• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نور على نور .
                          • الكاتب : السيد يوسف البيومي .

نور على نور

حضرة الأب حنا اسكندر دمتم بخير وعافية
أما بعد..
إن الخجل هي من سمات أصحاب الخلق الكريم، وإن مجرد النقاش معكم هو أجمل وأحلى رد للتحية ومن أحسن التحيات عندي..
قال حضرة الأب حنا أسكندر:
(شكرا لكم وقد كبر قلبي بكم حين أعلمتموني انكم على علاقة برجال دين مسيحيين، وأيضا لفت انتباهي انفتاحكم وانشراح صدركم على قبول الرأي الآخر).
إنني أسير على خطى القرآن الكريم وتوصياته حيث قال تعالى:{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}.
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(يا سماحة السيد إن الخلافات نجدها بين الاخوة الذين ولدوا من بطن واحد وعاشوا في كنف عائلة واحدة وناموا في سرير واحد واكلوا من طعام واحد وتثقفوا ثقافة واحدة وبالرغم من ذلك عندما يختلفون تجدهم يذرون بعضهم باحداث حدثت في الماضي وكان فيها إساءة لبعضهم وينسوا كل ماضيهم السعيد في لحظات الغضب الذي يطول احيانا حتى الوفاة. فيا سماحة السيد، وأنتم خبراء بهذا الموضوع، إذا اختلف زوجان، او ولد وأب أو عشيرتان، فأنتم أهل الحكمة والدراية تسعوا للصلح، وإذا أسمعوكم سيئات الآخر تذكرون بالماضي السعيد ومكارم الآخر، وهكذا ترمون الصلح والسلام. وفكرتي يا سماحة السيد، وهو بدل من أننا نتحاور على الإختلافات، فلنبدأ بالمقاربات، أما إذا سماحتكم ترون أن ما اقوله هو غير منطقي وغير علمي، وحجتي وسندي ضعيف، فرجائي يا مولانا تحملوني لأني إلى الآن لا أزال مقتنعا بما قلته، وخاصة لأني اعرف جيدا التفسير المتبع وأسميته التقليدي. فمثلا ما أسميتموه عقيدة بالنسبة لصلب المسيح، أنا أعتقد يا سماحة السيد، إن استنادكم على الاحاديث المتأخرة هي التي أضافت عنصرا إضافيا على النص الكريم وحمّلت النصوص القرآنية ما لم تحمله. مثلا لم يذكر القرآن الكريم قطعا أن شخصا آخر أتى مكان المسيح وصلب عنه، هذا من الروايات المتأخرة التي حملت النص أكثر مما يحمله، وتجنبا للتناقض، حاول المسلمين تفسير وفاة وموت المسيح، إما عندما يجيء في المجيء الثاني، وإما وفاة نوم. وقد ذكرت تلك الآيات الكريمة مع مع يوازيها من الانجيل لاقامة دليل آخر على وحدة الجذور).
إن طبيعة الخلاف الذي تكلمت عنه ما هو سوى مثال بسيط على التباغض والتشاحن الذي ينشأ عن سوء تفاهم في المواضيع الاجتماعية، فكيف هو حال بالنسبة للأمور العقائدية والتي يتوقف عليها فلاح الإنسان وضلاله. فهل يا أخي الكريم ممكن أن نقارن هذا بذاك؟!
 
