• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ويحك دعبل كأنك بيننا .
                          • الكاتب : صالح الطائي .

ويحك دعبل كأنك بيننا

ويحك دعبل أيها الخزاعي الحكيم؛ تتحدث في سنة 227 هجرية عن 1424 هجرية وكأنك ابنها الباصر وصنوها المعاصر تدري بما يدور في أرجائها وتعرف ما يصطرع في نواحيها حتى ظننتُ انك تصف أحوالنا وتبصر مصيبتنا وتحلل واقعنا وتشير إلى حكامنا وتشخص عللنا وتسرد قصة دولتنا.
ويحك دعبل تصف عصرك وكأنك تصف عصرنا، تتكلم عن جيلك وكأنك تتكلم عن أجيالنا. ألا ليت شعري هل أبتلينا بالحكام على مر العصور فتساوى الحاضر مع سالف الدهور حتى باتت أيامنا نسخة طبق الأصل عن أمسنا، وستكون كذلك في غدنا وقادم أيامنا؟
ويحك دعبل ماذا أبقيت لنا؟ وعن ماذا سنتحدث إذا ما كنت قد وصفتنا بدقة تأسينا بها بعد أن عرفنا أن عصرنا إنما هو امتداد لتلك العصور السالفة والدول البائدة؟ هل أردت التحقق من مقولة "لكل زمان دولة ورجال" أم أردت تكذيب القول باعتبار أن كل عصورنا بكل ألوانها وعناوينها اكتفت بنظام دولة بأنموذج واحد وعقمت دون رجال بعينهم، فلا نحن متقدمين ولا متأخرين وكأننا في مكاننا واقفين وفي ورطتنا قابعين، متحجرين ومتجمدين.
قرأت شعرك دعبل، قرأت أبياتك بعين البصيرة، وبصيرة العقل، فوجدتك نظمت ما كنت انوي نظمه ولكن أعجزني عن ترتيبه ما حاق بي من كمد وهم، وخذلني عن تبويبه ما سُفح من دم؛ بعد أن بيعت الذمم في سوق النخاسة وتطلع الجميع إلى الرئاسة وما هم إلا سقط كناسة.
ثلاثة أبيات من شعرك استوقفتني وأنا أتصفح ديوانك، دون كل تلك الروائع التي يضمها، والجواهر التي يزخر بها. وحدها شدتني وقيدتني؛ لأنها ترجمت ما يدور بخاطري وأفصحت عن أسرار تأثري وتحيري؛ بعد أن تجاوزت الستين وعشت تبدلات السنين وجايلت رحيل ملوك وصعود آخرين زادوا على العشرين كلهم بين قوسين لابد راحلين.
لله درك وأنت تقول:  
 
الحمد لله لا صبرٌ ولا جلدُ ولا عزاءَ إذا أهل البلا رقدوا
خليفةٌ ماتَ لم يحزن له أحدٌ وآخرُ قام لم يفرح به أحـدٌ
فمّرَ هذا ومّرَ الشؤم يتبعهُ وقامَ هذا فقامَ الشؤم والنكدُ



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=31666
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29