• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : قراءة في كتاب (الطائفية في نظر الإسلام) للسيد الشهيد محمد الصدر(قدس) .
                          • الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني .

قراءة في كتاب (الطائفية في نظر الإسلام) للسيد الشهيد محمد الصدر(قدس)

لا أغالي في القول أن ما ذكره السيد محمد محمد صادق الصدر في كتاب الطائفية في نظر الإسلام والذي على ما يبدو أنه رسالة جوابية لشخص يعده السيد محمد الصدر برفيق درب الجهاد الصاعد ،يدعى (أبو حامد) ،يعد استشراف لمستقبل العراق ،ناتج عن قراءة عميقة ،لما كان يجري في البلد من ممارسات سياسية ،والذي هو عبارة عن استمرار لنهج اختطته بريطانيا بدأته في العام 1921بتسليط عبد الرحمن النقيب رئيسا للوزراء ،وبإيحاء من المس بيل صانعة عرش الملك فيصل الأول في العراق ،وعبد الرحمن النقيب ،قبل أن يتبوأ منصبه كان قد سُبر غوره من قبل الجاسوسة البريطانية ،وبالتحديد عام 1919عندما حذرها من الشيعة ،قائلا لها أنهم ليسوا من أهل البلاد ،طبقا للنظرية القائلة بأن الشيعة إنما هم فرس ،مروراً بعبد المحسن السعدون ،السياسي المفضل ،أو الفتى المدلل لو صح التعبير للدوائر البريطانية في أن يتسلم أعلى المناصب في العراق ،إذ تسيد الساحة السياسية العراقية إلى انتحر عام 1929،إن عبد المحسن السعدون لم يكن من المتدينين ،لكنه متشدداً طائفياً ،حتى أنه لم ينم له جفن عندما أراد كل من السيد عبد المهدي المنتفكي ،وباقر الشبيبي ،وهما نتاج الغزو البريطاني للعراق أن يؤسسا حزبا بزعامتهما ،ألأمر الذي تخوف منه السعدون لأنهما شيعيان ،ولما لم يجز للحزب أن يؤسس أبرق السعدون إلى الملك فيصل مبشراً بفشل محاولة عبد المهدي والشبيبي هذه لتأسيس حزب جعفري على حد قوله ،وصولا إلى ما يُعرف بالزعيم الوطني كامل الجادرجي الذي يستكثر على سياسي علماني مثله،ونتاج الحقبة البريطانية مثله ،لكنه ينتمي للطائفة الشيعية أن يؤسس حزبا ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالطائفة التي ينتمي إليها ،وأعني بهذا السياسي ،صالح جبر الذي أسس حزب الأمة الاشتراكي (يراجع كتاب من أوراق أيامي) لكامل الجادرجي .
وتصل الأحداث إلى اليوم الذي يكتب فيه السيد محمد الصدر رسالته والمؤرخة في  19/12/1965وهو في عمر (23) عاما ،وبالتحديد أثناء حكم عبد السلام عارف ،القومي ،الوحدوي كما يعبرون عنه ،ليجيب في أول استنتاجاته القيمة عمّا سيحل بالعراق ،فيذكر في ص13من الكتاب 92صفحة مع مخطوطة الرسالة الجوابية وتعليقات السيد مقتدى الصدر "نحن الآن وألسنة اللهب الطائفي ترتفع في ربوع بلادنا محاولة بكل جد وقسوة أن تأتي على الأخضر واليابس منا ،وأن تلف في زوبعتها المروعة ،المخلص والخائن والمؤمن والفاسق" أن اللهب الطائفي في الأيام التي كتب السيد محمد محمد صادق الصدر رسالته كانت نيرانه قد ظهرت من تحت الرماد في ممارسات اصطبغت بصبغات سياسية تارة ،وتارة أخرى بصبغة اقتصادية تمثلت في تأميم الشركات الخاصة والتي مملوكة في أغلبها للشيعة ،نجد هنا السيد الصدر يذكر لسائله في ص15"أن هذا الخلاف الطائفي ،بشكله الحاضر الملموس ،ليس خلافا طائفيا قائما على أساس الإسلام ،وإنما هو خلاف مصلحي ،إقتضاه إصطدام المصالح والمنافع بين جهتين من الناس .