• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هكذا عرفتهم: قصة شاب عرف أهل البيت (عليهم السلام) .
                          • الكاتب : السيد يوسف البيومي .

هكذا عرفتهم: قصة شاب عرف أهل البيت (عليهم السلام)

أنقل لكم هذه القصة عن شاب أعرفه جيداً وعلاقتي به جداً وطيدة، وأنقل لكم قصته بلسان حاله فأرجو أن تنال إعجابكم وأن يستفيد منها الجميع بإذن الله تعالى وبركة محمد وآل محمد عليهم أفضل الصلوات.. فإلى القصة:
تبدأ قصة تشيعي أو استبصري حين كنت في الثامنة عشر من عمري، وكنت قد نشأت في عائلة سنية محافظة جداً مع أن طبيعة عمل أبي كانت تقضي الاختلاط مع الأخرين من المذاهب والطوائف الأخرى الإسلامية والمسيحية وهذا يعود إلى أننا نعيش في بلد صفته الاختلاط وهذا البلد كما هو معلوم أسمه (لبنان)..
إلا أن هذا الاختلاط لم يؤثر بي إذ كنا قد نشأنا ضمن بيت يحافظ على العادات والتقاليد إضافة على كل تفاصيل التي تجعلنا لا نتأثر بالآخر ولو كنا على تماس معهم، فكنت ربيب المساجد منذ الصغر وقد ترعرعت ضمن الشبيبة الصاعدة في تلك المساجد، فكنت حنفي المذهب أشعري العقيدة، وذلك لأن أهل السنة يختلفون بالمدرسة الفقهية عن المدرسة العقائدية..
إلى أن انتشر الفكر الوهابي السلفي في لبنان بين بعض الشباب الذين كانوا يعتكفون في المساجد وبتمويل من المملكة العربية السعودية وبدأوا بتوزيع الكتب والمنشورات والأشرطة التي تأثرت بها وسبب في ذلك هو العنوان العريض لهذه الدعوة: محاربة البدعة وإخراجها من شرع الله وخاصة بين أهل السنة والجماعة..
كنت شاباً في السادسة عشر حين بدأت أتأثر بهذا الفكر فتركت اللباس الإفرنجي ـ أي البنطلون والقميص ـ وصرت ألبس الدشداشة القصيرة وأرخيت لحيتي وحففت شاربي.. ودخلت المعهد الشرعي التابع لهم، وكان يدعى معهد الهداية والإحسان الشرعي..
وبالفعل كنت في الصباح أذهب إلى مدرستي وكنت في المرحلة الثانوية، وبعد الظهر كنت أذهب إلى المعهد، وبعد ثلاث سنوات كنت قد تشربت المذهب الوهابي، أصبحت أكره كل من يخالف الحكم بشرع الله تعالى أرى المجتمع كافر ولا أستطيع أن أتحمل الأغيار ولا بشكل من الأشكال، كنت أكفر السني الذي يخالفني في الاعتقاد فكيف الحال بمن يختلف بالمذهب وبالدينه كالشيعة والمسيحية على سبيل المثال..
ومرت الأيام وصرت أدعى بالشيخ أبو يعقوب، في هذه الفترة كان جدي رحمه الله تعالى مريض جدا بمرض السرطان في الدم، وكان يعيش في السعودية مع أعمامي فقرر العودة إلى لبنان هو وجدتي رحمهما الله تعالى هي أيضاً..
وكنت أعوده خلال مرضه وفي هذه المرحلة رأيت صورة لمخطوطة قديمة موجودة في غرفة جدي فسألته عنها فقال لي: أنها شجرة النسب العائدة لعائلتنا. قد حصل عليها من مصر عبر أحدى القريبات التي سافرت إلى مصر وحصلت على نسخة وقد أضافت أسماء المولودين الجدد في لبنان بعد أن تركوا مصر منذ عدة سنين وأتوا إلى بلاد الشام وانتشروا في سوريا ولبنان وفلسطين..
أعجبتني هذه المخطوطة فأخذتها، وبعد فترة من وفاة جدي رحمه الله أردت التدقيق فيما كتب فيها، فبدأت بقراءتها بشكل متأني، فوصل نسب العائلة إلى الإمام علي الهادي بن الإمام محمد الجواد بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين السبط الشهيد بن الإمام علي بن أبي طالب وزوجته السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وآله أجمعين..
هنا كانت الصاعقة الكبرى عليَّ من هم هؤلاء الأئمة، أكثر ما كنت أسمع به هو عن الحسنين عليهما السلام فقط. وبدأت الأسئلة تدور في ذهني لماذا لقبوا بالأئمة؟! وأنا أعلم أن كل من يلقب بالإمام حسب الاعتقاد السني لا بد أن يكون صاحب مذهب.. أين هو مذهبهم؟! وماذا فعلوا بهم؟!
