• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أحر التعازي لكل المسلمين بمناسبة العيد .
                          • الكاتب : د . حامد العطية .

أحر التعازي لكل المسلمين بمناسبة العيد

   جاء زاحفاً على بطنه، أسماله قذرة، وراءه خطوط دموية طويلة، دق بابنا مرة واحدة، خفنا كالعادة، فلم نفتح الباب، اكتفينا بالنظر من خلف ستارة مسدلة، شاهدناه يلفظ آخر نفاسه على دكة الباب، قبل أن يوصي، ولم نقرأ له الشهادتين في أذنه.

   مات العيد، ذبحاً بالسكاكين في مدينة سورية، وكمداً في المخيمات الفلسطينية، وإرباً إرباً في تفجير إرهابي في بغداد، وبجرعة زائدة من المخدرات في دول الخليج، واختناقاً بقيئه في ملهى ليلي بإسطنبول، وبالسكتة القلبية في ميدان بالقاهرة، وأذاعت المحطات أخبار وفاته مباشرة بعد التهنئة بقدومه.  

    سيقولون صمنا ومن حقنا العيد، لا شك في صيامكم، عن شهوات الجسد، من أكل وشرب ونكاح، ذلك الصوم الهين، صوم يقدر عليه حتى الأطفال، تكملون به إسلامكم الظاهري والشكلي، تزينون به واجهات نفوسكم القبيحة، تبتغون من وراءه السمعة بين الخلق لا رضا الخالق، لئلا تكسد بضاعتكم الدنيوية أو ينتقص منكم مبغضون.

   صمتم عن الماء لكنكم ملأتم بطونكم من دماء أخوانكم، امتنعتم عن الطعام لكن نهشتم لحوم بعضكم البعض، شويتم رؤوسهم، ولاكت أسنانكم قلوبهم، وأنتم بين مشارك بالفعل الشنيع أو راض عنه بالقول أو ساكت غير مستنكر، سألكم ربكم أيحب أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتاً، والقصد من التشبيه تعظيم خطيئة اغتياب المسلم، على افتراض أنكم أناس أسوياء مؤمنون، لا أكلة لحوم البشر، وردكم سيكون حتماً: لا، لكن جوابكم جاء مخالفاً للقرآن الكريم: نعم، ونهشتم لحوم أخوانكم، حقيقة ومجازاً، وبالفعل والقول والصمت، وحتى الأعراض المحرمة لم تسلم من فتاواكم.

    ماذا قال الشجر والحجر؟ أتراه قال: يا مسلم هذا مسلم ورائي فتعال واقتله، وحتى الشجر والحجر لم يسلم منكم. 

    لا تقولوا العيد للصغار، فهم أيضاً احتضر عيدهم، وكيف يستشعرون فرحة العيد بعد مشاهدة مجازركم وتكبيركم على ذبح البشر والاستماع لثنائكم على القتلة؟

    تدعون بانكم تعبدون الرحمن الرحيم، وقد خلت قلوبكم من الرحمة لأخوانكم، وعندما تخرج آخر ذرة رحمة من نفس إنسان يخرج معها الإيمان بالله.

   لا ترمون بالمسؤولية عن جرائمكم على الشيطان، فقد تبرأ منكم ومن أمثالكم من قبل:  

 [فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ] (الأنفال: 48)، هو يخاف الله وأنتم لا تخافونه، وهو يؤمن بأن الله شديد العقاب وأنتم تستهينون بالله وتستخفون بعقابه.

   بينما كنتم منهمكون بشتم وتهجير وقتل بعضكم البعض، سرق الصهاينة وأحباؤهم العيد منكم، كما نهبوا بالأمس أراضيكم، واحتفلوا بعيدكم، رقصوا في باحات المسجد الأقصى على ايقاع حشرجة ضحاياكم، ورددوا أناشيدهم التوراتية على ألحان ولولة أراملكم وصراخ أيتامكم، فترحاً لكم وتعساً لهم.

  عيد بأي حزن عدت ياعيد.  

9 أيلول 2013م

 

(شجرة الإسلام أصلها في السماء وفرعها في الأرض، لها ثلاثة جذور: الإحياء والإصلاح والتعلم) 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=34767
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20