إن قناعتك بشيء أو عدمها هذا لن يؤخر ولن يقدم شيء في حين أن عماد عقيدة المسلمين ثابتة وتعتبر من المسلمات، وإن كلامك عن التقريب من خلال بحثك قد صب في صميم الخلاف، فأنت يا أخي الكريم ومن خلال بحثكم هذا قد تكلمت عن أصل الخلاف والمفارقة فيما بين المسيحيين والمسلمين، فما هو رأيك أيكون هذا في المشتركات أم في الخلافات، ومن هنا فإن أصل تسميتكم للبحث بـ "صلب المسيح وقيامته من خلال القرآن الكريم" والذي أكرر أن عقيدة المسلمين قد نفته، وليس لأي أحد كان أن يثبت ما هو منفي نفياً قاطعاً ومن خلال صريح الآيات الكريمة، والتي حاولت جنابكم عن تحرفها عن حقيقتها، وسوف أبين لكم ذلك في الرد على أصل البحث وليس هنا..
إن ردكم على الرد والتوضيح على التوضيح قد حرف النقاش لذلك أعذرني لن أكمل بهذه الطريقة، و سوف أقوم  بتفصيل بحثكم بشكل دقيق شيئاً فشيئاً، لأبين لكم مواضع الخلل التي اعتمدت عليها في مورد بحثكم، فلا نشتت البحث عن موضعه حتى لا يضيع القارئ الذي يتابع النقاش. وإلا صار أمراً عبثياً لا فائدة منه قد ترتجى.
أخي العزيز، لقد أدعيت واعتبرتها دعوة باطلة أن القرآن الكريم لم يذكر قطعاً أن المسيح قد شبه له بشخص آخر، وهذه دعوة باطلة لا يمكن القبول بها لا من قريب ولا من بعيد، لذلك استمهلكم لكي أثبت لك في مورده خطأ دعواكم، وأعيد أن هنا ليس محله وإلا كما قلت سابقاً سوف نشتت البحث والنقاش.
إن بحثكم هو في صميم "عقيدة الصلب" من خلال القرآن الكريم فلا يمكن أن تأتي وتقارن من غير القرآن الكريم فعنوان البحث يلزمكم أن تناقشوا فقط ما نلزم به أنفسنا، فأنت تريد منا أن نقبل ما في الأناجيل كمادة للمقارنة، وفي نفس الوقت تنفي وتثبت وتعتقد ولا تقتنع بما نريد أن نناقشه معكم، ولم تنتظر ولم تمهلنا حتى نكمل البحث والرد على ما كتبتم فكيف لكم أن تأخذوا قراراً سريعاً دون أن أكمل الرد فهذا يعتبر من الظلم، مع علمي أن ذلك ليس من صفاتكم.
لقد أخذت مكان الحاكم والحكم على الروايات والنصوص الإسلامية، ولا تريد أن تغير بها رأيك وكأنك أنهيت النقاش، فكل ما بذلنا من أدلة لكم بهذه الطريقة سوف يذهب هباءاً منثوراً، وإن قبولكم وعدمه لا يعني شيئاً فإن الحكم لا يعود لنا فقط بل لكل من يتابع الدليل، واعذرني أن أقول لكم هذا لن يوصل إلى نتيجة، ومن الأفضل أن لا نكمل البحث، فكما أنكم كلما حالوت التوضيح أضفت للمصادر وتفاسيركم العصمة، ورفضت ما نفيت منها وصوبت وقلت هذا رأيكم الشخصي.
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(أرجو السماح يا سماحة السيد، أنا لا انتقد عقيدتكم بالنسبة لصلب المسيح، لكن أقول كما قلتم، أنتم حملتم النص الكريم أكثر مما يحمل، وأدخلتم عنصرا إضافيا ليس له وجود في النص الكريم وهو إضافة شخص آخر صلب مكان المسيح وكما قلت أعلاه لا وجود لهذا الشخص قطعا في القرآن الكريم، فيا سماحة السيد، أنا حسب رأي إذا تقبلتم هذا التفسير، يزيد جدا الجمع فيما بيننا، وبالفعل أنا جدا مديون لسماحتكم أنكم سمحتم أن أنشر هذا المقال، وأكرر وقد أذهلني انفتاحكم واحترامكم وحبكم لفكر الآخرين. وأعتقد أن هذا التفسير ينسجم مع سياق المعنى القرآني حول شخصية المسيح).
 