كل تلك التساؤلات كانت تدور دفعة واحدة داخل عقلي وأحسست بشيء من التشوش، فذهبت إلى استاذ العقيدة وبالطبع هو وهابي المذهب لكي أسأل عن هؤلاء الأئمة، فانظروا كيف أجاب:"هؤلاء هم أئمة الشيعة الرافضة، إنهم إثنا عشر إله يعبدونهم من دون الله عز وجل، إن هذا النسب لا يقدم ولا يؤخر حتى النبي (صلى الله عليه وسلم) ـ حسب ما قال ـ لا يفيدك فهو إنسان ميت، لا ينفعك إلا عملك، ونهرني بشدة وقال إذهب".
لم استطع أن أتحمل هذه الطريقة القاسية كل ما سئلت عنه هو من هؤلاء؟! فهل يحتاج الموضوع إلى هذه الطريقة الجلافة؟!
كان عندي ابن عم لي وهو كما كنت أظن حينها أنه وهابي لأننا كنا نرتاد المسجد مع بعضنا البعض، ذهبت لكي أروي له ما حصل معي، وكانت هذه هو اللقاء الذي قسم ظهر البعير مع الوهابية، فقد بدأ يخرج لي الأحاديث من الصحاح بحق أهل بيت النبوة (عليهم السلام) وأخبرني بفضلهم من خلال الأسانيد ومرويات أهل السنة.. ومن ثم علمت أنه كان قد تشيع بالسر.. لم أقبل منه هذه الخطوة فقد اعتقدت أنها فيها عجلة نوعا ما، ولكن الكلام ودليل كان قد دخل إلى عقلي ووجداني..
وعشت يومان من أصعب الأيام التي مرت عليَّ حيرة قاتلة، وتشوش أفكار فكنت لا أستطيع النوم وأكلت حينها بعض اللقيمات.. وحسمت أمري وقلت لكي أعرف عن هؤلاء الأئمة يجب أن أسأل الشيعة أنفسهم عن هذه الأمور..
وبالفعل ذهبت إلى أقرب المساجد الشيعية ودخلته، وكان هناك مجلس عزاء حسيني فكنا في ذكرى عاشوراء والشيعة يقيمون المجالس من الأول من محرم الحرام إلى العاشر منه ذكرى شهادة الإمام الحسين (عليه السلام).. فدخلت بشكل الوهابي ـ الدشداشة القصيرة واللحية الطويلة والشنب المحفوف ـ ليتفاجأ كل الحاضرين هناك، وكنت أنا نفسي خائفاً من أن يكون لهم ردة فعل سلبية على تواجدي هناك..
كان قارئ العزاء يروي قصة الإمام الحسين عليه السلام حين أخذ طفله الرضيع ليسقيه من هؤلاء القوم القساة القلوب الذي لم تعرف الرحمة فرموه بسهم فذبحوه بين يدي أبيه.. هنا سالت الدموع وبشكل لا إرادي وتملكني الشعور بمظلومية جدي الحسين عليه السلام وما وقع عليه من بني أمية لعنة الله عليهم..
وبعدما انتهى المجلس طالعت في الحضور فرأيت أحد علماءهم وكان يعتمر عمامة سوداء، وكان كبير في السن نوعا ما وجمع من الناس ومن طلبة العلوم من حوله.. فذهبت إليه كي أطرح عليه ما يدور في ذهني..
فعرفت عن نفسي وعن نسبي وأنني أريد أن أتعرف على أهل البيت عليهم السلام، فما كان من هذا العالم إلا أن وقف وقال لي أقف احتراما لجدك رسول الله "صلى الله عليه وآله" وكان هذا التصرف جديد عليَّ، وبالفعل وفي هذه العجالة طرحت تلك التساؤلات فقال لي: أتشرف أن تزورني في بيتي وأتعرف وإياك على أهل البيت "عليهم السلام" فإنهم ليسوا حكراً على الشيعة فهم لكل خلق الله..
 وبالفعل ذهبت إلى بيت هذا العالم لكي أرى أكبر مكتبة رأتها عيني قد توضع في بيت في كل ما يخطر ببالك من كتب دينية اسلامية مسيحية حتى بوذية و وثنية كل مصادر أهل السنة وكتبهم من تفسير وحديث ورجال وأصول فقه وغيرها إضافة إلى كتب الشيعة ومصادرهم، شيء مذهل..
وبدأ البحث مع هذا العالم من بداية ما يعتقد به وما يجمع الأديان السماوية كلها لا الإسلام فقط، وهذه مكونات التوحيد: التوحيد الإلهي ـ النبوة ـ الميعاد .. وما يتفرع عنها من عقائد .. فالعدل من خصائص التوحيد وأهل البيت "عليهم السلام" من خصائص النبوة..
