اني لم اتجاوز الخمسين من العمر بل بثلاث سنوات اقل ,عيوني واسعتان وانفي صغير ولي شفتين رطبتين على الدوام ,الابتسامة لن تفارق وجهي والفرح والسرور لا يغيبان عن محياي ,انا ام حيدر وأم عباس بل حتى يلقبوني بأم مروه وحيدتي التي يبقى انشغالي بها لما تعش من حالة يئست من اطلاع الاطباء عليها ,لكن دون جدوى فهي لن تفارقها ابدا بل تصيبها بين فترة وأخرى ,شعرات راسي الشقراء اتعمد على اظهار شيئا منها لسبب اجهله ,لربما احساسي وشعوري بأنني ما زلت لم افقد شيئا من جمالي الذي كان اهل المحلة متأثرين به ,حتى كان يطلقون على بيتي للتعريف
_هذا بيت الجميلة ...
مما جعل في نفسي زهوا لم يغب عن اذهاني ,لكن بعد فوات الاوان فالزوج الذي تمكن من الاستيلاء على جسد\ي الذي كان رشيقا ليس كما هو الحال بعد تقدمي بالسن ,لون بشرتي بيضاء ولم اكن طويلة ولا قصيرة بل كان التناسق موروثا عن والدتي رحمها الله ,ولدي الكبير قد تزوج وأنا اتهيء لتكملة مستلزمات عرسه ,منذ ان اصبحت زوجة لولدي حتى بدأت اشعر بأنه اصبح متملصا من كل صغيرة وكبيرة بالبيت اول ان افهمه بان الامور باتت اكثر تعقيدا من الاول فقد انفصلت عن زوجي منذ سنوات بعدما خسرت اشياء كثيرة وكنت مستعدة ان اتنازل عن الكثير في سبيل ان احصل على ورقة حريتي وان احتفظ بأولادي يوم كانوا صغارا ,حتى امسى زماني ان اكون من النساء المكافحات لأجل تربية اولادهن ,وعملت في اماكن عديدة كلما اجد الناس تكون نيتهم السوء وأحاصر من كل اتجاه اترك العمل فورا وبلا مناقشة وكان تركي لعملي في احدى التجمعات الشبه رسمية وأنا لوحدي احتفظ بالأسباب ,لعل جمالي الباقي هو من يدفع اكثر الرجال الى نياتهم المبيته لي والحمد لله انا احس ان الله وأهل البيت يحفظوني من كل مكروه ,انا الان شبه ضائعة وتائهة بين متطلبات الحياة الصعبة وبين امكانياتي الضعيفة والتي بالصعوبة ارتبها لآخر ايام الشهر ,بطبيعتي انا اجتماعية احب التعارف على الناس وبمختلف مستوياتهم ,وهوياتهم فالتقي بالنخبة المثقفة من الادباء والشعراء والكتاب وكان قدري ان التقي به ,لأول مرة احس ان هذا الرجل من نوع خاص وفيه كل الصفات التي هي موجودة عندي والتي احتفظ بها بالرغم من مرور سنوات عمري بسرعة ,ان قلت احببته فانا كاذبة على نفسي التي قطعت امامها عهدا ان لا ارتبط بأي كائن مهما كانت الاسباب فقد تعرفت على الكثير من خلال مسيرة عملي وطرحت علي اشكال وصور لكني بالأساس رافضة الامر بشكل اساسي ,ألا هذا الرجل الذي كان يكبرني بثماني سنوات إلا ان خبرته وتجربته بالحياة ابهرتني فهو كان اديبا وقاصا وروائيا وصحفيا ألا ان بساطته وتواضعه زرع في مكامني اشياء شعرت بان اتقرب اليه وان انسى نفسي معه متجاهلة كل الفوارق التي بيننا ,كنت اصاب بشيء من الذهول عندما ينظر في وجهي احس ان دواخلي باجمعها ترتجف وقلبي الذي اغلقت ابوابه بمفتاح ورميته في البحر بات ينتفض بضرباته المسرعة ,ويطلب مني ان احدد موقفي تجاهه ,لم اصدق ان الحب طرق بابي بعد السنين وحتى اصبحت جدة ,انها مشيئة الله وحكمه وقدره وعلي الانصياع الى ما كتبه الدهر لي ,نعم وجدته المساعد لي والذي يقف الى جانبي ويؤهلني في السير في دروب الثقافة المتنوعة ,لم اتخلص من كلمة الاستاذ عندما احاوره احس بأنه انسانا جدير كل التقدير والاحترام , الذي عرفته انه متزوج وقد اعترف لي بالأمر لكنه ميال لي ,لتكون لقاءاتنا الغير مرتبة ان تقوي رابطنا الذي اطلقت عليه وأخبرته بأنه رابطا روحيا يجمعنا ,حتى وجدته يخاطبني ويشجعني ويمهل في نفسي الامنية التي طالما كنت اريد تحققها في انسان شريف ومتفهم,وعندما شالني في احدى رسائله عبر الموبايل
_كم درجة ميلك نحوي 70% او 80% او 90%
كان جوابي له 90% لا اعرف كيف قفزت هذه النسبة دون شعور ليتحقق عشقا من نوع اخر وطيفا اخرا وحلما جميلا يتراقص عند ذاكرتي ,لكني بقيت اتهرب كلما عرض على الدعوة لإقامة علاقة نقية نظيفة خالصة كنت اجد فيه السعة والإمكانية والراحة عندما يكتب لي رسائلة ,انا تواقة لقراءتها وعاشقة لمعانيها اجد نفسي تائهة ومحتارة والآلام السنوات ما وزالت بقاياها احملها على كتفي من تدبير امر عائلة لوحدي ,حتى وجدته يريد الانتحار بسبب رفضي لفكرته التي في حقيقة نفسي اريدها وأحبها ولكن عهدي مع نفسي ان لا ارتبط بأي احد كان من يكون ولن اتنازل عن مبدئي ,قارئة لكل رسائله وعاشقة معانيها وجمالها الا انني رافضة القبول واعطائة كلمة (نعم) حتى تنفتح امامه الطرقات المسدودة وان يجد لي مأمن ارنوا اليه ,اني خائفة من شيء انا جهلته ولا اريد ان احدده اهمها اولادي الذين يخافون علي اشد الخوف ثم تبعهم هذا الرجل الذي بدا يغار علي من نسمة الهواء ,الحيرة تأكل قلبي وأنا حزينة جدا على كلماتي التي اكتبها اليه لأبين له بالمعني اعتبرته صديقا مقربا ومخلصا لي لذا كنت اترك اليه الكلمات الصعبة والشديدة الحزم بان عليه ان لا يضغط علي فانا اعتبره صديقا عزيزا وانتهى الامر ,وكيف عليه ان يطمئن وأنا ضائعة بين متاهات الحياة وصعوباتها لكن القول الصحيح الذي في نفسي انني ارتحت اليه وتمنيته ان يكون لي لوحدي ,كل الاعذار لن يقتنع بها وكل الادلة والبراهين لن تعد عنده ذات اهمية المهم ان يكون لي وحدي وان اكون له لوحده برابط روحي الذي هو اكبر من علاقة حب او نزوة عابرة ,امتلأت عيني بالدموع وأحسست ان العذاب يؤلمني بينما هو ظل متمسكا بطلبه رغم اصراري الشديد على تأجيله ...ان دموعي تنهمر وقلبي يعصره الالم لأنني ملت نحوه كثيرا وتذكرت عهدي مع نفسي لا مجال لي ألا ان اكون معه ولن افترق عنه ابدا انه القرار الاخير الذي اتخذته... |