• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : ظلال في الجــــانب الآخر .
                          • الكاتب : عباس فاضل العزاوي .

ظلال في الجــــانب الآخر

ها أنت ... تقفزين من خيالي وذاكرتي , تقفزين عالياً فوق أوراقي ومذكراتي , أرى ملامحكِ الطيبه الغادرة وكيف ينقلب الانسان الى قرد مملوء بالمرارة والسم ..                                                

وأنا كما تعلمين أحبك فعلاً فهذه هي مشكلتي منذ طفولتي انني احب من يكرهني .. ومن ينافسني ومن يغارمني , وقد أدهشني احساسي وأنا احبك رغم أنفي .. كيف تأخر اكتشافك نصف عمري ؟ هل كان علينا أن نطمع بالمزيد ؟ ماذا نريد أيتها العزيزة أكثرمن بيت هاديء وأطفال أجمل من ماضينا وأغلى من قصصنا ستقولون حتماً عني انه يهذي ؟                                                                          

نــــــعم فهذه الحقيقة أشعربها وبثقل جسمي وأنا مترنح فوق ذلك السرير الملعون الذي تركت عظامي فيه أثراً فمنذُ عام و أكثرفقد الاطباء الامل في شفائي , يغرزون دون جدوى أبداً .. أبداً في جسدي المتعب فلا يتحرك فيه عضل .. ويبقى وجهي جامد التعبيروقد أنطفأت في عيناي بريق الحياة..                        

ورغم ذلك لاشيء يهم .. لأن صوتك المتعب , المشحون بالضياع يترك لي الرغبة بالرحيل نحوالمجهول ضدي في أعماقي , أتجاوب معه بفرح وأبحث عنه في قعرالوديان والروابي ..                              

أما اآن فيكفيني أن أرحل عن هذا العالم وأنا أحمل في أعماقي صورة مراسيك وذكريات أيامك .. وأعرف وجه الطرقات والازقه التي تجتازيها صباحاً ومساءاً في طريقك الى المدرسة.. وعدد الدرجات التي تتسلقيها في طريقك الى مقاعد الدراسة.. لون المقاعد التي تجلسين عليها .. صورة أمك وأبيك وكذلك أعرف الكثير من عاداتك , أستطيع أن استنشق رائحة سجائرك التي تتركيها وحيدة على طرف المنضده وأنت غارقة في تأملاتك لأغسل بها رئتي من بقايا الغبارفي سراديب المدينة..                                

شعرك المسدل على كتفيكِ وأطراف أصابعي التي كانت تعبث به بجنون ورغبة جامحة في أستنشاق العطر الذي تضعيه بين صدغيك ونحن نؤدي الرقصة التي تعودنا أن نؤديها في أيام الشتاء الباردة حين نختلي عن العالم في غرفتك التي تركت فيها آثاري في كل زاوية من زواياها ..                                      

نعــــــم .. لازلت أتذكرها ولازلت أتذكر ذلك السريرالذي تركت فيه أحلى ذكرياتي .. وأتذكرفراشك الذي أحلته الى فراش فوضوي وبعثرت أجزاءه في كل مكان كأنما شهد معركة كنت دائماً أنا المنتصر.. وكذلك الاريكة التي كنا نستريح عليها..                                                                                   بعد عناء الشهوه واللذة العارمه التي كانت تجتاحنا ..                                                          

نعم أتذكركل ذلك كأنه اليوم .. أما الآن فأنا أحتضر, لقد اصبح الموت عني قاب قوسين أو أدنى ولم يبقى غيرذكرياتي التي أجرها أجتراراً .. أما أنتِ فقد نسيتي كل ذلك وأصبحت تلك الذكريات بالنسبة لكِ أثراً من وحي الخيال تثيرذكرياته أشمئزازك وضجركِ.. لقد محيت أسمي من دفترمذكراتك وأضفتي اليه أسماً جديداً سيواصل المسيرة التي بدأتها معكِ ولكنه للاسف لايعلم شيء عن الذي سبقه..                        

آه ... ياليتني أجلس اليه لبضع ساعات من الزمن ..لالكي أخبره عنكِ بل لكي أتأمله بحذرشديد وأقول في نفسي ترى هل يستطيع هذا الربان أن يقود دفة هذه السفينه بالكفأه التي كنت عليها وهل يستطيع أن يوصلها الى برالامان في وسط الامواج الهائجة والمتلاطمة .. أنني أستطيع أن أجزم أنه لايمكن أن يفعل ذلك لأن سواريك .. أيتها السيدة لايستطيع أنت يفك رموزها ألا من غاص في أعماق البحروخبر طياته .. سيبلعه البحروتحتويه أعماقه كما أحتوت كل الذين جازفوا بالاقتراب منك .. لأنك ولاشك أصبحتِ غريبة وكل شيء فيك كاذب وصغيرومفتعل , أنتِ الذي يلبس رداء القديسة ويمشي بعصا الانبياء فوعودك وكلماتك كانت حلوة المذاق تفوح منها رائحة التفاح ولكن مذاقها مُركالعلقم وقد تجرعته بجلد وصبر فقد كنت أراكِ ثلاث مرات في اليوم الواحد وعندما بدأت أزورك مرةً واحدة في اليوم كنت أحس ُبكَ آلاف المرات .. كنت أخاف منكِ عليكِ .. من جنونك الذي لايشبه جنون البشر , كنت أصدق نفسي أن تفعليها وتقتلين نفسك بنفسكِ وقد فعلتيها لأنكِ قد قتلتِ بنفسكِ أجمل أيام العمــــــــــــــــر..

Abbasalazawi@ymail.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=31313
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28