• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : امريكا ! ماذا تريد ان تقول ؟ .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

امريكا ! ماذا تريد ان تقول ؟

 أعلنت امريكا قبل أيام قرارها أنها ستغلق سفاراتها في بعض بلدان الشرق الاوسط بما فيها بغداد ، بسبب تهديدات من القاعدة حسب ادعائها ، وتريد امريكا بأدعائها هذا تحقيق امرين ، احدهما اعطاء انطباع الى الاخرين ، انها عدوة للقاعدة والقاعدة عدوة لها ، وهذا الادعاء يسقطه الواقع من خلال الاحداث في المنطقة ، التي اثبتت دعم امريكا للمنظمات الارهابية بما فيها القاعدة ، والاخر خلق مبررات اضافية للتدخل في شؤون دول المنطقة ، هي أو من ينوب عنها من الحكام الذين يخضعون للنفوذ الامريكي الصهيوني ، وهذا الامر ايضا اصبح مكشوفا بعد الاحداث في سوريا ومصر والدول الاخرى التي اجتاحتها رياح ما يسمى  (الربيع العربي ) ، اما اذا كان غرض امريكا ومحورها تمهيد الرأي العام لهجوم عسكري على ايران فهذا امر بعيد المنال ، لأن امريكا واسرائيل تعرفان قبل غيرهما ان ايران والمقاومة يمتلكان من قوة الردع ما يهدد وجود اسرائيل في البقاء ، وربما ينهي المصالح والنفوذ الامريكي في المنطقة ، او يحّجم هذا النفوذ على أقل تقدير  . 
  ربما يصدّق البعض كلام امريكا وأيحاءات هذا الكلام ، لكن الشعوب عرفت امريكا والقاعدة وعرفت العلاقة بينهما في السر والعلن ، ومستوى هذه العلاقة في هذا البلد او ذاك ، ومثل هذه الاكاذيب لم تعد خافية على الكثير من الناس ، كذلك بات معروفا الفكر السلفي التكفيري الذي يغذي القاعدة ، ومن يدعم هذا الفكر العدواني المتخلف ؟ وبات معروفا ايضا من أوجد القاعدة ويدعمها بالمال والسلاح ، ومن يغذيها بفتاوي التكفير من وعاظ السلاطين ؟ عرفت الشعوب الدعم الكبير من امريكا واسرائيل ودول الخليج وتركيا للجهاديين التكفيريين ، الذين يقاتلون المسلمين الاخرين لتمزيق وحدتهم نيابة عن امريكا وحلفائها ، ولابعاد الخطر عن اسرائيل ، وسمعنا بدعوة القرضاوي وهو من شيوخ التكفير في العالم الاسلامي ، الذي اوجب حرب الشيعة قبل محاربة اليهود في فلسطين ، وجميع شيوخ السلفية الجهادية اقرّوا وايدوا هذا الطرح ، وسمعنا القرضاوي يحث الرئيس الامريكي اوباما لدعم المجاهدين التكفيريين في سوريا ، ودعى امريكا  ان تقف (( وقفة الرجولة ، وقفة لله )) .
 نعم قد توجد منظمات سلفية جهادية تهاجم بعض المصالح الامريكية ، او السفارات لخلق التشويش في المواقف عند الاخرين  ، لكن المنافع من هذا الهجوم لو حصل  ستكون لاسرائيل وحركة اليهود العالمية الداعمة لاسرائيل ، التي لا يهمها الهجوم على بعض المصالح الامريكية ، اذا كانت الاهداف التي ستتحقق من الهجوم تخدم اسرائيل ، وتخدم الحكومة الامريكية باعطائها المبرر للتدخل في شؤون الدول الاخرى ، وهذا ما حصل بعد الهجوم المبرمج والمقولب على برج التجارة العالمي في نيويورك عام 2011 م .
