حاورته / فريدة الحسنــي
الشعر .. هو ترجمة لكل مفردات الحياة ، والأحساس الآني الذي يختلج الروح الأنسانية التي تبتهل للحب والجمال والسلام ..
الشعر والموهبة هو ملكة من الله موجودة بأي أحد فينا منذ ساعة الولاده ، وما تبقى هو كيفية صياغاتها ووضعها بمسارها الأنساني والجمالي الصحيح .
محمود جاسم النجار
شاعر مرهف الشعور ، رقيق المشاعر وإنسان راقي ومهذب ، بدأ كتابة الشعر وهو في سن الخامسة عشرة من العمر ، كان متميزا بدروس الثقافة والأدب والتأريخ منذ أيام دراسته الأولى ، وقد تجلى ذلك واضحاً من خلال قرائتي لتجربته الأولى مع روايته الرائعة ( لظى الذاكرة ) . هو شاعر عراقي قد وضعت الأقدار له مسار الأغتراب منذ عام 1993 ، ومن خلال أعماله الأدبيه يتبين لك مدى الحزن والوجع الذي تعايش ويتعايش معه ويحمله نتيجة ذلك الأغتراب ومفارقاته ، ولقد ترجم أحساسه للغربة من خلال مفردات شعرية رائعه ، فهو كشاعر وضع بصمته في قائمة الشعراء العراقيين ولمع نجمه في سماوات الغربة وضبابها وشجنها .
ولد الشاعر والكاتب محمود جاسم النجار ، في مدينة بغداد ولديه العديد من الأعمال أخرى مميزة ، فقد صدرت له مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان ( معطف الصمت ) والتي صدرت عن دار العربية للعلوم ناشرون ، بيروت ، والتي تحمل الكثير من الصور الشعرية الجميلة وتشويق عالي ومائ بالأحساس وحب الوطن والأهل والحبيبة ، التقينا به ليحدثنا عن مجموعته الشعرية الاخيرة وعن بعض الأسئلة التي وجهناها له ، فكان لنا معه هذا الحوار .
س/ كيف كانت بدايتكم مع عالم الإبداع والتجلي في حقل الرواية والشعر ، ومن نمى فيك هذه الموهبة ؟
- كانت البداية عبارة عن مخاض شعري أو هي أشبه بالخربشات التي بدأتها في سن مبكرة ، ولا زلت أحتفظ ببعض تلك القصاصات ، بعدها حاولت أن أطور من تجربتي عن طريق القراءة ومتابعة كل ما هو جديد في عالم الأدب والشعر وأقتناء الكتب المتخصصة بذلك والأطلاع على النتاجات الشعرية ، للكثير من الشعراء الكبار ، مثلما قرأت لشعراء الحداثة وقصيدة النثر ، والأطلاع على الكثير من الدراسات الأدبية ، سواء أكان من خلال دراستي بفرعها الأدبي وقرائتي الدائمة وتجوالي بين أمهات الكتب في الكثير من المكتبات العربية ، كانت ثمرة تجوالي هو طباعتي لكتابي الأول وهو رواية ( لظى الذاكرة )
س/ ماذا تريد ان يستخلص القراء من تجربة قراءة مجموعتك الشعرية ( معطف الصمت ) ..؟
معطف الصمت ، هو خلاصة سنين طويلة من الصَمت مليئة بالأرهاصات المتعددة وصراع مع المرض ، الأغتراب والحرمان لمدة طويلة . وبالتأكيد سيجد فيه القارئ الفصول الأربعة بكل أوجهها ، التعب والحُب والمرض والسَعادة والحنين للوطن والحبيبة .
س/ هناك من وصفك ومجموعتك الشعريه ، معطف الصمت، بانك أقتنصت الشعور العارم الذي تضج به حياتك من حزن وخراب وترجمتها بمفردات شعريه ، اول مايراود الذهن عند سماع أو قراءة هذه المفردات يحس بحطام النفس ، هل انت محطم لهذه الدرجه كما جاء في الوَصف ؟
على العكس من ذلك تماماً ، أنا متفائل ومتفائل جداً ، وأحاول من خلال كتابي ( معطف الصمت) أن أعطي مثالاً حقيقياً لكل الشباب ، بأنني لم أيأس يوماً ، في الوقت الذي كنت فيه ممدداُ على حافة عتبة الموت ، وقد اصدرت ديواني بعد عدة اشهر قليلة من عملية فريدة ومعقدة للقلب ، وأظن هذا بحد ذاته هو حافز كبير ومصدر تفائل جلي ومدى حبي للحياة والأمل بغدها رَغم كل الآلام التي نتعايش معها .
س/ هل يخاطب الشعراء في أعمالهم هموم الناس ام قلوبهم ؟
الشعر هو ترجمة لكل مفردات الحياة ، بالطبع يتفاعل مع هموم الناس وقلوبهم ومنهم يستهل ويقتنص مفرداته وشاعريته وسحره .
س/ لمن تقرأ وفيمن تأثرت؟
أقرأ كل ما يُكتب وتقع عليه عيني ، ولكن قرأت وتأثرت بشاعر العراق الكبير بدر شاكر السياب وجبران خليل جبران ومحمد مهدي الجواهري ومصطفى جمال الدين ، وبودلير وماركيز وغيرهم من الكتاب كثيرين .