أخي الكريم، أرجو منكم الدقة في تعبيركم فأنا لم أنسب تحميل المعنى ما لا يحتمل للنصوص واضحة التي لا تحتاج لتآويل أو بيان، ولكن ما عبرت عنه أن جنابكم قد قمت واستوقفت عند عند بعض العبارات والروايات وأردت أن تخدم ما تؤمن به أنت، ونفيت ولم تقبل المعنى الذي تم تأويله وما يوافق عقيدة المسلمين، فكيف لكم أنكم لا تريدون أن نمس بعقيدتكم، ولا تريدنا أن ندافع عن ما نعتقد به وهو من المسلمات عنا، لذلك فإننا نرجو منكم أن تمهلونا حتى نناقش بحثكم بشكل كامل وترد على وتوضح ما تريد بعد أن ننهي كل الرد، فكما أنكم قد قمتم بنشر كامل بحثكم، فعليكم أن تنتظر كامل الرد على بحثكم كي نتساوى في الموقف.. وحتى لا نشتت القارئ في ما يجري بيننا..
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(يا سيدي الكريم واخي بالرب انا ما قلت لكم ان يترك كل منا ايمانه ويتبع الآخر، أنا كل ما في الامر البحث عن المشابهات بدلا من تسليط الضوء على الاختلافات، لقد عانينا تاريخا مريرا من النزاعات بين المسلمين والمسيحيين وبين المسيحيين فيما بينهم وبين المسلمين فيما بينهم، بغض النظر عن الخلافات السياسية والاقتصادية التي غالبنا ما تشعل الحروب هناك أيضا وسائل إعلام تشحن النفوس وتكفر الآخرين، وهذا دورنا نحن كرجال دين مسؤولين عن الرعية أن ندل اولادها على الجزء الحسن من الشخص الاخر. وإذا سماحتكم لم يتفق معي في موضوع معين مثلا مثل صلب المسيح فهناك امور كثيرة نتفق عليها ويجب التلكم عنها، هذا كل ما اريده، لا ان يذوب احدنا في الآخر).
 
أخي وصديقي وعزيزي، إني والله أعلم بنيتي فإنني لم أدعي أيضاً أن علينا أن نذوب في بعضنا البعض ولا أن يترك كل منا دينه من أجل الآخر، وإنما بما أنني أحترم ما تعتقدون به وهذا شيء خاص يكل فرد وجماعة وليس لأحد أن يمنع الآخر عن ما يؤمن به ويعتقد به، وإن توجيهكم لهذا البحث من خلال إثبات عقيدة الصلب إنما يمس صميم العقيدة الإسلامية لذلك أردت أن أبين للجميع أن هذا ليس من العقائد التي نؤمن بها، ومن هنا فإنني أردت أقرع الدليل بالدليل، ولست من الأشخاص الذي يستلذون بالمجادلة، وبما أنك تريد أن نتكلم في أمور أخرى فأنا بخدمتكم وعندي الكثير الكثير في جعبتي لكي أطرح ما يمكن أن يكون حجر أساس للتقريب، ودون أن أمس بصميم عقيدة الأخوة المسيحيون، ولا أن أثير حفيظتهم..
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(اخي بالرب ويشرفني انك قبلت بهذه الاخوة، أكرر أنا ما قلته رأي شخصي واستنتاج اعتبره منطقي وبالاعتماد على مصادرنا المسيحية من القرون المسيحية الاولى الانجيل وكتب شراح الكنيسة، وبالتالي اكرر شكري لكم فمجرد انكم تكرمتم وقرأتموه، لا بل نشرتموه على موقعكم، وأكرمتموني زيادة حين اجبتموني، يكفيني ذلك يا سماحة السيد).
 