تستخدم امريكا اليوم منظمات الارهاب المتأسلمة عصا غليظة بوجه الشعوب التي تقاوم النفوذ الامريكي في المنطقة ، أوالتي تدعم المقاومة ضد اسرائيل ، والاحداث في الوطن العربي خاصة سوريا والعراق ولبنان ومصر واليمن وتونس وليبيا ليست بعيدة عن الانظار ، ففي سوريا مثلا تدعم امريكا ودول محورالشر  المسلحين الجهاديين الذين يأتون من دول شتى ، فتؤهلهم قطر وتركيا والسعودية ، ليدخلوا الى سوريا عن طريق الحدود التركية او اللبنانية او منافذ اخرى ، كي يقوموا بجهادهم في ذبح ابناء الشعب السوري ، وتدمير البنى التحتية ، تحت نظر ومسمع وتشجيع امريكا ومحورها من دول الشر خادمة الصهيونية العالمية ،  ففي 6 / 8 / 2013 م اعلنت وزارة الداخلية التونسية عن احباط محاولة تهريب ( 5000 ) من الجهاديين الشباب السلفيين ، علما انه تم تهريب المئات قبلهم من تونس ودول اخرى ، وفي نفس هذه الفترة سمعنا بالمجزرة التي اقترفتها جبهة النصرة في ذبح ( 400 ) مواطن كردي سوري بضمنهم ( 100 ) طفل ونساء حوامل .
 هؤلاء القتلة الارهابيون مَنْ الذي يدعمهم ؟
 امريكا ومحورها من دول الشرهم الذين يدعمون النصرة وغيرها من المنظمات الارهابية ، امريكا تدعي انها لا علم لها بهذه المجزرة ، وتقول تعتبر النصرة من المنظمات الارهابية ، وما فائدة ذلك ؟
 المهم انكم أيها الأمريكان تدعمون بشكل عملي هؤلاء الارهابيين ، أو يدعمهم نيابة عنكم ، حلفاؤكم في المنطقة ، والنتيجة واحدة مثل ما يعرف الجميع .
ليكن معلوما ان هذا هو الطرح الامريكي وهو ليس بجديد ، استنكار اعلامي ، مع دعم فعلي للارهاب ، وهذه  طريقتهم في التعامل مع احداث المنطقة ، أزدواجية الموقف ، وكذب ورياء وعدم مصداقية ، تشويش وتهويل اعلامي ، وافعال سرية خفية لدعم الارهاب الذي يخدم اسرائيل ، وهل يستطيع أحد من المسؤولين الامريكان الاعتراض على فعل أوعمل فيه خدمة للحركة اليهودية العالمية والصهيونية ؟! وآخر دليل على أن السياسي الأمريكي عليه ان يعلن ولاءه لأسرائيل والمحافظة على وجودها ومصالحها قبل أن يسمح له الكونجرس باستلام أي منصب ، جاء تعيين  (سامانتا باور) ممثلة لبلادها في الامم المتحدة بديلا عن ( سوزان رايس ) ، أذ أنتقدت باور اسرائيل في عدة مواقف سابقا عندما كانت تعمل ناشطة في مجال حقوق الانسان ، والمتخصصة في المجازر ، أضطرت باور ان تتراجع عن مواقفها السابقة  لأجل ان يوافق الكونجرس على تعيينها في منصبها الجديد .
هذا هو واقع السياسية الامريكية ، وموقفها من التغيير الاخير في مصر معروف للجميع ، واخر موقف امريكي تصريح ماكين وغراهام عضوا الكونجرس الامريكي في 7 / 8 ، وهما يستنكران التغيير في مصر ، ويعتبرانه انقلابا عسكريا ، ويدعوان لأعادة مرسي السلفي التكفيري الى السلطة ، لماذا ؟ لأن الاخوان في مصر والسلفيين الجهاديين في البلدان الاخرى يقدمون خدمة كبيرة لأمريكا وأسرائيل ، اما أدعاءاتها بأنها عدوة لهم ، هذا الكلام مجرد تسويق أعلامي لا أكثر .