وكان من الطبيعي أن تسيطر الجهة التي بيدها زمام الحكم ،وأن تستقل بإدارة البلاد ،وأن تقصي من سواها عن مناصب الحكم" وعلى أرض الواقع استمر هذا النهج إلى أن جاء حكم حزب البعث الذي يدعي العلمانية والاشتراكية والقومية ليمارسه بشكله المقيت جداً طيلة 35عاماً ،ولتُفرز لنا عدة صور أهمها 1- تكرس بفعل التقادم الزمني حق طائفة (السنية) بالحكم ،وأصبح بالتالي بنظرهم شرعياً .2- بروز نظرية أو مقولة المظلومية الشيعية من خلال أحزاب تذكر أنها (إسلامية)،والمظلومية بنظرهم السلطة والحكم بطبيعة الحال ،وعلى هذا يذكر السيد محمد محمد صادق الصدر في ص22"وأما أن خلافنا الطائفي ،بشكله الملموس في الوقت الحاضر ،أجنبي عن الإسلام بالكلية ،لم يأخذه بنظر الاعتبار ،لا كمشكلة يقع حولها النزاع ،ولا كحل يحسم الخلاف .وذلك لأن غاية ما يطمع به الحاكمون ،ومن يسير في ركابهم من الجهات غير الشيعية ،هو إقصاء أفراد الشيعة عن الحكم وإبعادهم عن الإدارات والمرافق العامة للدولة ،وجعلهم في عزلة اجتماعية واقتصادية ،لأجل إنزال حقد تاريخي قديم بهذه الفئة المستضعفة .وأن غاية ما لدى الشيعة ،الذين يعيشون هذه المشكلة ،من أمل ورجاء ومطالب – في حدود ما لمسناه ورأيناه – هو أن يعود أشخاصهم إلى استلام المناصب ،والتسنم على كراسي الحكم ،وإشغال المرافق العامة ،لتنفتح لهم فرصة العمل ،ويتسنى لهم الحصول على القوة والمال"وليكون الهاجس بعد ذلك الاحتفاظ بالحكم ،وبممارسات تفوق ما كان يمارسه السابقون ،تساعدهم آلة إعلامية ضخمة تدخل الرعب في قلوب العامة أن من يعارضهم هم من فئتين :الأولى تحاول إعادة عقارب الساعة باستلام الحكم مجدداً ،وهم بطبيعة الحال (السنة) .والثانية:فئة خارجة عن الشيعة واصطفت من أعداء المذهب الشيعي وشقت الصف الشيعي.وهم أي هؤلاء الشيعة كما السنة لا يطبقون ما يريده المذهب السني أو الشيعي بالمرة بل لهم مآربهم وفي المقدمة وكما نؤكد مرارا وأهم المآرب ،السلطة والحفاظ عليها ،ولذلك يذكر السيد محمد الصدر في ص23و24،واصفا الخلاف الواقع بين أبناء السنة والشيعة وصفا دقيقا بقوله"والخلاف بهذا الشكل وعلى هذا المستوى ،يعتبر خلافا مصلحيا ،بين أشخاص لا بين مذهبين من مذاهب الإسلام .فلا الحاكمون وأتباعهم ،حينما يزعمون لأنفسهم أنهم يخدمون بلادهم ،وأنهم يطبقون فيها القوانين العادلة ،يأخذون مذهبهم أو دينهم بنظر الاعتبار ،ولا حين يقصون الشيعة عن الحكم وعن الوظائف العامة ،وحين ينزلون بهم الويلات ،يعملون ذلك لا لأنهم مسلمون ،ولا لأنهم (سنة) أيضاً ،ولا الشيعة حينما يحاولون الوصول إلى كراسي الحكم ،والمشاركة في الوظائف العامة ،يأخذون مذهبهم أو إسلامهم بنظر الاعتبار ،ويضعون في نياتهم خدمة دينهم لو وصلوا إلى غاياتهم وحصلوا على القوة والمال .