• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الفرق الإسلامية: الأباضية .
                          • الكاتب : السيد يوسف البيومي .

الفرق الإسلامية: الأباضية

هذا المذهب من المذاهب المتقدمة في التاريخ الإسلامي، وهو أحد المذاهب الإسلامية المتفرعة من المذاهب أهل السنة. ويسمى بالمذهب بـ "الأباضية" نسبة لمؤسسه: "عبد الله بن إباض التميمي"، وهو من تابعي الصحابة وقد عاصر "معاوية بن أبي سفيان" وتوفي في أواخر أَيام "عبد الملك بن مروان". وهو من الذين  تتلمذوا على يد "عبد الله بن عباس" ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو أيضاً من رواة الحديث وبالخصوص عن زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) "عائشة بنت أبي بكر"، و روى عن غيرها من الصحابة. وكان صاحب مذهب خاص به في الفقه والتفسير..
المذهب الإباضي: أنتسب "المذهب الإباضي" إلى "عبد الله بن إباض التميمي" وهي نسبة عرضية كان سببها بعض المواقف الكلامية والسياسية التي اشتهر بها ابن إباض، ومن هنا نسب المذهب الإباضي إِليه. ولم تستعمل كلمة "الإباضية" في تاريخهم المبكر هذه النسبة، بل كانوا يستعملون عبارة "أهل جماعة" وذلك بسبب اجتماع جمع من المسلمين يوم صفين مع "معاوية بن أبي سفيان" يوم صفين مقابل من كانوا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والذين لقبوا بـ "شيعة علي" أو "أهل الحق"، وكان أول  ظهور لاستعمال كلمة "الإباضية" في أواخر القرن الثالث الهجري..
والمعروف بين العلماء بالفرق الإسلامية أنّ "الإباضية" يحبّون الشيخين ويبغضون الصهرين ـ أي علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعثمان بن عفان الخليفة الثالث ـ ، إلا أن أتباع  "الإباضية" في عصرنا الحالي ينكرون هذا القول، ويقولون إنها دعاية قد سلّطها عليهم المغرضون على "الإباضية" خصوهم بهذه الإشاعة. و"الإباضية" تعد إحدى فرق "الخوارج".
من عقائد هذه فرقة "الإباضية":
1 ـ  يعتقد أهل "الإباضية" أن مخالفيهم من أهل القبلة "كفار" ولكن غير مشركين، وإن دارهم دار إسلام، لا دار كفر، وإن مناكحتهم جائزة. وأجازوا شهادتهم، ووراثتهم. وحرموا قتلهم غيلة، وفي السر. وإنما يجوز القتل إذا أقاموا على خصومهم الحجة، وأعلنوا لهم بالقتال. وحينئذٍ فلا يجوز من أموالهم إلا ما يغنم من الحرب، مما يعين على الحرب، كالسلاح. وما عداه فهو حرام. والمؤمن إذا ارتكب كبيرة فهو كافر كفر نعمة، لا كفر أي بمعنى أنه قد أشرك.
2 ـ ويعتقدون بضرورة الإمامة بناءً على اختيار الشيوخ وأهل الرأي، وليس بلازم ظهورها دائماً، فقد يبقى اختيار الإمام في طي الكتمان. وتسلم بأصول الفقه التي قال بها أهل السنة فيما عدا الإجماع.
3 ـ  هم ومع أنهم يختلفون مع الخوارج من نواحي إلا أنهم أقرب الفرق  إلى ما يعتقد به الخوارج. ومذهبهم أكثر تسامحاً من كل فرق الخوارج. ولهذا استمرت هذه الفرقة في البقاء دون سائر الفرق الخارجية. فيوجد فيهم إلى الآن جماعات في المغرب العربي، وعُمان..
ولكن "الإباضيون" لا يعتبروا أنفسهم فرقة من فرق الخوارج. ويقولون: إنما هي دعاية استغلتها الدولة الأموية لتنفير الناس من الذين ينادون بعدم شرعية الحكم الأموي.. 
