• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : اراء لكتابها .
                    • الموضوع : ما ذا يخطط له الحيدري؟ هل يدعوا لايجاد سقيفة جديدة ملكوتية؟ (الحلقة 2) .
                          • الكاتب : الشيخ حسن الكاشاني .

ما ذا يخطط له الحيدري؟ هل يدعوا لايجاد سقيفة جديدة ملكوتية؟ (الحلقة 2)

 الحيدري و ابن العربي

حينما بدأ السيد كمال الحيدري بحملته الشرسة ضد تراثنا الروائي النازل من فوق سبع سماوات و الواصل الينا من خزان علم الله و معادن حكمته واعتبرها فخا يجب الاجتناب عنه؛ نراه يثني على الموروث العرفاني الواصل من أقطاب العرفاء المنحرفين عن اهل البيت عليهم السلام كمحي الدين العربي، بل يرى عدم امكانية الرقي في سماء العلم والمعرفة الا بالتتلمذ عند ابن العربي و دراسة موروثه كالفصوص و الفتوحات و غيرهما.
 
فلنأت الى سقيفة الحيدري هذه؛ لنرى ما هذا الموروث العرفاني الذي يرشحه لنا مرجعا و كهفا لفهم الدين في سقيفته الملكوتية، و رضى بها بدلا عن التراث الروائي !
 
إبن العربي ـ هذا الذي يكبره الحيدري بإجلال ـ هو الذي عرف بنصبه وعدائه لأئمّة أهل البيت عليهم السلام ، وقد ذهب في جملة مقاله إلى عصمة عمر بن الخطاب. 
 
قال في الفتوحات في معرفة الطبقة الأولى والثانية من الأقطاب الركبان : « و من أقطاب هذا المقام عمر بن الخطاب و أحمد بن حنبل ، و لهذا قال صلى اللّه عليه و سلم في عمر بن الخطاب ـ يذكر ما أعطاه اللّه من القوة ـ : « يا عمر ما لقيك الشيطان في فج إلا سلك فجا غير فجك ! » فدلّ على عصمته بشهادة المعصوم. و قد علمنا إن الشيطان ما يسلك قط بنا إلا إلى الباطل و هو غير فج عمر ابن الخطاب ، فما كان عمر يسلك إلا فجاج الحق بالنص. فكان ممن لا تأخذه في اللّه لومة لائم في جميع مسالكه و للحق صولة ، ولما كان الحق صعب المرام قوياً حمله على النفوس لا تحمله و لا تقبله بل تمجه و ترده.لهذا قال صلى اللّه عليه و سلم : « ما ترك الحق لعمر من صديق » و صدق صلى اللّه عليه و سلم يعني في الظاهر و الباطن ، أما في الظاهر فلعدم الإنصاف و حب الرئاسة و خروج الإنسان عن عبوديته و اشتغاله بما لا يعنيه و عدم تفرغه لما دعي إليه من شغله بنفسه و عيبه عن عيوب الناس ، و أما في الباطن فما ترك الحق لعمر في قلبه من صديق فما كان له تعلّق إلا باللّه »
(الفتوحات المكيّة ، ابن العربى : 4 / 200 الباب الثلاثون.)
 
وغير خفي أنّ العصمة إنّما تعني فيما تعنيه عدم صدور الذنب والخطأ والإشتباه ، بخلاف العدالة التي تجتمع مع صدور الخطأ والإشتباه ، وأمّا المعصوم فهو الذي لايصدر منه أي انحراف و زيغ لا عمداً و لاسهواً ولا جهلاً ولا نسياناً ، فهو العالم المحيط بجميع الأحكام والموضوعات و لا يشتبه في تعيين الحكم و لا في تشخيص الموضوع ، ولايفرّط في العمل بما علمه ، و بفعله يستدلّ على مواضع رضى اللّه وسخطه ، فإنّ المعصوم هو ميزان الأعمال. والوصول إلى هذا المقام لايمكن إلا بالعلم اللدني.
 
والإلتزام بهذا المقام في عمر بن الخطاب يفصح عن النصب الظاهر الجلي حيث يلزم منه القول بأنّ عمر بن الخطاب كان على الحق في جميع مواقفه وأفعاله وأقواله ، فإحراقه لبيت فاطمة وشنّ الهجوم على بيتها وضربها وإسقاط جنينها وكسر ضلعها وغير ذلك من الجنايات القارعة التي اسودّت منها الآفاق كان صواباً وحقاً من دون خطأ واشتباه ، وكذا ايذائها ـ الذي اتّفق الفريقان على أنّه قد آذاها فوجدت عليه الصدّيقة الطاهرة فلم تكلّمه حتى توفيّت ـ طاعة وقربة للّه لاذنب ولاخطأ. « كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِبا ».
 
فما أغلف قلب هذا الرجل الذي يحسب أنّه ما كان في قلب عمر بن الخطاب تعلّق بما سوى اللّه !
أليس هو الذي نسب سيّد الرسل إلى الهجر والهذيان ؟
 
وليت شعري أي إله أعطى عمر هذه القوّة التي قوى بها على الشيطان فلم يسلك الشيطان فجّه قطّ ؟
 
هل الإله الذي جعل مودّة قربى النبي أجراً لرسالة الرسول ؟
 
أم الإله الذي أذهب من أهل بيت الرسول الرجس وطهّرهم تطهيراً ؟
 
أم الإله الذي جعل رضا فاطمة رضاه وسخطها سخطه ؟
 
أم الإله الذي نفى عن نبيّه أن ينطق بالهوى ؟ 
 
ثمّ لِمَ أعطاه هذه القوّة القاهرة ؟
هل ليلطم وجه الصديقة الطاهرة ؟ 
أو ليكسر ضلعها ؟
أو ليحرق دارها ؟
أو لينسب رسوله إلى الهجر والهذيان ؟أو ليرتكب تلكم الجنايات القارعة على ناموس الدين وقدس صاحب الرسالة وحرمة سلطان الولاية ؟
 
أيسوغ مثل هذا الحمد والثناء لمن يؤمن باللّه واليوم الآخر ويصدّق نبي الإسلام وما جاء به ؟
 
أم هل يتصوّر له عذر عن التفوّه بهذه الكلمات ؟
أليس كلّ ذلك ممّا ثبت عندهم بالنصّ الصحيح الصريح وقد رواها محدّثوهم وأقرّ به أكابرهم من أهل سنّة الجماعة وجماعة السلطان ؟
 
مع انّ ما ذكره لو صحّ ودلّ على عصمته ، فإنّما يدلّ عليها واقعاً غير معلّق على ثبوت شيء أو إثباته ، وبما أنّ تلك الجنايات ثابتة واقعاً فلامناص له من الالتزام بما ألزمناه به. فما أقبح عذر من قال إنّ تلك المواقف من عمر غير ثابتة عند ابن العربي.
 
ثمّ ما عذر السيد کمال الحيدري في اجلال موروث هذا الناصبى و إعظامه، حتي ان من لم يقرأ کتبه و لم يدرسها عند اهله (الذي لايوجد في کل عصر ما خلا واحد او اثنين و في عصرنا هو الوحبد الذي يفهم کلامه على حسب قوله) لا يراه اهلا لفهم القرآن و العلوم الالهيه! 
في حين ينتقص موروثنا الروائي و يدعي ان كثيرا منها من اليهود و المجوس و النصارى؟!!
 
بقلم: الشيخ حسن الكاشاني من حوزة النجف الاشرف المباركة



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=35023
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19