أنني وأخبركم صادقاً أن الأخوة بين الناس هي قدر محتوم، ولكن البعض أراد أن يكون دينهم مادة للتقوقع ورفض الآخر، وإننا ديننا الإسلامي يدعونا لكي نكون أخوة مع جميع الناس حتى مع الوثنيين الذين أمرنا الله عز وجل أن ندعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فكيف هو الحال مع أهل الكتاب الذين نحترمهم؟!
من هنا، ومن باب الأخوة فإن رأيكم واستنتاجكم الذي وصلتم إليه هو من خلال ما اعتمدت عليه في مصادر مسيحية ولكن هذا ينافي عنوان بحثكم "الصلب في القرآن الكريم"، إذ عليكم أن تستعمل المصادر المقبولة عندنا، ولا ان تأخذ المصادر التي تريد والتي نحن أنفسنا لنا عليها ملاحظات أو هي في مورد البحث والتمحيص. فإن رأيكم مع احترامي لكم ولشخصكم الكريم لا يلزمنا إنما هو يلزمكم أنتم؟! وإلا ما كنا رددنا على بحثكم الكريم، مع فائق الاحترام والتقدير.
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(فرحت بمذكرات الرسل لاول مرة اسمع بها، شكرا اضفت لي معلومة مسيحية اجهلها. ولفت نظري ايضا ان القرآن الكريم يسمى الذكر، وهذا جيد يدعونا الى المزيد من التفاهم).
هذا من حسن ظنكم بنا فما نحن إلا طلاب علم على سبيل نجاة نسعى وراء العلم كهدف إذ أن ديننا يدعونا إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد.
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(اخي بالرب هذا كلام جيد وهذا ما نقر به نحن ولا مشكلة عندنا بهذا الاختلاف، وقد قامت دراسات من منتصف القرن التاسع عشر غربلت كل كتبنا المقدسة، واعتمدت على مناهج مدارس الغرب بالتحليل اللغوي، والعودة الى الآثار، والتاريخ، ومقارنة المخطوطات، والعودة الى الاصل، وكانت نتيجة هذه الدراسات ان قاموا بتحقيق الانجيل من نصه اليوناني الاصلي عبر 5000 مخطوطة والمقارنة بينها ووضع الاختلافات في القراءات في الهوامش مع التعليقات بسبب الاختلافات. وحبذا يا سيدي الحبيب لو نقوم نحن الشرقيين بمثل هذا العمل وتحقيق مخطوطاتنا).
 
إن كلامكم عن الغربلة لم بخرج الخلاف والتناقض في بعض الأمور والذي يحتاج من الجميع إلى الاستمهال والتوقف عند بعض الأمور، فهناك أمور إذا قارنها بما نعتقد فلا يمكن أن نقبل بها، أو نسلم لها. وهذه الدراسات والتدقيق لا تعطي صفة القدسية وعدم النقاش في ما ورد من خلافات والتناقضات ضمن أحداث الأناجيل الأربعة، فكما أنكم قد دعوتنا للتمحيص والتدقيق مثل المدارس الغربية في هذه الأمور، فإنكم حين بتظهير تلك الخلافات والنقاشات قلت أنه لا مشكلة عندكم، فكيف لا مشكلة إن كانت هذه الخلافات وفي بعض الأحيان قد تؤثر في أصل العقيدة المسيحية، وسوف أبين لكم ذلك أيضاً في محله وهو في مجال الرد على بحثكم الكريم.
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(ليس لدينا دليل ان هناك 400 انجيل الاناجيل المنحولة او الغير القانونية التي رفضتها الكنيسة 13 انجيل فقط اما بالنسبة للعد 400 قد يكون عدد النسخ، واضيف ان الآن عندنا 5000 مخطوطة للعهد الجديد ومع اختلاف مصادرها هي متفقة تماما فيما بينها باستثناء بعض الاخطاء السمعية واخطاء النقل وليس عندنا مشكلة في الفروقات بينها فهي اكرر منسجمة).
 
