• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وقفة مع آية تبديل السيئات بالحسنات .
                          • الكاتب : ابو فاطمة العذاري .

وقفة مع آية تبديل السيئات بالحسنات

   بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله أجمعين
لنقرا جيدا هذه الآية الشريفة
قال تعالى :
(( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان/70} ))

من جوانب الرحمة الإلهية بل  و من الكرم الإلهي الذي لا يقتصر على الغفران وإزالة الأثر  المترتب على الذنب وإنما يتعداه إلى تبديل السيئات إلى حسنات وبغض النظر عن المقدمات المؤدية إلى تلك العملية فهو باب ُفتح برحمة الله تعالى للبشرية رحمة بهم وفضلا منه تعالى للعباد من خلاله يستطيع الإنسان أن يبدل سيئاته وفسوقه وتعديه الحدود الإلهية يبدلها إلى حسنات وثواب ورصيد أخروي ،ويبدل السخط إلى رضوان !.
وهو مجال للتدارك والتغيير أي إن الذنب مهما كان عميقًا وقديمًا ، لكنه وبفعلٍ معين يقوم به الفرد فيتغير هذا الذنب الدارس إلى حسنة وتأخذ مجراها في رصيد الإنسان وتعطي ما تعطي الحسنات وهذه الحقيقة  تعطي الإنسان السلطة للتحكم في ما سلف من أفعاله .
وهذا كما قال اهل المعرفة ((من غرائب الكرم الإلهي  )) إذ جعل به القدرة على تغيير الماضي ، فالذنب الذي ارتكبه الإنسان المفروض اخذ قراره وأعطى ما تعطي الذنوب ولكنه في لحظة ما يتغير هذا الفعل القديم إلى ضده ويعطي ما تعطي أضداده وكأنه لم يكن .
قالت الاية الكريمة ان التوبة والإيمان والعمل الصالح هي من المقدمات لقضية التبديل ((إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا )) .
والملاحظ فيهن ما يلي :
المقدمة الأولى : التوبة وكما هي معروفة ان أركانها ترك السوء والندم عليه وعدم العود إليه فيكون بذلك وضع الإنسان القدم الأولى وهي قطع استمرار الذنب .
المقدمة الثانية : هي الإيمان و المقصود من الإيمان هو إيمان ما بعد التوبة والذي تقتضي التوبة الدخول فيه والتزام مفرداته لان إيمان ما قبل التوبة على بساطته هو مستوى ضعيف من الإيمان لا يصمد أمام المغريات أو غيرها وهذا ما يعانيه الكثير من الناس  في الحصانة من العودة  للذنب أي انتهاء الضغط النفسي المؤدي إلى العودة فتكون بالمستوى الأعلى من الإيمان .
المقدمة الثالثة : وهي العمل الصالح  إن مكانة العمل الصالح من هذه المسألة هو منزلة القفل أي قفل باب المستوى القديم الداعي إلى مزاولة ذلك الذنب فالعمل الصالح يكون به الإنسان قد دخل مرتبة جديدة من مراتب الإيمان معايشة دون الرجوع إلى المرتبة السابقة وهنالك يستحق بكرم وجهه تعالى أن يغلق باب ذلك الذنب فيبدله بحسنة تكون مساعدة له في مستواه الجديد .

والمهم عندئذ ينبغي للفرد الذي بدل الله سيئاته حسنات أن يتيقن من هذا التبديل إذا جاء بالمقدمات وان لا يتكاسل بالنظر إلى تلك السيئات بل تعد رؤيتها بعد تبديلها تكذيب لله تعالى في ما قاله ، وسوء ظن بما التزمه ، وهو الذي اخذ على نفسه أن من جاء بهذه المقدمات سيبدل سيئاته حسنات ، فينبغي أن لا يشكك ولا يتردد إنما الله فعال لما يريد ولا يبدل القول لديه وما هو بظلام للعبيد .
والتبديل لا يقتصر على إزالة السيئة فحسب بل وإزالة كل جوانبها ومنها العلم بتلك السيئة لمن اطلع عليها أي إن الله تعالى سيستر تلك فلا يعلم احد إنها كانت سيئة وما هي تلك السيئة إلا الله تعالى والعبد المسيء التائب .
قال الإمام الصادق (عليه السلام  ) : (( أوحى الله عز وجل إلى داود النبي عليه السلام : يا داود إن عبدي المؤمن إذا أذنب ذنبًا ثم رجع وتاب من ذلك الذنب واستحيى مني عند ذكره غفرت له وأنسيته الحفظة وأبدلته الحسنة ولا أبالي وأنا ارحم الراحمين ))
بل قال أمير المؤمنين (عليه السلام ) : (( أُمِرت جوارحه أن تستر عليه , وبقاع الأرض أن تكتم عليه , وأُنسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه ))
فيجب على المؤمن أن يعي هذه الحقيقة وهذا الباب الذي فتحه الحق تعالى لطفا بعباده وان يعمل بهذه القاعدة ليرى من خلالها العطاء الرباني والخير ولله الفضل دائما أبدا .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=330
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 08 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19