• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التمثيل بالقتلى وقطع الرؤوس .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي .

التمثيل بالقتلى وقطع الرؤوس

    تتداول مواقع الفيسبوك أفلاما لذباحين من تنظيم  القاعدة الوهابي  وجيش النصرة والجيش الحر المدعومين من قطر وتركيا والسعودية يذبحون الناس  في سوريا والعراق علنا كالخراف ويتباهون برفع رؤوسهم للكاميرا مع التكبير لله تعالى بشكل مزري ومقرف ... فمن الذي شَرعَ هذه الضلالة ، ومن أسس قطع الرؤوس والتمثيل في الإسلام ..؟
       أولا.. لا بد أن نحدد تعريف المثلة ... مـثــَّـلـتُ بـالـقتيل إذا جدعت أنفه وأذنه، أو مذاكيره، أو شيئاً من أطرافه"  لسان العرب مادة مثـل، (615/11) ومنه ما يطلق عليه ( الـسحـل )،قال ابن منظور: "الـسـَّحل القشر و الكشط ،أي: تكشط ما عليها من اللحم. ..
   وربما ينسب البعض للإسلام المحمدي الأصيل هذا العمل المشين اللا أنساني ، فلنرجع للنصوص الشرعية ، {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} أما الأحاديث الشريفة في النهي عن المثلة :- وردت أحاديث عن النبي {ص}في  المثلة نقلها جمع من أصحابه،واليك ما في الصحاح {  أخرجه البخاري عن عبد الله بن يزيد أن النبي {ص}  نهى عن النهبة و المثلة....ما أخرجه أحمد و مسلم و الأربعة عن بريدة مرفوعاً : "اغزوا باسم الله في سبيل الله و لا تغلوا و لا تغدروا و لا تمثلوا و لا تقتلوا وليداً ...." الحديث . وورد في وصية الإمام علي بن أبي طالب{ع} لولده الحسن {ع} بخصوص ابن ملجم " إذا عشت فانا ولي دمي ، وان مت فاضربوا الرجل ضربة بضربة ولا تمثلوا به فاني سمعت رسول الله{ص} يقول المثلى حرام ولو بالكلب العقور } انتهى ...... من اشد أنواع المثلة ، الحرق سواء حال القتل أو بعد القتل، و مما يدل على ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه : " حدثنا و كيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال : "كانوا يكرهون أن يحرق العقرب بالنار و يقولون: مثله".وقال ابن حزم في المحلى ج3 ص239 ما نصه " وكذا ترك الميت بلا دفن مثله "..!!
         إذن من الذي خرج على هذه النصوص ..؟ ومن أفتى بجواز المثلى حسب اجتهاده وادخل هذه الكارثة للإسلام وجعل منها سبة وعارا على الإنسانية ...؟؟  ..........
يذكر التاريخ إن أول من قطع رأس إنسان  مسلم وعزله عن الجسد  وحمله من بلد إلى بلد هو " والي معاوية في الموصل عبد الرحمن بن أم حكيم"  حين قتل الصحابي " عمر بن الحمق الخزاعي " قطع رأسه ودار به في سكك الموصل ثم أرسله للشام ليحصل على رضا وعطايا سيده معاوية .. وكان الأخير قد سجن زوجة عمر الخزاعي لسنتين في الشام،  وهي أول مسلمة تسجن بدون ذنب سوى ان زوجها من المعارضين للحزب الأموي ..! 
   والدفعة الثانية في التمثيل بالجثث وقطع الرؤوس والسحل بالشوارع جرت لسفير الحسين مسلم بن عقيل وهاني بن عروة عليهم السلام ،  حيث تم ربطهما بحبل وسحلا على الأرض بالحبال  للتشفي بالمقتول  ، وإدخال الرعب للآخرين ،  كانت هذه الممارسة  في الكوفة بأمر مباشر من عبيد الله بن زياد والي يزيد الأموي ، ثم حمل راسي مسلم بن عقيل وهاني بن عروة من الكوفة إلى الشام خلافا لقول رسول الله {ص} عن المثلى  ...
     الدفعة الثالثة كانت في كربلاء الثورة، حين قطعت رؤوس سبعين شهيدا بمن فيهم ريحانة رسول الله{ص} وتركوهم على التراب لمدة ثلاثة أيام بلا غسل ولا دفن ..!! بعدها حملت الرؤوس الطاهرة إلى الشام مع اسارى آل محمد {ص} تشفيا من حقد نبت في قلوب الكافرين على هذا البيت الطاهر الذي شرفه الله وطهره تطهيرا....
        يتبين إن الأوائل الذين سنوا السنة السيئة هم بنو أمية .. وتحديدا معاوية وابنه ، ثم من جاء بعده ، واستمرت عمليات قطع الرؤوس لهذا اليوم على سنة بني أمية ورسالتهم ... 
        ولعدم الإطالة بالموضوع سأذكر الذين أفتوا بجواز قطع الرؤوس من علماء البلاط الأموي ومن جاء بعدهم عملا بهذه الفتاوى...... الأحوال التي تجوز فيها المثلة :- 
الحالة الأولى : أن يكون التمثيل معاملة بالمثل:   قوله "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ" قال الشعبي : "نزلت بسبب قول بعض المسلمين للثار منهم  يوم أحد فيمن مثِّل بهم لنمثِّلن بهم فأنزل الله فيهم ذلك" إلى قوله: "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ" فصبر النبي {ص} و لم يمثل بأحد" [ تفسير القرطبي (132 /10 ) ]،وابن كثير (653/2)]. 
