بداية لا يسعني وأنا بأشد حالات الألم الممزوج بالتفائل,
الألم لمشاهد الخراب والدمار و تعطيل المصالح العامة واهم من ذلك كلّه سقوط الشهداء و الجرحى الذين يسقطون كل ساعة في سوح الحرية الحمراء في مصر العروبة و الأسلام.
مصر الشافعي, مصر عرابي, مصر زغلول, مصر الكنانة, مصر الشقيقة الكبرى التي حولها جلادوها الذين تعاقبوا على حكمها الى بقرة حلوب تدر عليهم ما يشبع نهمهم فجعلوا منها مدينة ملاهي كبرى لحكام اسرائيل و أمراء الخليج العربي, في حال حوّلوا شعبها الطيب الى أفواج من العمالة المغتربة تجوب اقطاب الدنيا وآفاق الأرض كي يجلبوا أقوات عوائلهم و ارضهم الخصبة ترقد على نهر النيل العظيم.
وأنا في أشد حالات الألم هذه لم يفارقني الأمل في أن يخرج هذا الشعب منتصراً على جلاديه الذين حكموه بالحديد و النار و شرّدوه في الفيافي و القفار.
فقد وقّع هذا الشعب بالدم في 25 يناير 2011 على رفض جلادية مثل ما وقّع من قبله شقيقه الشعب العراقي في انتفاضة آذار/ شعبان1991 على رفض الطاغية صدام.
ولا أنسى في هذا المقام أن أستبق التحية للشعب التونسي الذي لم تكن ثورته الا الصاعق الذي فجّر الثورات المتلاحقة من بعده ثورة (مصر و ما زامنها من ثورات) حتّى لنجد في كل قطر من أقطار العرب ثورة توشك أن تؤدّي بجلاديها الى الاطاحة, فنسمع اليوم جلاد اليمن كي يتفادى منيّته فيصرّح بأنّه لا ينوي أن يجدد ترشيحه للانتخابات القادمة, كما لا ينوي أن يورّث الرئآسة لولده من بعده.
و كذلك يستبق ملك الأردن الأحداث و في محاولة لنزع فتيل الاشتعال فيعلن حلّ الحكومة السابقة و تشكيل حكومة جديدية بغية اصلاح الأوضاع الفاسدة حسب ما يدعي.
الجزائر و السودان كذلك... وحتى السعودية متخوفة من أن تتّقد نار الثورة من فيضانات ماء جدة.....والحبل على الجرّار كما يقولون.
عزيزي القارئ الكريم:
أهم شيئ اريد أن أتوقّف عنده هو مصير و مستقبل الاتفاقيات العربية الأسرائيلية....وادي عربة.....كامب ديفد و ملاحقها و لواحقها...الخ.
مصير و مستقبل السفارات الاسرائيلية في الدول العربية كمصر و الاردن و موريتانيا....الخ.
مصير و مستقبل مكاتب التمثيل الاسرائيلي و المكاتب التجارية الاسرائيلية في قطر و المغرب و السعودية و....و....و....الخ.
كل هذه الثورات و الأنتفاضات في تونس و مصر و ما سيتبعهما ستؤتي اكلها بسلام وسلاسة فيما اذا لم تتعرّض للاتفاقيات العربية الأسرائيلية و لمصير الممثليات و المكاتب الاسرائيلية في الدول العربية و الّا فالويل كلّ الويل لشعوبها الثائرة,
فحمّامات الدم و الهدم و الدمار ستلحق بمن يخلّ بهذه الأتفاقيات و السفارات و المكاتب.
و المعلوم ان عراب اتفاقيات التعاون العربي الاسرائيلي المشترك و كل هذه المعاهدات ( عرابها ) الولايات المتحدة الامريكية, فلولاها (اميركا) لم تتم كل هذه الاتفاقيات التي تصب اولاً و أخيراً في المصالح الاسرائيلية على حساب المصالح الوطنية العربية.
و حتماً لأميركا أصدقائها الذين سوف يقومون مقام حسني مبارك بعد رحيله من الجنرالات المندسّين في المؤسسة العسكرية المصرية و الذين كسبتهم عن طريق الدورات التدريبية العسكرية التي ترعاها اميركا عن طريق مساعداتها المشروطة لمصر, فليس أفضل من يقوم بهذا المقام من هؤلاء جنرالات الجيش المصري الذين يتعاونون مع أمريكا لضمان استمرار المصالح الاسرائيلية.
الخلاصة:
يتداول البعض بأن ما يجري في مصر من اعمال الشغب و حرق للمؤسسات والسرقات و البلطجة التي يقوم بها قطعان حزب حسني مبارك المقنّعين بالملابس المدنية لارباك الانتفاضة الشعبية, كل هذا الذي يجري عبارة عن مشروع الفوضى الخلاقة التي نادى بها بوش الابن لاشاعتها في العراق مع دخول الاحتلال هي نفسها ( خطّة الفوضى الخلاقة ) تطبق ألآن في مصر .
أما أنا و الكثيرين مثلي نرى ان مصائر الثورات ترتهن بارادة الشعوب, وحتماً ارادة الله ستكون مع ارادة الشعوب.
انهم يمكرون و يمكر الله والله خير الماكرين.
ان تنصروا الله ينصركم و يثبت اقدامكم.
و دمتم لأخيكم: بهلول الكظماوي.
امستردام في 3-1-2011
e-mail:bhlool2@hotmail.com
bhlool2@gmail.com |