• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : عطا السعيدي .
                          • الكاتب : احمد الشيخ ماجد .

عطا السعيدي

منذ سنيّ مراهقتي الاولى, وأنا اتابع مايكتبه الشاعر عطا السعيدي . كنت احفظ جلُ قصائده, ذوات الايقاع، الذي يكاد يكون فريد من نوعه, والتي كانت تتسم بحرقة والم عميق تجاه العراق وابنائه... الكتابة عن هذا الشاعر الكبير لايتسع لها مقال صغير, كهذا، ولكن سأتكلم وانقل لكم نماذج قليلة من شعره, وفاءً لهذا الوهج المتلألأ في سماء الادب الشعبي العراقي . لاقى هذا الشاعر معاناة شديدة في عمره, وكانت هذه المعاناة ذات اثر بليغ في صقل شخصية الشاعر وتجربته الشعريه حيث يقول في احدى قصائده : (طبعي كَهوه اشما تعضني النار حيل , اكسب من النار محمود الصفات , روحي أبوهه الضيم وأمها المستحيل , وهي وسنين الكَحط ولدن خوات , أنا مغرم بالثكَال من الحمول , وصلب عودي وهالجتاف معركات ) . ويقول في موضع اخر من نفس القصيدة، ذاكراً معاناته التي يخاف ان يهرب السامع عند التطرق لها, لشدة وطأتها على الانسان الذي لايعرف للقهر والضيم مكان:  (مر علي كل شي وضكَت حد ما رويت , خاف اكدر خاطرك بالتسميات , العسر والجوع والهم والدموع , وكصره اليد والهدوم الباليات , أنه فضلة ضيم فرتني الرحي , ودولبتهه ومللت طاكَ الرحات). الشعر في مسيرة عطا السعيدي هو صوت الانسان العراقي ومعاناته المكبوتة وسط الفواجع والآلام والمآسي, التي يمر بها هذا الشعب . صوت (ابا سعد) دائما منحاز للحياة والحقيقة, فالشعر عنده يحاكي آلام المجتمع, والمطالبة بحقوقه المسلوبة من هذا وذاك . مايميز تجربة السعيدي, هو ذلك التفاعل الجميل مع المجتمع العراقي من خلال الافكار المتفشية في الشارع . فالشعر عند عطا خمّيس, يتغذى من المشهد اليومي المفعم بالمشاعر الاجتماعية التي تتوالد منها المعاناة والآلام والسلبيات المتراكمة, فيستخدمها بغية ثورة شعرية تجاه مايحدث من ظلم, فالقصيدة عنده لاتقتبس من التفكير الذهني المتعب، ولا من النظريات الفلسفية المستعصية, بل من الحياة العادية، والاشياء البسيطة التي نشاهدها كل يوم , وهذا الدور احسبه مهما جدا بالنسبة للشاعر الشعبي, خصوصاً اذا كان يتحرق ويتألم لمجتمعه ووطنه, فيكون صوتاً صادحاً بالحق لشعبه ...كان وطنياً وسط الانتماءات الزائفة, حتى تجد قصائده بعيدة عن الطائفية المقيتة التي استخدمها بعض الشعراء ليسمموا وعي الناس, وتحريضهم على الاقتتال , كان السعيدي يروم من الشعب ان يكونوا جسداً واحد ليس بينهم فرق, فخاطبهم بقصيدة متفاعلة مع التاريخ :(سالم ياوطن من عاديات البين , يادمنه اليدور وياصبّي العين , انجمعت بيك كلها وصرت قطب الكون , ومن اتراب كَاعك يبدأ التكوين , امس جسر الأئمة وشاهدك عثمان , مد روحه جسر وعبر الصوبين , العراق البيه علي وعثمان ماينجاس , ذو الفقار هذا و هذا ذو النورين). القصائد المتدفقة بالرسالية كانت تحمل اثراً كبيراً في نفوس العراقيين, كونها تعبر عن مافي دواخلهم, وتفصح بالانابة عن ما يرومون اليه من مطاليب وحقوق, وساسة يجب ان يتغيروا, وتشخيص اغلاطهم الفادحة, لانهم انهكوا هذا الشعب ودمروه, فكان "السعيدي" ينادي معهم يجب ان يكون الوطن سبباً في اقصاء هؤلاء الاوباش الذين سببوا في تدمير هذه الارض الطاهرة حتى نادى في انفعالية آتية من رحم الضيم العراقي (الاعور كَله اعور مو كريم العين , وابو الجنيب كَله بمشيتك لوله). كان قلبه يقطر الماً وحزن على وضع عراقه الذي استعصى على الحل, حيث كان يخاطب الوطن بحسرة مذكراً بعمره وحضارته التي لايملكها احد من الدول المتقدمة, وكانت قصيدتته تتسم بعتب شديد آت من علاقة قوية هو يفهمها ويدركها (مو عمرك سبع تالاف شنهو شبيـك , شو رديت تزحف هاي معقولة!). ويقول في نفس القصيدة متذمراً من النفط الذي يعتقد هو سبب المشاكل التي تحدث في العراق: (سحقاً يانفط يالعنة التاريخ , جنابك مشتعل والناس مشعولة , انته لغيرنه نعمه ورفاه وخير , وعلى شعب العراق سيوف مسلولة .) . رحل السعيدي تاركاً قصائده في ضمائر الشرفاء والوطنيين الذين يكملون مسيرته المفعمة بالمشاعر الانسانية الصادقة, رحل ذلك اللحن العراقي العذب الذي تشبه مفرداته نخيل البصرة وجمالها . رحمك الله يا ابا سعد يا ابن البصرة العظيمة, ويا حسرتي عليك، وعلى مرضك الذي تفاقم، وتركوك وحدك تكابد الالم . ربما سيهتمون بك, بعد ذهابك الى العالم الابدي! .  



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=34967
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29