• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ماذا تعرف عن ثورة الكريسبيرو .هل ما يحدث الآن في الدول العربية والاسلامية شبيه بثورة الكريسبيرو ؟؟ .
                          • الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري .

ماذا تعرف عن ثورة الكريسبيرو .هل ما يحدث الآن في الدول العربية والاسلامية شبيه بثورة الكريسبيرو ؟؟

لا يوجد شيء اخطر من سلاح الدين الذي يشهره مجموعة من رجال الدين المنحرفين المتسترين به من اجل منافع دنيوية مادية أومن أجل القضاء على طرف من الاطراف يختلف معهم في بعض الامور الدينية. هذا السلاح الذي برع باستخدامه هؤلاء والذي يشهروه كلما اقتضت الحاجة للحفاظ على مكاسبهم وثروتهم التي جمعوها من دموع وعرق ودماء الناس وهذا السلاح يُشهر دائما بوجه الاصلاحات التي تطالهم من اجل الطبقة المسحوقة من الناس. 
بينما يرفع يسوع مؤسس هذا الدين شعاره الخالد كما في إنجيل متى 11: 28: ((تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم وتعلموا مني ، لأني وديعٌ ومتواضعُ القلب ، فتجدوا راحة لنفوسكم)) . نرى أن طبقة رجال الدين هي الأثرى بين الناس لا يهمهم تلك الاجساد النحيفة التي امضّ بها الجوع والأيدي المعروقة من الكد والكدح ليل نهار في مزارع واملاك رجال الدين من اجل توفير الراحة لهم لأنهم خدمة الرب المقدسين .
امرأة يموت زوجها ومعينها وكافلها فيرفض القس أن يُقيم قداس الجنازة على روحه ويقول للزوجة مالم تدفعي ثمن القداس فإن زوجك لا يُغادر ((المطهر ــ البرزخ ــ)) وسيبقى للأبد رهين قبره ولا يرى ملكوت السماء . فيدفعها حبها لزوجها ووفائها له إلى بيع دجاجاتها وسخلتها الوحيدة مصدر طعامها هي ويتاماها من اجل تخليص روح زوجها من المطهر لدفع ثمن كلمات وتمتمات لا تعرف ما هي تنطلق من شفاه الكاهن الورديتان المفعمتان بالحيوية والصحة. فتلقي من يدها المعروقة عدة قروش في يد أبونا الناعمة التي يُغطيها بقفازات مخملية بيضاء لكي لا تلامس يد تلك الأرملة فيُصيب شقائها يده البضة البيضاء.
ولكن تبقى قدسية الدين في قلوب الناس حاجزا قدسيا لا يُمكن اختراقه فعلى الرغم من أنصاف الدولة لهم ، ومحاولة رفع شأنهم المعيشي وانقاذهم من ربقة الفقر والعبودية واعمال السخرة إلا أن الناس ترسخ في قلوبهم قدسية رجال الدين وانهم خطوط حمراء لا يمكن اختراقها. 
كانت بداية الشرارة أن تدخلت الدولة لصالح الناس حيث أن من المبادئ التي قامت عليها الثورة هي التوزيع العادل للأرض على الفقراء والمعدمين ، فقامت عام 1917 باتخاذ عدة إجراءات بحق كل الإقطاعيين وملاك الأراضي ومن بينها أملاك الدولة السابقة التي استحوذ عليها رجال السلطة بالقهر والقوة . وكذلك شملت الخطة أيضا النظر في أملاك الكنيسة وتقليص عدد المراكز الدينية ومصادرة الأبنية الزائدة ومئآت الألوف من الهكتارات من الأراضي المهملة التي تملكها الكنيسة ، حيث كان في كل حي وشارع مركز ديني وكنيسة لا يأمها إلا عدد قليل جدا من الناس لابل أن اغلب هذه البنايات كانت مهجورة .