كي أصحح معلوماتكم إن عدد الأناجيل المنحولة على أقل تقدير يفوق الثالثة عشر أجيل ولست أنا من قال ذلك ولكن أنهم بعض من المتخصصين في الأناجيل هم من قالوا ذلك، وإليكم الدليل:
" وفي ما يلي نعرض أهمّ هذه الأناجيل المنحولة:
إنجيل يعقوب الأوّل، إنجيل توما، إنجيل توما القبطيّ، رسالة الرّسل أو أحاديث يسوع مع رسله بعد القيامة، إنجيل نيقوديمُس، إنجيل العبرانيّين، إنجيل بطرس، إنجيل الإبيونيّين، إنجيل المصريّين، رواية يوسف النجّار، إنجيل برثلماوس، إنجيل متّيّا، إنجيل فيلبّس، إنجيل برنابا، إنجيل أندراوس، والعديد العديد من الأناجيل أخرى"(1).
وأرجو أن تلاحظ أن الآباء المحترمين قد قاموا بتعداد أكثر من أربعة عشر إنجيل وقالوا في النهاية العديد العديد من الأناجيل أخرى، والتي تتعدى على أقل تقدير العشرات.
إن الإنسجام والوفاق الذي ادعيته هو محل اختبار وتمحيص كما قلت لنا جنابكم، وقد راجعت بعض ما كتب في ذلك وأنقل لكم منه..
لقد ذكرت أيها الأخ الكريم أن هناك أكثر من 5000 مخطوط، على أنه لا يوجد منها مخطوطتان متطابقتان، وحتى لو تطابقت جميعها، فإن أياً منها لم يسجَّل بخط مؤلفه، وإنما قد نُسب إليه.
 ويقول اينوك باول في كتابه " تطور الأناجيل " عن هذا الموضوع: "قصة صلب الرومان للمسيح لم تكن موجودة في النص الأصلي للأناجيل. وقد استند في ذلك على إعادته ترجمة نسخة متى اليونانية، فتبين له أن هناك أجزاء وردت مكررة في هذا الإنجيل، مما يوحي بأنه أعيدت كتابتها في مرحلة تالية".
 
وهناك بعض التغيرات التي لاحظها علماء الغرب الذين قد زكيتهم أنهم يبحثون ويدققون، فقد قالوا أنه جاء في إنجيل مرقس: "وفي اليوم الأول من الفطير، حين كانوا يذبحون الفصح، قال له تلاميذه: أين تريد أن نمضي ونعد لتأكل الفصح؟ فأرسل اثنين من تلاميذه، وقال لهما: اذهبا إلى المدينة فيلاقيكما إنسان حامل جرة ماء اتبعاه.. " (مرقس 14/12 – 16).
 
وعلق نينهام مفسر إنجيل مرقس: "إن أغلب المفسرين يعتقدون أن هذه الفقرات أضيفت فيما بعد لرواية مرقس".
وقد استندوا لأمرين:
الأول: أنه وصف اليوم الذي قيلت فيه القصة بأسلوب لا يستخدمه يهودي معاصر للمسيح.
الثاني: أن كاتب العدد 17 " ولما كان المساء جاء مع الإثني عشر … " (مرقس 14/17) يتحدث عن جلوس المسيح مع تلاميذه الإثني عشر، وهو لا يعلم شيئاً عن رحلة اثنين منهم لإعداد الفصح.
 
ويقول بعض علماء الغرب الذين أيضاً قمت بتزكيتهم عن الذي تعرضت له نسخ الأناجيل ما ذكره جورج كيرد شارح إنجيل لوقا، فقد جاء في لوقا أن المسيح قال على الصليب: " يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون". ( لوقا 23/33 - 34 ).
 ولم يذكرها غيره من الإنجيليين، كما أغفلتها بعض المخطوطات الهامة للوقا، يقول كيرد: "لقد قيل إن هذه الصلاة ربما تكون قد محيت من إحدى النسخ الأولى للإنجيل بواسطة أحد كتبة القرن الثاني، الذي ظن أنه شيء لا يمكن تصديقه أن يغفر الله لليهود، وبملاحظة ما حدث من تدمير مزدوج لأورشليم في عامي 70م و 135م صار من المؤكد أن الله لم يغفر لهم".
وهذا بعض ما قاله المحققون والشراح الغربيون الذي قلت عنهم أنهم أعملوا التمحيص في الأناجيل وقد دل ذلك على عدم الانسجام والوفاق فيما بينها، واكتفي بهذا القدر ولو أردت أن أعدد لكم الروايات وما قاله المفسرون والشراح الغربيون لأفردت لذلك العديد العديد من الصفحات. لذلك أكتفي بهذا القدر وإن اللبيب تكفيه الإشارة.
وهذه الفروقات لا يمكن تصنيفها ضمن الأخطاء السمعية أو نقلية، كما قال بعض الشراح والمفسرين..
 
