• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الكلمة التي ترفع وتَخْفِض .
                          • الكاتب : معمر حبار .

الكلمة التي ترفع وتَخْفِض

 قبل أن يُعلن الإمام الشاب، عن عقد القران، ألقى على الحضور، موعظة خفيفة. ومما جاء في الكلمة، وهو يعلّم الولي، ووكيل الزوج، كيفية الطلب والقبول.. أن الولي إذا وافق على تزويج ابنته، قال: زوّجتك ابنتي فلانة، بصيغة الماضي، ولا يقول أبدا، سأزوجك ابنتي فلانة، لأن صيغة المستقبل، لاتعني الرضا والقبول، ولا يتم الزواج بصيغة المستقبل. 
 
هذه الكلمة الوجيزة، دفعت بصاحب الأسطر، ليكتب حولها كلمات، ويقول: وكذلك المروءة، والرجولة، والعظمة، أساسها الكلمة.. فالصدق كلمة، والأمانة كلمة، وكذا الوفاء بالعهد، وقول الحق، والاعتذار مما يجب منه العذر، وشهادة حق.
 
والدناءة، والوضاعة، كذلك كلمة .. فالنفاق كلمة، وشهادة الزور كلمة، وكذا الكذب، والنميمة، والخيانة.
 
إن الحضارات التي بُنيت منذ قرون، وتلك التي انهارت بعد قرون، كانت بسبب كلمة، قيلت في غير موقعها، أو أسيء فهمها، أو تراخى من كلّفوا بتطبيقها، فضاعوا وأضاعوا، أو أحسن تطبيقها قائلها وسامعها، ففتحوا على أنفسهم وأمتهم، وجنّبوا العباد والبلاد، المهاوي والمهالك.
 
إن السماوات والأرض لم تقبل بكلمة، الأمانة التي عُرضت عليهما بكلمة، فرُفع عنهما التكليف، وظلتا بلا حساب ولا عتاب. بينما الإنسان، لم يعرف قدر الكلمة يومها، حينّ أقرّ بكلمة، قبول الأمانة، فلم يؤدّ حقّها، فبقيت الملامة تراوده، والعتاب يلازمه، ولم يُرفع عنه التكليف، وظلّ محلّ حساب وعتاب.
 
إن القرآن الكريم، بدأ بكلمة، وجاء في الإنجيل، في البدء كانت الكلمة. وتُبنى الأسر بالكلمة، وتُهدم وتفكّك بها. ويلقى العبد ربّه بكلمة، ويُسأل ويُجيب بكلمة. ويتصدّق الولد على والديه، الأحياء أو الأموات بكلمة، ويُرضي الزوج زوجه بكلمة، ويشفى المريض بكلمة، وبها يُغرسُ الأمل في الميؤوس، و بها تفكّ النزاعات وتحلّ الخلافات، وتسترد بواسطتها الحقوق، وتُحلّ بها الأرحام، وتُعرف بها الأنساب.
 
إن الشكر، باب من أبواب الجنة، يرده المرء، حين يشكر الخالق والمخلوق بكلمة. والدعاء الذي يفرّج الكروب، ويزيل الهموم، ويقرّب البعيد، يكون بكلمة.
 
إن عنترة بن شداد، مجّده التاريخ، وذكره الأبطال، حين أسمع الأشهاد كلمته بعزّة وكبرياء، أن العبد لايصلح إلا للرعي والحلب، وأسمعه سيده، كلمته على الفور، كرّ وأنت حر، فخاض المعارك، وهزم الجيوش، وصان العرض والأرض، ودقّ له قلب السيدة الحرة. 
 
إن إبليس الملعون، وسوس لأبينا آدم، وأمنا حواء بكلمة، وأخذ عهدا على نفسه، أن يظل يوسوس للذرية بكلمة، وأعطي للإنسان سلاح الكلمة، فإن استخرجه عن يقين، وفي حينه، أدبر اللعين، وإن عاود بعد حين.
 
منذ شهرين، انتهيت من قراءة كتاب للأستاذين: جوزيف وزوجته كارولين ميسينجر، يحتوي على نصائح من ذهب للوالدين في تربية الأبناء، عنوانه: " كلمات نقتل بها أبناءنا .. لاتقولوها أبدا"، يبيّن فيه أصحابه، أن سعادة الابن في كلمة تقال له، وشقاءه في كلمة، كان لابد أن لاتقال له، ولا يسمعها أبدا. 
 
الكلمة ملك الإنسان، والمُلك يُسألُ عن مصدره، وأين وكيف وجّهه. والعاقل من يحرص، على الكلمة التي ترفعه، وترفع أمته، ويذكره بها المجتمع.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32343
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19