في بداية الأمر لم تحرك الكنيسة ساكنا ، ولكن عندما وصل الاحصاء والفرز إلى ملايين الدونمات التي تملكها الكنيسة والتي تدر أرباحا خيالية على الكنيسة العظمى في روما . صرخ الكهنة في القداس من على المنابر : ((يا أبناء الكنيسة الأم المقدسة ، هيا إلى الجهاد هيا إلى القتال ! الحكومة تريد أن تستولي على الكنائس)). 
وأطلقت كلمة ((الجهاد)) في الهواء لتصك اسماع الفقراء المعدمين الذين اسرتهم قداسة رجال الدين.(1)
ففي سنة 1917 صُدّقت بعد طول انتظار قوانين الإصلاح التي اقرتها الدولة منذ سنين ولكن الكنيسة كانت تعرقل صدورها لأنه يضر بمصالحها ، ولكن الرئيس الشاب الجديد (بلتاركو إلياس كاليس) قرر العمل بهذا القانون وكان أحد أهداف هذه القوانين (أملاك الكنيسة) بعد أن تم توزيع اراضي الاقطاعيين على الناس من دون أي ضجة . فقد وضعت الحكومة هذه القوانين للحد من تفاقم ثروة الكنيسة الكاثوليكية واتساع مساحة الأراضي التي تملكها . لكن المصادقة عليها سرعان ما لاقت معارضة شديدة من رجال الدين . فما كان من الحكومة إلا أن أوقفت عددا من رجال الدين. 
كان أحد أهداف الثورة المكسيكية ، التي وقعت بين عامي 1910 و 1920 ، تأمين الأراضي للفقراء وانتشالهم من وهدة الفقر المدقع . لذلك اقترحت القوانين الجديدة إجراء ما عُرف بالإصلاح الزراعي ، وذلك بمصادرة أراضي كبار الملاكين وتوزيعها على الفقراء . وكانت رغبة رجال الدين التدخل في مسالة توزيع الأرض بالتنسيق مع الدولة ، وذلك لأن القوانين الجديدة مست مصالح عدد من رجال الدين النافذين والبارزين الذين يملكون مساحات شاسعة من الأراضي . فادّعت الكنيسة أنها لا تعارض إعادة توزيع الأراضي ، وإنما لديها خطة مغايرة لما تقترحهُ الحكومة ، وهي استثناء ما يملكه رجال الدين من ثروات واراضي. 
لقد تكشفت الحقائق لدى أغلب الناس ، ورأوا تلك الأنانية بأبشع صورها لدى رجال الدين واتضح أن الكنيسة لم يكن يهمها إلا حماية مصالح الملاكين الكبار والاقطاعيين ، بمَن فيهم رجال الدين أنفسهم. 
لكن عددا من رجال الدين البسطاء المتعففين الذين لا يملكون أراض زراعية أيدوا إعادة توزيع الأرض على الفقراء ، وهكذا نشب صراع داخل الكنيسة ، صراع كانت نتيجتهُ توسيع الشرخ بين الكنيسة والحكومة . 
في أوائل سنة 1925 ، بدأ الرئيس المكسيكي بالتشدد بتطبيق مواد الدستور الجديد المتعلقة برجال دين الكنيسة ممن يملكون تلك الملايين من الدونمات ، ولما لم يذعن رجال الدين إلى قوانين الدولة، طردت الدولة الكهنة الكاثوليك الأجانب من المكسيك . وأوقف رئيس أساقفة المكسيك بعد أن أعلن هذا الأخير أن رجال الدين سيناضلون لتغيير مواد الدستور المجحفة بحقهم . وقد كان الرئيس المكسيكي مصيبا بعمله هذا حيث منع من انتقال ثروات المكسيك إلى روما الفاتيكان . حيث أن نصف ((موارد البلاد)) التي تدرها الأرض والحيوانات كانت تذهب عن طريق الكنائس على روما إلى بابا الفاتيكان . 
في تموز من عام 1926 أعلن الأساقفة المكسيكيون وبإيعاز من الكنيسة العظمى في روما بتعليق كافة الخدمات الدينية في الكنائس . فانتبهت الحكومة إلى ذلك وعرفت الغاية منه حيث حاولت الكنيسة بعملها هذا تأليب الجماهير على الدولة ، وفعلا كانت هذه هي الشرارة التي أشعلت الفتيل الذي فجّر ثورة ( الكريستيرو الدموية المرعبة ).
