• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة في موقف المرجعية من الوضع السياسي ومن الانتخابات المحلية الحلقة الثانية .
                          • الكاتب : الشيخ جهاد الاسدي .

قراءة في موقف المرجعية من الوضع السياسي ومن الانتخابات المحلية الحلقة الثانية

 

خطوة الى الوراء في 9/4/2003 ، شهد العالم حدثا عراقيا فريدا وهو سقوط صنم صدام حسين في ساحة الفردوس على يد القوات الاميركية . 

صدام حسين الذي امسك بزمام هذا
البلد الذي تحول معه الى مجرد سجن كبير بكل ما تحمله كلمة السجن من معنى واصبح هو
السجان فيه يعاونه في ذلك جملة من جلاوزته . 
خلف انهيار هذا النظام فراغا كبيرا
اذ ربط صدام كل مقومات الوضع السياسي وجميع اركان الدولة بشخصه هو، ومن هنا كان
انهياره يمثل انهيارا لكل المؤسسات الاخرى . 
هذا الانهيار أملى على العراقيين
استحقاقا كبيرا يمثل تحديا صعبا وهو بناء الدولة الجديدة اذ لا يمكن لشعب في عالم
اليوم ان يعيش بلا دولة وبلا نظام . 
المرجعية اليدينية بما تحمله من
جاذبية روحية واجتماعية كانت محط الانظار ومركز الانتباه وبدات تساؤلات تثار حينها
عن كيفية بناء الدولة وعن الآلية التي سوف تتم من خلالها . 
كان امام المرجعية في حينها خياران
ممكنان ولكنهما في اتجاهين مختلفين تماما : 
الاول : ان تنادي باقامة الدولة
على اساس فكرة ولاية الفقيه التي تعني ان زمام الامور في البلد سوف تكون ممسوكه من
قبل شخص المرجع . 
وفي الواقع ان المرجعية رفضت تماما
ان يتم التسويق لفكرة ولاية الفقيه في العراق من خلال عدة لقاءات وبيانات صحفية
اشارت الى هذا الامر منها على سبيل المثال : 
(السؤال : مارايكم بالحكم الجديد
في العراق ؟ هل تؤيدون الحكم الاسلامي ؟ هل تحبون ان تكون دولة العراق مثل دولة
ايران الاسلامية ؟ 
الجواب : اما تشكيل حكومة دينية
على اساس فكرة ولاية الفقيه المطلقة فليس واردا ولكن يفترض بالحكم الجديد ان يحترم
الدين الاسلامي الذي هو دين اغلبية الشعب العراقي ولا يقر ما يخالف تعاليم الاسلام
)[1]
ان هذا الموقف المبدئي يمثل تحديدا
اساسيا لطبيعة علاقة المرجعية بالدولة وبمؤسساتها المختلفة اذ لا ترى المرجعية من
خلال اتخاذها هذا الموقف أي دور تمارسه داخل الدولة وبالتالي فكل ما يصدر من سلوك
من قبل الدولة لا تتحمل المرجعية مسئوليته باي شكل من الاشكال وانما هو تابع
لطبيعة السياقات والنظم القانونية التي خلفته وانتجته .
 
