• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اسباب ضعف الثقافة الديمقراطية في العراق .
                          • الكاتب : راسم قاسم .

اسباب ضعف الثقافة الديمقراطية في العراق

الارث الديمقراطي لدينا متواضع ان لم يكن معدوما ، فنحن عشنا ازمنة طويلة تحت امرة الحاكم بامره السطان المستبد الذي لا يمكن ان يعارضه احد وهو الآمر الناهي المستمد سلطته من الحق الآلهي الذي لا يمكن ان يعترضه ، كما ان الاسرة االعراقية وهي مثل كل الاسر العربية والشرق اوسطية القيادة فيها للاب وهو رب الاسرة الذي يطاع والذي يستمد ثقافته من المحيط الاجتماعي المسور بالعشائرية والمفاهيم القبلية ، فنحن اذن لا نملك ارثا ديمقراطيا مثل اوربا التي ابتدأت فيها الديمقراطية منذ العصر الروماني قبل اكثر من الفي عام حيث عرفت حضارة روما الديمقراطية ومجلس النواب والشيوخ ودرسها فلاسفة الاغريق القدماء امثال ارسطو وافلاطون وغيرهم ، ولقد تاسست الديمقراطية الحديثة في اوربا قبل اكثر من مئتي عام اي بعد الثورة الفرنسية ، و الديمقراطية نهج في الحياة أختارته العديد من شعوب العالم في التعامل و العلاقات بشأن القضايا الحياتية لتلكم الشعوب، نهج سلمي للحوار قائم على قاعدتين أساسيتين هما الحرية و المساواة بين الأفراد بغض النظر عن الجنس أوالعرق أو المعتقد، ويصبح الحوار السلمي بمختلف أبعاده و أنمطته بودقة لصهر الأفكار والرؤى للوصول الى أتفاق ألجميع أو ألأغلبية المعبر عنها برغبة الناس و وفق معايير مختلفة منها  صناديق الاقتراع .
ظهر النهج الديمقراطي وتطور عبر مئات السنين، وأخذ أبعادا وأشكالا مختلفة، نتيجة تطور الشعوب ومجتمعاتها في مختلف نواحي الحياة، ولعبت الطبقة الوسطى دورا هاما في ذلك كونها المحرك للدولة ولها الحق في التأثير على مسارات الحكومة، وفي ذلك تم رفض الشمولية كنظام سياسي وأجتماعي.
وفي مجتمعات مثل المجتمع العراقي الذي أجهض فيه تطور الطبقة الوسطى ومعها النهج الديمقراطي و عبر عشرات السنوات، بحيث عجزت الطبقة الوسطى في التأثير في مسارات الحياة في العراق، كما أن طبيعة الأقتصاد العراق الريعي (موارد النفط وليس الضرائب) هي المصدر لمالية السلطة، أدى الى فقدان التطور التاريخي للطبقة الوسطى وتأثيرها.يضاف الى ذلك أمتزاج النضال الوطني والنضال الديمقراطي، والنضال الوطني ضد الاستعمار لم تكن موضوعة للديمقراطية .
أختلف نهج الشعوب التي خرجت من النظام الشيوعي الشمولي، فالشعوب التي كان لها أرث ديمقراطي أستطاعت أن تتجاوز محنة التحول الى الديمقراطية وأصبحت تمارسها نهجا في الحياة أما الشعوب التي لم يكن لها موروث ديمقراطي فقد سقطت من جديد في براثن أنظمة دكتاتورية من قبل نفس الأشخاص أو غيرهم ولكن بأدوات ونظم دكتاتورية جديدة، وفي العراق حيث لا أرث ديمقراطي مؤثر في السابق ولا حالة من وجود ديمقراطي منظم واسع بحثت الناس عن أنمطة مؤثرة على الساحة الواسعة في التعامل ، لذلك نجدالوعي الديمقراطي مازال متواضعا لدى الغالبية الاجتماعية ،ولقدأستطاع النظام السابق تصفية أو أضعاف كل المؤسسات ليحتكر العمل السياسي لنظامه ولكنه فشل في تصفية الشعور الديني  وشجع المؤسسة العشائرية، ولذا بعد أسقاط النظام و سقوط منظمته السياسية من قبل الولايات المتحدة ألأميركية وجدت العشائريةألأمكانيات الواسعة التي أنفتحت أمامها مستفيدة من التجمعات والمضايف لتوسيع نفوذها وأدخلت قضية الطائفية السياسية لتصبح أداة لخدمتها للوصول الى مراكز السلطة.
اما الديمقراطيين العراقيين المنظمين منهم و المستقلين، وجدوا أنفسهم عاجزين أمام أندفاع الاحزاب اللاديمقراطية  و زعماء العشائر ولم يستطيعوا القيام من كبوتهم هذه حتى يومنا هذا.
ان عدم تطور الفئات الوسطية لتصبح عامل مؤثرفي الدولة الريعية هو ضعف ألأرث التاريخي للأنظمة الدكتاتورية بأشكالها المختلفة التي عاشها العراق منذ تأسيسه، و السلوك الهمجي للنظام السابق تجاه المؤسسات السياسية ألأخرىوخطط و سياسات قيادات التحالف الذي أسقط النظام السابق، والمحيط الغير الديمقراطي لمعظم دول الجوار.