بتحريض من الكهنة وبقيادة رجال الدين الكاثوليك حارب مئات الألوف من المكسيكيين الفقراء البسطاء دفاعا عن (( دينهم )) . (2) وقد وزع رجال الدين عليهم رايات تحمل صورة السيد مريم العذراء والصليب ويسوع بغية تأجيج المشاعر واثارة العواطف، وبعد صراع مرير من قبل الناس مع الدولة ، كان ينتظر فيه الثوار أن يهب رجال الدين أنفسهم لقيادتهم والدفاع عن الكنيسة ، ولكن آمالهم خابت حيث قبع رجال الدين خلف جدران الكنائس أو في المزارع البعيدة أو التجأ كبارهم إلى منازل العائلات الارستقراطية الغنية وتواروا بعيدا عن المعمعة بينما كان الناس يخوضون أنهرا من الدماء من أجلهم . 
كانت عواقب هذه الثورة وخيمة ومأساوية . فقد أدت في مناطق كثيرة من البلاد إلى فقر مدقع ، وحدثت عمليات اغتصاب مروّعة ، وفرق الموت بين الأهل والأحبة ارتكب ثوار الكنيسة وبأمر من رجال الدين انتهاكات فظيعة ، فقتلوا بالجملة أناسا لا دخل لهم في هذا النزاع ، حيث اعتبرهم رجال الدين من الأعداء حسب مقولة الإنجيل ( من ليس معنا فهو علينا ). وتم طرد ناس بسطاء من بيوتهم لم يكونوا محاربين بتهمة انتماءهم لمذهب معين. واستولوا على املاكهم .
وعندما يسأل الناس من رجال الدين : كيف نُميز بين الكاثوليكي وغيره نخشى ان نقتل بريئا ؟ كان جواب رجال الدين : (( اقتلوهم وسوف يفرزهم الله في ملكوته)). 
استمر النزاع المسلح بين الحكومة والكنيسة مدة ثلاث سنوات قتل فيها أكثر من سبعين ألف إنسان، كانت فتاوى رجال الدين فيها تأجج من المشاعر وتُلهب حماس الناس . وفي حزيران من عام 1929 توصلت الحكومة والكنيسة الكاثوليكية إلى اتفاق توافقي وقعه الرئيس وهو حزين جدا وكئيب لسوء استخدام رجال الدين لمنصبهم في احداث المجازر الدموية من اجل مصالحهم . فتوقف القتال بصورة مؤقتة ، وبعد أشهر عندما تأكد رجال الدين أن مصالحهم بقيت توقف القتال ، ولكن الغريب في الأمر أن الثوار والناس الذين ضحوا من أجل رجال الدين ودافعوا عنهم حتى الموت ، لم يكونوا طرفا في المفاوضات لقد تجاهلتهم الكنيسة تماما ، ولم يفهم الناس البسطاء الذين حملوا السلاح كيف يمكن لرجال الدين والكنيسة أن ترضخ لأشخاص هم في نظرها يقاومون سلطتها التي تستمدها من الله . فشعر الناس بالخيية ، ولكنهم امتثلوا لأوامر رجال الدين واستسلموا وعادوا إلى منازلهم (3)
وماذا كان حصاد هذه الحرب ؟ اتفق جميع المحاربين على قول واحد هو أن جميع الذين ماتوا في الحرب ذهبت حياتهم سدى لماذا لأن جميع الممتلكات التي كانت تابعة للكنيسة بقيت ملكا لرجال الدين . 
ودفع بسطاء الناس ضريبة الدم وحاز رجال الدين املاكهم وبقوا متنعمين بملذاتهم وسلطتهم. 
المصادر والتوضيحات ــــــــــــــــــــ
1- نفس ما يعمله بعض رجال الدين المسلمين الذين يُهيجون الناس ويدفعونهم للقتال والجهاد. من خلال الفضائيات او من قصورهم الفارهة واملاكهم الواسعة يتمتعون بحماية الدولة ولا يهمهم موت الناس بل يهمهم بقاء مصالحهم والقضاء على الطرف الآخر الذي يخالفهم. لم نسمع ان رجل دين نزل مع الثوار وقاتل معهم أو تبرع رجل دين بعمارة من عماراته ليجعلها مستشفى للذين يُجرحون بسبب فتواه او قدم بناته لجهاد المناكحة. 
2- هكذا صور الكهنة للناس أهداف الحرب ، فكانت خدعة ذهب ضحيتها الألوف .
3- كتاب كريستيادا ج1 حرب الكريسبيرو ، قاموس اللغة الإسبانية .