س/ نستخدم مفرده السفر بدل مفردة الغربه ، في السَفر فوائد كبيرة وهذا بطبيعة الحال صحيح ، فهو يتيح التعرف على حضارات وثقافات الشعوب ويتيح فرص تحمل المسؤولية والأعتماد على الذات ، أما سلبياته ففي المقام الاول ألم البعد والأهل والأحبة وأحتمال التعرض لمواقف صعبة ، ومالايجابيات التي مرَت عليك وأيضا ماهي السلبيات وأنت في مجتمع مختلف تماما عن المجتمع الذي تنتمي اليه؟
الغربة كلمة موجعة وقد كتب عنها الكثيرين قبلي ، مع الأسف أقولها وبمرارة ، أذا قلت بأني شعرت بها مبكراً وأنا في وسط بلادي وأهلي وتحت سمائه ، شعرت بقساوتها أكثر عندما عبرت بي خطواتي خارج حدود بلادنا . قد تكون مفردة السَفر أخف وطأة وحدة وبها بعض من نسائم الجمال ، لما أذيع عنه وعن أيجابياته فالغربة هنا أو السفر مثلما تفضلتي ، فقد تحققت من خلالها أنسانيتي الضائعة ، مثلما أعادت لي الحياة والعافية ومدت بعمري من خلال رَعاية الدولة التي أعيش فيها الآن هولندا ، تلك العافية والسَعادة والأمان الذي سلبته منه أوطاننا والطغاة من حكامنا .
س/ هل للشاعر محمود جاسم النجار طقوس معينة لكتابة القصيدة ؟
ليس لي طقوس معينة في الكتابة ، فالقصيدة حين تهب نسائم قوافيها ، تدفعني للكتابة مباشرة ، قد يكون هناك إلحاح شعري يقض مضجعي ، ,أشعر بسعادة عارمة حين تكتمل الكلمات وجماليتها بداخلك وتبسط أجنجتها على الورق ، قد تحتاج باللاوعي عند الكتابة ، لسَماع بعض الموسبقى التي تصنع لك بعض الهدوء ، كيما تتجمع خلالها شتات أفكاري وهي محاولة لكي تكون القصيدة ممتلئة بالجمال والحب والسكينة ، فلا يمكنني الكتابة مطلقاً وسط الضجيج والصخب .
س / هناك حديث يحمل صبغه ولون معين يدور بين شريحه معينه من المجتمع كأن تكون من الاطباء او الفنانين او التجار وكثير من أصحاب المهن الاخرى ، ما الذي يميز الأحاديث بين جمع الشعراء حينما يكونوا في مكان واحد عن غيرهم ؟
أعتقد بان مايميز اللقاء ، هو الحديث الذي يمتلأ على الأغلب بالجديد من الأعمال وبمفردات شعريه طرية وعذبه فيما بينهم ، فهناك أجواء جميلة تجمع الشعراء في عدة مناسبات ، حيث تحلق الكلمة العذبة في أغلب أحاديثهم ، وما يميزها هو الأساس العالي بمعنى وحلاوة الكلمات والقدرة على التركيب والخروج بالنغم الموسيقية و التوازن الآخاذ باللعب بمعاني الكلمات ، فقد صدق من قال ( لولا عيون الشعراء لما أدركنا مدى حمرة الورود ) ، أجد جمالاً وعذوبة حين نجتمع في عدة أمكنة أو أمسيات شعرية سواء أكانت محلية أم خارج الوطن ، فالشعر لغة لها جمالها كما الموسيقى وبقية الفنون الحسية والأنسانية الأخرى ، والشاعر الحقيقي هو من يحمل بجعبته الأمل والبياض دائماً .
س/ هل تتقبل النقد ؟
لا مانع من ذلك بالعكس النقد قد يشير لضعف ما ، ونحن بحاجة أليه ، فلا يمكن أن تتطور تجربة شعرية بدون أن يكون هناك نقد ، وأنا أتقبل النقد بصدر رحب خصوصاً أذا كان من جهة قادرة على فك رموز الجمال وخبيرة فيه ، وبابي مفتوح للجميع ويسعدني ذلك حتى لو كان نقداً لاذعاً فهو يعبر عن وجهة نظر ويجب علي أن أحترمها وأقدرها .
س/ ماهي الخطط المستقبلية وماهو جديدكم ؟
لدي رواية جديدة بعنوان ( القلب البديل ) وهي في طريقها للطباعة والنشر و أيضا هناك نية ومشروع لأصدار ديوان شعري جديد بإذن الله ، وأعتقد بأنني سأطبعه في بداية العام الجديد ، فهو تجربة أزعم بأنها ستكون مختلفة عن ما سبقه ، والحكم بالطبع يكون للقارئ الذي أحترمه كثيراً وأثق بذوقه الرفيع
وهناك الكثير من المشاريع المؤجلة لتي سأعلن عنها في حينها انشاءلله
شكرا جزيلا
الشكر الجزيل لكم مع كل المودة والتقدير