قال الأب حنا اسكندر:
(يا اخي في الرب تحملني لكي اقول لك هذا الامر عليكم على كيفية تحقيق مخطوطات الانجيل وعندما تطلعون تجدون الجواب على اسئلتكم التي من المنطق ان تطرح ولكن هكذا اسئلة اسمحلي تنم عن عدم اطلاع واف في تاريخ كتابة الانجيل).
أشكر لكم توجيهي للتعلم والاطلاع أكثر فأكثر، فأنا لم أدعي أنني عالم في تاريخ الأناجيل، كما أن جنابكم لم تدعي أنك عالم في تفسير القرآن الكريم ومرويات وأحاديث المسلمين، لذلك فإنني أتوجه لكم للقول إن الأدلة التي سقتها لبحثكم تحملني أن أقول لكم: "عليكم الاطلاع على أسس تفسير القرآن الكريم وتحقيق الروايات عند المسلمين، وبذلك سوف تحصل على الجواب عن شبهاتكم التي طرحتها، والتي من المنطق لغير المطلع أن يكون عنده مثل هذه الشبهات، واسمح لي أن أقول إن شبهاتكم تنم عن عدم اطلاع واف في طرق التفسير وشرح القرآن الكريم".
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(لا يا اخي بالرب هذا الاجتماع كان ثلاثة قرون بعد المسيح لا المخطوطات، لان المخطوطات متفق عليها ولا أحد الى الآن يشكك في هذا الموضوع).
 