كافة التعليقات (عدد : 3)


• (1) - كتب : إيزابيل بنيامين ماما آشوري ، في 2013/06/12 .

نعم أخي الطيب علاء كامل . هكذا هم وعاظ السلاطين من علماء السوء والدولار يعطون للناس ما لم يعملوا به خذ مثلا القرضاوي ، فإن بناته وأولاده درسوا كلهم في جامعات الدول الكافرة الأوربية وخاصة الأمريكية ، ولكنه في خطابه الأخير في غزة يأمر سلطة غزة بقوله : حفظوا أولادكم القرآن اسسوا لهم مدارس القرآن . مع أنه لم يرسل أولاده اطلاقا لمدارس تحفيظ القرآن للقرضاوي سبعة ابناء اربع بنات وثلاثة من الذكور كلهم درسوا في جامعات امريكية واوروبية وهذه سنة معروفة عن هؤلاء الدعاة الذين يأنفون من ارسال اولادهم الى مدارس اسلامية ومدارس القرآن المقدس . كما تبين مؤخرا بالنسبة للشيخ خالد الجندي احد اشهر الدعاة في مصر حيث تبين ان ابنتيه تدرسان في مدرسة مسيحية قبطية باللغة الفرنسية .
ابنة القرضاوي الكبرى (الهام) درست الفيزياء في جامعة لندن واختها (سهام) درست الكيمياء في جامعة ريدبندج بانجلترا والثالثة (علا) درست في جامعة تكساس في مدينة اوستن - على مقربة من هيوستن- ودرست (اسماء) في جامعة نوتنجهام في بريطانيا ... اما ابنه الاكبر محمد فدرس في امريكا ومثله اسامة اما ابنه عبد الرحمن فقد درس في كلية الشريعة في قطر ليس عن ورع وتقوى وانما لان مجموعه لم يؤهله للدراسة في الكليات الاخرى ولم تقبله سوى جامعة قطر بأمر وزير التعليم .
وكل واحده من بنات شيخنا العلامه تدرس في الجامعات الاروبيه والامريكيه وبدون محرم
والآن يُحرضون ابناء الناس على القتال ويزعمون بأن لهم الجنة والحور العين ، ولكن أولادهم يتقلبون بأنواع الترف الباذخ في امريكا واوربا .
تحياتي اخي الطيب .

• (2) - كتب : علاء كامل ، في 2013/06/12 .

الاخت ايزابيل المحترمة
تحية طيبة وسلام
شكرا للمقال الرائع والمعلومات القيمة ، فعلا هي حرب ضد الفقراء المعدمين وقد تكون مصر وثورتها اوضح مثال على ذلك . لكن الاختلاف عندنا ان رجال الدين هم بجانب الحاكم الظالم وفتاواهم تطلق لمساندته فالحاكم عمل على ربط مصالح وعاظ السلاطين بمصلحته وبقائهم ببقائه. حسني مبارك مثلا ربط مصلحة علماء الازهر بمصلحته لذلك هم سكتوا عن ظلمه ونهبه هو واولاده لثروات مصر طيلة فترة حكمة ، وجاء الان الاخوان ليكونوا هم السلطة ومنهم الحاكم ومايصدرون من فتاوى لابد ان يصب في مصلحة بقائهم في السلطة وما فيه من مكاسب
بالنسبة لباقي دول الخليج فهم على نفس نموذج (مبارك - الازهر ) فرجل الدين المقرب وصاحب الحظوة هو من يمتدح الحاكم ويمنح افعاله وظلمه القدسية والحكمة الالهية حتى وان كان عميل صريح وعدو حقيقي لشعبه ، وكل هذا ادى بالشعوب الى تقديس الحكام انفسهم والبكاء عليهم بل وحتى القتال من اجلهم حتى بعد ان يذهبوا وتنكشف حقائقهم !

• (3) - كتب : علاء كامل ، في 2013/06/12 .

الاخت ايزابيل المحترمة
تحية طيبة وسلام
شكرا للمقال الرائع والمعلومات القيمة ، فعلا هي حرب ضد الفقراء المعدمين وقد تكون مصر وثورتها اوضح مثال على ذلك . لكن الاختلاف عندنا ان رجال الدين هم بجانب الحاكم الظالم وفتاواهم تطلق لمساندته فالحاكم عمل على ربط مصالح وعاظ السلاطين بمصلحته وبقائهم ببقائه. حسني مبارك مثلا ربط مصلحة علماء الازهر بمصلحته لذلك هم سكتوا عن ظلمه ونهبه هو واولاده لثروات مصر طيلة فترة حكمة ، وجاء الان الاخوان ليكونوا هم السلطة ومنهم الحاكم ومايصدرون من فتاوى لابد ان يصب في مصلحة بقائهم في السلطة وما فيه من مكاسب
بالنسبة لباقي دول الخليج فهم على نفس نموذج (مبارك - الازهر ) فرجل الدين المقرب وصاحب الحظوة هو من يمتدح الحاكم ويمنح افعاله وظلمه القدسية والحكمة الالهية حتى وان كان عميل صريح وعدو حقيقي لشعبه ، وكل هذا ادى بالشعوب الى تقديس الحكام انفسهم والبكاء عليهم بل وحتى القتال من اجلهم حتى بعد ان يذهبوا وتنكشف حقائقهم !



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32211
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28