• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شارة السادة اعلى الله مقامهم .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

شارة السادة اعلى الله مقامهم

 

 في مرحلة الهوى والشباب والأمل المنشود .. التي ضاعت جميعهـــا مــــــن يديّا كفص ملح ، كان النظر "مجرد النظر" الى معتمر العمامة السوداء كافيا لادخال التقوى والرعب الى قفصي الصدري . والخيارات كانت محدودة جدا ، فاما ان اهرب من المكان مثل بطل الرمادي في سباق ركض الموانع صالح المطلك ، او طلبا للثواب اخمط كف حفيد رسول الله والصق على ظاهرها قبلة حميمة تفرغ الكثير من الرعب الذي يغمرني من هام الى قدم . آنذاك لم يكن مهما بالنسبة لي من هو ذلك السيد ، ولو بصم لي هو بنفسه بالعشرة على انه ليس متقيا وورعا وعالما وعامرا كعمر وصالحا كصالح "هاي المرة مو المطلك" لما اكترثت لشهادته واعتبرتها تندرج ضمن تواضع العظماء . هذا كله وانا سليل عمائم عموديا وافقيا وقد لملمت مجد العمامة من اطرافه خؤولة وعمومة وافلت من اعتمارها باعجوبة ، لكنها العمائم البيضاء التي لم يكتب الله لها ان "تشوّر " اسوة بشقيقاتها الكبريات السوداوات . وكم كنت وانا في تلك المرحلة اتمنى لو ان الله خصنا "اعني سليلي العمائم البيضاء " بتلك الميزة المباركة بان نشور بكل من يتحرش بنا ولو كان معلقا باستار جدار الصين العظيم . و مع تتابع الايام والسنين والاحتكاك بالحضارات الاخرى في بغداد ، والاهم من كل ذلك التعرف اكثر فاكثر على جوهر الدين وسيرة محمد بن عبد الله وتلميذه الابر علي بن ابي طالب ، بدا الصبح يسفر لذي عينين ومع عمود الفجر الصادق الاول ، راحت تتكشف الاشياء امامي واحدة واحدة وبانتظام . وبمرور الايام تحول ذلك الرعب الذي كان يتملكني عندما ارى عمامة سوداء ، الى سكينة ما بعدها سكينة مصحوبة بابتسامة بريئة تعود بي الى عهد الطفولة عندما تطاول اخي الاكبر على العنب الاسود فانهال على "سيد خلف" جارنا الذي باعنا بطيخة "رقيّة" فاسدة باقذع السباب . فاعلنت والدتي الحداد في البيت ومعه حالة تأهب قصوى استعدادا للعقاب الالهي الذي سيصب على رؤوسنا بمقامع من حديد ثأرا للسيد من الجبار المنتقم . و لم يضع الحداد اوزاره حتى تعهد اخي المسكين بتقبيل يد السيد بائع البطيخ "الخايس" والاعتذار له بنية صادقة كشرط لدفع البلاء والطخية العمياء . الطامة الكبرى ان اخي رسب في تلك السنة الدراسية . فباء بغضبين غضب الرسوب وغضب التطاول على حفيد الرسول . والدتي التي ربطت الرسوب بالتطاول على السيد ، امضت اياما بلياليها تحمد الله الذي هدى ابنها لتطييب خاطر السيد وتقبيل يده وراسه و لولا هذا التطييب لكان اخف عذاب سماوي ينتظرنا هو ان يجتاح بيتنا السيل العرم . الذي يرسم على شفتي الابتسام اليوم انني سالت اخي عن مدى التزامه بتعهده فاقسم لي انه لولا الاحترام الذي يكنه للوالدة لكان يوشك ان يهوي بالبطيخة الفاسدة على راس السيد الافسد منها ويحول المكان الى ساحة من ساحات العزة و الكرامة وليخسأ الخائسون . من يدعي شرف الانتساب لافضل البشر طرا ولسلالة علي بن ابي طالب من ولديه السبطين الحسنين فليعلم انها مسؤولية عظمى لا يترتب عليها اي امتياز و ان هذه المسؤولية توجب عليه بان يتمثل قدر المستطاع اخلاق اهل البيت ، وفيما عدا ذلك فان اي كافر ملحد صادق مع نفسه والاخرين هو اقرب لاصحاب الكساء من عمامة لو فتحت طياتها لطافت حول الارض لكنها تخفي تحت كل طية افعى تفح سمومها ذات اليمين والشمال . ما اكثر هذه الافاعي في هذا السوق الرائجة التي تغري بصناعة العمائم الزائفة التي احرقت وتحرق الاخضر الطاهر معها .  وتعميما للفائدة اختم بهذا المقطع من قصيدة المرحوم الدكتور السيد مصطفى جمال الدين والتي نظمها قبل نحو ستة عقود فتدبر في شجاعته وصراحته وهو من رجال الدين المبرزين ويعتمر العمامة السوداء 
الفتنة الكبرى ومن اياتها .... ان الدخول الى الرعيل ميسر ُ
  ان الذي طرق الحياة فلم يجد ... بابا يعالج فتحه او يكسر 
وراى بجانبه فلاة ماؤها ... صاف ووجه اديمها مخضوضر ُ 
ودخولها سهل فواسع بابها ... فاض وقائم سورها لا يستر ُ
 وشروطها ان لا شروط تعوقه ... ونظامها الا نظام يسيطر 
 فمن الغباوة ان يصارع دهره .... والامر سهل والنتيجة اكبر . 
رحم الله ابا ابراهيم
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=31295
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3