• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الفرق الإسلامية: الحشوية .
                          • الكاتب : السيد يوسف البيومي .

الفرق الإسلامية: الحشوية

لكي نعرف بهذه الفرقة لا بد لنا من تقديم مقدمة بسيطة قبل التعريف بعقائد هذه الفرقة وما قد يؤخذ عليها، وهذه المقدمة لكي نبين للقارئ العزيز الانقسام فيما بين أصحاب الفرق والمذاهب على أساس التسمية بـ "الحشوية"..
فهناك خلاف جذري بين أصحاب المذاهب الإسلامية في أصل هذه التسمية "الحشوية"، فإن الفِرقَ التي تتبنى عقائد معينة مثل: التجسيم، والجهة للخلق الباري، وتعتبر أن أهل الكلام والفلسفة هم زنادقة بغض النظر إلى أي مذهب انتموا أو من أي طائفة كانوا، ومن يعتقد بتلك العقائد التي عددنها على سبيل المثال لاحصر يطلقون على أنفسهم أنهم: "المتبعين لمذهب السلف الصالح المعارض لمذاهب المتكلمين والفلاسفة ونحوها من أهل البدع وأهل الكلام".
أما الفريق الآخر فإنه يطلق هذه التسمية "الحشوية"، لمن وصف قديماً و حديثاً بشكل عام من الذين يحشون رأسهم بكلام لا يفهمونه، و القصد من الوصف اتهام الموصوف أنه لا يُعمل عقله. و يقصد به على الأغلب بعض "الحنابلة"، وذلك لأنهم أشتهر عنهم عدم التعمق في فهم المراد من النصوص والابتعاد عن المنهج العلمي في الاستدلال على العقائد، والاكتفاء فقط بظاهر النصوص. وهناك قسم من "أهل السنة" بشكل عام ومن "الحنابلة" بشكل خاص من يطلق هذه التسمية على هذا القسم آخر من "الحنابلة" أتباع نفس المذهب الفقهي، ولكنهم يختلفون في المذهب العقائدي، وفي كيفية تفسير النصوص القرآنية والحديثية وعدم أخذها على ظاهرها دون تأويلها. 
ويمكن التعريف بـ "الحشوية" بأنهم فرقة من المسلمين لها منهج خاص، تخالف فيه المعتزلة والأشاعرة والإمامية والمرجئة، وهذا المنهج هو حصر العلم والعرفة بظواهر الكتاب والسنة بنصهما الحرفي، حتى ولو خالفت العقل، وحتى لو لم تتفق مع عظمة الله وجلاله.
وقد أطلقت هذه التسميه على "الحنابلة" عموماً لأن بعضهم كانوا يقومون بحشو كتب خصومهم بما هو ليس منها، من هنا جاء الحشو بمعنى دس أو إدخال شيء في وعاء، ومن ذلك جاءت تسمية جميع ما في البطن بالأحشاء.
متى ظهرت هذه التسمية ولماذا أطلقت على بعض الفرق الإسلامية،  إن هذه التسمية تعود إلى القرن الأول الهجري حينما تأثر بعض "الرواة المسلمين" بأحبار اليهود والنصارى.
هؤلاء الأحبار الذين أظهروا الإسلام في عهد الخلفاء الثلاثة فأستعانوا بهم ـ أي بالأحبار من اليهود والنصارى ـ لكي يفهموا على حسب زعمهم "الكتاب والسنة". ولما ظهر من هؤلاء الحشو والزيادة في سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإضافة بعض العقائد الفاسدة منها التجسيم للذات الآلهية، سمي هؤلاء بـ "الحشوية"..
وتعتبر فرقة الوهابية هم أحد أفراد هذه العقيدة في عصرنا الحالي، والنموذج الأمثل للفئة القائلة بأن الآيات والروايات تبقى على دلالتها الحرفية، وإن خالفت العقل، وما تقتضيه أصول الدين على حسب زعمهم..
أهم عقائد الفرقة "الحشوية":
أولاً: يثبتون أن لله عز وجل جسم، وله يد، وله قدم، ويجلس على العرش ويصدر للعرش صوتاً من أثر جلوس الله سبحانه وتعالى عما يصفون، ويعتقدون أن الله عز وجل هو فوق، وأنه يتنزل إلى السماء السابعة..
ثانياً: صحيح أن هؤلاء ينكرون التأويل ولكنهم من حيث يدورن أو لا يدرون فإنهم يقومون بتأويل نصوص الكتاب والسُّنَّة بغير الحق، ووضع الأحاديث في غير موضعها، وفهرستها بما يحقق غايتهم، وإنكارهؤلاء كون فعلهم ليس تأويلاً، وعدم تسميتهم إياه بذلك لا يُنجيهم، لأن العبرة عند التحقيق بالمسمَّيات لا بالأسماء، فلْيُسَمِّه هؤلاء ما شاءوا، فلن يتغيّر عن كونه تأويلاً ولكن كما يريدون.. وسوف أعطيكم مثالاً عن هؤلاء وعن كيفية تأويلهم، قال تعالى: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. فانظر كيف هو تأويلهم لهذه الآية الكريمة، فإنهم يقولون:
"إن الله جعل السماوات على إصبع من أصابعه، والأرض على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع..." ومن ثم يفسرون هذه الآية بالتالي: "فالله يحمل السموات السبع والارضين السبع في يده، وهي فيها كحبة خردل في يد أحدنا وهذا معنى قوله تعالى: {والأرض جميعاً في قبضته يوم القيامة}". انتهى النقل من كتاب التوحيد للسلف.. أليس هذا تأويلاً ولكن منحرفاً وللقارئ أن يحكم..
ثالثاً: فإنهم يُسفهون العقل والطُّرقَ العِلمِيّة الصحيحة في فهم النصوص وتطبيق القواعد، ويَدَّعُون أن أسلوبَهم هو الطريق الصحيح، أي أخذ النصوص على ظاهرها.. مع أن الله عز وجل كرم بني الإنسان بنعمة العقل..
رابعاً: يحرم هؤلاء "الزيارة والتبرك"، ويخالفون في هذا الرأي الاكثرية العظمة للمذاهب الإسلامية.
خامساً: تكذيب بعض الأحاديث المروية في أهل بيت النبوة (عليهم السلام) وخصوصاً في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) ويعتبرونها من المكذوبات مع أنه قد ثبت صحتها وتواترها عند معظم أهل الحديث.
هذا غيض من فيض معتقدات هذه الفرقة المسماة بـ "الحشوية"، وأرجو من القارئ العزيز أن ينتظرنا على أمل اللقاء بكم مع فرقة آخرى بعون الله ورعايته..



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=30983
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28