نعم، وصحيح أن المخطوطات كانت موجودة ولكن حتى هذه المخطوطات لم يكن متفق عليها، وقد أوردت لكم بعد النمادج، فلا أكرر..
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(أسئلة رائعة ولكن عليكم بالاطلاع اكثر عن الانجيل وتدوين الانجيل وتعميق دراستكم اكثر فاكثر فنغتني منكم أكثر).
أشكر لكم يا أخي العزيز في الله هذا الإطراء لي فإنني أعتبر نفسي أقل الناس، ولكن هذا يدفعني أن أحثكم على الاطلاع أيضاً على القرآن الكريم وكيفية تفسيره وتعميق دراستكم أكثر فأكثر، وهذا ما يدفعنا للغنى من جنابكم المكرم.
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(يا فضيلة السيد ويا اخي الحبيب ان شككم بموضعه وانا اتفهم ما تقوله وطرحت انا بالماضي حين كنت في الجامعة كل هذه السلسلة من الاسئلة واكثر بكثير ودرست بعدها وفهمت القصة هذا كل شيء لان الامر مدروس ومن خلال منهجية مدارس الغرب التي لا تحترم شعورا ولا تخاف مقدسا كل ما يهمهم تطبيق منهجيتهم العلمية واكرر حبذا يا سماحة السيد لو تطبق هذه المناهج وما يشبهها في تحقيق مخطوطاتنا العربية كلها).
أقول:
يا قدس الأب العزيز، ويا أيها الأخ الكريم، إن التشكيك الذي أوردته لم يكن تشكيك الشخصي أو طروحات من بنات أفكاري إنما هي وفق المنهجية التي تكلمت أنت نفسك عنها، وهي العقلية الغربية التي تسقط المقدسات للأسف وتشكك بكل الأمور، وتتبع المنهجية العلمية والتي نقلت لكم لبعض أفكار مفكري الغرب وأقولهم في هذه الأناجيل وبحثهم عن ما هو قد يعتبر أنه صحيح، ولا تخشى عزيزي فإن هناك العديد من المراكز الأبحاث التي تعمل التمحيص والتدقيق في مخطوطاتنا العربية.
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(يا اخي بالرب ليس كل الانبياء عاشوا الفقر فمثلا سليمان لم يعش بهذه البساطة وحتى داوود وموسى ويوسف وغيرهم لكن هناك امر لافت للنظر في حياة الرسول الفقرية، وانا اقول لكم اعجبتني جدا هذه الناحية بهياته وثمنت جدا تكريمه ومحبته للايتام والفقراء وابناء السبيل).
إن اختلافنا في هذا الأمر لا يعتبر جوهرياً ولكن من باب التوضيح، صحيح أن بعض الأنبياء والذين لا يتعدى عددهم عدد أصابع اليد الواحدة قد عاشوا حياة البهرجة والفخامة، إنما هذا لا يثبت أنهم لم يعيشوا حياة الفقر، وإليكم الدليل:
1 ـ إن داوود قبل أن ينصب ملكاً على اليهود عمل في رعاية الأغنام، وهذا ما يدل على أنه نشأ فقيراً،  وبما أنه كان أصغر الأبناء فقد كلّف بمهمة العناية بأغنام أبيه. وقد أظهر في القيام بهذه المهمة إخلاصًا نادرًا وشجاعة فائقة فقد قتل أسداً ودباً هاجما القطيع (1 صم 16: 11 و17: 34- 36). ويعني أنه عاش الفقر وأحس به.
2 ـ  أما بالنسبة للنبي سليمان (عليه السلام) فقد عاش تحت كنف نبي من أنبياء الله الذي رعاه وأحسن تربيته حتى أصبح سليمان الحكيم، فهل من يلقب بالحكيم وإن عاش الترف فهل تؤثر به، لا أظن ذلك.
3 ـ  ويوسف العفيف أو الصديق (عليه السلام) عمل في رعي الأغنام،  ولما بلغ السابعة عشرة من عمره أرسله ابوه إلى شكيم حيث كان اخوته يرعون أغنامه، ليتفقد أحوالهم. (تك37: 5 - 24).
4 ـ وموسى (عليه السلام) عاش الفقر قرابة أربعين عاماً، وسكن البرية في خيام يثرون وأخذ أبنته صفورة زوجة له. ونحو تمام الأربعين سنة رأى نارًا في وسط عليقة (خر 3: 2-4).  
وبالنتيجة وهذا ليس مورد بحثنا لذلك أردت فقط أن أنقل لكم بعض ما ورد في الكتاب المقدس عن هؤلاء وعن نشأتهم، أضف إلى ذلك فقد جاء في الرواية الصحيحة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ليس الزهد أن لا تملك شيء، وإنما الزهد أن لا يتملك الشيء".
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(اما بالنسبة الى تراتيل الرهبان فهذا بالنسبة لي شرف كبير لاني تيقنت انكم تصلون صلاتنا ونحن نصلي صلاتكم وسندي ليس على الحديث لكن على القران الكريم نفسه وان شاء الله سأرسل لكم موضوعا بعنوان: "النسك في حياة الرسول" اوضح من خلالها كيف عاش الرسول بالصوم والصلاة وكيف كان يصلي وماذا كان يصلي واغلب الاستشهادات هي من القرآن الكريم وبالفعل يا اخي بالرب ستفرح معي لاني انا جدا فرح بهذا الاكتشاف).
 
