• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مجالس المحافظات من سيئ إلى أسوا .
                          • الكاتب : عامر هادي العيساوي .

مجالس المحافظات من سيئ إلى أسوا

إن من أعظم الحقائق التي يجب أن تسجل بماء من الذهب من قبل المؤرخين والمثقفين والمهتمين بالشان العام في العراق هي أن من أروع الفترات التي مر بها العراق في تاريخه منذ سقوط بغداد بيد هولاكو وحتى الآن هي الفترة التي أعقبت سقوط  صدام حسين وامتدت من 9/ 4/ 2003 والى يوم تشكيل مجلس الحكم بإشراف الحاكم المدني الأمريكي . لقد خلت البلاد في هذه الفترة من الحاكمين والمسئولين والمتسلطين وكذلك من الجيش والشرطة التي تتحول عادة في مثل بلادنا إلى أدوات بيد الحاكم للسيطرة وبسط النفوذ وتطبيع الشعب وإذلاله في حالات كثيرة   فهي ليست في خدمة الشعب كما يقال وإنما الشعب في خدمتها وهي في خدمة المسئول. لقد تنفس العراقيون بحق ولأول مرة نسيم الحرية حيث خلت الشوارع من المظاهر المسلحة وانتشرت المحبة بين الناس  واستتب الأمن في كل مكان بفضل عيون الشباب الساهرة في كل الأحياء وغابت الجريمة المنظمة ويتذكر العراقيون كيف كانوا يتجولون ليلا ونهارا وكان بإمكانهم  التجوال في العراق طولا وعرضا من الفاو وحتى زاخو دون أن يزعجهم احد بالسؤال (من أين أتيت والى أين ذاهب ) .
لقد جلب الأمريكان معهم نخبا سياسية ارتضت أن يقسم العراق إلى مكونات (شيعة وسنة وأكراد )وارتضت أن  يتشكل مجلس الحكم على هذا الأساس وهكذا فوجئ العراقيون بعشرات الأحزاب الدينية وغير الدينية  التي تولت مقاليد الحكم رغم أن اغلبها لم يسمع بها العراقيون من قبل بينما لا يتمتع المعروف منها بأية شعبية حقيقة .
ورغم هذه الحقيقة المرة ارتضى العراقيون هذا المصير لان التقسيم جاء سلميا كما بدا أول الأمر ومن دون أي مظاهر للعنف ولم يعلموا أن هذا الشكل من الحكم سيحرق الحرث والنسل في آخر المطاف وانه سيقود البلاد حتما إلى أنفاق مظلمة ودهاليز قاتلة ولا يعلم إلا الله كم من الدماء ستسيل حتى يستطيع العراق الخروج منها .
لقد انصب اهتمام الأحزاب والتيارات الدينية من كلا الطائفتين أول الأمر على إيصال إتباعها ومؤيديها إلى الجمعية الوطنية ومجلس النواب لاحقا فتم لهم ذلك بيسر وبتضحيات ليسن كبيرة للسيد (بريمر) وقد ذكر الرجل ذلك في مذكراته بينما تركوا مجالس المحافظات للناس كي تختار ممثليها بحرية مقبولة نسبيا فجاءت النتيجة بشخصيات مقبولة لها  تاريخ ولديها ماض في الدورة الأولى بينما بدا عدد هذه الشخصيات  في الدورات اللاحقة يتضاءل  بسبب تدخلات الأحزاب    .
لقد أصبح( الجماعة ) نوابا وذاقوا لذة السلطة ,وانغمسوا في نعيمها ومغرياتها  في عراق العجائب والغرائب وقرروا بان لا تفلت من أيديهم  إلا وهم  جثث هامدة ومن اجل ضمان دوامها واستمرارها قرروا التوجه للشعب لكسب أصواته في الانتخابات المستقبلية وهكذا بدا التنافس بين الأحزاب والتيارات الدينية داخل الطائفة الواحدة والعجيب أنها كثيرة رغم حقيقة أن الإسلام واحد والقران واحد. 
حين توجهت الأحزاب إلى الشعب كما ذكرنا وجدت أن الغالبية العظمى من الشرفاء والوطنيين والمثقفين والسياسيين المخضرمين والمواطنين بشكل عام عازفين تماما عن التحزب والأحزاب بعد التجارب المريرة معها في الأزمنة والعهود البائدة وفي هذه الحالة لم يجدوا سوى شريحة من العراقيين صنعها النظام المباد واستخدمها لتثبيت حكمه وهي عبارة عن جيش من المطبلين والمزمرين والمختصين بتنظيم الولائم واللحم والطبيخ والمخبرين السريين والوكلاء الأمنيين من كتاب التقارير  ومساحي الأكتاف  و(مبوسي )اللحى والمباركين لكل العصور والعهود وأنصار شعار (ياهو الياخذ أمي أيصير عمي ) ,ممن تتلخص مهمتهم باللهاث خلف المسئول والتسبيح بحمده ما دام موجودا فيها فاذا سقط انقلبوا عليه وانتقموا منه .
وحين لم تجد الأحزاب غير هذه الشريحة لم تمتنع عن التعامل معها بل تعاملت معها حصرا دون واعز من دين او ضمير فكانت النتيجة أن اغلب أعضاء مجالس المحافظات في الدورة الأخيرة كانت من هذه الشريحة التي هي أساس البلاء لهذا البلد المجروح .
ولو جاز لنا أن نتخذ من مجلس محافظة بابل الجديد نموذجا ثم ندرس الأعضاء الجدد فردا فردا ومن جميع النواحي التاريخية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية وهذا حق من حقوقنا كشعب  وندرس معهم أولئك الذين يقفون خلفهم في الكواليس فإننا بالنتيجة سنصاب بالخجل والرعب ,سيصيبنا الخجل لأننا صدقنا وعود السياسيين وسيصيبنا الرعب لاننا سنكتشف بان العراق لا مستقبل له .
صحيح أن البعض منهم لا غبار علية وانه اخذ دوره الطبيعي بجهده وجهاده ولكن لا يستطيع هذا البعض فعل شيء .
كم منهم من لم يخلع ( الزيتوني ) إلا في اللحظات الأخيرة وهو يزعم اليوم انه قيادي في حزب ال ....................وكم منهم من لم يرشح نفسه في الدورات السابقة على هذا الحزب او ذاك ثم فجأة يفوز تحت عباءة  حزب ال............وكم منهم كان مشهورا بالعفة والنزاهة في مجال عمله قبل أن يصبح عضوا في مجلس المحافظة وكم منهم من لا يخجل من ذكر عمله السابق وكم منهم من ليس مستعدا لتوزيع المناصب في المحافظة وفي المجلس على الأقارب والإخوان كما هو حاصل اليوم   .إنهم  يتواعونها وعندما ببقي احدهم من دون منصب يخترعون له واحدا جديدا على مقاسه ويسمونه (الأمين العام ) وهو بدرجة مدير عام .
ألا رحمة الله على العراق فلقد كان دولة في العهد الملكي .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=34548
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19