كما ان عوامل ذاتية عدة ساهمت في أيصال الوسط الديمقراطي الى ما هو عليه من ضعف و تشرذم الاحزاب الديمقراطية  وتعود جميعها الى خلفيات أيديولوجية أو أجتماعية و ثقافية مختلفة و عدم التفريق بين البرامج الحزبية والنضال من أجل الديمقراطية أو من سلوك سياسي فردي يطلب الزعامة ، هذه العوامل جميعا أنعكست على مجمل النشاط السياسي العراقي بحيث لم تستطع القوى الديمقراطية العراقية أن توحد نشاطاتها.
 أعتقد أن العقدة الأساسية في تطور الوعي الديمقراطي  في العراق هو عدم الوضوح لدى العديد من القيادات ما بين النضال من أجل ألأستقلال الشامل وعدم الرضوخ لحكم الأجنبي المباشر أو غير المباشر والعمل من أجل الديمقراطية المتمثلة بمؤسسات للدولة من جهة، وقيام منظمات سياسية وأجتماعية من جهة أخرى.
وأحيانا أخرى طغت البرامج السياسية للأحزاب على برامجها من أجل الديمقراطية، وتمت التضحية بالأخير لمصلحة البرنامج السياسي والمعادلات السياسية التي ترتأيها قيادات الأحزاب بحيث ضحت قيادات الأحزاب بأسس الديمقراطية والتطلع الديمقراطي في سبيل ما كانت تعتقده من ضرورة لتطور البلد، لقد عبر هذا الموقف من ألأستهانة بالديمقراطية بأعتبارها ليست من اوليات العمل بأشكال مختلفة ومن قبل مختلف قيادات الأحزاب التي تدعو برامجها للديمقراطية، وأدت هذه المواقف الى تناقض ما بين دعاة الديمقراطية والأحزاب السياسية الديمقراطية، وأدى ألى عدم تجذر النضال من أجل الديمقراطية، بل ما حصل هو التأكيد على النضال والعمل السياسي الوطني من دون ألأخذ بنظر ألأعتبار كونه ديمقراطي أو غير ديمقراطي .
لقد أدى المزج بين عمل الأحزاب السياسية والعمل من أجل الديمقراطية الى ضعف الثقافة الديمقراطية في مجتمعنا،وهذا شيئ منطقي حيث أن الأحزاب تعمل وفق برامجها السياسية وفي ما تعتقده من مصلحة لتحقيق تلكم البرامج على حساب العمل من أجل ترسيخ الديمقراطية. لقد عبر هذا الخلاف عن نفسه بأشكال شتى منها.
الديمقراطية داخل هذه المنظمات، شبه معدومة أن لم تكن معدومة داخل المنظمات السياسية اوبهذا لم يتطور العمل الفكري داخل هذه الأحزاب بل سار بأتجاه أمر وضبط حديدي غلق الباب أمام أي حوار ديمقراطي أو تطور ديمقراطي بل وصل ألأمر الى تحريم أدبيات سياسية ديمقراطية كونها تحريفية أولدى البعض ألأخر متطرفة  أكثر مما يتطلبه الواقع السياسي، هكذا قررت قيادة تلك  الاحزاب على الجميع الطاعة أو ينتهي ألأمر بالأنشقاقات وتشكيل منظمات جديدة ، تشديد الصراع الغير المبرر داخل ألأتجاه الديمقراطي ومنظماته مما أضعفها جميعا، ونشاهد هذا بوضوح،ومرجع هذا السلوك غير ديمقراطي للمنظمات السياسية التي تدعي الديمقراطية، حيث ترفض أليات الحوار ويبقى مبدأ رأيها هو صحيح لا يقبل الخطأ،ومع الأسف ما زال هذا الوضع قائما الى الوقت الحاضر.
انهاء المنظمات الجماهيرية من نقابات للعمال وأتحادات للطلبة وجمعيات فلاحية وغيرها من منظمات المجتمع المدني الى منظمات تابعة للأحزاب حيث تفقد هذه المنظمات أستقلاليتها وكان  من المفروض أن غالبية المنتمين لهذه المنظمات من غير الحزبيين، بل يجري التفريط بهذه المنظمات عندما تستدعي التحالفات السياسية التضحية بهذه المنظمات.
أعتقد أنه من واجب الديمقراطيين العراقيين المستقلين وهم الاكثرية توحيد أنفسهم ضمن برنامج ديمقراطي واضح يفسح المجال لانضمام الديمقرطين المستقلين من خلفيات أجتماعية واقتصادية وثقافية مختلفة، وأن تم ذاك عندئذ تأتي المرحلة الثانية في العمل والتنسيق مع المؤسسات السياسية المختلفة ضمن المفاهيم الديمقراطية لمصلحة التطور الديمقراطي في العراق للوصول الى الدولة المدنية الديمقراطية العصرية ، لاننا ما دمنا اخترنا الديمقراطية كطريق للحياة فلابد ان نتوسع في معرفة الديمقراطية ونشر مفاهيمها كسلوك حياتي يومي وان لا نكتفي بالمعرفة الاكاديمية للديمقراطية وانما القيام بتنفيذ مفرداتها في انشطتنا اليومية ومحاولة نشر ثقافتها بشكل واسع لتشمل كل مساحة العراق ,,



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=30201
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 04 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18