ولا حين يخاصمون في سبيل ذلك وترتفع آهاتهم مستنكرة الظلم متذمرة من التعسف ،يطبعون هذا الخلاف بطابع إسلامي أو مذهبي صحيح ،وإنما فقط زفرات يرسلون الزفرات ،محاولين جلب النار إلى قرصهم وإحراز مصالحهم وإجتلاب الفرص لأنفسهم"،ولو نظرنا إلى ما يحدث في الحقبة الأمريكية التي بدأت في 9/4/2003لوجدنا أن ما تحدث عنه السيد محمد محمد صادق الصدر قد تحقق بكل تفاصيله ،كما تحقق التي تحدث عنهم قبل الحقبة الأمريكية ،وهم نتاج الحقبة البريطانية،التي بدأت بحقبة الثلاثي فيصل الأول – عبد الرحمن النقيب – ساطع الحصري ،وعلى ميمنتهم عبد المحسن السعدون وعلى ميسرتهم ياسين الهاشمي ،يسندهم الثنائي البريطاني ،السير بيرسي كوكس – المس بيل ،و المبني على النهج القومي – الطائفي المقيت.  
وفي نظرة إستشرافية للمستقبل توقفت مليا عندها وقتاً طويلا أتمعن في ؛دقة الاستنتاج فيها والتي هي نابعة من عمق القراءة للمحيط الذي كان في ذلك الوقت ،مما جعل النتائج التي توصل إليها السيد محمد محمد صادق الصدر في ذلك الوقت ،وفي عمره المبكر ،المشار إليه أعلاه ،على الرغم من أن ما كان يدور في المحيط لا يوحي للفرد الاعتيادي ما توصل إليه السيد محمد الصدر من نتائج ،وقد تكون القدسية التي تلف البعض تمنع وتحجب غير السيد محمد الصدر أن يتوصل إليها ،إذ يذكر في ص41"فسوف لن نتمنى أن يملأ الوزارة أو مختلف مرافق الدولة رجال من الشيعة وحسب ،لن نتمنى ذلك رغم كونهم معنونين بهذا العنوان ،لأنه عليهم عنوان فحسب ،من دون أن يكون وراء هذا الاسم واقع خارجي ،فهو وإن كان يشعر بالعصبية الشيعية عند ضيق الخناق ،إلا أنه لا يفكر من قريب أو بعيد في خدمة الإسلام ،ولا بالمشاركة الفعالة في العمل الإسلامي المثمر ،واستغلال الفرصة لخدمة دينه أو مذهبه ، لا يفكر إلا في حدود القوة التي حصل عليها شخصيا ،والراتب الضخم الذي يقبضه كل شهر" وهل حصل غير هذا في العراق باسم المذاهب .  
 وفي تحذير شديد قدمه السيد محمد الصدر لما سيؤول إليه مستقبل الخلاف بين الطائفتين أو قل المتصدين ،أو المتصدرين للمشهد السياسي العراقي باسم الطائفتين ،يذكر في ص28" إن هذا الخلاف يضع أمام الدول المستعمرة وأمام المبادئ الكافرة والدعوات الإلحادية ،وأمام الأطماع الدولية ،نقطة ضعف واضحة ،يسهل على أي من هذه الجهات استغلالها بكل بساطة ويسر للنفوذ إلى بلادنا والتأثير على قلوبنا وعقولنا ،على حين نحن مشغولون بالجدل العقيم لا ننظر إلى الدنيا من خلال زاويتها الضيقة ،لا نعلم ما الذي يدور حولنا من أحداث" ألم يحتل العراق من قبل أمريكا باسم استعادة الحقوق للشيعة الذين قتلوا وذبحوا في 1991من قبل صدام حسين وبمباركة أمريكية ،بسبب أن الجو لم يهيأ بعد للأمريكان لغزوها العراق ،ولأن الحركة الشعبية لم تقم بمباركة أمريكية .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=31266
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19