• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : في وداع حجي كامل .
                          • الكاتب : وجيه عباس .

في وداع حجي كامل

 

لمن لم يستمع يوما الى(تحت نصب الحرية)،برنامجي الغريب،ليس بامكانه ان يعرف (حجي كامل) الذي كان فاكهة الصباح الاولى قبل ان تفتح فيروز حنجرتها لتطعمنا قهوة الصباح العربية،كان صوته الاول او الثاني،ويقينا انه كان يشكّل لي تهمة في الاحتفاء بي في زمن كان اهلنا العراقيون ممن تأثروا بجنوني يطالبون أن اقطع اتصاله من اجل ان يتصلوا هم!!،اخيرا عرفت انه كان يملك هاتفاً ارضيا يتصل به على هاتف البرنامج الارضي ايضا فيأتي صوته من الديوانية:

- اني عمك حجي كامل....[يبدأ صوته الفراتي بالدخول الى معمعة الحياة العراقية،كان يتقمص دور رئيس الجمهورية وهو يتكلم معي من الاعلى ليبث كلامه على العراقيين الذين شاء صباحهم الاكَشر ان يصطدموا بجهرتي وشواربي الكثة وعيوني المورمة من ارتفاع الضغط الدموي]...يستمر حجي كامل:

-اريد اكَول للمسؤولين خلي يخلون الله بين عيونهم...يعني يصير اني اخدم العراق خمسين سنة واطلع براتب تقاعدي مايكفيني طماطة وبيتنجان ...يعني شلون تبقه فطومة تاكل بيتنجان طول عمرهه....[حين يصل الى ذكر فطومة ابنته يفقد اعصابه،واجمل شيء حين يفقد حجي كامل اعصابه الى الحد الذي لايسيطر على اعصابه،كثيرا ماتوقعت انه لويملك ان يملخ المسؤولين جلاقا عراقيا لفعلها حتى اذا تم اعدامه بعد ذلك،كل ذلك من اجل اكمال دوره بالكامل]...لهذا لاتكاد تخلو حلقة من اتصال لحجي كامل،وحلقة بدون حجي كامل حلقة فارغة،لهذا ضيّفته في احدى حلقات الصباح،حضر الى البرنامج في السادسة صباحا ودخلنا الاستوديو في السابعة وخرجنا في الثامنة،حتى الان اتذكر غترته البيضاء التي تعود الى خلف جبهته الصلعاء فاقوم انا واجرها الى الامام وهو ينظر الي كما ينظر الى احد اولاده الذين يحبونه ويحبهم،في النهاية لم املك الا ان اقبّل صلعته على الهواء مباشرة،شعرت حينها اني اقبل هامة عراقي الشريف الذي ابحث عنه فوجدته تحت غترة وعقال هذا الرجل الديواني.

قبل خمسة ايام،في الديوانية اغمض صاحب هذه الهامة الصلعاء عينيه المتعبتين واباح لروحه ان يرتاح من دوخة الاتصالات بالبرامج ليسمع صوته الذي حرمه منه البعثيون واصحاب القنوات التي تبحث عن الصبايا والمربربين ،وفاتهم ان قلب حجي كامل عراق بامكان الجميع ان يعثر عليه من عطر طيبته.

ايها الساكن في مقبرة النجف الكبرى:لم يعد رصيدك يكفي لاجراء مكالمة وانت تناشد الشرفاء في وضع اصبح الشرف فيه لاقيمة له الا في حساب الاسهم،ايها الشيخ الكبير الذي عقه الاصدقاء الذي علّمهم الحسجة والشعر وفارقوه في اخريات عمره وهو لايكاد يفهم من الاخبار سوى صوت التظاهرات والمطالب المحروقة،ايها الديواني الذي كان يحمل الديوانية تحت عقاله فتنزلق غترته تحت جسرهه حين تفرفح الدمعات من عينيه:نم ياصديقي الكبير فقد علمتني انك الوحيد الذي تستحق ان نرفع شطفته راية لعشائرنا الوطنية.

 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=30730
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29