الثاني : ان لا تقام الدولة على
هذا الاساس وانما تبنى الدولة على اساس مشاركة الشعب في بناء العملية السياسية
ومرجعية صندوق الاقتراع ضمن آليات تحفظ وتؤسس لدولة سلمية يتمتع فيها الجميع
بالحقوق المتساوية وان تحترم دين الاغلبية العراقية ولا يقر ما يخالف تعاليمه جاء
ذلك في معرض الرد عن سؤال بهذا الشان : 
(السؤال : ما العلاقة بين الدين
والدولة : 
الجواب : يفترض بالحكومة التي
تنبثق عن ارادة اغلبية الشعب ان تحترم دين الاغلبية وتاخذ بقيمه ولا تخالف في
قراراتها شيئا من احكامه )[2]
 ويمكن ان نحدد ملامح رؤية المرجعية للدولة
العراقية الحديثة بشكل اكثر تفصيلا فيما يلي :
اولا : لابد من تحديد مرجعية
قانونية تنظم العلاقات والقوى المكونة للدوله من خلال الدستور ما يعني ان المرجعية
تريد تحديد معيار صالح وضابط للحدود فيما بين المكونات الاساسية للدولة وهو
الدستور ، اذ وقفت المرجعية موقفا حازما لا يقبل التنازل عن ان يكتب دستور للبلد
وان يكون مكتوبا بأياد عراقية منتخبة، ذلك كما جاء في نص الاتي :
(السؤال : ما هو رايكم بصياغة
الدستور العراقي الجديد للعراق ومن المخول برايكم المسؤول عن صياغته ؟
الجواب : الدستور العراقي يجب ان
يكتب من قبل ممثلي الشعب العراقي الذين يتم اختيارهم عن طريق الانتخابات العامة ،
واي دستور يضعه مجلس غير منتخب من قبل الشعب لا يمكن القبول به ) [3]
 
ثانيا : الشعب هو المرجعية
الاساسية في بناء الدولة وشغل مواقعها من خلال الرجوع الى صندوق الانتخاب ، كما
يوضحه جواب السؤال : 
(السؤال : ما هي الحكومة التي
تريدون في عراق ما بعد صدام حسين وكيف يجب ان يتم تشكيلها ؟ هل ستلعبون دورا فيها
؟ 
الجواب : شكل نظام الحكم في العراق
يحدده الشعب العراقي والية ذلك ان تجري انتخابات عامة لكي يختار كل عراقي من يمثله
في مجلس تاسيسي لكتابة الدستور ثم يطرح الدستور الذي يقره هذا المجالس على الشعب
للتصويت عليه والمرجعية لا تمارس دورا في السلطة والحكم )[4] . 
ثالثا : لم تتدخل المرجعية في
توجيه الناخب ولم تؤثر على قراره الا بمقدار تقديم النصح والمشورة انطلاقا من
مسئوليتها كمحل ثقة لدى الناخبين ومن هنا لم يتم الانطلاق من الموقع الشرعي
للمرجعية بقدر ما تم الانطلاق من موقع ثقة الناخب بالمرجع الذي عرفها على طول خط
تاريخها بالنزاهة والتثبت ومراعاة مصالح الجماعة. 
رابعا : عدم التمييز بين العراقيين
بل كان خطاب المرجعية خطابا عاما وليس خاصا باتباع اهل البيت وانطلقت من موقع
الحرص على العراق ككل لا باعتباره وطنا لاتباع اهل البيت فقط . 
السؤال : غالبية الشعب العراقي من
الشيعة ، ماهو الدور الذي تريد ان يلعبه شيعة العراق سياسيا ؟ 
الجواب : اما ما يريده الشيعة فهو
لا يختلف عما يريده سائر ابناء الشعب العراقي من استيفاء حقوقهم بعيدا عن أي لون
من الوان الطائفية ) [5] 
كما يتجلى ذلك واضحا من خلال
الموقف الواضح والثابت من كل ابناء الشعب العراقي بمختلف طوائفه وانتمائاته لمن له
ادنى اطلاع ومتابعة لطبيعة تعاطي المرجعية مع الشان العراقي . 
ان هذا الموقف كان اساسيا وحاسما
في التاسيس لدولة قائمة على دستور تؤمن بتداول سلمي للسلطة والناخب هو حجر الزاوية
فيها ولو لم تتخذ المرجعية هذا الموقف في تلك اللحظة لما كان يمكن للبلد ان يسير
في طريق تحقيق السلم والاستقرار والتقدم . 
_______ 
[1] . النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني ، حامد
الخفاف . ص 248.
[2] . المصدر السابق . 
[3] . المصدر السابق ص 242.
[4] . المصدر السابق ص210.
[5] المصدر السابق ص 255.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=29766
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 04 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20