ "هوساتُ الْمَشَاحيفِ"
الَّتي صَلّى بِهَا الْبَرْدِيُّ
كَانَتْ قِصَّتي مَسْحورَةً
بِعَجَائِبِ الْوَشْمِ الْمُحَلّى
بِالْجَوَاهِرِ في تَضَاريسِ النِّسَاءْ
7
كَانَتْ هُنَا...،
جَلَسَتْ هُنَا...،
سَارَتْ عَلَى هَذا الطَّريقِ،
وَحينَ مَرَّتْ مِنْ هُنَا
ابْتَسَمَ الثَّرى وَرْدَاً، وَحِنَّاءً
فَغَرَّدَتِ الْبَلَابِلُ
فَوْقَ أَحْلَامِ النَّخيلِ،
وَغَنَّتِ الشُّطْآنُ لِلنَّجْوى،
وَلِلشَّكْوى،
فَسُبْحَان الَّذي أَسْرَى
بِعَبْدِ الْحُبِّ مِنْ شَمْسٍ
لِمَا بَعْدَ الْمَسَاءْ
8
سِرْبٌ مِنَ الْأَسْمَاءِ مَرَّ مُرَفْرِفاً
يَرْوي صَدَى حَرْفَيْنِ
أَوْ قَلْبَيْنِ
مَازَالَا عَلَى قَيْدِ الْغَرَامِ
بِذِمَّةِ النَّهْرَيْنِ والْجِهَتَيْنِ،
تَعْشَقُ نَارَ شَوْقِهِمَا الظِّلَالُ،
وَتَغْزِلُ الْأَغْصَانُ مِنْ أَوْرَاقِهَا
لَهُمَا أَريكَةَ سَهْرَةٍ،
رَهْوَاً يُهَدْهِدُهَا الْهَواءْ
9
قَلْبي وَمَا أَدْرَاكَ مَا قَلْبي،
انْتِظَارُكَ رَحْمَةٌ أَمْ لَعْنَةٌ؟
أَرْنو إِلَيْكِ بِكُلِّ بَسْمَةِ زَهْرَةٍ،
وَبِكُلِّ عَوْدَةِ طَائِرٍ،
فالنَّهْرُ يَسْأَلُ هَائِماً
عَنْ خَالِهَا الْمَسْكوبِ
في صَمْتي،
وَعَنْ وَجَعي الَّذي
لَمَّا رَآهُ النَّخْلُ
هَزَّ جُذوعَهُ،
فَاسَّاقَطَ الرُّطَبُ احْتِفَاءً
بِالْهَوَى
الَمَرْسومِ في شَفَةٍ،
إِذا مَا اسْتَافَهَا وَرْدٌ
تَطَيَّبَتِ السَّمَاءْ
10
لَيلي وَبُعْدُكِ شَاعِرَانِ،
بِفَمِ الْقَصيدةِ تَائِهَانِ،
مُنْذُ انْشِطَارِ حُروفِهَا
روحي تُغَادِرُهَا الْمَعَاني،
فَأَجَابَني الرَّيْحَانُ: لَا،
لَا، يَا فَتى،
مَعْزوفَةُ الْإِيمَانِ في عَيْنَيْكَ
أَوْ شَفَتَيْكَ،
أَوْ خَدَّيْكَ
فَتْوَى نَاسِكٍ
سَتُعيدُ لِلْإِنْسَانِ فِطْرَتَهُ
فَمَا أَبْهَى الْوَفَاءْ!
|