وكل المصادر كانت من كتب أهل السنة ليثبت لي عقائد الشيعة الإثنى عشرية، وبعد جلسة دامت لأكثر ثامن عشرة ساعة، أهداني كتابان هما: المراجعات لمؤلفه السيد عبد الحسين شرف الدين، والثاني: ليالي بيشاور لمؤلفه سلطان الواعظين الشيرازي..
وقرأت هذا الكتابين بلهفة مع ما يحتاجان من عناية، وبعدها وصلت إلى مرحلة أخذ القرار المصيري، أصابتني رعشة بكل أعضاءي شعور لا أستطيع أن أصفه أو أن أعبر عنه بكلمات أخطها بقلم، وقفت بيني وبين الله عز وجل وتوجهت إليه بقلب خاشع وبدعاء صادق وقلت: يا الله إن كان هذا هو الطريق الذي ترضى أن أكون فيه فأعطني إشارة من عندك؟!
ودخلت لكي أنام، فشاءت المشيئة الإلهية أنني رأيت رؤية من أعجب ما رأيت في حياتي..
لقد رأيت نفسي في مكان كله شجر نخيل متلاصق ببعضه البعض وصرت أمشي بين النخيل إلى أن وجدت مكان بينها فيه ممر على طريق، فسلكت هذا الطريق حتى وصلت إلى مشارف مدينة بيوتها من طين، والتقيت عند مدخلها برجل يلبس ثياب شديدة البياض وشعره ولحيته شديدة السواد، فسلمت عليه فرد السلام قائلاً: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
سألته: أين أنا؟!
قال: ألا تعلم أين أنت؟!
أجبته: لا!!
قال لي: أنت في مدينة النبي "صلى الله عليه وآله"، ومن ثم أشار لي إلى مكان وقال: هذه ناقة النبي وهذا مسجده وهذا بيته.. أدخل عليه إنه ينتظرك..
ذهبت إلى باب المسجد وطالعت جدارنه فكانت هناك أبواب وشبابيك قد سدت إما بطين أو بخشب، وكان هناك بابان مفتوحان إلى المسجد باب كتب عليه باب: علي بن أبي طالب وثاني: باب: محمد رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وحتى أدخل من باب النبي "صلى الله عليه وآله" يجب أن أدخل من باب علي "عليه السلام" أولاً، وبالفعل دفعت الباب لأرى أناس متجمعين هناك ولكن لم أرى وجوهاً، ولكن كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يجلس في صدر البيت مفترشاً عباءته معتماً بعمامة خضراء متوجه نحو القبلة يدعو، فسلمت عليه: السلام عليك يا رسول الله.
فرد علي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا ولدي..
ثم أشار لي لكي أجلس عن يساره، فجلست، فقال لي النبي "صلى الله عليه وآله": أنت حائر؟!.
قلت له: نعم يا رسول الله..
قال لي: أتريد أن تعرف أهل البيت؟!
قلت له: نعم، يا رسول الله..
فأشار عن يمينه وقال: هذا علي، هذه الزهراء، هذا الحسن، هذا الحسين، هذا...
بدأت أرى الوجوه التي لم أرها حين دخلت وبدأ يعد لي الأئمة "عليهم السلام" إلى أن وصل إلى الإمام الثاني عشر محمد المهدي "عليه السلام"، هنا لم أرَ وجهه بل رأيت جنبه الأيمن وقال لي النبي "صلى الله عليه وآله": تكن معه إن شاء الله، واقضي حوائجك بصلاة على محمد وآل محمد، وتختم بأسماء أهل البيت..
ثم قال لي: أمدد يدك.. فمددتها فسلم النبي "صلى الله عليه وآله" عليَّ فبدأ نوراً يمشي في يدي حتى انتشر النور كله في جسدي فاستيقظت وأنا أقول: اللهم صل على محمد وآل محمد..
وهذه هي كانت النقطة الفاصلة بين النور والظلمة.. هكذا تشيعت بنور محمد وآل محمد ومن هنا دخلت من باب حطة عسى الله أن يكفر عني ذنوبي وأن يحشرني مع من أتولى محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين..
والحمد لله أولاً وأخراً وصلاة والسلام على من بعث رحمة وعلى آله الأطهار الأخيار..
أخوكم في الله

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : عباس موفق ، في 2013/07/29 .

احسنتم على القصة
وهنيئا للشاب عودته الى الاصل وركوبه سفينة النجاة



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=34268
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19