 قال شيخ الإسلام ابن تيمية :" المثلة حق لهم، فلهم فعلها للاستيفاء و أخذ الثأر، و لهم تركها ، وهذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد، ولا يكون نكالاً لهم عن نظيرها، فأما إن كان في التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان، أو زجر لهم عن العدوان، فإنه هنا من إقامة الحدود و الجهاد المشروع،  فأما إن كانت المثلة حق لله تعالى  فالصبر هناك واجب، كما يجب حيث لا يمكن الانتصار و يحرم الجزع "[الفروع(219 /6)–الفتاوى الكبرى(545/5) ] .
               ثانياً: قال الباجي :" أما ما روي عن النبي {ص} أنه أمر بالعرنيين الذين قتلوا رعاء رسول الله{ص} واستاقوا نَعَمَه، فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ، فقد روى سليمان التيمي عن أنس ، أنهم كانوا فعلوا بالرعاء مثل ذلك، و مثل هذا يجوز من مثَّل بمسلم أن يُُمثَّل به على سبيل القصاص "، [ المنتقى شرح الموطأ ( 172/3) ] ....  تعليق الكاتب ..هذه الرواية يراد بها ذر الرماد في العيون واعتبار ان النبي{ص} أمر بقتلهم ثم قطع أيديهم وأرجلهم ، في حين القصة تتحدث عن تنفيذ حكم شرعي بقطاعي الطرق ، وطريقة إعدامهم قبل موتهم ...{ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا} لذلك سار الذباحون بهذا النهج الذي وردهم مجانبا للحقيقة .. ثم هي نزلت بقطاع الطرق وخائني العهد ، وقصتهم معروفة بقتلهم صحابة النبي {ص} غدرا وتمثيلا ...
               قال القاضي عياض:" اختلف العلماء في معنى حديث العرنيين هذا، فقال بعض السلف: كان هذا قبل نزول الحدود .. { وهذه طامة كبرى حسب رأيهم أن يقتل النبي {ص} ويعاقب  بدون نص شرعي ..!!} وآية المحاربة والنهي عن المثلة فهو منسوخ، وقيل: ليس منسوخاً وفيهم نزلت آية المحاربة، وإنما فعل بهم النبي ما فعل قصاصاً؛ لأنهم فعلوا بالرعاة مثل ذلك، وقد رواه مسلم في بعض طرقه، ورواه ابن إسحاق وموسى بن عقبة وأهل السير والترمذي، وقال بعضهم: النهي عن المثلة نهي تنزيه ليس بحرام " [شرح صحيح مسلم (154/11)] .
            ذهب آخرون إلى أن ذلك منسوخ، قال ابن شاهين عقب حديث عمران بن حصين  في النهي عن المثلة:" هذا الحديث ينسخ كل مثلة"،و تعقبه ابن الجوزي بأن ادعاء النسخ يحتاج إلى تاريخ، قلت: يدل عليه ما رواه البخاري في الجهاد من حديث أبي هريرة  في النهي عن التعذيب بعد الأذن فيه،، وفي المغازي: ذكروا أن النبي{ص}  نهى بعد ذلك عن المثلة بالآية التي في سورة المائدة، و إلى هذا مال البخاري وحكاه إمام الحرمين في النهاية عن الشافعي..... إلى أن قال في فوائد الحديث : و فيه قتل الجماعة بالواحد، سواء قتلوه غيلة أو حِرابة إن قلنا: إن قتلهم كان قصاصاًَ، و فيه المماثلة في القصاص و ليس ذلك من المثلة المنهي عنها" [ فتح الباري (1/341)] .
           قال الحافظ أبو حاتم بن حبّان :" المثلة المنهي عنها ليس القود الذي أمر به؛ لأن أخبار العرنيين المراد منها كان القود لا المثلة" [ صحيح ابن حبان،حديث(4473) (324/10)] . وقال البخاري في صحيحه: باب إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق ؟  وقال ابن حجر : كأنه أشار بذلك إلى تخصيص النهي في قوله: "لا يعذب بعذاب الله " إذا {"لم يكن ذلك على سبيل القصاص"} [ فتح الباري (1447/2)]. يعني يجوز في حال القصاص عندهم..!!!
    في حين يذكر التاريخ ان النبي{ص} دفن قتلى مشركي مكة يوم بدر .. وحفر قليبا ووضع فيه جميع القتلى وخاطبهم بقوله " لقد وجدت ما وعدني ربي حقا ، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا" ثم أمر أن يلقوا التراب عليهم ... 
         في العصر الحديث تزعم عدد كبير من المشايخ هذه النظرية ، وقد بدأت في الفلوجة حين ذبح 5 خمسة جنود أمريكان ،وتم إحراق جثثهم ، أعقبها بأسبوع قتل 7 سبعة من أهالي مدينة الصدر يعملون في جلب الخضار من المناطق الغربية وانتهت بذبح اهالي كربلاء قبل اسبوعين وتم حرق 31 ثلاث عشر جثة لعراقيين ليس لهم ذنب سوى انهم شيعة ..
وآخر الفتاوى التكفيرية تلك التي أطلقها عار العصر يوسف القرضاوي ومحمد العريفي في مصر،  بوجوب الجهاد ضد الشيعة وتدمير مدنهم وسبي نساءهم وقتل شبابهم وشيوخهم وتدمير المراقد ودور عبادتهم ... بعدها غادر العريفي مصر الى لندن ليجاهد هناك  ...



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32542
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28