ياسامعين الصوت:هذا الرجل مصنوع من طين جنوبي لاني كلما رششت عليه ماء شممت منه عبير التراب،رجل لوفتحت قلبه لوجدت فيه ذكريات رغيف حار تتناوله من يدي أمك وهي تقف على تنّور ايامها،من منّا وقف وبكى على تنور امهاتنا الذي اذاب وجوههن حتى تشبع العيون...لاادري كلما تذكرت تنور امي... وجدت رغيفا حارا بين اصابعي.
هكذا هو ابن عودة،الرجل المسكون بالحزن من اول مبتدأ في البردي ...وحتى اخر خبر في ليل "نهاره"،هذا المسكون بالحرف والطيبة حد اللعنة،الواقف على هيئة تحرير تحتلها السن المطابع بعد حين،هذا المتواضع حد اللعنة حتى يكاد يجلس بين يديك كأي مريد وهو واقف مثل جبل،هذا الرجل الذي يلغي وجوده بالكامل أمامك حتى كأنه يريد ان يقول لك: انت المهم ولست أنا،وأنا اعلم انه أهم من عشائر صحفية لاتحسن الانسانية.
ابن عودة فرحٌ انه تعرّف على الرقعة يوم كان الناس ترقع قمصانها،ويوم أحسن النسخ،كان العراقيون ياكلون الكتب المستنسخة بلهفة،ونحمد الله انه حين تعلّم التعليق لم نكن قربه!،هكذا تعلم أن يرسم الحرف كما يريد أن يسمعه عن طريق عينيه اللتين تقلبان الصورة الى صوت!،لهذا اراه عند سماع بيت شعر او حين يلتقط صورة شعرية يرقص مثل حكيم شاكر بعد تسجيل كل هدف عراقي.
ابن عودة،جبار،هذا الذي يمشي ونصف احزان بغداد تمشي قرب ظله،هذا الجامد الذي يخفي كل مسيل الروح في داخله،هذا الأب الذي اعجب لصلابة روحه وهو يودّع زوجته وولده ويبقي وحيدا بانتظار عملية زرع من الام للولد،هذا العراقي الذي يحمل كل ضيم العراق وفقره وجوعه...وابداعه وشعره وانسيابية خط فقره وخط عافيته...هذا الوجه الممتليء بالمحبة واللامبالاة،هذا الرجل الضحكة الخافتة التي لايريد ان يجرح بها احد الفايخين في هذا الزمن الطنطل.
قبل ثلاثة ايام كان يترقب ان يفوز بجائزة بغداد الصحفية،ولانه لم يدرك ان خيول جر عربانات النفط بامكانها الفوز على الخيول الاصيلة،رجع حزينا ...لا على نفسه...بل على قاتليه!! لانهم فقدوا البوصلة...وأقول اي بوصلة توصلك الى الحقيقة والكل مصابون بالعشو الصحفي وهم يلبسون النظارات الشمسية بعد الثانية عشرة ليلا من منتصف الذل في بغداد!؟
ياابن عودة:حروفي هذه تشهد لك بانك الصحفي الانسان في هذا العراق البريء من الانسانية،يكفيك انك جاري في النهار التي اشعلت فيها بخور ايامك لنشم عطر محبتك. |