إن الصلاة عندنا خرجت عن مفهوم الدعاء الذي تقومون به كمسيحيين، فإن الصلاة عندنا لها وقت مخصوص وتحضير وإلى ما ذلك، وأما عن حياة رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) فنحن نعرف أنه كان متحنثاً عابداً لله عز وجل في غار حراء بعيد كل البعد عن الوثنين، وأما عن صلاته فكان يصلي الصلاة الإبراهيمية، كما ورد عندنا في النصوص الصحيحة. وما يهمنا الآن هو أن نتابع البحث وما صدر فيه من أمور تحتاج لمعالجة.
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(وانا أيضا اؤكد لكم ان الرسول ناله الكثير من الظلم عبر نسب احاديث له وهو منها براء وخاصة تعدد الزوجات ورضاع الكبير والشهوة الجنسية الجامحة وكلها من تآليف الحكام العرب الذي عاشوا الشذوذ بكل انواعه ولكي يبرروا انفسهم نسبوا هذه المساوئ للرسول. وكما قلت سابقا اكرر فلو تزوج هذا الكم من النساء لماذا لم ينجب منهن اطفالا).
صحيح فإن كل الأنبياء قد نالتهم اساءة لشخصهم وليس النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، وهذه التوراة مليئة بالأمور المشينة التي تم نسبتها إلى أنبياء الله ونحن لا نقبل بها أبداً.
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(اخي بالرب اشكر انفتاحكم وتقبلكم فكر الآخر وهذا رائع ولكن يا سيدي الكريم اتمنى عليكم البحث عن المشتركات عندنا نحن المسيحيين التي ترونها تنسجم مع تفكيركم كمسلمين وهذا رائع لان عندما يرى القارئ المسلمين ان رجل الدين المسلم يعرف على قيم مسيحية يبدأ باحترام المسيحيين ويحاول التقرب منهم اكثر، أما اذا فقط اظهر نا نقاط الخلاف فهذا يخفف اللقاء وينمي الجفاء لذلك انا بدأت بهذا الخط وهو ان لا اقول ولا كلمة واحدة تسبب خلافا مع مسلم او اكتب أي كلمة واحدة إلا المشتركات فيكفينا ما جرحنا ببعضنا البعض ولم نحصد الا الحروب والكراهية، وختاما اشكر لكم محبتكم لانكم مجرد ما انتم تقبلون افكاري هكذا فانا فرح جدا وهذا يكفيني).
لقد عملت بالأخلاق التي تأمرنا بها كل الديانات السماوية، وهذا حقكم علينا فأنت أخ كريم، وعزيز، وأنني قد اغتنيت من خلال النقاش معكم وكان هذا دافع لي لكي أبحث وأدقق في بعض الأمور الذي زدت إيماناً بها وتمسكاً فيها والفضل كله يعود لك في ذلك، ولك علينا حق الأخوة والصداقة..
قال حضرة الأب حنا اسكندر:
(لكن الجذر اللاتيني هو الاهم كون المسيح صلب في عهد حكمهم).
أسمح لي فهل المهم هو اللغة اللاتينية هي الأهم لكون المسيح قد عاصر حكمهم أم أن الأهم هو اللغة اليونانية كما قلت جنابكم قبل قليل:" وكانت نتيجة هذه الدراسات ان قاموا بتحقيق الانجيل من نصه اليوناني الاصلي".
فلماذا هذه الحيرة فهل نعتمد اللغة الأصلية للإنجيل أم اللغة اللاتينية لمن عاصروا المسيح (عليه السلام) وكانوا في عهده؟!!!
هذا يحتاج لتدقيق أكثر من جنابكم..
وإنني أخيراً، أتوجه من إدارة الموقع التي سنحت لي فرصة النقاش معكم، وكذلك أستبيح القارئ عذراً إن أطلت ولكن هذا ما أقتداه مقام الرد والتوضيح، ولذلك فإنني أعاهد القارئ الكريم أنني سوف أتفرغ لنقاش بحث حضرة الأب حنا اسكندر وتبيانه وبيان مواضع الشبهة فيه، ولن أعود لرد والتوضيح وهذا من بعد إذن حضرة الأخ الخوري حنا اسكندر، فسيكون من الآن وصاعداً عملي هو العمل على البحث فقط كي لا نشتت القارئ الكريم الذي تعود مني على تبيان الدليل، والذي نحن نميل معه كيفما يميل.
وأشكر حضرة الأب على سماحته، وحسن خلقه، والملتقى بإذن الله مع تفصيل وبيان البحث..
العبد الفقير إلى الله..
أخوكم في الله..
السيد يوسف البيومي..
 
 
 
 
 
(1) تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة، إعداد المطران كيرلّس سليم بسْترس، الأب حنَّا الفاخوري، الأب جوزيف العَبسي البولِسيّ، المكتبة البولسيّة، جونية 2001.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32363
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18