4 ـ إن "الإباضية" لا يرون مشكلة بالتعامل مع حكام الجور والدولة الظالمة، وتعاملهم في بعض الأحيان قد يخدم مصالح أولئك الحكام، ويؤكد هيمنتهم وإمساكهم بالأمور بقوة، الأمر الذي جعل الحكام لا يجدون ضرورة لمواجهتهم، والتخلص منهم. بل إن وجودهم أصبح مفيداً للحكام أحياناً ، وهذا ما يبرر أيضاً استمرار هذا المذهب إلى أيامنا هذه والسبب هو تغاضي الحكام عنهم وعن معتقداتهم. 
والعجيب في الأمر أن يصبح بقاء الحكام أيضاً، واستمرار حكمهم بمزيدٍ من القوة والشوكة مطلباً للإباضية حتى على مستوى قياداتها. ويتجسد لنا مصداق ذلك ، فيما يذكرونه عن "ابن إباض" نفسه، من أنه كان كثيراً ما يبدي النصائح لعبد الملك بن مروان.
وكان قد "عبد الله بن إباض" رأس "الإباضية" يعيب على علي (عليه السلام) ومعاركه مع معاوية بن أبي سفيان. 
5 ـ  ويعتقد فقهاء "الإباضية": أن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) مستحل في قتلهم، وأنه تجزيه التوبة من غير عزم. وهذا هو حكم المستحل، إن أراد التوبة، بخلاف الذي يأتي الشيء، وهو يعلم أنه حرام، فهذا لا توبة له، إلا بردّ المظالم، والتخلص إلى أربابها. وهذا يعني أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يستحق القتل لأنه غير عازم على الذنب وقد فعله جاهلاً بالحكم ـ والعياذ بالله ـ وهو أعلم من كان بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
بل لقد نُقل عن بعض علماءهم الموجودين فعلاً في الجزائر أنهم يظهرون الحب لأمير المؤمنين وآله (عليهم السلام) ويتبرؤون من ابن ملجم، وينكرون أن يكون منهم.
فإن صح هذا الإدعاء فهذا من التطورات الجديدة والهامة في هذا المجال.
ولكن الذي ظاهر الأمر هو غير هذا: فإن تبرؤهم من ابن ملجم يرجع إلى أمر آخر، وليس هو الحب لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ولا لتخطئتهم ابن ملجم في قتله إياه، وهذا الأمر هو الذي أشار إليه المؤرخ المسعودي بقوله:"وكثير من الخوارج لا يتولى ابن ملجم، لقتله إياه غيلة".
وأما ما قد تراه  من مهاجمة "الإباضية" لـ "لخوارج" و "المارقة" في بعض كتبهم الفقهية فلا يدل هذا أبداً على حبهم لـ "علي بن أبي طالب" (عليه السلام)، ولا على تغير في مواقفهم العدائية له ولبنيه من بعده (صلوات الله عليهم أجمعين).
وأخيراً، فإن هناك بعض الفتاوى الشاذة والمنحرفة التي تخالف الكتاب والسنة التي تصلح كمؤاخذات عليهم منها:
أ ـ لا يفضلون فئة على الأخرى في الصلح حتى لو لم يصطلحوا وهذا يخالف قوله تعالى: {فَإِن بَغَت إِحدَاهُمَا عَلَى الأُخرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبغِي}.
ب ـ ومن هذه المؤاخذات أيضاً حرمة الزواج بأمراة بينها وبين رجل علاقة محرمة حتى لو لم تكن محصنة وهذا يخالف قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}. 
ج ـ وإفتاءهم بحرمة الزكاة صيانة لماء وجه السائل وهذا خلاف القرآن الذي يأمر بإعطاء السائل وعدم نهره يقول تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَموَالِهِم حَقٌّ مَّعلُومٌ, لِّلسَّائِلِ وَالمَحرُومِ}. وقوله تعالى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنهَر}.
وبعد أنهينا، كلامنا عن الفرقة "الإباضية" فإننا نتوجه للقارئ الكريم ونستمهله إلى الفرقة التالية.. مع جزيل الشكر والامنتنان..



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=30780
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28