لا أحد يشك بامريكا ومعها ثلاثي الشر ( تركيا والسعودية وقطر ) ودول النفوذ الامريكي الاخرى ، في رعايتهم ودعمهم للارهاب التكفيري في العالم الاسلامي والعربي ، الذي يجري تحت عناوين طائفية ، لغرض تمزيق وحدة المسلمين وخلق تناحر او قتال سني شيعي ، ولن يتوقف الامر لهذا الحد ، بل سيُخلق نزاع سني سني او شيعي شيعي حسب الحاجة الاسرائيلية ، لان الاهداف الحقيقية وراء خلق النزاعات الطائفية ، هي سياسية مغلفة بغطاء طائفي ، وتصب في مصلحة الكيان الصهيوني على المدى القريب او البعيد .
نحن أبناء الشعوب المظلومة ، لن نصدق أن امريكا عدوة للمنظمات التكفيرية الجهادية ، حتى لو حصل هجوم على بعض السفارات الامريكية من هذا الطرف او ذاك ، لأن الغاية من هذا الهجوم لو حصل ستكون أبعد بكثير من الاضرار المادية التي سيخلّفها الهجوم المفترض ، أذ ستستفيد امريكا واسرائيل من هذه الهجومات لو وقعت فعلا ، ومن هذه الفوائد الايحاء الى الشعوب أن امريكا عدوة للمنظمات السلفية الجهادية ، وهذا ما تريده امريكا وتسعى لتحقيقه والأيحاء به ، والفائدة الاخرى اطلاق اليد الامريكية  للتدخل أكثر في شؤون الدول الاخرى ، بحجة محاربة الارهاب ،  واحيانا يكون التدخل بغطاء من الامم المتحدة ، والفائدة الاكبر هي التي تجنيها أسرائيل ، لأن هذه الاعمال تبعد الخطر عنها من خلال خلق حالة التمزيق في النسيج العربي الاسلامي ، وتحويل الصراع من (عربي أسلامي) صهيوني ، الى صراع عربي عربي ، أو أسلامي أسلامي ، وهذه مهمة يضطلع بها اليوم ثلاثي الشر (قطر ، السعودية ، تركيا ) بدعم امريكي اسرائيلي مفضوح ، وآخر موقف سمعنا به يوم 8 / 8 / ان السعودية تريد رشوة روسيا واغراءها بالمال ، من أجل تغيير موقفها مع سوريا ، كل هذا يجري من أجل خدمة اليهودية العالمية التي تتحكم بمصير الكثير من الحكومات في الغرب بما فيها امريكا ، وكذلك تتحكم ببعض الحكومات في الشرق ، بما فيها السعودية وقطر وتركيا .
من خلال هذه المعطيات نستدل ان لليهود وكلاء في المنطقة على مستوى حكومات او منظمات او شخصيات سياسية كبيرة ، هؤلاء هم من يرسم سياسة هذه الحكومات التي تصب في مصلحة اسرائيل ، فالشعوب العربية والاسلامية لا تصدق الادعاءات الامريكية ، انها عدوة للقاعدة او المنظمات السلفية الجهادية الاخرى ، حتى وأن هوجمت السفارات الامريكية ، لأن الهدف الاعلى هو ما يتحقق من فائدة لأسرائيل فقط ، أي أن الهدف سياسي ، فأي عمل يقوم به الارهابيون وفي أي أتجاه هو لمصلحة أسرائيل حتى لوهاجموا قلب امريكا وليس سفاراتها في المنطقة ، اما نحن أبناء الشعوب المستضعفة المظلومة ، علينا أن نعي هذه اللعبة الامريكية الصهيونية  ونحتاط لها ، وعلينا أن نكون يقظين وحذرين ، حتى لا نقع في الفخ اليهودي العالمي الذي يخطط لتدمير الدول العربية والاسلامية خاصة مصر وسوريا والعراق ، لأن هذه الدول الثلاث هي دول المواجهة للعدو الصهيوني .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=34726
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28