• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مفهوم الحرية في الفكر المسيحي والفكر اليوناني .
                          • الكاتب : د . مازن حسن الحسني .

مفهوم الحرية في الفكر المسيحي والفكر اليوناني

    العقيدة المسيحية نصت على ان الحرية تعني حرية الارادة والاختيار بين الفعل والترك ، وكذلك ارتباط ذلك بفكرة وجود الله سبحانه وتعالى وان الله  واهب الخلق والاشياء ولاوجود للحرية المطلقة عند الانسان ، كما ان الفلاسفة المتقدمين فلا يرون ان الحرية تعني مجرد الخلو من القسر ، كما انها ليست مجرد حرية الاختيار ، بل ان الحرية هي معرفة الخير والعمل على فعله بلطف وتوجيه الهي ، فضلا عن القدرة والامكانية المتوفرة على اختيار افعال الخير ، وقد قام علماء اللاهوت بمحاولات التوفيق بيــن حرية الانسان وحتمية عبادة الله الواحد مع اقرارهم بعدم وجود حرية مطلقة للانسان ، بل هناك عملية جبر ، فالانسان مجبر على فعل اي عمل لانه مرتبط بالله سبحانـــه وتعالى وهو الذي خطط وصمم كل شيئ ، والكائنات جميعا تمشي حسب ارادته ، ومن ابرز ممثلي الفكــر المسيحــي هـم اوغسطيـــن ( 430 م ) وتومــا الاكوينــي ( 1225 م ) ذهبا الى القول بحرية الارادة والاختيار .
 اما في الفكر اليوناني فنجد ان مفهوم الحرية اخذ مسارا مختلفا مع وجود تطورا كبيرا لهذا المفهوم ، فكلمة حرية كانت في البدء تعني ان الحر هو من يعيش على ارضه ووطنه وبين شعبه ، ولا يخضع ايضا الى سيطرة احد ومفهوم الحر والحرية يقابل عند اليونانيين مفهوم الاسير والاسر ، وبعد ذلك تطور مفهومها لديهم ليكون من المصطلحات السياسية المرتبطة بدولة المدنية ، والمدنية حسب هذا المفهوم من يعيش فيها فهو حرا حيث وجود سيادة للقانون تتوافق فيه القوة والحق ، والمقابل للحر ليس باللعبد بل الغريب او الفرد من غير اليونانيين ، وهنا لابد للاشارة ان المجتمع اليوناني ليس كله تذوق طعم الحرية بل جزء من هذا المجتمع احس بالحرية ومارسها والحوادث التاريخية كثيرة بينت لنا الظلم والاضطهاد ومصادرة الحريات بكل انواعها ، كما هنالك معتقدا سائدا في تلك الفترة من الزمن هي ان الإلهة هي التي قررت الحرية ولهذا فان الحرية كانت موضوعا للعبادة .
    عرف افلاطون ( 347 ق . م ) الحرية بانها ( وجود الخير والانسان الحر هو من تعود افعاله عن المجتمع وعليه بالخير ، كمـــا اكـد ارسطو ( 322 ق . م ) على الربط بين مفهوم الحرية بالاختيار والارادة الانسانية ، كما عرف الاختيار بانه اجتماع العقل مع الارادة .
     مر تطور مفهوم الحرية في الفكر اليوناني بمرحلتين المرحلة الأولى تميزت بتطور الانسانية ونظم الحكم من خلال جهود الفلاسفة والمفكرين ويعود لهم الفضل في تطوير النظام القانوني وبالاخص القانون المدني الذي خص المعاملة بين الافراد ، وكذلك التطور الحاصل في الديمقراطية بالدولتين المدنيتين اسبرطة واثينا ، الا ان ذلك لم يكن يجسد الحرية والمفاهيم الديمقراطية لان ممارسة السلطة كانت بيد المواطنين الاحرار فقط ، فان هذه الطبقـــة ادت الى عدم تحقيق الحرية والديمقراطية لاقتصارها على افراد طبقة معينة ، ولا يمكن لذلك ان يرتقي بالافراد جميعهم للحرية والمطالبة بحقوقهم ، كما ان للامتياز الطبقي بامتلاك الاراضي والسيطرة على المصادر الاقتصادية شكل هنا تمازيا طبقيا وتجاوزا على حقوق الافراد الاخرين وحرياتهم ، اما المرحلة الثانية في تطور مفهوم الحرية في الفكر اليوناني فكانت في فترة ظهور الديانة المسيحية التي غيرت مجرى المفهوم من خلال خضوع الدولة للقانون ودعت من خلاله الى حرية الدين والمعتقد وتعاملت مع الانسان كونه انسانا وليس مواطنا يونانيا كما كان سائدا في الفترة السابقة قبل نزول الديانة المسيحية ، و في هذه المرحلة كان الحاكم يخضع الافراد الى سلطته دون حدود ، وبذلك لم تحدد حقوق الافراد وحرياتهم كما لم يعترف بها .
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=33992
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19